أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والمعايير الماركسية...ج2














المزيد.....

الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والمعايير الماركسية...ج2


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 21:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الأداء اللاهوتي والروح الوطنية:-

الوطنية البرجوازية، حين تتجسد في ما تُسميه البرجوازية بـ(الروح الوطنية)لا تمثل مجرد شعور أو انتماء عاطفي، بل أداء جماعي مؤطر على شكل طقوس وأفعال مستمرة يشبه في بنيته الطقوس الدينية. في هذا الأداء، يُقدَّم الأفراد كقرابين رمزية على مذبح الوطنية، مدفوعين بحماسة شعورهم الوطني، دون أن يدركوا أن هذه الطاقة تُكرّس لمصالح الطبقة الحاكمة.

الفرد والشكلية اللاهوتية للوطنيّة

في هذا الإطار، تنصهر ماهية الفرد في الشكلية اللاهوتية للوطنيّة: تصبح الإرادة الفردية جزءًا من الحشد، ويتراجع التفكير النقدي والتحليل الشخصي أمام الالتزام الرمزي بالوطن، كما يحدث في الطقوس الدينية حين يُقدّم المؤمن على مذبح الإيمان. ملايين البشر يشاركون في هذه العملية، غالبهم مدفوعون بحماسة الروح الوطنية، دون وعي كامل بأهداف الطبقة الحاكمة، أو بالوظائف الرمزية التي تؤديها هذه المشاركة في إعادة إنتاج السلطة.

وظائف الروح الوطنية كأداء لاهوتي

الروح الوطنية تؤدي في هذا السياق دور اللاهوت الرمزي في ثلاث وظائف مركزية:

1. تقديس المصالح الطبقية: القيم العليا للوطن تُرفع فوق التاريخ والزمان، ويصبح تحديها أو نقدها بمثابة معاداة مقدسة للهوية الوطنية.

2. خلق وحدة رمزية: توحّد الجماهير تحت مظلة وطنية واحدة، كما توحد الطقوس الدينية أتباعها حول رمز واحد، فتتحول المشاعر الفردية إلى قوة جماعية موحدة تخدم أهدافًا سياسية–طبقية محددة.

3. توجيه السلوك الفردي والجماعي: ملايين الأفعال اليومية—من الجندية إلى الضرائب، ومن الاحتفالات الوطنية إلى الولاء الرمزي—تتحول إلى طاقة تخدم الهيمنة الطبقية، وتحافظ على استمرار السلطة الاجتماعية والاقتصادية للبرجوازية.

أمثلة واقعية

1. الحرب العراقية–الإيرانية (1980–1988):

ملايين العراقيين والإيرانيين قدموا حياتهم كـ"قرابين" على مذبح الوطنية، مدفوعين بحماسة شعورهم الوطني الذي رسخته الدولة عبر التعليم، الإعلام، والخطاب السياسي.

الرموز الوطنية والدينية استخدمت معًا، فصارت الوطنية نفسها كمعنى مقدس، وارتبط رفضها أو نقدها بخيانة مقدسة.

الأداء الجماعي للروح الوطنية غطّى على مصالح الطبقة الحاكمة وأهدافها الاقتصادية والسياسية.
2. الحرب الحالية في غزة:

الفلسطينيون والإسرائيليون يقدّمون أفعالهم اليومية—من المشاركة في الاحتجاجات، إلى الدعم المالي أو القتالي—كطقوس وطنية مستمرة.

الرمزية الوطنية تتحول إلى قوة جماعية تعبّر عن الولاء والانتماء، وتغطي على المصالح الطبقية أو الاستراتيجية المباشرة للأطراف السياسية.

ملايين الأفراد يُجنّدون شعوريًا عبر الخطاب الإعلامي والسياسي، بحيث تصير الوطنية سلطة مقدسة، والالتزام بها واجبًا أعلى من أي اعتبار فردي أو نقدي.


الخلاصة

من خلال هذه الأمثلة، يتضح أن الوطنية البرجوازية، حين تؤدى عبر الروح الوطنية، تتحول إلى أداء لاهوتي حيّ: ملايين البشر يكرّسون حياتهم وطاقاتهم على مذبح الوطن، مدفوعين بحماسة الشعور الوطني، دون إدراك كامل للوظائف الطبقية والسياسية التي تؤديها هذه المشاركة.

الروح الوطنية بهذا الشكل تنصهر فيها إرادة الفرد في الشكلية اللاهوتية للوطنيّة، فتغطي على الصراعات الطبقية الحقيقية، وتحوّل الالتزام بالوطن إلى واجب مقدس يشبه الالتزام الديني. أي فعل يومي—من الجندية، إلى المشاركة السياسية، إلى الولاء الرمزي—يصبح جزءًا من طقس جماعي يعيد إنتاج السلطة والهيمنة.

بهذا المعنى، الوطنية البرجوازية تستعمل الروح الوطنية كأداة رمزية مركزية، تجعل من القيم الوطنية سلطة مقدسة، وتضمن استمرار الهيمنة الطبقية عبر التقديس الرمزي، تمامًا كما يضمن اللاهوت استمرارية سلطة المؤسسة الدينية على المؤمنين.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- الوعي الطبقي بين المقاومة والطقس: قراءة في الفخ الايماني...ج ...
- فخ ثوسيديديس.. قناع إغريقي لتبرير الصراع الأمريكي–الصيني
- الحوثيون والدفاعات الإسرائيلية: دقة الهجمات والدعم الدولي
- باراكون..اسمه...عراق
- توازن الردع الجديد: كيف تعيد السعودية رسم موازين القوى الإقل ...
- لا يا سموترتش: غزة ليست كنزًا عقاريًا فقط، إنها كنز غازي أيض ...
- -قلعة وندسور والمروحية: الرمزية البريطانية–الأمريكية والعراق ...
- الليبرالية الأوروبية والإسلام السياسي: من لندن إلى ( الخريف ...
- مشيخة قطر.. دعم مالي وإعلامي لحركة الإخوان المسلمين
- البعد التاريخي لتواجد الإخوان في قطر
- قطر: راعية حماس تختبئ خلف ستار “وساطة سلام”
- فضلات بغداد إلى أوروبا: تجارة غير متوقعة في بدايات القرن الع ...
- الاقتصاد الرقمي: سلعة وهمية بين الرأسمال الوهمي والوهم السيا ...
- الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج3
- الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج2
- الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج1


المزيد.....




- حزب التقدم والاشتراكية إثر زيارة التهراوي لتطوان: سبق وحذرنا ...
- فرنسا: اليمين ينتقد -حكما سياسيا- واليسار يشيد بـ-انتصار الع ...
- م.م.ن.ص// تحول الصحة من الحق الى سلعة: التخطيط المنظم لإفقا ...
- الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يجتمع بالقيادة العامة ل ...
- العدوان الصهيوني الغادر على اليمن يعمق مأزق الاحتلال وفشله ف ...
- اللجنة الوطنية لدعم عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك بمكناس: بلاغ ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو للمشاركة ال ...
- اضطرابات الأكل تصيب الأثرياء.. لكن الفقراء يدفعون الثمن الأك ...
- محمود عباس يدعو حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى لتسليم سلاحه ...
- رواية -حوريات- للجزائري كمال داود: ضد النظام والإسلامويين وا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والمعايير الماركسية...ج2