محمد حسين الموسوي
كاتب وشاعر
(Mohammed Hussein Al-mosswi)
الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 07:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
النظام العالمي يُصعد ضد الملف النووي الإيراني ويتهرب من الحلول..
النظام العالمي يشتكي الألم ويملئ الدنيا ضجيجا فارغا ويصم آذانه عن الحلول؛ في مناوراتٍ لطالما شهدناها مرارا وتكراراً خاصة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط والمنطقة العربية..
يتجاهلون الحلول التي بين أياديهم وتصدح أبواقهم الإعلامية بمساعيهم الحثيثة لإيجاد حلول.. ويا لها من مفردات طنانة بلا صدق ولا رشدٍ ولا مضمون اعتادوا عليها لأكثر من قرن خاصة بعد تأسيس منظمات كالأمم المتحدة ومشتقاتها تبريراً لخطاياهم وأفعالهم وما أكثر خطاياهم المبررة وغير المبررة في خارج أراضيهم والمواقع التي تعنيهم.. هذا هو الغرب الذي كنا نعرفه ونعرفه لكن البعض أو الكثيرين منا استيقظ مؤخراً على مرارة صنائع الغرب والتي هي حقائق قائمة لكنها لم يدركونها إلا مؤخرا.. استيقظوا على أكاذيب الغرب وشعاراته الفضفاضة التي يصعب عليه حمايتها في أغلب الأحيان وتتضارب بشأن ذلك سلطاته التشريعية مع شقيقاتها التنفيذية..
الغرب الذي جاء بالشاهنشاهية في إيران ثم الملالي من بعدهم وفرضهم على الشعب الإيراني وعموم المنطقة.. هو ذاته الذي استباح أرض فلسطين بعد القضاء على الدولة العثمانية وجاء بـ الأتاتوركية بعدها ففرضها على تركيا وضرب هويتها التاريخية وكبلها خانقاً إياها بأقسى القيود.. هو الغرب نفسه الذي جاء بالصهاينة وسلمهم فلسطين وشرع لهم قوانين في الأمم المتحدة يتملكوا ويحتلوا من خلالها فلسطين؛ ففرضهم على الفلسطينيين أصحاب الأرض وعلى منطقة الشرق الأوسط ليتقاسموا الهيمنة والتوسع مع الشاهنشاهية وملالي إيران من بعدهم.. وهذا هو الحال القائم اليوم.
الغرب هو الغرب ذاته الذي سمح للصهاينة بإنتاج السلاح النووي وسمح لملالي إيران بإنتاج قدرات نووية هذا إن لم يكن يملك فعليا سلاحاً نووياً ولم يُعلن عنه بعد.. علما بأن المشروع النووي الإيراني هو مشروع أمريكي في الأساس، وأعاد نظام الملالي العمل به بعد استيلائه على حكم إيران، ومن غير المنطقي أن يبلغ البرنامج النووي الإيراني هذا الحجم من التطور على مدار عقود دون علم الغرب بتطوراته؛ لكن الحقيقة هي أن هذا الغرب كان يعلم بذلك وتغاضى عنه يقينا منه أن هذا البرنامج النووي بشقيه المدني والعسكري لن يكون ضررا للغرب ولن يتوجه سلاحه باتجاه الغرب.. وسيخدم مصالح الغرب ومخططاتهم في المنطقة من خلال إخضاع العرب وابتزازهم وتسويق أسلحته التي أكلها الصدأ عليهم.. صفقات أسلحة بمئات المليارات وعقود صيانة وتحديث عسكرية بعشرات المليارات للمنطقة العربية، وقواعد عسكرية استراتيجية مجانية تستخدم أحيانا في ضرب أصحاب الأرض كما حدث في قطر.. وأتاوات علنية تُفرض تحت مسمى الحماية.. كل هذا بفضل زرع نظام الملالي بالمنطقة كبديل وخليفة للشاهنشاهية الكريهة.. ويأتي وجود وبقاء نظام الملالي إلى اليوم على سدة الحكم في إيران امتداداً لمخطط الهيمنة على المنطقة، وبالتالي لا يعني الغرب إذا مات نصف الشعب الإيراني معدوماً وجائعاً ومنفياً أو مات كل الفلسطينيين أو مات كل العراقيين والسوريين واليمنيين أو تشردوا خاصة في ظل حالة التستر الإعلامي الغربي والعربي أيضا على جرائم الملالي وشركائهم التوسعيين.
افتضاح برنامج الملالي النووي
ليكن بمعلوم البعض أننا كعرب لسنا ضد التطور في دولة إيران وازدهارها ورفاهية شعبها بما في ذلك تطور البرنامج النووي الذي يدعم هذا الرفاه لكننا ضد البرنامج النووي العسكري الذي يسعى النظام الإيراني من خلاله إلى التوسع والهيمنة الإقليمية، وندرك تماما حجم نواياه وحجم علاقاته وتداولاته مع الغرب وهناك تاريخ طويل من الفضائح يكشف ذلك..، وبالنتيجة لم يلبي البرنامج النووي لجمهورية ملالي إيران وليس دولة إيران.. لم يلبي طموحات الشعب الإيراني وحلمه بالعيش الكريم والاستقرار واحترام حقوق الإنسان والعيش في دولة تسودها الحرية والديمقراطية وقيم التعايش بل على العكس سلب هذا البرنامج لقمة الخبز من فم الجياع في إيران ونكل بهم وبمعايشهم اليومية، وعزز من سطوة ثقافة القمع والاستبداد في إيران.. الأمر الذي يجعل الغالبية العظمى من الإيرانيين يرفضون البرنامج النووي جملة وتفصيلاً.
بعد فضح المقاومة الإيرانية لأسرار برنامج الملالي النووي على الملأ العام اضطرت القوى العالمية ومؤسساتها الدولية إلى البدء بسيناريو جديد للتعامل مع الملف النووي الإيراني.. فتارة يتفاوضون وتارة يهددون ويثيرون القلق "النظام على بعد أشهر.. أسابيع.. أيام من انتاج قنبلة نووية.. قنابل نووية" وتارة يجمدون التفاوض وتارة يوفرون الوقت وتارة أخرى يوفر المال ويضخون مليارات الدولارات للنظام الإيراني ويسمحون له بنهب الاقتصاد العراقي والتمدد اقليمياً بحجج كثيرة واهية.. ولولا فضح المقاومة الإيرانية لتلك الأسرار لما تعاطى النظام العالمي علنيا مع تطورات البرنامج النووي الإيراني، واليوم يُعلنون التصعيد بشأن هذا البرنامج النووي ومخاطره.
الحل الثالث " خيارا لمن صدق" وأفلحوا إن صدقوا
الغرب الذي جعل من أوهام وخيالات أسلحة الدمار الشامل في العراق حقائق وحاصر العراق واحتله ودمره تحت هذه الذرائع والمسميات التي اعترف ببطلانها فيما بعد لا يساوي في النظرة والسياسة المتبعة بين العراق سابقا وبين ملالي إيران.. فمجرد أوهام وخيالات صاغوها دفعتهم إلى القضاء على العراق.. بينما لم يكترث الغرب بالمجازر التي أقامها نظام ولاية الفقيه في إيران والعراق وسوريا.. لم يكترث للإبادة الجماعية بحق 30 ألف سجين سياسي.. لم يكترث بانتهاكات حقوق الإنسان وحرق السجناء داخل السجون وتسميم الأطفال الإناث في المدارس وكل ذلك موثق ومثبت لدى المنظمات الدولية وبعثات الأمم المتحدة.. لكن كل التركيز المُعلن للغرب كان على البرنامج النووي الإيراني وكأن النظام الإيراني ليست لديه خروقات ولا خطايا غيره.. والحقيقة هي أن للغرب مبرره في ذلك لأمرين أولها أن نظام الملالي هو صنيعتهم والثاني هو أن استمرار نظام الملالي في الحكم يخدم مصالحهم ومخططاتهم بالمنطقة.
مفاجأة أخرى من العيار الثقيل للمقاومة الإيرانية تقول للغرب " هل أنتم في ورطة مع نظام الملالي وبرنامجه وسلاحه النووي" وتريدون حلولاً.. إليكم الحل الثالث" الحل الثالث كفاكم مساومة واسترضاء مع الملالي.. واتركوا الحروب فلا طائل منها سوى تدمير الشعب الإيراني والإبقاء على حكم الملالي.. ولا نريد منكم مالا ولا سلاحا ولكن إن صدقتم ادعموا نضال الشعب الإيراني ومقاومته من أجل إسقاط الدكتاتورية وإقامة دولة ديمقراطية غير نووية.. أدرجوا حرس الملالي على قوائم الإرهاب، وادعموا حق وحدات المقاومة في مواجهة القوى القمعية على طريق إسقاط وتغيير النظام.. لكنهم لن يفعلوا، وتدرك المقاومة الإيرانية أنهم لن يفعلوا.. لذا واجهتهم بضغوط الرأي من خلال تظاهرة نظمها عشرات الآلاف وأنصارهم في بروكسل وتظاهرة نيويورك المتزامنة مع انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وطالبت كلتا التظاهرتين التي حضرتهما شخصيات عالمية بارزة بالعمل بمبادئ الحل الثالث الذي طرحته السيدة مريم رجوي زعيمة المقاومة الإيرانية وأيدته شخصيات دولية مرموقة وعشرات البرلمانات حول العالم.. ورفض المتظاهرون الإيرانيون وأنصارهم في نيويورك وجود رئيس جمهورية الملالي في نيويورك بسبب حملات الإعدام القياسية التي قام بها منذ بداية حكمه وكذلك عدم شرعية نظامه الأمر الذي يجعل تمثيله لدولة إيران على منصة الأمم المتحدة تمثيلاً غير شرعي وقد رفض سلفه إبراهيم رئيسي من قبل لتورطه في مجازر إبادة جماعية بشأن سجناء سياسيين لا ذنب لهم سوى أنهم خصوم رأي.
من يرى هذا التصعيد الغربي ضد ملالي إيران بشأن تفعيل آلية الزناد وما رافقه من إثارة يقول انتهى الأمر وسيقضي الغرب على نظام الملالي بعد دقيقتين في حين لا يزال هذا الغرب على مناوراته ودأبه الذي دأب عليه منذ أن أوجد نظام الملالي في إيران، ويرفض أية مساعي ترمي إلى إسقاط نظام الملالي.. ولذلك قامت تظاهرات ومسيرات بروكسل ونيويورك ليس لتواجه نظام الملالي فحسب بل لتواجه أيضاً تيار الاسترضاء والمساومة في النظام العالمي.
د. محمد حسين الموسوي/ كاتب عراقي
#محمد_حسين_الموسوي (هاشتاغ)
Mohammed_Hussein_Al-mosswi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟