مشتاق الربيعي
Mushtaq alrubaie
الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 08:46
المحور:
قضايا ثقافية
ربما هو أصعب صراع قد يمرّ به الإنسان…
ذلك الصراع الخفي، الذي لا تُرى آثاره على الجسد، لكنه ينهش الروح من الداخل.
هو الصراع الأبدي ما بين القلب والعقل — بين ما نشتهي وما ينبغي، بين ما نحب وما يجب.
القلب، بطبيعته، يميل إلى العاطفة، إلى التعلّق، إلى الدفء.
هو الذي يربطنا بالناس، بالأماكن، بالأحلام…
قد يحب شيئًا لا يعرف لماذا، أو يتعلق بشخص رغم كل ما يقوله الواقع.
أما العقل، فهو حارس البوابة، صلب، صارم، يتعامل مع الحياة كمعادلة لا مكان فيها للعواطف.
يفكر بالعواقب، يُقيم الحسابات، ويحذر من السقوط.
فما الذي يحدث حين يطلب القلب شيئًا، ويرفضه العقل؟
حين نحبّ من لا يحبنا، أو نتمسك بما يؤذينا، أو نحلم بما لا يمكن تحقيقه؟
هنا، يبدأ الصراع الذي لا صوت له، لكنه أكثر ضجيجًا من كل ما حولنا.
قد تبتسم للناس، تمضي في يومك، لكنك داخليًا ممزق…
بين “أتبعه” و”انسَه”، بين “أجرب” و”أنسحب”.
إنه تمزق لا يُرى، لكنه يُشعر.
تمشي وأنت تحمل قلبًا يصرخ، وعقلاً يوبّخ.
تسأل نفسك: من أُصدّق؟ من أُرضي؟
القلب الذي يجعلني إنسانًا؟ أم العقل الذي يريد نجاتي؟
وأصعب ما في هذا الصراع أنه بلا نهاية واضحة.
في بعض المرات نُصغي لقلبنا، فنتألم، ثم نلوم أنفسنا: “كان يجب أن أكون أعقل.”
وفي مرات أخرى نُطيع العقل، فننجو، لكننا نظل نتساءل: “هل خسرت شيئًا كان يستحق المغامرة؟”
لا أحد ينتصر في هذا الصراع…
القلب يترك فينا الندوب، والعقل يترك فينا الندم.
وفي كل مرة، نخرج مختلفين عمّا كنا عليه قبل التجربة.
لكن مع تكرار هذا الصراع، نتعلم شيئًا فشيئًا.
نتعلم كيف نصغي إلى القلب، دون أن نعمي أعيننا عن الحقيقة.
ونستمع إلى العقل، دون أن نقتل فينا الإحساس.
ربما الحكمة تكمن في التوازن…
أن تمشي في طريق تعرف عواقبه، لكنك تسلكه بقلب يؤمن، لا فقط بعقل يُقيّم.
نحن لم نُخلق قوالب من منطق فقط، ولا كتلاً من عاطفة.
بل خُلقنا بشرًا، نحمل فينا النورين: نور العقل، ونبض القلب
#مشتاق_الربيعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟