أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج السلطة؟














المزيد.....

انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج السلطة؟


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 04:49
المحور: حقوق الانسان
    


(قراءة في أزمة التمثيل السياسي في سوريا المعاصرة)

في الدول التي تسير وفق قواعد الديمقراطية، تشكّل الانتخابات فرصة متجددة لبث الحياة في المجال العام، حيث يعبّر المواطنون عن إرادتهم في اختيار من يمثلهم ويحاسبهم، وتتحول صناديق الاقتراع إلى جسر يصل بين المجتمع والسلطة. أما في سوريا، فتسير انتخابات مجلس الشعب في اتجاه معاكس تمامًا، إذ تكشف عن مأزق عميق في مفهوم العملية الانتخابية، وتحولها إلى آلية شكلية لإعادة إنتاج البنية السياسية القائمة.

أبرز ما يلفت النظر أن النسبة المتقدمة من المنتخبين لا تأتي عبر إرادة شعبية حرة، بل عبر لجان مرتبطة مباشرة بالسلطة. هذه اللجان تتحكم في تشكيل القاعدة الناخبة نفسها، فتجعلها أقرب إلى ملحق بالحصة الرئاسية التي تُقدّر بنحو سبعين نائبًا مضمون الولاء، ما يؤكد هيمنة مطلقة على تركيبة المجلس. النتيجة أن المجلس يُبنى على أساس الولاء، لا على أساس التمثيل.

إلى جانب ذلك، فإن مسار الترشح لا يخضع لتنافس حر أو لبرامج سياسية، بل تحكمه شبكة من المحسوبيات والولاءات، إضافة إلى المال السياسي الذي يلعب دورًا حاسمًا في تحديد الفائزين. بهذه الطريقة، يصبح الوصول إلى البرلمان مشروطًا برضا السلطة والجهات النافذة، لا برضا الناخبين أو بتبني برامج تعكس مصالح المجتمع.

هذا الواقع يحوّل مجلس الشعب من مؤسسة يفترض أن تضطلع بالتشريع والرقابة باسم المواطنين، إلى واجهة سياسية هدفها تثبيت مراكز القوى القائمة. وبذلك يفقد البرلمان جوهر وظيفته، وينحصر دوره في تمرير القوانين والسياسات التي تأتي جاهزة من دوائر القرار العليا، بدل أن يكون ساحة لنقاش تعددي وتمثيل حقيقي.

الأخطر من ذلك أن استمرار هذه الآليات يعمّق أزمة الثقة بين المجتمع والسياسة، ويؤدي إلى عزوف شعبي متزايد عن المشاركة، لأن الناس لا يرون في الانتخابات فرصة للتغيير، بل مجرد إجراء يكرر ذاته كل دورة. بهذا الشكل، تتحول الانتخابات من أداة للتجديد إلى وسيلة للجمود، ومن فرصة للمساءلة إلى أداة للتحكم.

الإصلاح يبدأ من صناديق الاقتراع:

في ظل هذا النمط من الانتخابات، يصعب الحديث عن أي دور فعلي لمجلس الشعب في الدفع نحو انتقال سياسي أو فتح أفق للإصلاح. استمرار اعتماد السلطة على مجالس فاقدة للاستقلالية سيُبقي البلاد في حالة جمود سياسي، ويغلق الباب أمام أي إمكانية لبناء مؤسسات شرعية تعكس الإرادة الشعبية. بل إن تكريس هذه الممارسات قد يطيل أمد الأزمة، إذ يعمّق فجوة عدم الثقة بين الدولة والمجتمع، ويجعل أي تسوية سياسية مستقبلية أكثر تعقيدًا.

آلية تشكيل مجلس الشعب السوري في انتخابات 2025 تُظهر بوضوح أن المجلس ليس مؤسسة تمثيلية حقيقية، بل ملحق بالسلطة التنفيذية. فبالإضافة إلى سبعين مقعدًا تُخصّص للرئاسة ويُعيّن أصحابها بشكل مباشر، تُملأ مئة وأربعون مقعدًا عبر انتخابات غير مباشرة تتم من خلال لجان وهيئات ناخبة تابعة للسلطة. هذه اللجان تتحكم بالكامل في تحديد من يحق له الترشح والتصويت، ما يحوّل العملية الانتخابية إلى اختيار مُسبق أكثر من كونها منافسة حرة. النتيجة أن المجلس لا يمثل إرادة الشعب، بل يعيد إنتاج تركيبة السلطة نفسها، ويكفل استمرار هيمنة الرئاسة على الحياة السياسية، دون أن يقدّم مجالًا حقيقيًا للمساءلة أو التغيير.

بالمقابل، فإن أي تحرك جاد نحو انتقال سياسي لن يكتمل ما لم يترافق مع إعادة تعريف العملية الانتخابية على أسس شفافة، تضمن حرية الترشح والتصويت، وتكفل حق السوريين في اختيار ممثليهم دون تدخل أو وصاية. فالإصلاح الحقيقي يبدأ من صناديق الاقتراع، باعتبارها المدخل إلى بناء عقد اجتماعي جديد يعيد للمواطن مكانته باعتباره مصدر الشرعية.


* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أمل اتفاق سلام وشيك في غزة/ اتفاق 21 نقطة لإنهاء الحرب
- أهداف اللعبة الدولية في سوريا بشأن المفاوضات الأمنية
- المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية
- ابتسامة المُكر الأمريكي والثمن السوري... رفع العقوبات كهدنة ...
- سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لح ...
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...
- العدالة العمياء: كان يجب أن يترافق تعليق قيصر مع مذكرة اعتقا ...
- اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح
- وصل إلى السلطة بفضل الثورة… فهل يُبرّر الإنكار؟
- بين جمهوريتين: برلمان ما بعد الحرب هل يمهّد الطريق لسوريا جد ...
- سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...


المزيد.....




- مصر تشدد على أهمية استمرار دعم -الأونروا- لغوث الفلسطينيين
- جيش الاحتلال: السماح بمرور النازحين من سكان مدينة غزة عبر حو ...
- صحة غزة تعلن سقوط شهيدين جراء المجاعة وسوء التغذية
- السعودية والأمم المتحدة تطلقان مبادرة عالمية لبناء القدرات ف ...
- -هيئة الأسرى- ونادي الأسير: تحذير من انتحال شخص هوية المحامي ...
- ردود جديدة بشأن أماكن احتجاز معتقلين من قطاع غزة في سجون الا ...
- نشطاء من السودان وميانمار وجزر بالمحيط الهادئ وتايوان يتلقون ...
- الأمم المتحدة: الجوع يفتك بعشرات الأطفال وكبار السن بالسودان ...
- الأمم المتحدة: الجوع يفتك بعشرات الأطفال وكبار السن بالسودان ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة: تعديلان جوهريان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج السلطة؟