أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من دفتر اليوميات/ محمود شقير45














المزيد.....

من دفتر اليوميات/ محمود شقير45


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 14:36
المحور: الادب والفن
    


الأربعاء 2003-08-06

أقرأ كتاباً عن الأدب الأندلسي، وأشعر باستمتاع وأنا أتابع حياة العرب في غرناطة وقرطبة وإشبيلية قبل قرون عدة. سيكون هذا زاداً للتجربة القصصية التي أتحفز للدخول فيها. أشعر بالأسى لكثرة ما يحدث في هذه القرية من مشكلات وصدامات عائلية. الآن، ثمة مشكلة تتعلق بأولاد أختي بسبب الخلاف الذي نشب بينهم وبين أصهارهم. الأصهار قاموا بالاعتداء على ابن أختي، وألحقوا به إصابات غير قليلة، والمشكلة ما زالت تتفاقم. ونظامنا العشائري عاجز عن إيجاد الحلول الناجعة لمثل هذه الصدامات!

الأحد 2003-08-10

شعرت بارتياح لأنني استطعت أن أجتاز حاجز قلندية بسيارتي. منذ أكثر من سنتين لم تدخل سيارتي رام الله. المحتلون الإسرائيليون يخففون من قيودهم بعض الشيء، لقد حفروا الحواجز في صدورنا ولكننا احتملنا، وسنواصل الاحتمال مع كثير من الألم. حضرت اجتماعاً مفاجئاً في الوزارة بحضور الوزير د. زياد أبو عمرو وعدد من أعضاء مجلس أمناء المسرح الوطني في القدس.
شعرت بامتنان للوزير وهو يتحدث أمام الحضور عن ضرورة المحافظة على وقتي للكتابة، وتجنب إغراقي في العمل الإداري والإجراءات. كان بالغ التهذيب وهو يؤكد على احترامه لدوري باعتباري كاتباً.
صدرت مجموعتي القصصية "صورة شاكيرا" عن المؤسسة العربية في بيروت. كل الشكر لصديقي الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله الذي تابع أمر إصدار هذه المجموعة التي أعتبرها من أهم كتبي. وشكراً لماهر كيالي مدير المؤسسة الذي لم يتوان عن إصدار هذا الكتاب.

الخميس 18 / 9 / 2003
نسهر في بيت الوالد والوالدة بالتناوب. صحة الوالد تتردى، ولا بد من وجود شخص عنده ليلاً، لكي يساعده على النهوض من السرير، وعلى الذهاب إلى الحمام. الوالد يفقد قواه. دب وهن الشيخوخة في جسده. حينما أرى حالته المحزنة، أتمنى أن يأتيني الموت وأنا في حال من القوة والاعتماد على النفس.
سهرت ليلة أمس في بيت الوالد والوالدة. اصطحبت معي رواية "التفكك" للجزائري رشيد بو جدرة. التقيت رشيد بو جدرة قبل سنوات في باريس. كان يوقع على كتبه لقرائه في معرض للكتاب، أقيم على هامش احتفالات صحيفة "اللومانيتيه" في عيدها السنوي. لرشيد بو جدرة أسلوب حداثي ممتع. كتاباته تغوص عميقاً في النفس البشرية.
يصحو الوالد كل خمس عشرة دقيقة تقريباً. يناديني، فأتوقف عن القراءة وأسارع إليه، أشده من يده وأساعده على النهوض. غدة البروستات لا تجعله قادراً على النوم إلا قليلاً، يحاول التبول فلا يتمكن من ذلك إلا بصعوبة، ينام قليلاً ثم يعاود النهوض، وهكذا حتى الصباح.
ومن الصباح حتى المساء، تتولى الوالدة أمر إطعامه وتقديم الخدمة له، ومساعدته على احتمال الألم.

الأحد 21 / 9 / 2003
مات الوالد صباح هذا اليوم. كنت أتأهب للخروج من البيت، حينما جاءت زوجتي لتخبرني أن الوالد في حالة سيئة. ذهبت فوراً إليه. كانت الساعة تقترب من التاسعة. الوالد ممدد في سريره غائب عن الوعي. جلست بالقرب من سريره. ناديته فلم يجب. الوالدة قالت إنه دخل في غيبوبة منذ الصباح الباكر. كان يتنفس بصعوبة، ثم رأيته بعد دقائق وهو يلفظ نفسه الأخير.
أخذناه إلى المقبرة عصراً. كان الطقس حاراً. دفناه في قبر مجاور لقبر أمه بناء على وصيته، وعدنا. بقينا حتى العاشرة ليلاً في بيت أخي محمد، نستقبل المعزين. بعد ذلك ذهبنا إلى بيت الوالدة. عزيناها بوفاة الوالد. كانت تبكي بمرارة. حياتها مع الوالد ظلت رائقة في أغلب الأحيان. طبعاً، لم يكن الأمر يخلو من منغصات. شهدت في طفولتي بعض مشاجراتهما التي كانت تندلع لسبب أو لآخر. كان الوالد حينما يختلف مع الوالدة يسمعها كلاماً قاسياً، تبكي ثم لا تلبث أن تصالحه، ويعود الانسجام بينهما إلى سابق عهده.
وحينما تقدما في العمر، أصبحت لها سطوة واضحة عليه. يكفي أن يظهر العبوس على وجهها، وتأخذ في التذمر من شيء ما، حتى تنتقل العدوى إليه، فيغضب لغضبها وتتوتر أعصابه، وينفذ ما تقترحه عليه. لكنها كانت مخلصة له، ولم تتأخر لحظة عن العناية به، خصوصاً حينما أصابه وهن الشيخوخة في السنتين الأخيرتين.
كان الوالد شخصاً مسالماً. لكنه كان عصبي المزاج. تظهر عصبية مزاجه حينما يستفزه أمر ما. في أيام شبابه كان مختار عشيرة الشقيرات. أخذ هذه المهمة عن جدي. وكان يبدو مترفعاً على الناس، ما أورثه بعض عداوات مع نفر من أقاربه وأهل قريته. حينما تقدم به العمر لم يتأخر يوماً عن مجاملة الناس في أفراحهم وأتراحهم. كنت أذهب معه للقيام بالواجبات الاجتماعية، وكنت أقوده من يده في بعض الأحيان. كان قليل الكلام، وحينما يتكلم فإن قدرته على ترتيب كلامه تبدو واضحة بجلاء.
مات الوالد وهو في الثالثة والتسعين من عمره. ظل حتى لحظة وقوعه في الغيبوبة حاضر الذهن، عف اللسان، لا يشكو من تقصير ذويه بحقه، ولا يتذمر ولا ينحي باللائمة على أحد. استعرضت في ذهني شريط العلاقة الطويلة المتشابكة التي ربطتني به، وشعرت بالأسى والحزن لأنه مات.
يتبع...



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير44
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير42
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير41
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير40
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير39
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير38
- من دفتر اليوميات/محمود شقير37
- من دفتر اليوميات/محمود شقير36
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير35
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير34
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير33
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير32
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير31
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير30
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير29
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير28
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير27
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير26
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير25
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير24


المزيد.....




- برعاية وزارة الثقافة .. بلدية البيرة تنظم معرض -حروف تجوب ال ...
- قصائد تحتفي بأمجد ناصر وتعاين جرح غزة
- -أجمل إيطالية في تونس-... وفاة أيقونة السينما كلوديا كاردينا ...
- -علي بابا- تطلق أكبر نماذجها اللغوية للذكاء الاصطناعي
- -صدى الأبدية-.. رواية تجمع بين الواقع والخيال للتحذير من هيم ...
- الأخلاق في عصر التفاهة.. حين تصبح القيم محض شعارات
- الطيّب صالح: سحر السرد وجرح الغياب
- مو... الفكرة والفعل كما يرويها أحمد خالد
- الشعر المنثور... إسفينٌ في جسد الشعر!
- كيف تحولت أفلام الرعب الأميركية من صرخات مفزعة إلى نقد اجتما ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من دفتر اليوميات/ محمود شقير45