أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الرنتيسي يكرس لغة سردية مختلفة في روايته -بقايا رغوة-















المزيد.....

الرنتيسي يكرس لغة سردية مختلفة في روايته -بقايا رغوة-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 23:25
المحور: الادب والفن
    


أتساءل أحيانا عن دواعي كتابة روايات (متشابهة) في أحداثها وشخصياتها، في لغتها وطريقة تقديمها؟ أعتقد، في زمن زحمة النشر وكثرته لا مكان للروائي صاحب الرواية الواحدة، كما أن وجود مجموعة روايات للكاتب نفسه يرسخ فكرة في ذهن القارئ أنه أمام روائي متمرس وله حضوره.
يمكننا إضافة أهمية ما تحمله الرواية من أحداث/ مضمون، وطريقة تقديم تجعل الروائي يقدم على (تكرار) الرواية، فعلى سبيل المثل ما كان "لأحلام مستغانمي" أن تأخذ مكانتها الروائية دون ثلاثيتها" ذاكرة الجسد، عابر سرير، فوضى الحواس" التي تماثلت فيها الأحداث والشخصيات وطريقة التقديم، ولغة السرد، لكن هناك شرط أساسي في الأدب يتمثل في أمتاع القارئ فيما يقدم له، فالعمل الروائي كالأغنية الجميلة، كلما سمعناها أحببناها أكثر، من هنا يمكننا فهم وجود روايات: "شامة بيضاء أسفل العنق، خبايا الرماد، بقايا رغوة"
السرد الروائي
بداية أشير إلى أن هناك لغة سرد روائي جديدة يستخدمها "الرنتيسي" تتمثل في المقاطع القصيرة والسريعة، مما يجعل المتلقي يشعر وكأنه أمام صحفي يريد تقديم (تقريره) بسرعة لعدم وجود الوقت لديه، ووجود أحداث خطرة تلاحقه، لا مجال أمامه للتريث والكتابة على مهل، وما يتبع ذلك من تأمل المكان، والتوقف طويلا عند الشخصيات.
الأحداث ساخنة ومتلاحقة ولا مجال أمامه إلا أن يكون متابعا لكل ما يجري أمامه، هذا ما نجده في "بقايا رغوة: عمان تنتظرك، أنهت مكالمتها المقتضبة كمن يبلغ رسالة مشفرة، أعاد السماعة إلى مكانها، أصغى لحديث رأفت عن نوبة حراسته الأخيرة في مكتب الجابرية، انسحاب العراقيين الليلي من المخفر المقابل، شعوره بالخطر مع مرور سيارات المحتفلين في الشارع الفاصل بين المبنيين، انقطاع الاتصال مع مسؤوليه، إحراقه ما استطاع الوصول إليه من محتويات الأدراج، كنت كجندي هزم في معركة وانسحب قبل وقوعه في الأسر، أنهى روايته بنبره محايدة" ص22، اللافت في هذا المقطع أننا نجد فيه السارد نفسه، السارد الذي يقدم لنا الرواية، فنجده مستعجل، يسرد، يتحدث بسرعة: "المقتضبة، رسالة مشفرة" ونجده مرتبك، مضطرب: "شعوره بالخطر، حيرته، إحراقه ما استطاع الوصول إليه، كنت كجندي هزم" وهذا يتماثل مع طريقة تقديم أحداث الرواية التي جاءت سريعة، وتتنقل في مجموعة أماكن، عمان، دمشق، الكويت، بيروت، وهذا ما يجعل المتن الروائي ملازم/ متماثل/ يعكس طبيعة الأحداث الساخنة والخطرة، وطبيعة الشخصيات التي تريد أن (تحمي نفسها) من الأخطار الحالية والقادمة.
بما أننا تناولنا المكان /المدن فلا بأس من التوقف قليلا عند طريقة تقديم السارد لمدينة نابلس: "تمر في ذهنها شوارع نابلس ونكتة صانع الكنافة الذي يبقي بضاعته البائتة للقادمين من القرى" ص41، نلاحظ أن المكان جاء من خلال الذاكرة/ "ذهنها" وليس من خلال أحداث تجري، وهذا يشير إلى ابتعاد الفلسطيني عن مكانه/ عن مدينته/ عن وطنه، كما يشير المقطع إلى بقاء استمرار حضور المكان في الفلسطيني رغم الهوة التي تفصلهما عن بعضهما.
وإذا ما توقفنا عند الفقرة الأخيرة: "أنهى روايته بصورة محايدة" سنجد هذا الحياد فعله السارد أيضا من خلال طريقة تقديم الرواية التي كان فيها (محايدا) ولم يظهر انحيازه لحدث/ لشخص بعينه، فقدم الأحداث/ المكان/ الشخصيات بحيادية، وتم ذكر كم كبير من الشخصيات الأدبية والسياسية، والمجلات والصحف، وكأنه يدعو القارئ للتعرف عليها مباشرة بعيدا عن رأيه هو.
السرد الجامع
نلاحظ أن السارد يستخدم لفظ "خبايا" بكثرة، حتى أنه كرره خمس مرات وفي صيغ مختلفة: "تقرير كتبه متردد على شقة الخبايا" ص16، و"يصعدون الدرجات، نوافذ شقة الخبايا المضاءة حتى ساعة متأخرة من الليل" ص18، "قبل أن تسأله عن قراءته لأوراق الخبايا" ص35، "ربما استعاره الخبايا من إحدى مكتبات اليساريين الكويتيين" ص62، "بحث الخبايا عن هذه المعلومات" ص65، وهذا مؤشر على وحدة الروايات الثلاث: "شامة بيضاء أسقل العنق، خبايا الرماد، وبقايا رغوة" وعلى القاسم المشترك بينها، إن كان على صعيد الأحداث، أم الشخصيات، أم المكان، وحتى طريقة ولغة السرد.
وإذا ما توقفنا عن معنى "خبايا" والداع لفعل الاختباء، سيقودنا إلى دور المعارض الذي يتجنب المراقبة والملاحقة الأمنية، بمعنى أن فعل الاختباء/ "شقة الخبايا، أوراق الخبايا" كتب الخبايا كلها تشير إلى حالة الاختباء التي مارسها كل من تعامل في السياسة، فالملاحقة تستوجب استخدام "الخبايا" التي تأخذ أكثر من شكل، المكان، الزمن، الأدوات، الشخص نفسه.
عنوان الرواية
في حديث شخصي مع "جهاد الرنتيسي" أشار إلى عدم ضرورة أن يكون عنوان الرواية متعلق/ مرتبط/ يشير إلى الرواية وأحداثها، لكنه في "بقايا رغوة" وفي "خبايا الرماد" كرر ذكر العنوان بكثيرة: "تمرر لسانها بين شفتيها لتزيل ما ظنت أنه بقايا رغوة" ص14، تترك جسدها لخدر سخونة الماء المنساب عليه بغزارة، يعابثه، يسوقه إلى عالم آخر، يخلصه من بقايا الرغوة" ص45، وأرتد الزبد على نعومة الرمال كبقايا رغوة" ص80، تتجنب المشي على بقايا رغوة في الصالون، وتلتقط سماعة الهاتف" ص123، معنى "الرغوة" قريب من معنى الزبد، الذي يذهب/ يزول بعد زمن قصير ولا يترك أثرا، وهذا له علاقة بمن تعاطى السياسة في المنطقة العربية، فرغم حجم العطاء والتضحيات إلا أن النتيجة كانت غالبا (رغوة)، والسارد لا يستخدم "رغوة" بل "بقايا" كإشارة إلى قلة/ ضعف/ صغر الأثر الذي تركه العمل الثوري/ العمل السياسي في المجتمع، في الواقع.
وإذا ما جمعنا بين "خبايا" وما يلازمها من حرص وجهد وتعب واضطراب، وبين النتيجة "رغوة" نصل إلى (عبثية) عدم جدوى العمل/ الفعل، فهل أراد السارد (تثبيط) المتلقي وإعطاءه صورة بائسة عن العمل السياسي/ الثوري، أم أراد تعريفه بالأخطاء السابقة ليتجنبها ولينجح في معارضته في ثورته؟
أعتقد أن الحكم التي نثرها السارد في الرواية تجيب على السؤال : "إدمان الهروب أطال المتاهة" ص29، "غزو الكويت قدم المنطقة للأمريكيين على طبق من الفضة" ص51، "الانضباط شرط النجاح" ص69، هذه الأقوال تختزل تجربة المعارض العربي/ المعارض الفلسطيني، وتعطي القارئ فكرة عما جرى في المنطقة، كما تحذره من التهرب/ الهروب من المواجهة، وإذا علمنا أن المواجهة ليست مقتصرة على العدو فحسب، بل مواجهة الذات/ الحزب/ التنظيم، الحركة والقائمين عليها، نصل إلى تنقية الذات من الانتهازية/ الفساد، لنصل إلى النجاح من خلال الانضباط.
الرواية من منشورات دار البيروني للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2021.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر المنتمي في زمن المحو: قراءة في كتاب -أكتب موتي واقفاً ...
- الفوتوغراف في كتب على مد البصر صالح حمدوني
- التجديد النقدي في كتاب - الإنقاص البلاغي: المفهوم والتطبيق-[ ...
- الاشتعال والانطفاء في سيرة -تحت ظل خيمة- مهند طلال الأخرس
- الصراع الاجتماعي والاحتلال في رواية -شرفة الرمال- منى بشناق
- -أسلاك كهرباء مكشوفة للريح والمطر، دفاتر ليليات- ياسمين كنعا ...
- المثقف
- التألق في مجموعة من تحت الركام كاملة صنوبر
- الأدب المنتمي في -الخيمة في الغابة- باسل عبد العال
- الأدب والمنتمي في -الخيمة في الغابة- باسل عبد العال
- الإيمان في -يا رب الأرباب- أمين الربيع
- الشكل والمضمون في مجموعة -ما وراء الغموض- أحمد دياب
- كتاب -كن جرينا- همام الطوباسي
- المنطقة العربية في رواية اشتباك حسين ياسين
- التخفي في قصيدة -متى تصفو السماء- سامي عوض الله البيتجالي
- رواية توابيت وقبر واحد عمر أبو الهيجاء
- الشكل والمضمون في رواية توابيت وقبر واحد عمر أبو الهيجاء
- لصوت الندي في ميزان النقد: هل يعكس النقد شخصية الناقد؟ فراس ...
- -من غزة إلى الشتات... نقش فلسطيني يجمع أطياف الشعر- تقرير: ف ...
- الحب والحرب في ديوان صهيل السنابل جميل طرايره


المزيد.....




- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الرنتيسي يكرس لغة سردية مختلفة في روايته -بقايا رغوة-