أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - سالم سالم شاعر الأوجاع النبيلة وبيارق الخسارات الجميلة














المزيد.....

سالم سالم شاعر الأوجاع النبيلة وبيارق الخسارات الجميلة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 10:24
المحور: سيرة ذاتية
    


في ناحية الإسكندرية، الواقعة على تخوم بابل، حيث الأرض لا تنسى حرثها، ولا الوجوه تنسى تعبها، ولد الشاعر سالم حميد البدراني الذي اتخذ اسما فنيا هو سالم سالم في الثاني عشر من آب عام 1973، ليكون ابنًا لبيئة لا تُفرط بالوجع، ولا تجامل الحياة في قسوتها. لم تُمهله الظروف كثيرًا ليكمل طريق الدراسة، لكنّ الطريق الذي سلكه كان أكثر مشقةً وعمقًا: طريق الكلمة.
أن تقف مبكرًا في مواجهة العالم من دون دروع التعليم الرسمية، ثم تصرّ على أن تكون شاعرًا، فتلك معركةٌ يخوضها النبلاء وحدهم. لم يكن سالم شاعرًا صُنع على مقاعد المدارس والجامعات، بل تشكّل من صلابة العيش، ومن قراءات ليلية تأخذه من صخب الحياة إلى صمت دواوين الشعراء، هناك، حيث وجد نَفَسه الحقيقي، وصوته الخاص، ومكانه بين العاشقين لكبرياء الكلمة.
امتلك سالم سالم نبرة خاصة، تشبهه. صوت شعري لا يحاكي أحدًا، ولا يسعى للتشابه، بل يُغني منفردًا كمن قرر أن يعزف "بيديه المقطوعتين" ـ كما سمّى أولى مجموعاته الشعرية عام 2008. لم يكن ذلك العنوان محض استعارة بل إعلانًا شعريًا مكثّفًا عن شاعر فقد الكثير، لكنه لا يزال يغني.
وفي مجموعته الثانية "السماء تمطر بالشتائم" (2010)، يمضي سالم في فضاء أكثر تمرّدًا، حيث تتنازع القصيدة بين سخرية مرة ومأساة ناعمة. إنه لا يرثي العالم، بل يكشف قبحه بضحكةٍ سوداء، ويحمّل القصيدة عبء ما لم يجرؤ غيره على قوله. يكتب سالم كشاهدٍ منهك، لا كمنتصر؛ كشاعر يقيم في منطقة رمادية بين الإيمان بالعالم واحتقاره.
أما مجموعته الأخيرة "الحب عادة سيئة" (2022)، فهي خلاصة شاعرٍ لم يعد يراهن على النهايات، لكنه لا يزال يؤمن بشهوة البدايات. الحب عند سالم لا يأتي بوصفه خلاصًا، بل بوصفه لعنةً أخرى، قادمة بلغة متقنة، ونبض داخلي يعكس وعيًا شعريًا يتجاوز النمط، ويخوض تجارب الإنسان في هشاشته اليومية، في قلقه وحنينه، وفي وحدته.
نُشرت قصائد سالم سالم في صحف عراقية مرموقة: المشرق، الصباح، طريق الشعب، الزمان، أوروك، وغيرها، وكانت قصيدته ـ دائمًا ـ تنتمي إلى ضميرها الخاص، دون أن تساوم على جمالياتها أو تنحني لخطابات الموضة الشعرية. لم يكن شاعر مناسبات، ولا شاعر منصة، بل شاعر لحظة صادقة، تُكتب لأنها تُشبهه.
يرى فيه البعض صوتًا شعريًا متفرّدًا، يحتفي بالبساطة دون تسطيح، ويُحسن تطويع اللغة لتخدم مشهده الداخلي لا العكس. وُصف شعره بأنه "يخرج من القلب إلى القلب دون رتوش"، وأنه "يكتب كما يتنفس"، حتى أن بعضهم قال: "سالم سالم شاعر لا يُشبه أحدًا... إلا وجعه".
منذ عام 2005، أصبح عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين – فرع بابل، مشاركًا في أمسيات المدينة وملتقياتها، حارسًا على نار الشعر المتقدة فيها، ورافعًا راية القصيدة رغم شحّ الهواء.
سالم سالم هو ابن الهامش المجيد، الذي أثبت أن الشاعر لا يُصنع في العواصم، بل في الزوايا التي يُهمَل فيها الضوء، وفي القلوب التي تكتب قصيدتها كما تُكتب الصلوات. هو شاعر خساراتنا الجميلة، ومَنْ جعل من وجعه شخصيًا، مرآةً وجعنا جميعًا.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع
- شاكر ميم.. شاعر الغفوة والابتسامة العابرة
- عبد الستار شعابث شجرة الشعر التي نبتت على ضفاف الحلة
- الناقد والقاص سلام حربة صوتٌ نقدي وقلمٌ سردي في المشهد الثقا ...
- حامد كعيد الجبوري شاعرٌ خرج من رحم الحلة ومضى ليكتب للوطن وا ...
- علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاي ...
- عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث
- الباحث محمد هادي رحلة في آفاق البحث والتأليف


المزيد.....




- عشرات آلاف الإسرائيليين في شوارع تل أبيب في -لحظة نادرة- من ...
- على ماذا ركزت خطة ترامب وبنودها الـ20 بشأن غزة؟
- مصادر تكشف موعد انطلاق المباحثات غير المباشرة بين حماس وإسرا ...
- هل تؤثر أطوار القمر على حالتك المزاجية دون أن تدري؟
- فتح مكاتب التصويت في أول انتخابات برلمانية سورية منذ سقوط ال ...
- ترامب يأمر بنشر الحرس الوطني في شيكاغو.. وقاضية تمنعه من إرس ...
- ترقب لنتائج مباحثات القاهرة بشأن خطة ترامب حول غزة
- سوريا: جدل بشأن آلية دستورية تمنح رئيس البلاد صلاحية تعيين ث ...
- وصول طائرة تركية تحمل ناشطين من أسطول الصمود إلى البلاد
- 3 قتلى في أوكرانيا بمسيّرات وصواريخ روسية


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - سالم سالم شاعر الأوجاع النبيلة وبيارق الخسارات الجميلة