معتصم الصالح
الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 14:34
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
أنا أؤمن بالحب الجسدي — لا ذلك الحب المشروط، ولا الأسطورة التي تلبس ثوب التضحية وتختبئ وراء خطب الفضيلة، بل الحب الذي يضيف إلى ما هو موجود، الذي يأتي بخفة ولا يطالبك بالألم كدليل. الحب الذي لا يسلبك شيئًا باسم النمو، ولا يربط الرعاية بالعذاب. الحب الذي يتراكم فيه الفرح كما تتراكم ألوان الربيع — بلا جهد، بلا تبرير.
أما متاهات الحمقى، فلا أومن بها. تلك الدوائر التي لا تنتهي من الانتظار، والتأويل، والتخمين. جنون أن تنتظر من يلعب لعبة الاختفاء والظهور. أن تنساق في هذا النمط الطفولي: يظهر حين تنسحب، ويختفي حين تقترب. ليس هذا حبًا. بل مشهد متكرر. وعود تُرمى كحبّات قمح في مهب الريح. لا تنبت. لم تُزرع أصلًا.
يقال إن هناك قواعد لهذه اللعبة — إرشادات روحية بلغة شعرية. لكني تعلمت أنها سرقات مغلفة بالقداسة. حكم مستعارة، تحذيرات مكرورة، تتحدث بصوت الجماعة، لا بصوتك أنت. لا تخصك. لا تمسكك من يدك. توبّخ، نعم، لكن من بعيد. من فوق. وكل ما فيها تكرار. والتكرار، في نظري، نوع بطيء من الموت. أن تجلس على نفس المقعد، تشاهد نفس القطار، تشرب من نفس الكأس، تأكل الطعم نفسه حتى تفقد حاسة التذوق.
الحب، كما أراه، يجب أن يكون حيًّا. أن يلقاك كل صباح بشوق جديد، أن يعكس ابتسامتك كمرآة صافية، أن يضحك معك، لا عليك. أن يهزّك بفكرة لم تخطر لك من قبل. أن يفاجئك. أن يوقظك. أن يشبه شلالًا عند الفجر — متجدد، نقي، مندفع نحو الحياة.
لكن... ما الذي حدث؟ الشيء نفسه الذي حدث قبل سبع سنوات. وخمس. وسنة. وأسبوع. وساعة مضت.
تجد نفسك أمام شخص ممتلئ بكل شيء — ممتلئ بالحياة ذاتها، حتى التبلّد. خطواته بطيئة، كأن الزمن أثقلها. يريد أن يستمر في العيش، نعم، لكنه دون شرارة، دون دهشة، دون تفاعل. لا يندهش من اندهاشك. لا يضحك معك. مجرد تمثال خزفي، موضوع وسط الأحياء دون دعوة. أحيانًا يبتسم، بدافع الشفقة، أو اللياقة، أو لأن المجتمع يطلب منه ذلك.
ربما التغيير ممكن. ربما. لكن بعض الناس يتعفنون بصمت، دون أن يشعروا.
#معتصم_الصالح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟