أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - الشامات وليلة الميلاد














المزيد.....

الشامات وليلة الميلاد


حسين سليم
(Hussain Saleem)


الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


" أكتب اسمك يا حبيبي ع الحور العتيق".
تُددنُ في عيد ميلاده. تلبس فستاناً أحمر يلتصق على جسمها الرّشيق، فيبرز تناسق خصرها مع الوركين وصدرها، دون حمالتي كتف، يضغط على نهديها الريّانينِ كتفاحتين، حان وقت قطافهما.
- لكني أريد أن أكتب اسمي هناك.
- أين؟ اتّقدت عيناها.
- على فتحة النهدين، الذراعين، الساقين، الظّهر، العنق، الوجه، الكتف، حيثما تكن هناك شامة أكتب.
القمر يلمعُ على خدّها والنّجوم في السّماء تُضيءُ وجهها وجسمها، فيراها مجموعة من نساء، توزّعت عن ظلال متعدّدة في شرفة البيت المطلّة على الحديقة. ينظر في عينيها الواسعتين بدهشة، كأنه يراهما للوهلة الأولى، تبرقان. قالت مبتسمة وهي ترفع بغنج شلاّل شعرها الأسود بيديها، من جوانب الكتفين إلى أعلى الرأس: أين تريد؟
تعرف هي إنه يهوى الشّامات، ويُثيره منظر القدم والرّكبة. كان فستانها الماروني القصير يبرز ركبتيها وسيقانها الممشوقة. رمت حِذاءها جانباً، وبانت قدميها الجميلتين عاريتنِ بأظافر حمراء، كأنها شموع تمشي في غابة قلبي، كزهرة اللّوتس حمراء تشعُّ، ويمتدُّ لونها فتغدو الأشجار، المصابيح، المنضدة، والكراسي حمراء ممّا تزداد إثارته. ارتشفنا قليلاً من كأسي النبيذ المتجاورين كعاشقين يتحاورانِ على المنضدة، بينهما شمعة حمراء واحدة، عانقا الكأسين: "ميلاد دائم"، "صحة دائمة".
قال: أحبُّ أن أكتب اسمي قرب تلك الشّامة، وأوزع حروفه حولها.
- أيّ شامة؟ قالت متوهّجة.
- تلك التي عند الحافة بين الكتف والرّقبة.
- لماذا؟ وهي تعضُّ على شفتها السفلى.
- ذكرى لجنون عاشق في ميلاده!
- مجنون! أردفت.
- أشتقُّ من تلك الحروف، كلمات لها معنى على بقية الشّامات.
- آه يا رجل، ما هي؟
- سأقول لكِ حينها.
- كيف؟
- عندما أُقبّلُ المعنى أو الكلمة عند الشّامة.
- ولكن لدي شامات كثيرة ظاهرة، يمكن رؤيتها وأخرى مخفيّة لا يراها أحد.
- سأبعثر المعاني فوقها جميعاً.
- ياللهول! ما هذا اللهو حبيبي؟
غمزة في عينه:
- هناك شيء آخر.
ابتسامة إغراء على وجهها المتورّد كأنها حدست مبتغاه:
- لن أظهر شاماتي المخفيّة!
- ولكن؟
- ولكن، ماذا؟ تسألت بتعجب.
- التقبيل يكون بحجم الشّامة، وليس لمرّة واحدة، وعند تقبيل كلّ شامة نرتشف قليلاً من النبيذ. ضحكت ملء قلبها وكأنها لم تضحك منذ زمن بعيد. قالت وعيناها مفتوحتان على سعتهما:
- يا لهول جنونك يارجل؟
قال:
- عدة مرّات!
كانت مندهشة:
- هل أنتَ جاد؟ مرّة واحدة تكفي!
نهض ووقف خلف الكرسي الذي تجلس عليه. انحنى وكتب حروف اسمه"ح، س، ي، ن" على الشّامة الواقعة بين الكتف والرّقبة، فيما أغمضتْ عينيها كأن الرّغبة تيار كهرباء سرتْ في أوصالها. أمسك ذراعها اليسرى الليّنة، كانت هناك ثلاثة شامات ظاهرة، وبدأ يشتقُّ ويكتب من كلّ حرف كلمة لها معنى ودلالة على موقع الشّامة: حركة، يساوي، حريّة، وشرع يقبلهن وعيناه تحدّق بوجهها الناعس وهي تغمض عينيها لبرهة، واستدارا إلى كأسي النّبيذ، تناولا رشفتين، طال التحدّيق بالعيون، وتسارعت الأنفاس، كانت الرّغبة كرز أحمر يملأ المكان، وعلى الذراع الأيسر؛ حبّ، يوازي، حياة / وعلى الجبين؛ حكمة. سقط الفستان من جهة الكتف الأيمن وبرز الصدر الرخامي، كاشفاً عن شامة فوق الثدي قبّلها بعد أن كتب: حظّ حسن/ وأخرى على الظّهر: نجاح/ وشامة على الكتف الأيسر : حقّ/ كان يبعثر الكلمات المشتقة من اسمه، تنسجم مع معنى موقع الشّامة على الجسم، فتناسلت؛ حبّ، حرية، سلام، يوم، نهر، نبيذ، ناجحة، حكمة، حكيمة، نصر ، سعيد، حر ..
تورّدَ محيّاها، بشفتين رطبتين، بريق من عينيها يشعّ يخترق قلبه ومسامات جسمه. الساقان ملساوتان، مصقولتان تلمعان في خفوت الضوء الأحمر الذي يناغم فستانها. كانت أصابع يده تمرّ على الذراع، الكتف، الظهر، حتىّ الأسفل مع ازدياد تقبيل الشّامات. امتدّت الإثارة في أنحاء جسمها فتلاقت الشّفاه. كانت حُمّى الرّغبة والاهتياج في أوجها. ضغط إحدى ركبتيها بين ركبتيه، اشتعلت الأجساد بالنيران، تدعك وتعتصر، والأيادي لا تستقر، والنبيذ يزيد الاشتعال، حتّى تعرّيا وظهرت الشّامات المخفيّة. جلست في حضنه وجهاً لوجه، وقالت: ألا تختم الكلمات! كان يكتب بلسانه على الشّامات المخفيّة: حبيبٌ ساهدٌ، يُمنُ نبيذٍ..



#حسين_سليم (هاشتاغ)       Hussain_Saleem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 26
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 24
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 25
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 23
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 22
- نصوص من ليل طويل
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 21
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 20
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 19
- قرأت كتاباً: العراقي الذي غلبَ إبليس
- العنصرية والصحة العامة
- قرأت كتاباً: البدوقراطية
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 18
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 17
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 16
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 15
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 14
- ندى يأتي ويذهب *
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 13
- حكايات شعبية من مدينة يثرب 12


المزيد.....




- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - الشامات وليلة الميلاد