أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حازم كويي - إنجلز: العقل المنظم وراء النظرية الماركسية















المزيد.....

إنجلز: العقل المنظم وراء النظرية الماركسية


حازم كويي

الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 15:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


«معظم ما نعرفه عن الماركسية هو في الأصل لإنجلز»
ترجمة وإعداد: حازم كويي

دراسة لجوفاني سغرو* حول أعمال فريدريك إنجلز ومساهمته في صياغة الماركسية كمنظومة فكرية شاملة. ويسلّط الضوء على دور فريدريك إنجلز في بلورة الماركسية كعقيدة عالمية
في تموز/يوليو من هذا العام صدر كتابه«بين ماركس والماركسية»، الذي تناول فيه دور فريدريك إنجلز في التفكير وفي تطور الماركسية.

والغرض الأساسي من عمله هو التعامل مع إنجلز بوصفه مفكراً مستقلاً وأخذ خصوصيته الفكرية على محمل الجد وتقديرها. وهذا لا يعني تجاهل ثغراته النظرية أو إساءاته في التفسير، بل على العكس، يقتضي إبرازها أيضاً. يتركز الاهتمام في الأساس على النتاج الفلسفي لإنجلز في مرحلته المتأخرة (1873–1895)، وخاصة تفسيره للديالكتيك الهيغلي وتقييمه للدور الذي أدّاه فويرباخ في تفكك الفلسفة الكلاسيكية الألمانية وفي بلورة الفهم المادي للتاريخ.
ماركس وإنجلز يُذكران غالباً في سياق واحد، لكنه يؤكدعلى استقلالية إنجلز. لماذا؟
لقد شدّد أنطونيو غرامشي بالفعل في ثلاثينيات القرن العشرين على هذه النقطة، ويرى أنه من الضروري حتى اليوم التمييز بين إنجلز وماركس. ليس لأن ولاء إنجلز موضع شك، بل لسبب بسيط هو أن إنجلز ليس ماركس. فبدلاً من دمج الاثنين بشكل غير مُميز في ما يشبه «ثالوثاً مقدساً»، فهو يعتقد أن المهم هو إعادة إبراز الاختلافات المميزة والاختصاصات المعرفية الخاصة بكلٍّ منهما والتأكيد عليها.
ولكن ما الذي يميز فلسفة إنجلز عن فلسفة ماركس؟
وفقاً لإنجلز، فإن العلاقة بين الديالكتيك المادي والديالكتيك المثالي هي علاقة تضاد قطبي وانعكاس مرآوي. ومع ذلك، ظلّت البنى الأساسية لقوانين الحركة الجدلية صالحة وغير متغيّرة لدى الاثنين، تلك القوانين التي وصفها هيغل وصفاً صحيحاً، وإن كان قد غلّفها بقشرة صوفية. إنجلز يعرض قلب الديالكتيك المثالي الهيغلي بوصفه مجرد عكس للاتجاه: فالقوانين الثلاثة للديالكتيك المادي (تحوّل الكم إلى كيف والعكس، صراع الأضداد، ونفي النفي) هي القوانين نفسها التي صاغها هيغل. الخطأ الوحيد عند هيغل، بحسب إنجلز، كان في أنه فرض هذه القوانين «من فوق» كقوانين للفكر، بدلاً من إشتقاقها «من تحت» من الطبيعة والتاريخ.
ويمكن تقديم مثال يوضح الفرق بين مواقف إنجلز وماركس؟
وذلك من خلال مفهوم الحرية. عند هيغل تتيح مقولة التفاعل الانتقال من مملكة الضرورة العمياء إلى مملكة الحرية الواعية. وبالطريقة نفسها، تتمثل الحرية عند إنجلز في إدراك الضرورة والوعي بقوانين الطبيعة الحتمية، التي تُخضع في انتقالها من الـ«في ذاته» إلى الـ «لذاته» لحيز السيطرة البشرية، فتتحول بذلك من كونها «في ذاتها» إلى كونها «لأجلنا». على النقيض من إنجلز (وهيغل)، فإن مملكة الحرية عند ماركس لا تقوم ببساطة على الوعي بقوانين الطبيعة والتاريخ وتطبيقها عن معرفة تامة، بل تبدأ (ولا تبدأ إلا) مع تقليص يوم العمل، أي مع التحرر من عبودية العمل المأجور.
بنية كتاب سغرو تبدأ أولاً بتحليل وظيفة مقولة "التفاعل" في النظام الجدلي للطبيعة، الذي طوّره إنجلز في كتابه غير المكتمل «ديالكتيك الطبيعة» وكذلك في ما يُعرف بـ «ضد دوهرينغ». ومن هناك أعيد بناء الطيف الواسع والمتنوع من موضوعات أعمال إنجلز بين عامي 1883 و1895، ويصل في الفصل الثالث إلى كتيّبه الثقافي-السياسي عن فويرباخ الصادر عام 1886. بعد ذلك أعيد بناء الاستراتيجية التي اتبعها ماركس وإنجلز بين عامي 1867 و1895 للدفاع عن تصورهم المادي للتاريخ في مواجهة سوء الفهم والتأويلات الخاطئة المتزايدة من قِبل نقّادهم. وفي الفصل الخامس والأخير يُقَوم النتائج المتحصلة من منظور تاريخ الفلسفة، ويتناول الفروق بين إنجلز وماركس. وهنا أيضاً يتضح الدور الذي لعبه إنجلز في تأسيس الماركسية، أي في عملية تحوّل النظرية النقدية الأصلية لماركس إلى الماركسية كعقيدة عالمية.
وعن مدى إسهام إنجلز، ومسؤوليته في تشكّل الماركسية كعقيدة عالمية والفاعلين الآخرين المُهمين،يُقدرسغرو دور إنجلز الأساسي في تأسيس الماركسية كعقيدة شاملة. ولا سيما عمله المكثّف في تبسيط الماركسية ونشرها، والذي قدّمه على نحو نموذجي في كتابه «ضد دوهرينغ»، كان له أثر حاسم في الانتشار العالمي للماركسية ـ ويمكن اعتباره بحق مؤسّس الماركسية كعقيدة عالمية. ومن الفاعلين الآخرين المهمين في هذا المسار نذكر: إدوارد برنشتاين (1850–1932)، وكارل كاوتسكي (1854–1938)، وغيورغي بليخانوف (1856–1918)، ورودولف هيلفردينغ (1877–1941).
ويرى سغرو في وجود «إنجلزية» خاصة أيضاً في عملية تحويل النظرية النقدية الأصلية لماركس إلى الماركسية كعقيدة شاملة ـ سواء كان ذلك عن وعي أو، والأرجح، دون وعي؛ سواء كان مقصوداً أو، والأرجح، غير مقصود ـ قد تم تحضيرها وبدأها إنجلز نفسه في أعماله التي تهدف إلى التبسيط والنشر، مثل «ضد دوهرينغ» و«فويرباخ». لقد تم بناء المادية الجدلية أساساً من كتابات إنجلز المتأخرة، ولهذا أعتقد أنه يمكن القول إن الجزء الأكبر من «الماركسية» في القرن العشرين لم يكن في أفضل الأحوال سوى «إنجلزية» أكثر أو أقل وعياً.
العمل على النسخة الألمانية من كتابه أتاحت له فرصة التحقق من جميع الاقتباسات، وإدراج مقاطع نصية جديدة، ودمج الهوامش الطويلة ضمن النص الرئيسي، كما أتاحت له إعادة تحرير النص بالكامل بشكل كبير. أما الأدبيات الجديدة حول هيغل وفويرباخ وإنجلز وماركس، فلم يكن بالإمكان الاستعانة بها إلا بشكل انتقائي ومقتضب في الهوامش. إن الاستيعاب المكثف والنقاش المفصّل للوفرة الهائلة من المنشورات خلال السنوات الثماني الماضية يحتاج إلى وقت مناسب ومساحة كافية، ولهذا لم يكن بالإمكان تضمينها في هذا الكتاب.
في هذا السياق ينبغي دراسة الأسئلة التالية كما يراها سغرو:
أولاً، يبدو من الضروري أن تؤخذ بعين الاعتبار الدراسات العديدة التي صدرت خلال العقد الماضي حول هذه الموضوعات وأن نناقشها نقدياً. استناداً إلى هذا الأساس، الذي دعمه بشكل خاص المجلدات الجديدة من «المجموعة الكاملة لأعمال ماركس وإنجلز»، ينبغي أن يتم توضيح التمييز بين فكر ماركس وفكر إنجلز بدقة أكبر: أي المفاهيم تعود بوضوح إلى ماركس، وأيها تمثل إسهامات إنجلز الخاصة؟ كما يهم معرفة كيف تبنّى أو غيّر ماركسيون آخرون، مثل كاوتسكي، لوكسمبورغ، لينين والمنظرون اللاحقون، هذه الملاحظات أو الإضافات التي أتى بها إنجلز. وأخيراً، يمكن تقييم حداثة فكر إنجلز: ما مدى صلة فلسفة إنجلز بالجدل الاشتراكي والبيئي المعاصر؟

جوفاني سغرو*: أستاذ مشارك في تاريخ الفلسفة بجامعة e-Campus في نوفيدراتي (كومو/إيطاليا). وقد أصدر العديد من المنشورات حول هيغل، ماركس، إنجلز وماكس فيبر. كما ترجم أعمال ماركس وإنجلز إلى الإيطالية، وهو محرر للعديد من المجلدات الجماعية حول هذا الموضوع. وصدر له كتابه «بين ماركس والماركسية: فريدريك إنجلز ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية» .



#حازم_كويي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سر التجربة الصينية: من الفقر إلى أضخم طبقة وسطى في العالم
- ماركس نصيرٌ للديمقراطية
- -النرويج تشهد تقدماً لليسار الجذري-
- حزب اليسار الألماني :نحن الأمل
- كارل ماركس كسياسي: «الفرنسيون بحاجة إلى جَلدْ»
- -نيتشه والتمرد: بين النقد الثقافي والتقدّم بعد 125 عاماً-
- قبل 125 عاماً رحل فريدريش نيتشه «عداء الجماهير»
- حركة -اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً- ((MAGA
- حرب إسرائيل في غزة هي من أكبر الجرائم في التاريخ.
- من يملك الكون؟
- هتلر:سيرة إنهيار
- الجامعات الصينية في صدارة العالم
- حزب في مرحلة تحول
- -تراجع العولمة الحالي لا يخدم قضايانا-
- إيلون ماسك:هل هو عبقري طموح أم رجل يفتقر للروح؟
- التصنيع بدلاً من التسلّح
- -تعدد الأقطاب؟ احتمال قائم في المستقبل-
- -رئيسة المكسيك تُظهر كيف يمكن التصدي لترامب-
- الهجوم الأمريكي على إيران: أصبح الآن اندلاع حرب نووية أكثر ا ...
- عصر التراجع


المزيد.....




- حزب التقدم والاشتراكية إثر زيارة التهراوي لتطوان: سبق وحذرنا ...
- فرنسا: اليمين ينتقد -حكما سياسيا- واليسار يشيد بـ-انتصار الع ...
- م.م.ن.ص// تحول الصحة من الحق الى سلعة: التخطيط المنظم لإفقا ...
- الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يجتمع بالقيادة العامة ل ...
- العدوان الصهيوني الغادر على اليمن يعمق مأزق الاحتلال وفشله ف ...
- اللجنة الوطنية لدعم عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك بمكناس: بلاغ ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو للمشاركة ال ...
- اضطرابات الأكل تصيب الأثرياء.. لكن الفقراء يدفعون الثمن الأك ...
- محمود عباس يدعو حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى لتسليم سلاحه ...
- رواية -حوريات- للجزائري كمال داود: ضد النظام والإسلامويين وا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حازم كويي - إنجلز: العقل المنظم وراء النظرية الماركسية