أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - معتصم الصالح - كازينو














المزيد.....

كازينو


معتصم الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 21:26
المحور: كتابات ساخرة
    


مدن الخطيئة… أو المدن التي كذبت وصدّقناها

يطلقون عليها مجازًا "مدن الخطيئة"، رغم أن الخطيئة فيها ليست استثناءً… بل نظام حكم، ودستور حياة.

هي مدن قامت على كذبة، عاشت بها، وازدهرت من خلالها، ولا تزال تُسوّق تلك الكذبة للعالم، حتى صار لها شعار:
"اكذب… تنجُ. إكذب كثيرًا… تُصبِح وجهة سياحية!"

من أشهرها سان فرانسيسكو، ولاس فيغاس، وغيرها من المدن التي قررت أن تبدأ من حيث تنتهي الأخلاق، وتنتهي حيث تبدأ بطاقات الائتمان.

كل شيء بدأ حين ركب المهاجرون الأوائل سفن الحلم من القارة العجوز، هاربين من الفقر والبطاطا المسلوقة، باتجاه العالم الجديد — أمريكا، أرض الميعاد، أو كما يسمّونها في الإعلانات: "حيث تصير أي خيبة حلمًا، لو أحسنت تسويقها!"

استقرّ القوم في الشرق، متمسّكين بالحضارة، والشاي بالحليب. أما الغرب الأمريكي، فبقي صحراءً موحشة، فيها صبارٌ عنيد، وصخور بحجم شاحنات الأمل، وقبائل من السكان الأصليين كانوا يتحدثون لغة لا يفهمها إلا الغبار.

حاولت الحكومة آنذاك أن تقنعهم بالانتقال غربًا...
– "هناك ذهب!"
قالها أحدهم فجأة، وربما بلا قصد، لكن الكلمة انتشرت مثل تغريدة مشهورة، فتهافت الناس، وجاء الآلاف.

الأمريكيون جاؤوا بحثًا عن الثروة،
الصينيون جاؤوا بحثًا عن عمل،
والكل عاد بخيبة أمل مشتركة…
"ما في ذهب؟ ولا حتى شويّة فضة؟!"

ولولا أن أحدهم اقترح فتح كازينو صغير في منتصف العدم، لكان الجميع قد عادوا إلى منازلهم بخفّي الندم.

وهكذا، شيئًا فشيئًا، تحوّلت الكازينوهات إلى مراكز، والمراكز إلى مدن، وولدت "لاس فيغاس" — والتي تعني بالإسبانية "المروج"، رغم أنك لا ترى فيها إلا نيونًا وصداعًا وشخصًا يرتدي زي إلفيس على الرصيف.

نجحت لاس فيغاس، لأن الفكرة لم تكن عن الذهب، بل عن الإيهام به.
نجحت لأنها فهمت باكرًا:
الناس لا يريدون الحقيقة… يريدون الحلم، شرط أن يكون مزوّقًا، ومرفقًا بخدمة الغرف.

لكن لست هنا لأتحدث عن تطوّر المدن، فكل مدينة يمكن أن تتحوّل إلى وجهة سياحية لو أتقنت الكذب بما يكفي، وعرفت من أين تُؤكل "الواجهة الإعلامية".

ما يهمني هو ما قيل في ندوة كنت حاضرًا فيها، عندما تحدّث شاب عراقي خلوق، كريم النفس، عن تطور إقليم كردستان، وتحوله إلى "جنة الله على الأرض" — حسب البروشورات السياحية.

استمعت إليه كأنني لا علاقة لي بالموضوع.
لكن شيئًا ما قاله استوقفني...

قال:

"عليكم التعامل بحذر مع نقاط التفتيش، فبعضهم مبرمج على استفزاز الوافدين بعبارات مُحددة، وأي رد فعل قد يعني حرمانك من الدخول!"

عندها، لم أتمالك نفسي...
رددت عليه بنبرة جادّة (وحادة قليلًا، أعترف):

"وما فائدة كل هذه الفنادق والمولات والمشاريع العملاقة، إن كان الإنسان في داخلها ما يزال مسخًا عديم التهذيب؟
ما قيمة الاقتصاد، إن كان الحارس على البوابة، يعتبر الغريب فرصة سانحة لتفريغ عقده الشخصية؟"

صمت القاعة كان مدويًا.
لكنني أردت أن ألطّف الجو، فقلت ممازحًا:

– "كنتُ أعيش في ضاحية جنوبية بإحدى المدن… أستخدم المترو يوميًا.
في القطار، لا أحد يحدّق فيك، ولا أحد يسألك: من وين؟ ولَـيش؟ وشجابك؟
بل تشعر أنك كائن راقٍ، تُعامَل كأنك قيمة مضافة…
الناس تقرأ روايات، تستمع للموسيقى، وتُطعم القطط في المحطات،
ولا أحد لديه الوقت ليقيس درجة وطنيّتك حسب شكل حذائك."

ثم تنهدتُ وأضفت:

"لهذا أقول... تلك البلاد تستحق أن تُسمّى بلاد السعادة.
أما بلادنا، ففي الغالب… هي بلاد الشيشة والمزز وGambling 🎰 تحت شعار:
اصنع وهمك بنفسك… ولا تنسَ الرشوة في طريقك!"



#معتصم_الصالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خربشات صيف لم ينساب بعيدا
- مزين بغداد
- علاقة غريبة
- متاهة
- فينيرا: الرحيل نحو العالم الحقيقي
- حين يكره العبد حريته
- ترسيم الحدود العراقية-الكويتية: من التخطيط الاستعماري إلى ال ...
- عبث الجهد واليأس من المعنى
- رسالة من المدينة
- عندما أصبح البَسَطَاء هم القادة
- بين السماء والطين
- الملاك والزعيم
- هَمْسُ العُيُونِ
- فيصلُنا... لا فيصلُهم
- رحلة مع الذات
- كان لي من الوقت ما يكفي لأفهمك
- ظلٌّ لا يريد أن يُمحى
- حين تتحدث الصفقات بصوت أعلى من المفاوضات
- أحيانًا...
- حكايتها


المزيد.....




- غزة والجزائر والكاريبي.. فرانز فانون ينبعث سينمائيا في مئويت ...
- غزة والجزائر والكاريبي.. فرانز فانون ينبعث سينمائيا في مئويت ...
- سفير فلسطين في بولندا: نريد ترجمة الاعتراف بدولتنا إلى انسحا ...
- كتاب عن فرنسوا ابو سالم: شخصية محورية في المسرح الفلسطيني
- أمجد ناصر.. طريق الشعر والنثر والسفر
- مؤتمر بالدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافي ...
- الاحتمال صفر
- أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه ...
- النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
- فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - معتصم الصالح - كازينو