حتما بحاجة إلى وعي اكثر

مشتاق الربيعي
Mushtaq alrubaie

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 23:39
المحور: قضايا ثقافية
    

كلّما تقدّم الإنسان في العمر، وكلّما تنقّل بين مراحل الحياة المختلفة، يجد نفسه أمام حقيقة لا يمكن إنكارها: الوعي لا يُولد معنا كاملاً، بل هو رحلة طويلة تتشكّل تفاصيلها من خلال التجارب، والمواقف، والانكسارات، وحتى لحظات الفرح العابر.

الحياة في جوهرها ليست مجرد مسار زمني نعيشه من الطفولة إلى الشيخوخة، بل هي مدرسة دائمة التعليم، دروسها لا تُلقّن على مقاعدٍ خشبية، بل تُزرع فينا على هيئة مواقف قاسية أحيانًا، ولحظات كاشفة في أحيانٍ أخرى. وكل يوم يحمل في طيّاته درسًا جديدًا، وحكمة مختلفة، قد لا نفهمها في حينها، لكنها تترسخ في أعماقنا، وتعيد تشكيل وعينا دون أن نشعر.

نحن بحاجة إلى وعيٍ أكثر… وعيٍ لا يعني كثرة المعلومات ولا تراكم القراءات، بل يعني الفهم العميق للحياة، والقدرة على قراءة ما بين السطور، ومعرفة متى نصمت، ومتى نتكلم، ومتى نبتعد. الوعي هو أن ندرك جيدًا أن كل تجربة تمر بنا تحمل رسالة، وأن كل خيبة قد تكون هدية مقنّعة، وكل سقوط هو تمهيد لقيام أقوى.

كثيرون يعيشون حياتهم، لكن القليلين فقط هم من “يفهمونها”. والفرق بين العيش والفهم هو ذلك النضج الذي لا يأتي في ليلةٍ وضحاها، بل يتشكّل ببطء عبر الزمن. فالنضج ليس مجرّد مرحلة عمرية، بل هو وعي متراكم، وبصيرة تتفتّح مع الأيام. هو لحظة الإدراك التي تجعلنا نعي أن تكرار الخطأ ليس إلا جهلاً متنكّرًا، وأن “المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ مرتين”،

النضج الحقيقي لا يولد في الراحة، بل يُصنع في قلب الألم، حين نمر بتجارب تُغيّرنا، وتُعيد تشكيل أولوياتنا. هو أن نتوقف عن لوم الظروف، ونبدأ بمساءلة أنفسنا: ماذا تعلّمت؟ وكيف سأتصرّف لاحقًا؟ فالحكمة ليست في النجاة من التجربة، بل في الخروج منها بدرسٍ واضح.

والسؤال الأهم: لماذا نحن بحاجة إلى هذا الوعي المتزايد؟
لأن الوعي هو ما يجعلنا أرحم بالناس، أكثر تسامحًا مع ذواتنا، وأقل اندفاعًا في ردود أفعالنا. هو ما يمنحنا القوة لنتجاوز الماضي، والحكمة لاختيار ما يناسب حاضرنا، والرؤية لبناء مستقبل أفضل. فالإنسان الواعي لا يعيش على هامش الحياة، بل يتفاعل معها بوعي، ويُحسن قراراته، ويقلّل من أخطائه، دون أن يدّعي الكمال

#مشتاق_الربيعي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل