مشتاق الربيعي
Mushtaq alrubaie
الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 09:25
المحور:
قضايا ثقافية
“حب الذات لا يُهزم”…
تعبير يعكس قوة داخلية لا تُقهر، فحين يُحب الإنسان ذاته بصدق، ويُقدّرها، ويتصالح مع عيوبه قبل محاسنه، يصبح أكثر صلابة في مواجهة تقلبات الحياة، ولا تهزّه نظرة الآخرين أو تغيّر مواقفهم. هذا النوع من الحب ليس غرورًا، بل وعيٌ عميقٌ بقيمة النفس، وبأن السلام الحقيقي يبدأ من الداخل.
حب الذات لا يتعلّق بشخص معيّن، ولا ينكسر بخلاف أو غياب. فكم من إنسان جعل سعادته مرهونة بحب أحدهم، فإذا افترقا، دخل في دوامة من الضعف والانكسار، وكأن كيانه كله قد انهار. ولكن حين تكون محبًا لذاتك أولاً، فإنك لا تسمح لأي شخص أن يُعكر صفوك، ولا لأي ظرف أن يسلب منك نورك الداخلي.
نعم، الحب في جوهره اتصال أرواح، وقد يصل العاشق إلى مرحلة يشعر فيها أن روحه تذوب في روح من يحب. هذا النوع من العشق قد يُنسي الإنسان نفسه، فيهب كل كيانه للآخر، وكأن لا شيء بعده. وبرغم ذلك، تأتي لحظة يكون فيها الاختيار بين حب الذات أو الذوبان في الآخر، وهنا يُظهر الحب الحقيقي نُضجه: فإما أن يُقدّم كلا الطرفين أنفسهم لبعض دون أن يفقد أحدهم ذاته، أو أن يختار أحدهما أن يُنقذ نفسه أولًا.
وفي المقابل، هناك من يُفدي حبيبه بروحه دون تردّد، لأن الحب النقيّ لا يعرف الحسابات، ولا يقف عند حدود.
لكن يجب أن نُفرّق بين “حب الذات” و”الأنانية”. فحب الذات يعني أن تعطي نفسك حقها في الاحترام والرعاية، أن تعترف بنقاط ضعفك دون جلد، وتسعى نحو الأفضل دون أن تُنكِر ما فيك من جمال. أما الأنانية، فهي تفضيل النفس على الجميع، ولو على حساب مشاعرهم وحقوقهم، وهي انغلاق على الذات قد يصل إلى النرجسية.
إن بناء علاقة صحّية مع الذات هو أول طريق نحو علاقات صحّية مع الآخرين. ومن لا يعرف كيف يُحب نفسه، لن يعرف كيف يُحب غيره بصدق
#مشتاق_الربيعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟