معتصم الصالح
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 21:32
المحور:
الادب والفن
لم أُحبَّكِ... كنتُ صبيًّا مغرورًا،
واتّخذتُ من كبرياءِ الشبابِ خليلًا.
اتّخذتُ من الكبرياءِ لي صديقًا،
وعيناكِ الزرقاوان... ماذا عنهما؟
أذكرُ برودي، تصنُّعي، وجفائي،
وتلك الزرقة في عينيكِ... تسكنني قليلًا.
أتذكّر رسالةَ الوداع،
حيث الكلماتُ تتسابقُ في شهقة...
كأنّ طائرًا يخبطُ في شجرِ اليأس،
أو كعصفورةٍ ضلّت نوافذي المقفلة،
تضرب الزجاج، وتبكي بالأنين.
نشوتي بالدور الجميل!
كم تُضحكنا الآن ذواتُنا —
نحنُ فتيانُ الحربِ المدمِّرة،
في معاطفَ رماديّة، تشايلد هارولد المزيّف.
سكرتُ بدورِ بطلٍ زائف، وها نحنُ —
ضحكةُ الأيامِ تُدركنا أخيرًا،
أولادُ حربٍ في معاطفَ باهتة،
إطلاقاتٌ قد تُصيبُ مرة،
ولا تُصيبُ عشرًا، بل مئة،
من ماسورةٍ متهرّئة،
نحملُ حُلم "الناجي الوحيد"،
في طُرقِ الموتِ الوعرة.
جاء بعد ذلك حرٌّ وبرد،
شموسٌ وثلوج،
وصعودٌ وممرات،
صعدتُ الجبال، غابات، وشيئًا اسمه بحر،
شراعٌ ممزّق، والمرسى القديم،
مقهى البحّارة المهجور،
على ضفةِ النهر،
وفنارةٌ لا تهدي التائهين،
لتتقطّع بنا السُّبل.
من أصبح زوجكِ؟
لم يكن لديّ وقتٌ لأعرف،
ولا سبيل.
لم يعُد يُلهبني أو يُؤلمني
تيّارُ رسالتكِ العصبي.
كنتُ مدلّلًا، محظوظًا.
التفتُّ — فإذا بالصيفِ قد انساب بعيدًا،
وحلّ الشتاء وأطبق.
ما مررتُ مرورَ العابرين، بل عِشتكِ،
وفي القلبِ ما عادت القُوى كما كانت.
ولماذا الآن، أصبحتِ الأقرب؟
أغلى من كلّ من أحببتُ بعدكِ، أحيانًا...
ما أصغيتُ لقلبي كما ينبغي،
تركتُكِ على الرفِّ دهرًا،
ومررتُ بكِ مرورًا خفيفًا.
لكنّ عينيكِ — من طفولةٍ بعيدة،
تطلّان عليّ بلمعةٍ نادرة،
كأنّهما نجمٌ ونسيم...
عِشتُ على السطح، عابرًا، منزلقًا.
لكن منذ الصغر،
تحدّقُ في روحي
عيناكِ الزرقاوان المبللتان بالدموع.
#معتصم_الصالح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟