أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة حب كونفوشيوس .














المزيد.....

مقامة حب كونفوشيوس .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 15:29
المحور: الادب والفن
    


مقامة حب كونفوشيوس :

منذ فجر التاريخ , ظلّ الحب لغزاًعصيّاً على الفهم , يراوغ كلّ محاولة للحصرأوالتعريف , ويظلّ كالسحر يلامس أرواحنا , ويحوّل واقعنا إلى لوحة من المشاعر والألوان , وينسب الى الفيلسوف الصيني كونفوشيوس قوله : (( الاعتزاز بالجهد اكثر من الاعتزاز بالثمرة يمكن ان يسمى بالحب , ان القلب الذي يعمر بالحب لايخطيء )) , والحب ما يزال عصيّا على الفهم والحصر , وما زال شبه طلسم أثره كفعل السّحر, كان ولا يزال أكسير الحياة وأساسا لتواجد الإنسان واستمرار النّوع , هو احتياج إنساني لا غنى عنه , محرّكا له وملهما لإبداعه تجلّى رسما , نحتا , فلما , شعرا ونثرا , كان ولا يزال قيمة سامية راقية ترتقي إلى مستوى القداسة , وعندما تكون جذور الحب عميقة , فلا داعي للخوف من رياح المسافات .

وفي مقاربات فهم الحبّ , فأنه يعتبر باقة متنوّعة من المشاعر الإيجابية والحالات العقلية قويّة التّأثير وهو بحكم التنوّع الكبير في الاستخدامات والمعاني للمصطلح يبقى غير قابل للحصر بشكل ثابت ودقيق . هو شعور بالانجذاب والتعلّق العاطفي بدرجات متفاوتة تجاه أشخاص , مخلوقات , أشياء أو معاني وأفكار , وقد حاول العلم الحديث ضبطه وإخضاعه لنبراسه لتبرز بعض النّظريات البيولوجية والنّفسية في محاولة لفكّ طلاسمه , حيث تقسّم عالمة السّلوك البشري ((هيلين فنس )) الشعّور بالحبّ إلى ثلاثة مراحل متداخلة وهي الشّهوة والانجذاب والتعلّق , ممّا يتسبّب في ارتفاع دقّات القلب وفقدان شهيّة الأكل وقلّة النّوم , أمّا عالم النّفس (( روبرت ستيرنبرغ )) فيفكّكه إلى ثلاثة مكوّنات مختلفة وهي الارتباط والعلاقة الحميميّة والالتزام , هي مقاربات نسبيّة للفهم قد تفسّر شيئا لتغيب أشياء فهو قيمة مطلقة وليست نسبية كما يقول الفيلسوف (( برتراند راسل )) , وفي نفس السّياق يعرّف عالم الأحياء (( جيرمي غريفت )) الحبّ بكونه الإيثار الغير مشروط , أمّا الفيلسوف (( غوتفيرد )) فيعتبره السّعادة الّتي تحصل بإسعاد شخص آخر وهو ما يتماهى مع ما عرّف به أرسطو الحبّ بكونه إرادة الخير للآخر.

سقى الله كونفوشيوس , لقد قسموا الحب من بعده بطرق مختلفة , فمنها ما يتعلق بمدى عمق الحب وقوته مثل العشق والغرام والوله , ومنها ما يصف نوع الحب في علاقته بالمشاعر المختلفة مثل حب العقل وحب العشرة وحب القلب وحب الروح , وهناك تصنيفات فلسفية مثل حب الإله وحب العائلة وحب الصديق , بالإضافة إلى تصنيفات نفسية مثل حب الإعجاب والحب الرومانسي والحب غير المشروط , كما ان هناك التصنيف الإغريقي الذي يحدد سبعة أنواع رئيسية للحب : إيروس (الحب العاطفي الشهواني) , فيليا (حب الصداقة) , ستورج (الحب العائلي) , أغا بي (الحب غير المشروط) , لودس (الحب الترفيهي) , برغما (الحب العملي) , ومانيا (الحب المهووس) , وعندنا أعتبروا ان للحب أربعة أنواع : حب العقل : وهو أن ترتاح إلى إنسان وتتفاهم معه ولكن قلبك لا ينبض له ولا روحك تهفو إليه , وحب العشرة : وهو أن تعتاد إنسانا في حياتك وتأنس إليه وتجمعكما عشرات التفاصيل الصغيرة , وحب القلب : بأن يخفق القلب لرؤيته واسمه وصورته ويتألم لقسوته وابتعاده , وحب الروح : وهو أقوي وأشرس هذه الأنواع واندرها وأصعبها وهو ما يسمى بالعشق , ويضم أنواع الحب جميعا فيأسر عقلك وقلبك وجسدك وتفاصيلك , ويصهرها في إنسان واحد وهو فخ لمن وقع فيه , فلا خلاص منه ولا نهاية ولا ارتواء ولا شبع عنيف , ظالم لا مقاييس له ولا أسباب لا يعترف بالقوانين ولا يرضي بشريك ولا يكتفي كالنار التي تأكل كل شيء وتقول هل من مزيد وهذا الحب لا يفيد فيه عقل ولا منطق ولا يقتله هجر ولا قسوة ولا تضعفه مسافات.

ظهر مؤخرا مصطلح (( الحب الزاحف )) , وأصبح متعارفًا و شائعًا , و يشير إلى أحد معنيين : إما (( قصف الحب Love Bombing )) ,وهو شكل من أشكال العنف النفسي حيث يقوم شخص ما بإغراق شريكه باهتمام مفرط وهدايا ومجاملات في محاولة للتلاعب به والسيطرة عليه , أو قد يشير بشكل غير رسمي إلى نوع معين من الحب الحقيقي الذي ينمو ببطء ويصبح عميقًا ومتغلغلًا في النفس مثل (( التتيم )) في اللغة العربية , وهو الحب الذي يستبد بالقلب ويستعبده , وقد يكون هو الذي قصده المغني بقوله القاسي : (( حب تالي العمر جتال )) , كما في حب تالي العمرلعريان السيد خلف : (( على طولك اشعلني وصيح بيه الصوت , انه بطرك النفس بين الحيا والموت , وسير نبض دمي لشهكة الزردوم , حب تالي العمر علته من البسكوت , يا شايل حلاوة خوف الحديثات , ومحمل سحر ضحكة بنات بيوت , يا مايع ترافه اتهيب من احويك , خاف اصعب عليك وخاف بيدي تموت ,هلكد ما حلو راج الثمر بالعود , وحمر على شفافك كبل وكته التوت , يمعود دخيلك والكلب شيصير, من تكطع بتوته منين اجيب بتوت )) .

وفي نهاية المطاف , يبقى الحب ظاهرة أعمق من أن تُحصر في نظرية علمية أو تصنيف فلسفي , هو رحلة قلب لا عقل , تُقاس بالجهد المبذول لا بالنتائج , وتظلّ مسافاتها بلا أهمية أمام عمق جذورها , فالحب الحقيقي ليس مجرد شعور , بل هو إرادة خير , وإيثار لا مشروط , وسعادة تجدها في إسعاد الآخر , وبغض النظر عن تعدد تعريفاته وتصنيفاته , من حب العقل إلى عشق الروح , يظلّ الحبّ تجربة شخصية فريدة , هو ليس شيئاً يمكن امتلاكه , بل هو نهر متدفق من العطاء , لا يجفّ أبداً , فالاعتزاز بالرحلة نفسها , وليس بالوصول , هو جوهر الحب الذي لا يخطئ .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة المهذب الرقيق .
- مقامة نباح المناهج وذبابها : أدب المقاومة الفكرية.
- مقامة أموت نظيفًا .
- مقامة حمالة الحطب : من شرر الشوك إلى رماد الأمة .
- مقامة عروس غاندي .
- مقامة حكمة قَعْنَب .
- مقامة الدگة الخزعلية : بين الوشم والغدر.
- مقامة ديالى شقائق النعمان .
- مقامة الطروس .
- مقامة النقيق في قاع بئر: العراق بعد 2003.
- مقامة فلسفة الفقر .
- مقامة الغيوم .
- مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .
- مقامة الأنسان وباء .
- مقامة الأقتران الشرطي .
- مقامة أصنام العقل .
- مقامة الرسيس .
- مقامة لحن القول .
- مقامة في مسار التاريخ ومآلاته .
- مقامة محضرون .


المزيد.....




- ماكي صال يُحيّي ذكرى بن عيسى -رجل الدولة- و-خادم الثقافة بل ...
- الأمير بندر بن سلطان عن بن عيسى: كان خير العضيد ونعم الرفيق ...
- -للقصة بقية- يحقق أول ترشّح لقناة الجزيرة الإخبارية في جوائز ...
- الكاتبة السورية الكردية مها حسن تعيد -آن فرانك- إلى الحياة
- إصفهان، رائعة الفن والثقافة الزاخرة
- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة حب كونفوشيوس .