محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 16:01
المحور:
الادب والفن
الجمعة 27 / 4 / 2001
ثلاثة أسابيع مرّت منذ أن عدت من باريس. عدت إلى التوتر العصبي والنكد. كانت أيامي في باريس ممتعة. ارتاحت أعصابي من المشكلات اليومية البائسة التي أصادفها هنا، سواء من الاحتلال الإسرائيلي أم من ذوي القربى وأبناء جلدتي الكرام.
مع ذلك، كان لعودتي من باريس مذاقها الطيب. فرح أحفادي للهدايا التي أحضرتها لهم من هناك، وبالذات الحفيد محمود. اشتريت له طائرة مروحية صغيرة، وقد استمتع بها كثيراً فاستمتعت أنا بسبب ذلك. اشتريت للحفيد بشار مضربين لكرة الريشة، واشتريت لأم خالد وباسمة وأمينة عطوراً.
كتبت قصة ثالثة للأطفال بناء على طلب من الدكتور على الجرباوي عنوانها "طيور على النافذة". أرهقتني كتابتها لأن الوقت الذي منح لي كان قصيراً، ومع ذلك، فأنا أشعر الآن بالرضا عن النفس لأنني أنجزت كتابة ثلاث قصص طويلة نسبياً للأطفال، وسوف تظهر هذه القصص في ثلاثة كتب خلال شهر أيار، كما أنني تقاضيت عنها مبلغاً معقولاً من المال (ألف دولار لكل قصة)، وسوف يطبع من كل كتاب 2000 نسخة يجري توزيعها على مدارس الوكالة في فلسطين، ثم تجري طباعة نسخ أخرى من هذه الكتب كل عام.
هذه الأيام، أقرأ مجموعة من الأعمال الأدبية التي كتبها كتاب شباب وكاتبات شابات، لمسابقة أعلنت عنها مؤسسة عبد المحسن قطان. وقد وافقت على عضوية اللجنة التي ستضم عدداً آخر من الكتاب العرب.
أحاول كتابة رسائل على الكمبيوتر، لكنه يغيظني حينما لا يعمل إلا ببطء شديد.
الأحد 6 / 5 / 2001
حاولت هذه الليلة كتابة رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى الدكتورة رانيا سمارة، الأستاذة في جامعة السوربون بباريس (وهي التي ترجمت عدداً من قصصي إلى اللغة الفرنسية، ونشرتها في مجلة دراسات فلسطينية/ النسخة الفرنسية)، لكنني شعرت بالتعب من الجلوس أمام الكمبيوتر، فلم أكتب الرسالة.
وجدت في بريدي الإلكتروني رسالة من الأستاذة هدى أيوب، تخبرني فيها أن طالباتها وطلابها ما زالوا يتحدثون عني ويسألون عن أخباري. سأكتب لها بعد يومين أو ثلاثة.
هذا اليوم، صدر كتابي الأول من سلسلة الكتب الثلاثة التي كتبتها مؤخراً للأطفال، وعنوانه "تجربة قاسية" ويقع في 44 صفحة من القطع المتوسط. فرحت لصدور الكتاب.
هاتفت الشاعر حسين البرغوثي هذا المساء. هنأته بسلامة العودة من المستشفى في عمان. إنه مريض بالسرطان، وهو كاتب واسع الثقافة دائب النشاط.
مزاجي جيد، وسوف أقرأ ساعة ثم أنام.
الاثنين 7 / 5 / 2001
لم أذهب إلى العمل، لأن الطريق بين القدس ورام الله كثيرة الإزعاج، بسبب حواجز جيش الاحتلال. أحياناً أحتاج إلى ساعتين أو أكثر للوصول إلى مكتبي في وزارة الثقافة.
عملت مدة ثلاث ساعات ونصف في تجريف الإسمنت المتساقط على أرضية بيت ابني أمين، الذي ما زال قيد الإنشاء. كنت أشعر بالحاجة إلى عمل يدوي ينشط جسمي، وقد نفذت ذلك اليوم.
الحفيد محمد سيبلغ العام من عمره المديد بعد أسابيع. كان يبكي في الصباح بسبب تركه وحيداً. سارعت إليه وحملته، فتوقف عن البكاء، تمشيت به في أرجاء البيت، وأريته بعض الصور واللوحات على الجدران، وبعض أشكال الحيوانات المصنوعة من كريستال غير ثمين أحضرناه معنا من براغ التي أقمنا فيها ثلاث سنوات. كان الحفيد يحدق في فضول وانتباه، وأعتقد أنه يشتمل على ذكاء أكيد، وسوف يكون قوياً في المستقبل.
قرأت مجموعتين قصصيتين ضمن مسابقة مركز عبد المحسن قطان للكتاب الشباب، ولم تعجبني أي منهما.
بعد ثلاثة أو أربعة أيام يكون قد مرّ عام على إصابتي للمرة الأولى بجلطة خفيفة في الدماغ. أمضيت عاماً من الحذر والانتباه. تأكدت من أن الجلوس فترة طويلة أمام الكمبيوتر لا يناسب صحتي.
سليمان النجاب الآن في أمريكا. ذهب في رحلة علاج إلى هناك، بعد ثلاثة أشهر من تلقي العلاج الكيمياوي في عمان ضد سرطان الدم الذي يعاني منه منذ فترة وجيزة. كنت أهاتفه كل أسبوع تقريباً للاطمئنان على صحته، وسوف أهاتفه قريباً بعد أن أحصل على رقم هاتفه في أمريكا. سليمان الرفيق الطيب يصارع المرض الآن. تأثرت حينما علمت بإصابته بهذا المرض، وأنا أتمنى له الشفاء.
المزاج جيد. سأحاول القراءة مدة ساعة ثم أنام.
السبت 19 / 5 / 2001
بقيت طوال هذا اليوم في البيت. مساء أمس ذهبت صحبة عدد من أبناء البلد إلى عرس في رام الله (العريس هو إياس عبد الله البياع). أثناء وجودنا في القاعة قصفت طائرة إسرائيلية موقعاً لرجال الأمن الفلسطينيين غير بعيد عن المكان الذي كنا فيه (صالات بدران في أم الشرايط). يوم أمس، سقط 12 شهيداً في الضفة والقطاع بسبب القصف الإسرائيلي الوحشي انتقاماً لعملية نتانيا، حيث فجر شاب من طولكرم ينتمي لحركة حماس نفسه في سوق مكتظ بالناس، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص (عمليات حماس داخل الخط الأخضر ضد المدنيين الإسرائيليين تسهم في توحيد الشارع الإسرائيلي خلف شارون. صحيح أنها تشكل تحدياً لعنجهية شارون، لكنها غير مفهومة، بل مستنكرة لدى أوساط الرأي العام العالمي).
أشعر بالأسى لأنني لم أعد قادراً على القراءة مثلما كان الحال في السابق. لم يعد لدي الجَلَد المطلوب، ثم إنني أنسى ما أتم قراءته بسرعة قياسية. لم يعد دماغي قادراً على اختزان معلومات جديدة!
قبل ثلاثة أيام، علقت عند حاجز قلندية. كان ثمة ازدحام شديد للسيارات بسبب الحاجز. ارتفع ضغطي فجأة بسبب طول المدة التي مكثتها عند الحاجز، وشعرت بارتخاء في يدي اليمنى، ولم يخفف من هذا العارض الصحي، سوى حبة من الفاليوم المهدئ للأعصاب وللضغط.
أعصابي هادئة هذه الليلة، والمزاج عادي، وبعد قليل أقرأ ساعة ثم أنام.
الثلاثاء 29 / 5 / 2001
أشعر هذا المساء بشيء من الأسى وعدم الارتياح. ربما تجمعت هذه الحالة من تفاصيل صغيرة تافهة وقعت أثناء النهار.
عدت إلى إكمال كتاب "نحن والآخرون" لتودوروف. كنت توقفت عن قراءته بسبب انشغالي بكتابة قصص للفتيات والفتيان. كتبت القصص وعددها ثلاث.
أصبح النسيان مشكلة بالنسبة لي. مثلاً، كنت أنوي مهاتفة حسين البرغوثي لكي أهنئه على كتابه "الضوء الأزرق" لكنني نسيت. على أية حال، فوجئت بقدرة حسين البرغوثي على التأمل والتفلسف، وعلى استفادته القصوى مما يقرأ. كتابه يقدم للقارئ متعة فكرية ليست قليلة، علاوة على جرأته في كتابة تفاصيل شخصية عن حياته.
بعد قليل، سأحاول كتابة قصة قصيرة جداً، ثم سأقرأ ساعة في كتاب "نحن والآخرون".
يتبع...
#محمود_شقير (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟