|
مسرحية -جعجعة كابريه-
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 21:36
المحور:
الادب والفن
مقدمة نقدية :
تأتي مسرحية "جعجعة كابريه" كصرخة أدبية وسط أنقاض الواقع اللبناني، حيث يتداخل الفن المسرحي مع الواقع السياسي والاجتماعي في نسيج معقد يحمل في طياته نقدًا لاذعًا للفساد والخيانة ، تكشف عن صفقات مشبوهة وصالات قمار تحولت إلى رموز للاستلاب الوطني. حيث الأدب مرآة للواقع وأداة للتغيير، تأتي هذه المقدمة لتشرح المسرحية في سياقها الأدبي والتاريخي، متتبعةً جذورها في الواقع اللبناني المعاصر ومستعيدةً إرث الأدب العالمي . إن هذه المسرحية ليست مجرد عمل فني، بل هي محاكمة رمزية لنظام سياسي واقتصادي تحول إلى كازينو يراهن فيه على أحلام الشعب ومستقبله. من خلال أسلوب نقدي راقٍ ومعمق، تستعرض هذه المقدمة المسرحية كعمل أدبي يجمع بين السخرية اللاذعة والمأساة الإنسانية، متخذًا من صالة القمار رمزًا للانهيار الأخلاقي والوطني.
تستند المسرحية إلى مادة صحفية لي كشفت عن صفقات مشبوهة بين شخصيات سياسية لبنانية وجهات أجنبية، حيث تحولت صالات القمار إلى مراكز لتبييض الأموال وتجارة الأراضي، فيما الشعب اللبناني يغرق في الفقر والظلام. هذه المادة الصحفية، التي تناولت الفساد المستشري في أروقة السلطة، ليست مجرد وثيقة إخبارية، بل هي وثيقة أدبية بامتياز، حيث تتحول الحقائق الجافة إلى مادة درامية غنية بالرموز والدلالات. في "جعجعة كابريه"، يتجسد هذا الفساد في شخصية جعجعو كابريه، الزعيم السياسي الذي يرتدي قناع الدين والوطنية ليخفي خيانته. إن اختيار صالة القمار كمسرح رئيسي للأحداث ليس اعتباطيًا، بل هو تعبير رمزي عن لبنان المعاصر، حيث تتحول الأرض والسيادة إلى رهانات في لعبة قمار خاسرة. هذا الاختيار يذكرنا برؤية تصنف الأدب كوسيلة لكشف التناقضات الاجتماعية والسياسية، حيث يصبح الفن مرآة تعكس قبح الواقع وجماله في آن واحد.
جعجعو كابريه، بطل المسرحية الرئيسي، هو شخصية معقدة بامتياز، ممزقة بين طموحه الجامح ووعيه المؤلم بخيانته. في لحظات انفراده، يكشف جعجعو عن صراعه الداخلي، حيث يبرر أفعاله بـ"الضرورة"، متذرعًا بأن العالم يعمل بالدولار وليس بالمبادئ. هذه الرؤية تجعله أقرب إلى شخصيات روايات ديستويفسكي مثل راسكولنيكوف، الذي يحاول تبرير جريمته بفلسفة زائفة. لكن المسرحية تضيف إلى هذه الشخصية بُعدًا كوميديًا ، حيث يظهر جعجعو كمهرج يحاول الحفاظ على هيبته وسط أنقاض كازينوه. صليبه البلاستيكي، الذي يتأرجح حول عنقه، هو رمز ساخر للدين المزيف الذي يستخدمه لتبرير فساده. في هذا السياق، يمكن قراءة جعجعو كرمز للنخبة السياسية التي تستغل الدين والوطنية لتحقيق مصالحها الشخصية، وهي رؤية نقدية تعتبر ان الأدب الحقيقي يجب أن يكشف هذه الأقنعة.
في المقابل، تقدم المسرحية شخصيات المقاومة – حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر – كأبطال يحملون روح غسان كنفاني، حيث يرون في كل لبناني مظلوم صورة لفلسطين المحتلة. حسن، الشيوعي الحالم، هو تجسيد للإيمان بالعدالة والأرض، يحمل في قلبه رؤية ثورية تجمع بين الواقعية والأمل. بثينة، من ناحية أخرى، تمثل قوة المرأة المقاومة، التي تتحدى الصور النمطية وتثبت أن النضال لا يعرف جنسًا. فايز وفؤاد وعبد القادر يضيفون لمسات كوميدية ، حيث يستخدمون السخرية كسلاح لمواجهة الفساد. هذه الشخصيات، في تنوعها، تعكس ضرورة أن يعكس الأدب تنوع المجتمع وصراعاته، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو نفسية.
المشهد الرئيسي في المسرحية، صالة القمار، هو رمز قوي للفساد المستشري. تفاصيل المشهد، بأضواء النيون التي تتحول إلى لون دموي عندما يتحدث جعجعو عن السيادة، والزبائن الذين يبدون كأشباح في ضوء الشموع البلاستيكية، تضفي طابعًا واقعيا سحريًا. هذه التفاصيل ليست مجرد زخرفة بصرية، بل هي تعبير رمزي عن الواقع اللبناني، حيث يتحول الفساد إلى طقس يومي يمارسه النخبة بينما الشعب يغرق في الظلام. الحركة على المسرح ديناميكية، مع تبادل سريع للحوارات بنبرة متقشفة، حيث تكون كل كلمة مشحونة بالمعنى. هذه السرعة تعكس التوتر المتصاعد بين المقاومين وجعجعو، حيث يحاول الأخير الحفاظ على سلطته بينما يبدأ الشعب بالاستيقاظ.
الصراع في المسرحية يبلغ ذروته في لحظات كوميدية سوداء، خاصة من خلال شخصية أمينو، المساعد الذي يحاول إثبات ولائه لجعجعو بطرق مضحكة ومحرجة. سقوط أمينو المتكرر، سواء في كلماته أو حركاته، هو استعارة لسقوط النظام الذي يخدمه. هذه اللحظات الكوميدية، تضفي على المسرحية بُعدًا إنسانيًا، حيث يصبح الفساد ليس فقط مأساة، بل أيضًا مادة للسخرية. المشهد الختامي، حيث يبدأ الشعب بالتجمع خارج الكازينو، يهتفون "جعجعة بلا طحين"، يحمل إحساسًا قويًا بالأمل. هذا الهتاف ليس مجرد شعار، بل هو تعبير عن استيقاظ الشعب، وهو ما يمثل وظيفة الأدب العربي: صوت الشعب الذي يرفض الخضوع.
إن "جعجعة كابريه" ليست مجرد مسرحية، بل هي نص نقدي يحاكم الواقع من خلال الفن. مستوحاة من مادة صحفية كشفت عن الفساد، تحولت هذه الحقائق إلى رؤية أدبية تجمع بين السخرية والمأساة، تقترب من أفضل ابداعات الأدب العالمي. جعجعو كابريه هو رمز للنخبة الفاسدة، بينما المقاومون هم صوت الشعب الذي يرفض الاستسلام. يمكن قراءة هذه المسرحية كدعوة للتأمل في واقعنا، وليس فقط كعمل فني يسلي. إنها دعوة للثورة، ليس فقط ضد جعجعو، بل ضد كل جعجعة تطحن أحلام الشعب بدلاً من الطحين.
…………….
الفصل الأول: مدخل إلى كانتون جعجعو
المشهد: صالة قمار فاخرة تقع في قلب لبنان المظلم، حيث تخترق أضواء النيون الوامضة ظلام الليل الدامس. الجدران مغطاة بستائر مخملية حمراء، تتدلى منها أطراف ممزقة تكشف عن إهمال مقصود، كما لو أن الفخامة هنا مجرد قناع رقيق. في الوسط، طاولة بوكر ضخمة يتربع خلفها جعجعو كابريه، رجل في منتصف العمر، يرتدي بدلة سوداء لامعة تبدو وكأنها صنعت خصيصًا لتضخيم هيبته المزيفة. وجهه مزيج من الثقة المفرطة والقلق المكبوت، وعيناه تلمعان بنظرة الجشع التي تخفي خوفًا عميقًا من السقوط. حوله، زبائن أجانب يجلسون بوقاحة مريحة: مايكل، أمريكي ببدلة رمادية ونظارات شمسية يضعها على رأسه رغم الإضاءة الخافتة؛ شلومو، صهيوني يرتدي قميصًا أبيض مفتوح الصدر يكشف عن سلسلة ذهبية ثقيلة؛ ونوافو، خليجي متبجح يرتدي دشداشة مرصعة بالماس، يعبث بسبحته بلا مبالاة. في زاوية المسرح، يقف حسن، شيوعي تقدمي من جنوب لبنان، يرتدي جاكيتًا بسيطًا ويحمل دفترًا صغيرًا يكتب فيه ملاحظاته بنظرة غاضبة ومتأملة. الجو مشحون بروائح العطور الرخيصة، الدخان الكثيف، وضحكات زائفة تملأ الفضاء. موسيقى صاخبة تعزف لحنًا شرقيًا مشوهًا، كأنها تسخر من تاريخ البلاد.
الحوار يبدأ بصوت جعجعو، الذي يقف في منتصف المسرح، يلوح بيديه كقائد أوركسترا، وصوته يحمل نبرة مسرحية مبالغ فيها.
جعجعو: (بابتسامة عريضة) مرحبًا، مرحبًا، أيها السادة الأفاضل، إلى كانتون جعجعو، حيث السيادة لمن يدفع أكثر! (يضحك بصوت عالٍ، يدوي في الصالة) هنا، في قلب لبنان الحبيب، نصنع التاريخ... تاريخ الدولار، تاريخ الليل، تاريخ المتعة! (يرفع كأسًا في الهواء) إلى أسيادنا، إلى السيادة الحقيقية!
مايكل: (يحتسي كأس ويسكي ويضحك) يا جعجعو، أنت رجلنا! دائمًا تعرف كيف تجعلنا نشعر بالراحة. لكن، قل لي، كيف حال الشعب اللبناني؟ (يرمق شلومو بنظرة متآمرة)
جعجعو: (بسخرية مريرة) الشعب؟ آه، الشعب يعيش في جنة الظلام! يأكلون الشموع، يشربون الأحلام، ويحلمون بيوم يرون فيه الكهرباء! (يضحك مع شلومو ونوافو، الذين يقهقهون بصوت عالٍ)
شلومو: (يميل إلى الأمام، يعبث بأوراق البوكر) رائع، جعجعو! هذا هو الاستقرار الذي نحبه. شعب جائع لا يثور، وكازينو مضاء يجلب المال. (يرمي رقاقة قمار على الطاولة) ضاعف الرهان، يا رجل!
نوافو: (بنبرة متعجرفة) أحسنت، يا جعجعو! لكن لا تنسَ، نحن نريد المزيد من... (يغمز) الخدمات الخاصة. زبائننا في الخليج يحبون التنوع، أتعلم؟ (يضحك ويرمي حفنة دولارات على الطاولة)
في الزاوية، حسن يراقب المشهد بنظرة نارية. يمسك قلمه بقوة، يكتب ملاحظاته بنبرة داخلية معقدة وموغلة في ادغال شخصيته ، كأنه يحلل أعماق النفس البشرية.
حسن: (لنفسه، بنبرة عميقة) هذا الرجل، جعجعو، ليس مجرد خائن. إنه تجسيد للفراغ الأخلاقي، رجل يبيع روحه ويظن أنه يبيع وطنًا. يرتدي قناع الدين، لكنه قواد الغزاة، خادم الصهاينة والأمريكان. (يرفع عينيه إلى السقف) لكن المقاومة لن تسكت. لن نسمح له بتحويل لبنان إلى ماخور عالمي.
يدخل أمينو، مساعد جعجعو، رجل نحيف ذو عينين زائغتين وابتسامة زيتية. يحمل حقيبة جلدية سوداء، يفتحها بحذر ويكشف عن رزم من الدولارات ملفوفة بعناية. يضع الحقيبة أمام جعجعو، وينحني كما لو كان يقدم قربانًا.
أمينو: (بصوت منخفض) سيدي جعجعو، الصفقة تمت. الأسياد راضون. (يهمس) السعوديون والقطريون يرسلون تحياتهم. صالة الدعارة الجديدة ستفتتح الأسبوع القادم، بتمويل كامل من الخليج.
جعجعو: (يفرك يديه بحماس) ممتاز، أمينو! هذا هو الحلم السنغافوري! (يضحك) سنغافورة؟ لا، لا، نحن أفضل! سنحول لبنان إلى جنة القمار والمتعة، ودع الشعب يبكي على الكهرباء! (يرفع كأسه مرة أخرى) إلى السيادة!
مايكل: (بسخرية) سيادة؟ هذا ما أحبه فيك، جعجعو. تتحدث عن السيادة وأنت تفتح الأبواب لنا. (يرفع كأسه) إلى لبنان، المزرعة الجديدة!
شلومو: (يضيف بنبرة ساخرة) وإلى تل أبيب، التي تحمي استثماراتنا! (يضحك بصوت عالٍ)
حسن، الذي يراقب من بعيد، يشعر بغضب يتصاعد في صدره. يقترب من الطاولة متظاهرًا بأنه زبون، يحمل كأسًا فارغًا ويبتسم ابتسامة زائفة. يقترب من نوافو، متظاهرًا بالاهتمام بلعبة البوكر.
حسن: (ببرود مصطنع) سيد نوافو، سمعت أن هذا الكازينو هو قلب الاقتصاد اللبناني الجديد. هل هذا صحيح؟
نوافو: (يضحك بصوت عالٍ) بالطبع، يا صديقي! القمار، الدعارة، هذه هي العملة الصعبة! (يرمي رقاقة إلى حسن) جرب حظك، ربما تصبح غنيًا!
حسن: (يأخذ الرقاقة ويبتسم بسخرية) غني؟ أفضل أن أكون فقيرًا في بلد حر على أن أكون غنيًا في ماخور. (يرمي الرقاقة على الطاولة ويبتعد)
جعجعو، الذي سمع تعليق حسن، يرمقه بنظرة حادة، لكنه يتجاهله ويواصل حديثه مع الزبائن. الموسيقى ترتفع، والمشهد يتحول إلى رقصة كوميدية سوداء مستوحاة من غوغول: جعجعو يرقص كمهرج، يوزع وعودًا فارغة بينما يرمي النقود في الهواء. الزبائن يصفقون، والحراس يحيطون بالمكان كأنهم جنود في مسرحية هزلية.
يدخل فايز، مقاوم شاب من جنوب لبنان، يرتدي قبعة تغطي عينيه جزئيًا. يقترب من حسن ويهمس له.
فايز: (بهدوء) حسن، لقد تأكدت. الوثائق التي تثبت صفقات جعجعو مع الصهاينة موجودة في مكتبه بالطابق العلوي. بثينة وفؤاد وعبد القادر جاهزون للتحرك.
حسن: (ينظر إلى جعجعو) هذا الرجل يظن أن الشعب أعمى. لن نتركه يحول لبنان إلى كازينو للغزاة. (يضع يده على كتف فايز) الليلة نبدأ.
المشهد يتحول إلى زاوية أخرى من الصالة، حيث تدخل بثينة، مقاومة شابة ذات عينين ناريتين. ترتدي عباءة سوداء تخفي هويتها، وتقترب من طاولة القمار متظاهرة بأنها خادمة تحمل صينية مشروبات. تنزلق بمهارة بين الزبائن، تلتقط أحاديثهم بنظرات حادة.
بثينة: (لنفسها، بنبرة تشيخوفية) هؤلاء الرجال يتحدثون عن السيادة، لكنهم يبيعون أرضنا. كل كلمة منهم خنجر في قلب لبنان. (تلتقط ورقة ملقاة بجانب أمينو، تحتوي على أسماء زبائن أجانب)
أمينو، الذي يراقب الجميع بعينيه الزائغتين، يلاحظ حركة بثينة. يقترب منها بحذر، محاولًا إظهار سلطته.
أمينو: (بصوت حاد) ماذا تفعلين هنا؟ المشروبات تُقدم بسرعة، لا مكان للتسكع!
بثينة: (بهدوء، مع ابتسامة ساخرة) أوه، سيد أمينو، أنا فقط أخدم الأسياد. (تضع الصينية أمامه وتبتعد بسرعة)
أمينو يرمقها بنظرة شك، لكنه يشتت انتباهه عندما يناديه جعجعو. الموسيقى ترتفع مجددًا، والمشهد يتحول إلى لوحة ساخرة: جعجعو يقف على طاولة القمار، يلقي خطابًا مزيفًا عن "السيادة الوطنية" بينما الزبائن يرمون النقود ويضحكون. المشهد يحمل طابع أورويل: الكلمات الكبيرة تخفي الحقيقة القبيحة.
جعجعو: (بصوت مسرحي) أيها الشعب اللبناني العظيم! نحن هنا لحمايتكم! السيادة لنا، لكن الأسياد أولى! (يضحك، والزبائن يصفقون)
في هذه اللحظة، يقرر حسن التحرك. يتسلل إلى الطابق العلوي مع فايز وبثينة، بينما يبقى فؤاد وعبد القادر في الأسفل لصرف انتباه الحراس. المشهد يتحول إلى لعبة قط وفأر: الحراس يطاردون فؤاد، الذي يركض بين الطاولات، يقلب الكؤوس عمدًا ليسبب فوضى. عبد القادر يتظاهر بأنه زبون مخمور، يغني أغنية شعبية لبنانية بصوت عالٍ، مما يثير ضحك الزبائن ويصرف انتباه الحراس.
فؤاد: (يصرخ وهو يركض) يا سادة، الكازينو يحترق! انقذوا أموالكم! (يضحك ويقلب طاولة صغيرة)
عبد القادر: (يغني) يا دارة دوري فينا، يا لبنان يا جنة! (يغمز لفؤاد، الذي يهرب من الحراس)
في الطابق العلوي، حسن وبثينة يقتحمان مكتب جعجعو. الغرفة فوضوية، مليئة بصور جعجعو مع قادة غربيين وخليجيين، ومكتب خشبي ضخم يعلوها مجسم لصليب ذهبي. حسن يفتش الأدراج بسرعة، بينما بثينة تقف عند الباب تراقب.
حسن: (وهو يفتش) هنا يجب أن تكون الوثائق. صفقاته مع الصهاينة، تمويله من الخليج... كل شيء هنا. (يجد مجلدًا أسودًا) وجدتها!
بثينة: (بهدوء) اسرع، حسن. الحراس قد يعودون في أي لحظة.
حسن يفتح المجلد، ويبدأ بقراءة الوثائق بنبرة ، كأنه يكتشف أعماق الشر البشري.
حسن: (لنفسه) عقود لبيع الأراضي للصهاينة... اتفاقيات لفتح صالات دعارة بتمويل خليجي... هذا الرجل ليس خائنًا فحسب، إنه شيطان يرتدي قناع القديس.
فجأة، يسمعون أصوات خطوات تقترب. بثينة تسحب حسن إلى خزانة ملابس، حيث يختبئان. يدخل أمينو مع حارس، يتفقدان المكتب.
أمينو: (بغضب) أشعر أن هناك شيئًا مريبًا. تلك الفتاة، وذلك الشاب الذي تحدث مع نوافو... هم ليسوا من زبائننا.
الحارس: (ببلاهة) ربما مجرد فضوليين، سيدي. الكازينو يجذب الجميع.
أمينو: (يصرخ) لا أريد فضوليين! ابحثوا عنهم! إذا وصلت الوثائق إلى أيدي المقاومة، سنخسر كل شيء!
يخرج أمينو والحارس، وحسن وبثينة يخرجان من الخزانة. يأخذان الوثائق ويهربان عبر نافذة خلفية. المشهد يتحول إلى الشارع خارج الكازينو، حيث يلتقي حسن وبثينة بفايز وفؤاد وعبد القادر.
فايز: (يلهث) لقد أحدثنا فوضى رائعة هناك! الحراس يبحثون عن "الزبون المخمور"!
عبد القادر: (يضحك) وأنا أعطيتهم أداءً لا يُنسى! لكن، هل حصلتم على الوثائق؟
حسن: (يرفع المجلد) هنا دليل خيانتهم. الآن، يجب أن ننشر هذا للشعب.
بثينة: (بقوة) سنذهب إلى الإذاعة. دع الشعب يسمع الحقيقة. جعجعو يظن أن جعجعته ستصم الجميع، لكن صوت المقاومة أقوى.
المشهد ينتهي بصورة رمزية: حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يسيرون في الشارع المظلم، يحملون الوثائق كشعلة أمل. في الخلفية، صوت جعجعو يتردد من الكازينو، يغني أغنية ساخرة: "يا سيادة الدولار، يا سيادة القمار!"، بينما أضواء النيون تتلاشى تدريجيًا في الظلام.
صالة القمار
المشهد: صالة القمار في قلب بيروت، مضاءة بأضواء نيون مبهرجة تومض كأنها على وشك الاحتراق، تعكس زيف الرفاهية التي يروج لها جعجعو كابريه. الجدران مغطاة بمخمل أحمر مزيف، متسخ في الزوايا، مزين بلوحات زيتية رديئة تصور مشاهد من فيغاس ودبي، لكن الإطارات متصدعة، كأنها تعكس هشاشة أحلام جعجعو. طاولات البوكر والروليت تملأ الفضاء، محاطة بزبائن يرتدون ملابس فاخرة لكنها تبدو كأزياء مسرحية رخيصة. جعجعو يتجول بين الطاولات كمدير سيرك، يرتدي بدلة حمراء لامعة مع صليب ذهبي بلاستيكي يتأرجح حول عنقه، يوزع الابتسامات والوعود كبائع متجول. نوافو، الخليجي المتعجرف، يجلس على طاولة البوكر، يعبث بسبحته المرصعة ويرمي النقود بلا مبالاة. شلومو، الصهيوني ذو القميص المفتوح، يلعب بتركيز متظاهر، يلتقط صور سيلفي بين الجولات. أمينو، المساعد الزيتي، يدير طاولة الروليت بنظرة متوترة، يحاول إرضاء الزبائن لكنه يتعثر في كل خطوة. في الزاوية، حسن وبثينة يتسللان متخفيين كزبائن، يراقبان المشهد بنظرات حادة. فايز وفؤاد وعبد القادر ينتظرون في الخارج، يخططون لتحركاتهم القادمة. الموسيقى الخلفية عبارة عن مزيج غريب من أناشيد دينية مشوهة وإيقاعات ديسكو، تضيف طابعًا ساخرًا. رائحة العطور الرخيصة تمتزج بدخان السجائر والويسكي المسكوب، مما يخلق جوًا مشحونًا بالفساد المقنع.
جعجعو يواصل تجواله بين الطاولات، يتحدث بنبرة مسرحية مبالغ فيها، مستوحاة من كوميديا غوغول، محاولاً إخفاء قلقه الداخلي وراء قناع الثقة.
جعجعو: (يقف على طاولة مرتفعة، يرفع كأسًا فارغًا) أيها السادة، أيتها السيدات، مرحبًا بكم في جنة لبنان الجديدة! (يلوح بصليبه البلاستيكي كسيف) هنا، في كانتون جعجعو، لا حاجة للكهرباء أو الماء، لأن لدينا الدولار! (يضحك بنبرة مبالغ فيها، لكنه يتعثر في حافة الطاولة، فيسقط الكأس من يده) اللعنة على هذه الطاولات الرخيصة! (يضحك بحرج، يحاول استعادة رباطة جأشه)
نوافو: (يقهقه، يرمي حفنة دولارات على الطاولة) يا جعجعو، أنت كوميدي بلا منازع! (يغمز) لكن، قل لي، ماذا عن الشعب؟ سمعت أنهم يتذمرون في الشوارع. (يضحك) ألا تخاف من هؤلاء الفلاحين؟
جعجعو: (يبتسم بثقة زائفة، بنبرة أورويلية) الشعب؟ يا سيدي، الشعب مثل الأغنام في مزرعتي! (يقلد صوت مذيع) "صوتوا لجعجعو، وسيأتي النور!" (يضحك حتى يكاد يسقط مرة أخرى) أعطهم وعودًا، أعطهم خطابات، وسينامون جوعى وهم يحلمون بسنغافورة!
شلومو: (يرفع هاتفه، يلتقط صورة سيلفي) جعجعو، أنت عبقري! (يغمز) تل أبيب تحب رجالاً مثلك: يبيعون كل شيء ويبتسمون! (يضحك) لكن احذر، سمعت أن شابًا يدعى حسن يثير المتاعب في الجنوب.
جعجعو: (يصبح جادًا للحظة، ثم يعود إلى نبرته الساخرة) حسن؟ ذلك الشيوعي الحالم؟ (يقلد حركة كتابة في الهواء) يكتب شعارات عن العدالة، عن الأرض! (يضحك ) لكنه سيغرق في جعجعتي! (يبدأ بالغناء بنبرة كوميدية) "جعجعة، جعجعة، لا طحين ولا ماء، جعجعة، جعجعة، الدولار هو الدواء!"
أمينو، الذي يدير طاولة الروليت، يحاول إظهار سلطته، لكنه يبدو كشخصية مضحكة، يتعثر في كلماته وحركاته، مما يثير ضحك الزبائن.
أمينو: (يصرخ على زبون) ارفع رهانك، يا رجل! هذا كازينو جعجعو، لا مكان للبخلاء! (يتعثر في كرسي، يسقط على الأرض، مما يثير ضحك الزبائن) أقصد، العب بجدية! (يحاول الوقوف، لكنه يسقط مرة أخرى، فيصرخ) ظهري! لقد كسرت ظهري من أجل السيادة!
حسن، الذي يتظاهر بأنه زبون، يقترب من طاولة نوافو، يحمل كأسًا فارغًا ويبتسم ابتسامة زائفة .
حسن: (بنبرة هادئة) سيد نوافو، سمعت أن هذا الكازينو هو قلب الاقتصاد اللبناني. (يغمز بسخرية) هل هذا صحيح؟
نوافو: (يضحك، يرمي رقاقة قمار إلى حسن) بالطبع، يا صديقي! القمار، الدعارة، هذه هي العملة الصعبة! (يغمز) انضم إلينا، جرب حظك، ربما تصبح غنيًا!
حسن: (يأخذ الرقاقة، يبتسم بسخرية) غني؟ أفضل أن أكون فقيرًا في بلد حر على أن أكون غنيًا في ماخور. (يرمي الرقاقة على الطاولة، يبتعد ببطء)
بثينة، التي تراقب من زاوية أخرى، تلتقط نظرة حسن، تتظاهر بأنها تلعب على طاولة الروليت، لكنها تلتقط محادثات الزبائن. عيناها تلمعان بروح المقاومة، مستوحاة من كنفاني، لكنها تضيف لمسة كوميدية لإخفاء توترها.
بثينة: (لنفسها، بنبرة هامسة) هؤلاء الخونة يبيعون لبنان كما يبيعون رقاقات القمار. (تقلد صوت جعجعو بنبرة ساخرة) "السيادة للبيع، دولار واحد فقط!" (تضحك بهدوء، تلتقط ورقة سقطت من حقيبة شلومو، تحتوي على قائمة بأسماء زبائن أجانب)
في الخارج، فايز وفؤاد وعبد القادر يجتمعون في زقاق مظلم، يخططون للخطوة التالية. الحوار يتحول إلى نبرة سريعة وديناميكية، مع لمسات كوميدية .
فايز: (يضحك، ينحت صليبًا خشبيًا صغيرًا) انظروا، صنعت نسخة طبق الأصل من صليب جعجعو! (يقلده) "أنا حامي المسيحية، لكن الدولار إلهي!" (يلوح بالصليب كسيف، يتعثر في حجر، يكاد يسقط)
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، لا طحين ولا ماء! (يضحك) يا فايز، لو كان جعجعو بهذا الخرق، لكان سقط منذ سنوات! (يغمز) لكن حسن وبثينة سيجلبان الوثائق، وسنوقظ الشعب!
عبد القادر: (بنبرة جادة) لا تستهينوا بهم. (يشير إلى الكازينو) جعجعو ليس وحده، لديه دعم من الغرب والخليج. (يبتسم فجأة) لكن انظروا إلى أمينو، يتعثر في كل خطوة!
داخل الصالة، يدخل جعجعو إلى غرفة خلفية صغيرة، يجلس بمفرده للحظة، يتحدث إلى نفسه بنبرة معقدة، يكشف عن وعيه بخيانته لكنه يبررها بـ"الضرورة".
جعجعو: (يهمس لنفسه) هل أنا خائن؟ (يضحك بنبرة يائسة) لا، أنا رجل عملي! (ينظر إلى صليبه البلاستيكي) الشعب يريد الكهرباء؟ الماء؟ (يضحك) أعطيهم القمار، أعطيهم الأحلام! (يصرخ فجأة) الدولار هو الحل، الدولار هو السيادة! (يبكي ) لكن لماذا أشعر بأنني أغرق؟
المشهد يتحول إلى لوحة واقعية سحرية: أضواء النيون تتحول إلى لون دموي عندما يتحدث جعجعو عن السيادة، والزبائن يبدون كأشباح في ضوء الشموع البلاستيكية التي تومض بشكل عشوائي. التوتر يتصاعد عندما يلاحظ أمينو حسن وبثينة، يقترب منهما بنبرة متوترة.
أمينو: (يهس لجعجعو) سيدي، هناك شابان غريبان. (يشير إلى حسن وبثينة) يبدوان كأنهما يراقبان كل شيء. (يتعثر في كرسي، يسقط بطريقة مضحكة) أقصد، ربما هم من المقاومة!
جعجعو: (يضحك بنبرة متعجرفة) المقاومة؟ يا أمينو، أنت تشاهد الكثير من الأفلام! (يقلد صوت حسن) "عدالة، أرض، شعب!" (يضحك) دع الشيوعيين يحلمون، نحن نملك الدولار! (يبدأ برقصة مضحكة، يلوح بالصليب، لكنه يتعثر ويسقط على طاولة الروليت، مما يثير ضحك الزبائن)
حسن وبثينة يتبادلان النظرات، يتسللان إلى الخارج للقاء فايز وفؤاد وعبد القادر. الحوار يصبح سريعًا ومشحونًا بالتوتر، لكنه يحتفظ بلمسات كوميدية.
حسن: (يهس) الوثائق في يد بثينة. (ينظر إلى الكازينو) هذا المكان هو رمز الفساد، لكننا سنحوله إلى رمز للثورة.
بثينة: (تلوح بالوثائق) هذه الأوراق هي سلاحنا. (تضحك) تخيلوا وجه جعجعو عندما يكتشف أن خادمته سرقت أسراره! (تقلد أمينو) "سيدي، ظهري! لقد كسرت ظهري من أجلك!"
فايز: (يضحك) أمينو؟ ذلك الرجل يبدو كأنه يحاول إرضاء جعجعو بكل سقطة! (يقلده) "سيدي، الشعب يتذمر، ماذا أفعل؟" (يتعثر في حجر، يسقط بطريقة مضحكة)
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، لا طحين ولا ضياء! (يغمز) لكن صوتنا سيهز هذا الكازينو!
عبد القادر: (بنبرة جادة) هذه الوثائق ستوقظ الشعب. (ينظر إلى حسن) لكن يجب أن نتحرك بسرعة. جعجعو لن يبقى ساكنًا.
المشهد ينتهي بلوحة رمزية: الشعب يبدأ بالتجمع خارج الكازينو، يهتفون: "جعجعة بلا طحين!" أضواء النيون تتحول إلى لون دموي، كأنها تعكس دماء الخيانة، بينما حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يقفون في الظلام، عيونهم تلمع بالأمل. صوت جعجعو يتردد من الداخل، يغني: "جعجعة، جعجعة، الدولار هو الدواء!"، لكن صوت الشعب يبدأ بالارتفاع، معلنًا بداية الثورة.
الفصل الثاني: الخيانة المقدسة
المشهد: كنيسة مهجورة في قلب بيروت، تحولت إلى مكتب فخم لجعجعو كابريه. الجدران مزينة بصور دينية قديمة، لكن بجانب كل صورة لقديس، تتدلى صورة لقائد غربي أو خليجي، كأنها معرض للنفاق المقدس. صليب ذهبي ضخم يتربع على المكتب الخشبي الضخم، لكنه يبدو كأنه مصنوع من البلاستيك الرخيص، يعكس ضوء المصابيح الكهربائية الوامضة. على الجانبين، شموع مزيفة تعمل بالبطاريات، تضيف إلى الجو شعورًا بالسخرية المقصودة. جعجعو يجلس خلف المكتب، يرتدي بدلة سوداء مع صليب ذهبي ضخم حول عنقه، يلمع كأنه شعار تجاري أكثر منه رمز ديني. عيناه تلمعان بجشع ممزوج بالقلق، وهو يعبث بقلم ذهبي مزيف. أمامه يقف جولانو، مستشار خليجي يرتدي دشداشة مرصعة بالماس، يحمل سبحة يعبث بها بلا مبالاة، وابتسامته تحمل نبرة المتآمر الواثق. في الزاوية، بثينة، المقاومة الشابة من جنوب لبنان، تتسلل متخفية كعاملة نظافة، ترتدي عباءة سوداء تغطي وجهها جزئيًا، تحمل مكنسة لكن عينيها تلتقطان كل حركة. الموسيقى الخلفية عبارة عن مزيج غريب من تراتيل دينية وإيقاعات ديسكو، كأنها تعكس التناقض بين القداسة المزعومة والفساد الحقيقي. الجو مشحون بروائح البخور الممزوجة برائحة العطور الرخيصة، والضحكات الزائفة تملأ الفضاء.
جعجعو يبدأ الحوار بنبرة مسرحية مبالغ فيها، مستوحاة من كوميديا غوغول الساخرة، حيث يحاول أن يبدو كبطل أسطوري لكنه يفشل فشلًا ذريعًا بسبب حركاته المضحكة.
جعجعو: (يقف، يرفع يديه كقديس في لوحة باروكية) أنا، جعجعو كابريه، حامي المسيحية، درع الإيمان، سيف السيادة! (يضرب صدره بقوة، لكن الصليب الذهبي يسقط على الأرض، فيتلفت بحرج ويلتقطه بسرعة) آه، هذه الأشياء الرخيصة! (يضحك بصوت عالٍ) لكن دعونا من التفاصيل، يا سيد جولانو، أخبرني، كيف يمكنني أن أخدم أسيادنا اليوم؟
جولانو: (يضحك بنبرة متعجرفة، يعبث بسبحته) يا جعجعو، أنت رجل المهمات الصعبة! نحن، أهل الخليج، نحب الإيمان، لكننا نحب الدولار أكثر! (يرمي كيسًا صغيرًا من المخمل على المكتب، يتسرب منه بريق الماس) هذا لصالة القمار الجديدة. لكن، قل لي، كيف ستضمن أن يبقى الشعب هادئًا بينما نستمتع؟
جعجعو: (يفتح الكيس، عيناه تلمعان كأنهما مصباحان) هادئ؟ يا سيدي، الشعب في لبنان مثل الأغنام في مزرعتي! (يضحك بنبرة أورويلية) أعطهم وعودًا، أعطهم خطابات عن السيادة، وسينامون جوعى وهم يحلمون بسنغافورة! (يقلد صوت مذيع) "صوتوا لجعجعو، وسيأتي النور!" (يضحك حتى يكاد يسقط من كرسيه)
بثينة، التي تراقب من الزاوية، تتظاهر بكنس الأرض، لكنها تقترب من المكتب، تلتقط ورقة سقطت من حقيبة جولانو. تنظر إليها بسرعة: قائمة بأسماء زبائن أجانب ومبالغ ضخمة مدفوعة لصالات القمار. تتظاهر بالسعال لتخفي غضبها.
بثينة: (لنفسها، بنبرة مشحونة) يا للعار! يستخدمون الدين كقناع لستر عهرهم السياسي. هؤلاء ليسوا رجال دين، بل قوادون يبيعون أرضنا للغزاة. (تضع الورقة في جيبها بحذر)
جولانو: (يميل إلى جعجعو، يهمس بنبرة متآمرة) لكن، جعجعو، هناك شائعات. يقولون إن المقاومة في الجنوب تخطط لشيء ما. (يغمز) ألا تخاف من هؤلاء الشيوعيين الذين يتحدثون عن "الأرض" و"الشعب"؟
جعجعو: (يضحك بصوت عالٍ، يقلد حركة ملاكم) المقاومة؟ يا سيدي، هؤلاء مجرد فلاحين يحملون بنادق صدئة! (يرفع صوته كما في مسرحية شكسبيرية) أنا، جعجعو، سأسحقهم بالكلام! بالوعود! بالدولار! (يرمي حفنة من الأوراق النقدية في الهواء، ثم يتجمد عندما تسقط على رأسه) آه، اللعنة، هذه الأوراق مزيفة! (يضحك بحرج) أقصد، للتدريب فقط!
جولانو: (يقهقه) يا جعجعو، أنت كوميدي بلا منازع! لكن دعنا من المزاح. (يصبح جادًا) الصهاينة يريدون ضمانات. المزيد من الأراضي، المزيد من الصالات. ونحن في الخليج نريد... (يغمز مرة أخرى) خدمات خاصة. زبائننا يحبون لبنان، أتعلم؟
جعجعو: (يفرك يديه بحماس) خدمات؟ يا سيدي، لبنان هو جنة الخدمات! (يضحك بنبرة مبالغ فيها) صالات قمار، صالات دعارة، وإذا أردتم، يمكنني أن أحول الأرزة إلى نادٍ ليلي! (يبدأ برسم خطة وهمية في الهواء) هنا نضع بارًا، وهناك غرفًا للزبائن الخاصين، وفوق الأرزة نعلق لافتة نيون: "كابريه جعجعو"!
بثينة، التي لا تزال تتظاهر بالتنظيف، تكاد تفقد أعصابها. تلتقط زجاجة بخور وتتظاهر بسكبها عن طريق الخطأ على مكتب جعجعو، مما يجبره على القفز من كرسيه.
جعجعو: (يصرخ) يا إلهي، هذا البخور يكلف أكثر من راتبك السنوي! (ينظر إلى بثينة بحدة) من أنتِ؟ ولماذا تتسكعين هنا؟
بثينة: (بهدوء، مع ابتسامة ساخرة) أوه، سيد جعجعو، أنا مجرد خادمة متواضعة. (تغمز بنبرة كوميدية) لكن يبدو أنكم بحاجة إلى تنظيف أكثر من مجرد مكتب! (تتراجع بسرعة، تتظاهر بالخوف)
جولانو: (يضحك) هذه الفتاة لديها لسان! ربما يجب أن توظفيها في صالاتك، جعجعو! (يرمي دولارًا إليها، لكنها تتجاهله وتخرج من الغرفة)
بثينة تتسلل إلى الخارج، حيث تلتقي بحسن، الذي ينتظرها في الظلام خارج الكنيسة. تعطيه الورقة التي سرقتها، ويبدآن بمناقشة الخطة بنبرة ملحمية ساخرة : حوار قصير، حاد، ومليء بالتوتر.
حسن: (ينظر إلى الورقة) هذا دليل. أسماء، تواريخ، مبالغ. جعجعو يبيع لبنان كما يبيع تاجر خردة.
بثينة: (بقوة) لكننا لن نسمح له. هذه الوثائق ستكون بداية سقوطه. يجب أن نصل إلى الإذاعة.
حسن: (يبتسم بسخرية) إذاعته؟ إنها مجرد مكبر صوت لجعجعته. لكننا سنستخدمها ضده. (يضع يده على كتفها) فايز وفؤاد وعبد القادر جاهزون. الليلة نبدأ.
المشهد يتحول إلى داخل الكنيسة مجددًا، حيث يدخل أمينو، المساعد الزيتي، حاملًا حقيبة أخرى مليئة بالدولارات. يضعها أمام جعجعو، وينحني كما لو كان يقدم قربانًا.
أمينو: (بصوت منخفض) سيدي، الأمريكان أرسلوا دفعة جديدة. يقولون إن صالة القمار في جونيه تحتاج إلى حراسة إضافية. الشعب بدأ يتذمر.
جعجعو: (يضرب المكتب بغضب، لكن الصليب البلاستيكي يسقط مرة أخرى) تذمر؟ دع الشعب يتذمر! (يقلد صوت الشعب بسخرية) "أين الكهرباء؟ أين الماء؟" (يضحك) الكهرباء في جيوبنا، والماء في كؤوس الويسكي! (يرفع كأسًا وهميًا)
جولانو: (يضحك حتى يسعل) يا جعجعو، أنت تستحق جائزة! لكن، جديًا، ماذا عن المقاومة؟ سمعت أن شابًا يدعى حسن يثير المتاعب في الجنوب.
جعجعو: (يصبح جادًا للحظة، ثم يعود إلى نبرته الساخرة) حسن؟ مجرد شيوعي حالم! (يقلد حركة كتابة في الهواء) يكتب شعارات عن العدالة والأرض، لكنه سيغرق في جعجعتي! (يبدأ بالغناء بنبرة كوميدية ) "جعجعة، جعجعة، لا طحين ولا أمل، جعجعة، جعجعة، الدولار هو الأجل!"
الموسيقى ترتفع، وجعجعو يبدأ برقصة مضحكة على المكتب، يلوح بالصليب البلاستيكي كسيف. جولانو يصفق بحماس، بينما أمينو يحاول تقليد الرقصة لكنه يتعثر ويسقط على الأرض، مما يثير ضحك الجميع. المشهد يحمل طابعًا غامضا: الكوميديا تتحول إلى مأساة عندما نرى مدى الفراغ الأخلاقي لهذه الشخصيات.
في هذه الأثناء، خارج الكنيسة، يجتمع حسن وبثينة مع فايز وفؤاد وعبد القادر. المشهد يتحول إلى زقاق مظلم، حيث يضيء ضوء قمري باهت وجوههم. الحوار يصبح أكثر جدية، لكنه لا يزال يحمل لمحات كوميدية ، حيث تتداخل اللحظات العميقة مع الفكاهة.
فايز: (يضحك) هل رأيتم جعجعو وهو يرقص؟ يظن أنه نابليون، لكنه أقرب إلى مهرج سيرك!
فؤاد: (يغمز) وأمينو! ذلك الرجل يبدو كأنه يحاول إرضاء جعجعو بكل حركة. لو كان لديه ذيل، لكان يهزّه الآن!
عبد القادر: (بجدية) لكن لا تستهينوا بهم. هؤلاء الخونة يملكون دعمًا من الغرب والخليج. (ينظر إلى الوثائق) لكن هذه الوثائق هي سلاحنا. يجب أن نصل إلى الشعب.
حسن: (بروح منيف) الشعب ليس أغنامًا، كما يظن جعجعو. الشعب هو الأرزة، ينحني لكنه لا ينكسر. (يرفع الوثائق) هذه الحقيقة ستوقظهم.
بثينة: (بقوة) سنذهب إلى الإذاعة. دع جعجعو يسمع جعجعتنا هذه المرة!
المشهد يعود إلى الكنيسة، حيث يدخل شلومو، الصهيوني، متأخرًا. يرتدي بدلة بيضاء مبهرجة، ويحمل هاتفًا ذكيًا يلتقط به صورًا لنفسه أمام الصليب البلاستيكي.
شلومو: (بنبرة متعجرفة) جعجعو، تل أبيب ترسل تحياتها! (يضحك) يقولون إنك أفضل استثمار لهم منذ سنوات! لكن، قل لي، متى ستفتتح الصالة الجديدة في الجنوب؟
جعجعو: (يفرك يديه) الجنوب؟ يا سيدي، الجنوب هو الحلم القادم! (يرسم في الهواء) تخيل: كازينو على أنقاض القرى، زبائن من تل أبيب والرياض يرقصون تحت الأرزات! (يضحك) المقاومة؟ سنشتريهم بالدولار!
شلومو: (يضحك) هذا هو جعجعو الذي نعرفه! لكن احذر، ذلك الحسن وأتباعه قد يكونون أكثر ذكاءً مما تظن.
جعجعو: (بغضب مضحك) ذكاء؟ يا سيدي، أنا أملك الذكاء، والدولار، والجعجعة! (يبدأ بالغناء مرة أخرى) "جعجعة، جعجعة، لا أمل ولا ضياء، جعجعة، جعجعة، السيادة للأسياد!"
الموسيقى ترتفع، والمشهد يتحول إلى لوحة ساخرة مستوحاة من ماركيز: الشموع البلاستيكية تبدأ بالوميض بشكل عشوائي، كأنها تسخر من قداسة المكان. جعجعو يواصل الرقص، لكنه يتعثر ويسقط على الأرض، مما يثير ضحك جولانو وشلومو. أمينو يحاول مساعدته، لكنه يسقط هو الآخر، مما يحول المشهد إلى كوميديا صامتة مضحكة.
في الخارج، المقاومون يتحركون نحو الإذاعة. المشهد ينتهي بصورة رمزية: حسن يحمل الوثائق كشعلة، وبثينة تسير بجانبه، عينيها مليئتان بالأمل. في الخلفية، صوت جعجعو يتردد من الكنيسة، يغني: "جعجعة، جعجعة، الدولار هو الأمل!"، لكن صوت المقاومين يبدأ بالارتفاع: "كفى جعجعة، نريد حياة!"
الفصل الثالث: صالة القمار، قلب الاقتصاد
المشهد: صالة قمار مضاءة بألوان نيون مبهرجة، تقع في قلب بيروت المظلمة، حيث يتألق الضوء الاصطناعي كجزيرة من الفساد وسط بحر من العتمة. الجدران مغطاة بلوحات زيتية مزيفة تصور مشاهد من باريس وفيغاس، لكن الطلاء يتقشر في الزوايا، يكشف عن جدران متصدعة كأنها تعكس حال البلاد. طاولات القمار تملأ الفضاء، محاطة بزبائن يرتدون ملابس فاخرة لكنها تبدو كأزياء مسرحية رخيصة. في المركز، طاولة بوكر ضخمة يديرها أمينو، المساعد الزيتي لجعجعو، بابتسامة متكلفة ونظرات زائغة. جعجعو كابريه يتجول بين الطاولات كمدير سيرك، يرتدي بدلة حمراء لامعة مع صليب ذهبي يتأرجح حول عنقه، يوزع الابتسامات والوعود كما يوزع بائع متجول بضاعته. نوافو، الخليجي المتعجرف، يجلس على الطاولة الرئيسية، يعبث بسبحته المرصعة ويرمي النقود بلا مبالاة. شلومو، الصهيوني ذو القميص المفتوح، يلعب البوكر بنظرة متآمرة، يلتقط صور سيلفي بين الجولات. في الخلفية، عبد القادر، المقاوم الفلسطيني، وفؤاد، المقاوم اللبناني الشاب، يراقبان المشهد من زاوية مظلمة، يتظاهران بأنهما زبائنان عاديان. الموسيقى عبارة عن خليط غريب من أغاني البوب الرخيصة وإيقاعات شرقية مشوهة، تضيف إلى الجو طابعًا ساخرًا . الروائح تمتزج بين العطور الفاخرة والدخان الكثيف، مع لمحة من رائحة الويسكي الرخيص.
جعجعو يبدأ الحوار بنبرة مسرحية مبالغ فيها، يقف على كرسي مرتفع كأنه قائد أوركسترا، يلوح بيديه ويصرخ كما في كوميديا اساخرة.
جعجعو: (بصوت عالٍ، يرفع كأسًا فارغًا) أيها السادة، أيتها السيدات، مرحبًا بكم في قلب الاقتصاد اللبناني الجديد! (يضحك ) هنا، في كانتون جعجعو، لا كهرباء، لا ماء، لكن لدينا القمار! لدينا الدولار! لدينا... السيادة! (يضرب صدره، لكن الصليب يتأرجح ويضرب أنفه، فيصرخ بحرج) اللعنة على هذا الصليب! (يضحك ويرميه على الطاولة)
نوافو: (يقهقه، يرمي حفنة دولارات على الطاولة) يا جعجعو، هذا الكازينو جنة! جنة على الأرض! (يغمز) لكن، قل لي، ماذا عن الشعب؟ سمعت أنهم يتظاهرون في الشوارع، يطالبون بالكهرباء.
جعجعو: (ببرود ، لكنه يضيف لمسة كوميدية) الكهرباء؟ دع الشعب يستمتع بالظلام! الظلام يقوي الروح، ينمي الخيال! (يقلد صوت فيلسوف) تخيلوا، أيها السادة، شعبًا يعيش على الشموع، يحلم بالنور، ونحن هنا نضيء لياليهم بالنيون! (يضحك حتى يكاد يسقط من الكرسي)
شلومو: (يرمي رقاقة قمار، يبتسم بنبرة متآمرة) هذا هو جعجعو الذي نحبه! لكن، يا رجل، كن حذرًا. سمعت أن هناك مقاومين يتجولون هنا. (يغمز) يقولون إن شابًا يدعى حسن يخطط لشيء ما.
جعجعو: (يضحك بنبرة مبالغ فيها) حسن؟ ذلك الشيوعي الحالم؟ (يقلد حركة كتابة في الهواء) يكتب شعارات عن العدالة، عن الأرض، عن الشعب! (يضحك) لكنه سيغرق في جعجعتي! (يبدأ بالغناء بنبرة كوميدية) "جعجعة، جعجعة، لا طحين ولا ماء، جعجعة، جعجعة، الدولار هو الدواء!"
أمينو، الذي يدير الطاولة، يحاول إظهار سلطته، لكنه يبدو كشخصية من كوميديا مغموسة بالمرارة : يحاول أن يكون جادًا، لكنه يتعثر في كلماته ويثير الضحك.
أمينو: (يصرخ على أحد الزبائن) ارفع رهانك، يا رجل! هذا كازينو جعجعو، لا مكان للبخلاء! (يتعثر في كرسي ويسقط، فيضحك الزبائن) أقصد، أقصد... العب بجدية! (يحاول استعادة كرامته، لكنه يسقط مرة أخرى)
في الزاوية، عبد القادر وفؤاد يراقبان المشهد. عبد القادر، بنبرة مستوحاة من كنفاني، يهمس لفؤاد بنبرة عميقة مليئة بالغضب المكبوت.
عبد القادر: (لنفسه) هؤلاء الخونة يحولون لبنان إلى مزرعة أورويلية. يتحدثون عن السيادة وهم يبيعون الأرض للغزاة. (ينظر إلى فؤاد) يجب أن نتحرك، فؤاد. حسن وبثينة يعتمدان علينا.
فؤاد: (يبتسم بسخرية) انظر إلى أمينو! يظن أنه قائد، لكنه مجرد كلب ينبح لجعجعو! (يغمز) دعنا نحدث بعض الفوضى.
في هذه الأثناء، يدخل حسن إلى الصالة، متظاهرًا بأنه زبون عادي. يرتدي قبعة تغطي جزءًا من وجهه، ويحمل كأسًا فارغًا كما لو كان يشارك في اللعبة. يقترب من طاولة نوافو، يبتسم ابتسامة زائفة .
حسن: (بنبرة هادئة) سيد نوافو، سمعت أن هذا الكازينو هو قلب الاقتصاد اللبناني. هل هذا صحيح؟
نوافو: (يضحك بصوت عالٍ، يرمي رقاقة قمار إلى حسن) بالطبع، يا صديقي! القمار، الدعارة، هذه هي العملة الصعبة! (يغمز) انضم إلينا، جرب حظك، ربما تصبح غنيًا!
حسن: (يأخذ الرقاقة، يبتسم بسخرية) غني؟ أفضل أن أكون فقيرًا في بلد حر على أن أكون غنيًا في ماخور. (يرمي الرقاقة على الطاولة، يبتعد ببطء)
أمينو، الذي سمع تعليق حسن، يرمقه بنظرة شك. يقترب من جعجعو، يهمس له بنبرة متوترة.
أمينو: (بهدوء) سيدي، ذلك الشاب... أظنه من المقاومة. كلامه يحمل رائحة التمرد.
جعجعو: (يضحك بنبرة مبالغ فيها) تمرد؟ يا أمينو، أنت تشاهد الكثير من الأفلام! (يقلد صوت بطل هوليوودي) دع الشيوعيين يحلمون، نحن نملك الدولار! (يبدأ برقصة مضحكة، يلوح بالصليب كسيف، لكنه يتعثر ويكاد يسقط)
الموسيقى ترتفع، والمشهد يتحول إلى لوحة كوميدية سوداء: جعجعو يرقص كمهرج، بينما نوافو وشلومو يرميان النقود في الهواء. الزبائن يصفقون، والحراس يتجولون ببلاهة، كأنهم شخصيات من مسرحية تشيخوفية مضحكة. حسن، في هذه الأثناء، يبدأ بتوزيع منشورات مقاومة بين الزبائن، يتظاهر بأنه يوزع تذكارات. المنشورات تحمل شعارات مثل: "كفى جعجعة، نريد حياة!" و"السيادة للشعب، لا للغزاة!"
أمينو يلاحظ حركة حسن، يصرخ على الحراس.
أمينو: (بغضب) أمسكوا ذلك الشاب! إنه يوزع قمامة! (يحاول التقاط منشور، لكنه يتعثر في كرسي ويسقط مرة أخرى، مما يثير ضحك الزبائن)
فؤاد وعبد القادر يتحركان بسرعة لصرف انتباه الحراس. فؤاد يقلب طاولة صغيرة عمدًا، مما يتسبب في انسكاب المشروبات على زبون خليجي، بينما عبد القادر يتظاهر بأنه مخمور، يغني أغنية شعبية فلسطينية بنبرة عالية.
عبد القادر: (يغني) يا ظلام الليل، يا ظلام الغزاة! (يغمز لفؤاد) هيا، ارقص معي، يا أخي!
فؤاد: (يضحك، يرقص بحركات مبالغ فيها) يا سادة، الكازينو يحترق! انقذوا أموالكم! (يقلب كأسًا آخر، مما يثير فوضى)
الحراس يطاردون فؤاد، بينما عبد القادر يواصل الغناء، يجذب انتباه الزبائن. حسن يستغل الفوضى ليوزع المزيد من المنشورات، ثم يتسلل إلى الخارج حيث يلتقي ببثينة، التي تنتظره في زقاق مظلم.
بثينة: (تهمس) هل نجحت؟
حسن: (يرفع المنشورات) الشعب بدأ يقرأ. هذه البداية. (ينظر إلى الكازينو) جعجعو يظن أن جعجعته ستصم الجميع، لكن صوت الحقيقة أقوى.
المشهد يعود إلى الصالة، حيث يحاول جعجعو استعادة السيطرة. يقف على طاولة القمار، يلقي خطابًا مضحكًا وكأنه خارج من روايات أورويل.
جعجعو: (يصرخ) أيها الزبائن الأعزاء، لا تقلقوا! هذه مجرد فوضى صغيرة! (يقلد صوت مذيع) كانتون جعجعو لا يسقط! السيادة لنا، والدولار لنا، والليل لنا! (يبدأ بالغناء مرة أخرى) "جعجعة، جعجعة، لا أمل ولا ضياء!"
نوافو: (يضحك) يا جعجعو، أنت كنز! لكن، جديًا، أوقف هؤلاء المشاغبين. زبائننا لا يحبون الفوضى.
شلومو: (يبتسم بنبرة متآمرة) دع المقاومة تلعب، جعجعو. في النهاية، الدولار يفوز دائمًا.
المشهد يتحول إلى لوحة ساخرة مستوحاة من ماركيز: أضواء النيون تبدأ بالوميض بشكل عشوائي، كأنها تعكس انهيار الكازينو الوشيك. جعجعو يواصل الرقص، لكنه يتعثر ويسقط على طاولة البوكر، مما يتسبب في انهيارها. الزبائن يضحكون، بينما أمينو يحاول إصلاح الطاولة بيأس مضحك.
في الخارج، المقاومون يجتمعون في الزقاق. الحوار يصبح أكثر جدية، لكنه يحتفظ بلمسة كوميدية .
فايز: (يضحك) هل رأيتم أمينو وهو يحاول إنقاذ الطاولة؟ يبدو كأنه يحاول إنقاذ كرامته!
عبد القادر: (بجدية) لكن لا تستهينوا بهم. هؤلاء الخونة يملكون دعمًا من الغرب والخليج. (ينظر إلى حسن) المنشورات خطوة أولى، لكن يجب أن نصل إلى الإذاعة.
حسن: (بروح منيف) الشعب ليس أغنامًا. هذه المنشورات ستوقظهم. (يرفع قبضته) جعجعو يظن أن الدولار سيحميه، لكن الشعب هو القوة الحقيقية.
بثينة: (بقوة) إلى الإذاعة. دع جعجعو يسمع صوتنا هذه المرة!
المشهد ينتهي بصورة رمزية: المقاومون يسيرون في الظلام، يحملون المنشورات كشعلة أمل. في الخلفية، صوت جعجعو يتردد من الكازينو، يغني: "جعجعة، جعجعة، الدولار هو الدواء!"، لكن صوت المقاومين يبدأ بالارتفاع: "كفى جعجعة، نريد حياة!"
الفصل الرابع: المقاومة تتحرك
المشهد: معسكر مقاومة متواضع في جنوب لبنان، مخبأ تحت ظلال أشجار الزيتون التي تتمايل مع نسمات الليل. الجدران الطينية مزينة بصور شهداء المقاومة، بعضها مرسوم باليد وبعضها صور بالأبيض والأسود، تتدلى منها أطراف ممزقة تعكس سنوات النضال. في الوسط، طاولة خشبية قديمة مغطاة بخريطة لبنان، مليئة بعلامات حمراء تشير إلى مواقع صالات القمار ومكاتب جعجعو. حسن، الشيوعي التقدمي، يقف في منتصف المعسكر، يرتدي جاكيتًا بسيطًا ممزقًا عند الأكمام، عيناه تلمعان بأملٍ مشوب بالغضب. بثينة، المقاومة الشابة، تجلس على كرسي مهترئ، تحمل الوثائق المسروقة من مكتب جعجعو، تقلبها بحذر كأنها كنز ثمين. فايز، الشاب الساخر، يعبث بسكين صغيرة، ينحت قطعة خشب على شكل صليب بلاستيكي، يضحك لنفسه. فؤاد، المقاوم الشاب ذو الروح المرحة، يجلس على الأرض، يعزف على عود قديم ألحانًا شعبية لبنانية، بينما عبد القادر، المقاوم الفلسطيني، يقف عند الباب، يراقب الطريق بنظرة حادة مستوحاة من كنفاني. الإضاءة خافتة، تعتمد على مصباح كيروسين يومض كأنه يحاكي نبض المقاومة. رائحة القهوة العربية تملأ المكان، ممزوجة برائحة التراب والبارود، فيما تعزف موسيقى خلفية هادئة تحمل نغمات مقاومة، تتخللها أصوات طقطقة النار. الجو مشحون بالأمل والتوتر، مع لمسة كوميدية سوداء ، حيث تتداخل اللحظات العميقة مع الفكاهة اللاذعة.
حسن يبدأ الحوار بنبرة جادة لكنها مليئة بالعزيمة، وهو يقف فوق الطاولة، يشير إلى الخريطة كقائد ثوري.
حسن: إخواني، أخواتي، نحن هنا ليس فقط لنقاوم، بل لنكشف وجه الخيانة! (يرفع الوثائق المسروقة) جعجعو كابريه ليس مجرد خائن، إنه رمز للطابور الخامس، قواد الغزاة الذي يرتدي قناع الدين! (يضرب الطاولة بقوة، لكنها تهتز وتكاد تسقط، فيضحك بحرج) اللعنة على هذه الطاولة! (يبتسم) لكن دعونا من الأثاث، فلنركز على إسقاط جعجعو!
بثينة: (تقف، تمسك الوثائق بنبرة قوية) هذه الوثائق تثبت كل شيء: صفقاته مع الصهاينة، تمويله من الخليج، خططه لتحويل لبنان إلى ماخور عالمي! (تلوح بالوثائق) لكن كيف ننشرها؟ جعجعو يسيطر على الإذاعات، والشعب غارق في الظلام.
فايز: (يضحك، يرفع الصليب الخشبي الذي نحته) لماذا لا ننشرها في صالات القمار؟ (يقلد صوت جعجعو بنبرة كوميدية مبالغ فيها) "مرحبًا، أيها الزبائن الأفاضل، اقرأوا وثائق الخيانة بينما تراهنون على مستقبل لبنان!" (يضحك حتى يسقط من الكرسي، مما يثير ضحك الجميع)
فؤاد: (يوقف العزف على العود، يبتسم ) فايز، أنت مضحك لكنك عبقري! (يغمز) لماذا لا نقتحم إذاعة جعجعو؟ دعونا نستخدم مكبرات صوته ضده! (يبدأ بالغناء بنبرة ساخرة) "جعجعة، جعجعة، لا طحين ولا ماء، لكن صوت المقاومة سيُسمع في كل البلاد!"
عبد القادر: (ينظر إلى الجميع بنبرة جادة ) لا تستهينوا بالعدو. جعجعو ليس وحده، لديه دعم من الغرب والخليج، جيوش من الحراس، وجعجعة لا تنتهي! (يبتسم فجأة) لكننا، نحن المقاومة، لدينا ما هو أقوى: الحقيقة! (يرفع قبضته) هذه الوثائق هي سلاحنا، والشعب هو جيشنا.
حسن: (يبتسم، يضع يده على كتف عبد القادر) عبد القادر، أنت تذكرني بفلسطين. كل مقاوم هنا يحمل في قلبه قضية أكبر منه. (ينظر إلى الخريطة) إذاعة جعجعو هي الهدف. سنقتحمها، سنبث الوثائق، سنترك الشعب يسمع الحقيقة!
المشهد يتحول إلى لوحة ماركيزية سحرية: ضوء المصباح الكيروسيني يومض كأنه روح الشهداء، والأشجار في الخارج تبدو كأنها تهمس بأسرار المقاومة. الجميع يجلسون حول الطاولة، يضعون خطة دقيقة. فايز يواصل النحت على الصليب الخشبي، يضيف تفاصيل مضحكة تجعل الجميع يضحكون.
فايز: (يرفع الصليب) انظروا، لقد صنعت نسخة طبق الأصل من صليب جعجعو البلاستيكي! (يقلد جعجعو) "أنا حامي المسيحية، لكن الدولار هو إلهي!" (يضع الصليب على رأسه كتاج، يرقص بحركات مضحكة )
بثينة: (تضحك، لكنها تعود إلى الجدية) فايز، كفى مزاحًا! (تنظر إلى الوثائق) هذه الوثائق تثبت أن جعجعو يبيع الأراضي في الجنوب للصهاينة، ويفتح صالات قمار بتمويل خليجي. (تنظر إلى حسن) يجب أن نكون حذرين. الحراس في الإذاعة لن يكونوا مثل أمينو، ذلك الأحمق الذي يتعثر في كل خطوة.
فؤاد: (يضحك) أمينو؟ ذلك الرجل يبدو كأنه شخصية من مسرحية تشيخوف! (يقلده بنبرة مبالغ فيها) "سيدي جعجعو، الشعب يتذمر، ماذا أفعل؟" (يقلد سقوط أمينو) "أوه، لقد كسرت ظهري من أجل السيادة!" (الجميع يضحكون)
عبد القادر: (يبتسم، لكنه يعود إلى الجدية) دعونا من أمينو. الخطة هي اقتحام الإذاعة ليلًا. (يشير إلى الخريطة) هنا المدخل الخلفي، هناك نقطة حراسة. حسن وبثينة سيتسللان إلى غرفة البث، بينما أنا وفايز وفؤاد نصرف انتباه الحراس.
حسن: (ينظر إلى الجميع) هذه ليست مجرد خطة، إنها بداية ثورة. (بنبرة منيف) جعجعو يظن أن الشعب نائم، لكنه لا يعرف أن الأرزة لا تنكسر. (يرفع الوثائق) هذه الحقيقة ستكون الشرارة.
المشهد يتحول إلى لحظة تأملية : حسن يجلس بمفرده للحظة، ينظر إلى صورة شهيد على الحائط، ويبدأ بالحديث إلى نفسه بنبرة عميقة.
حسن: (لنفسه) جعجعو ليس مجرد خائن، إنه مرآة تعكس أسوأ ما فينا. يستغل الدين، يستغل الفقر، يستغل الأمل. (يضرب قبضته على الطاولة) لكننا، نحن المقاومة، لسنا مجرد أفراد. نحن صوت الشعب، صوت الأرض. (ينظر إلى الوثائق) هذه ليست مجرد أوراق، إنها دماء شهدائنا.
بثينة تدخل، تلاحظ تأمله، وتضع يدها على كتفه بنبرة رقيقة لكن قوية.
بثينة: حسن، لا تدع الغضب يأكلك. (تبتسم) نحن لسنا جعجعو، لا نعيش على الكراهية. نحن نناضل من أجل الحياة، من أجل لبنان الحر.
حسن: (يبتسم) أنتِ محقة، بثينة. (ينظر إلى الجميع) دعونا نتحرك. الليلة، سنوقظ الشعب!
فايز يقفز فجأة، يرفع الصليب الخشبي كأنه سيف، ويبدأ بتقليد جعجعو مرة أخرى بنبرة غوغولية مضحكة.
فايز: (يصرخ) أنا جعجعو كابريه، سيد القمار، ملك الدولار! (يلوح بالصليب) من يتحداني؟ (يتعثر في حبل على الأرض، يسقط بطريقة مضحكة، مما يثير ضحك الجميع)
فؤاد: (يضحك) يا فايز، لو كان جعجعو بهذا الخرق، لكان سقط منذ سنوات! (يعزف لحنًا سريعًا على العود) لكن دعونا نركز. الخطة جاهزة، والليلة هي الليلة!
المشهد يتحول إلى لوحة ديناميكية: المقاومون يتجهزون، يحملون معدات بسيطة مثل الحبال والمصابيح اليدوية. عبد القادر يروي قصة مقاومة فلسطينية ، لتحفيز الجميع.
عبد القادر: (بنبرة عميقة) في فلسطين، كان هناك شاب مثلنا، يدعى غسان. حمل بندقية صدئة، لكنه هزم جيشًا. (ينظر إلى الجميع) جعجعو ليس جيشًا، إنه مجرد مهرج يرتدي بدلة باهظة. (يبتسم) لكن مهرجًا مدعومًا بالدولار خطير. دعونا نكون أذكى منه.
فايز: (يضحك) أذكى من جعجعو؟ هذا سهل! (يقلد صوت جعجعو) "أنا سيد السيادة، لكن أعطوني دولارًا وسأبيع الأرزة!" (يرمي الصليب الخشبي في الهواء، لكنه يسقط على رأسه، مما يثير ضحك الجميع)
المشهد يتحول إلى خارج المعسكر، حيث يبدأ المقاومون بالتحرك نحو الإذاعة. الجو ليلي، القمر يضيء الطريق بشكل خافت، والأشجار تبدو كأنها تحرس خطواتهم. الحوار يستمر بنبرة كوميدية لكنها مشحونة بالتوتر.
فؤاد: (يهس بنبرة ساخرة) تخيلوا وجه جعجعو عندما نسيطر على إذاعته! (يقلد صوته) "من هؤلاء؟ أين حراسي؟ أين دولاري؟"
بثينة: (تضحك) سيكون أمينو أول من يهرب! (تقلده) "سيدي جعجعو، أنقذني، لقد كسرت ظهري من أجلك!"
حسن: (يبتسم) كفى مزاحًا، يا إخواني. (ينظر إلى الخريطة) الإذاعة على بعد كيلومترين. يجب أن نكون سريعين ودقيقين.
المشهد يتحول إلى لوحة ساخرة مستوحاة من أورويل: المقاومون يسيرون في الظلام، لكن ظلالهم تبدو كأنها جيش من الأشباح، يتحدون الظلم. في الخلفية، يتردد صوت جعجعو من بعيد، كأنه يغني في الكازينو: "جعجعة، جعجعة، الدولار هو الدواء!"، لكن صوت المقاومين يبدأ بالارتفاع، يهتفون: "كفى جعجعة، نريد حياة!"
الفصل الخامس: سقوط القناع
المشهد: محطة إذاعة جعجعو، مبنى فخم في وسط بيروت يبدو كأنه قلعة من العصر الحديث، لكنه مزين بلافتات نيون وصور جعجعو كابريه مرتديًا بدلة حمراء لامعة، وكأنه نجم روك وليس زعيمًا سياسيًا. داخل غرفة البث، أجهزة متطورة مغطاة بطبقة من الغبار، كأنها تستخدم فقط لترديد شعارات جعجعو الفارغة. شاشة تلفزيون عملاقة في الخلفية تبث خطابًا مسجلاً لجعجعو، يتحدث عن "السيادة الوطنية" بنبرة مسرحية مبالغ فيها. الحراس يتجولون في الممرات، يرتدون بدلات سوداء ضيقة تجعلهم يبدون كشخصيات كوميدية من مسرحية تشيخوف، يتعثرون في بعضهم بعضًا وهم يحاولون إظهار الجدية. حسن وبثينة يتسللان إلى الداخل عبر نافذة خلفية، يحملان الوثائق المسروقة كما لو كانت كنزًا. فايز وفؤاد وعبد القادر ينتظرون في الخارج، يرتدون أقنعة مضحكة مستوحاة من كرنفالات غوغول، يستعدون لصرف انتباه الحراس. الإضاءة خافتة، مع وميض متقطع من شاشة التلفزيون يعكس وجه جعجعو المتكرر، مما يضفي طابعًا سورياليًا مستوحى من ماركيز. رائحة القهوة المراقة تملأ المكان، ممزوجة برائحة الأسلاك المحترقة، والموسيقى الخلفية عبارة عن خليط غريب من أناشيد دينية مشوهة وإيقاعات ديسكو، تضيف إلى الجو سخرية لاذعة.
حسن يبدأ الحوار بنبرة هادئة لكنها مشحونة بالتوتر، وهو يتسلل مع بثينة عبر الممر الضيق، يحملان الوثائق كشعلة أمل. نبرته ، موجزة لكنها قوية.
حسن: (يهس لبثينة) هنا، غرفة البث. إذا سيطرنا عليها، سيسمع الشعب الحقيقة. (ينظر إلى الوثائق) جعجعو يظن أن جعجعته ستصم الجميع، لكن هذه الأوراق ستقطع لسانه.
بثينة: (تبتسم بسخرية) لسانه؟ يا حسن، لسانه مصنوع من دولارات! (تشير إلى شاشة التلفزيون) انظر إليه، يتحدث عن السيادة وهو يبيع الأرض للغزاة. (تقلد صوته بسخرية ) "أنا جعجعو، حامي الوطن، لكن أعطوني دولارًا وسأبيع الأرزة!" (تضحك بهدوء)
في الخارج، فايز وفؤاد وعبد القادر يبدأون خطتهم لصرف انتباه الحراس. فايز يرتدي قناعًا مضحكًا على شكل وجه جعجعو، بينما فؤاد يحمل مكبر صوت صغير يعزف أغنية شعبية لبنانية بصوت عالٍ. عبد القادر يتظاهر بأنه بائع متجول، يحمل صينية مليئة بأكواب قهوة مزيفة. المشهد يتحول إلى كوميديا سوداء ، حيث يبدأ الثلاثي بإثارة الفوضى.
فايز: (يصرخ بنبرة مسرحية، يقلد جعجعو) أيها الحراس الأفاضل، أنا جعجعو كابريه، سيد السيادة! (يلوح بيديه كمهرج) هيا، اركعوا للدولار! (يرمي أوراقًا مزيفة في الهواء، مما يثير ارتباك الحراس)
فؤاد: (يعزف على مكبر الصوت) يا دارة دوري فينا، يا لبنان يا جنة! (يغمز لعبد القادر) هيا، يا أخي، أعطهم القهوة!
عبد القادر: (يقترب من الحراس، يحمل الصينية) قهوة مجانية، يا سادة! (يوزع الأكواب، لكنها تسقط عمدًا، مما يتسبب في انسكاب السائل على أحذية الحراس) أوه، عذرًا، يبدو أن يدي ترتجف من كثرة السيادة! (يضحك بنبرة ساخرة)
الحراس، الذين يبدون كشخصيات مضحكة، يصرخون ويحاولون تنظيف أحذيتهم، بينما يركض فايز وفؤاد في الممرات، يثيران فوضى أكبر. أحدهم يتعثر في سلك كهربائي، مما يتسبب في انقطاع الضوء للحظة، فيضيف إلى الجو طابعًا سورياليًا.
داخل غرفة البث، حسن وبثينة يصلان إلى لوحة التحكم. حسن يبدأ بفحص الأجهزة، بينما بثينة تراقب الباب. الحوار يصبح سريعًا ومشحونًا، مع لمسات كوميدية مستوحاة من بريخت.
حسن: (وهو يعبث بالأجهزة) هذه الأجهزة تبدو كأنها من العصر الحجري! (يضحك) جعجعو ينفق الملايين على صالات القمار، لكنه يترك إذاعته كخرابة!
بثينة: (تبتسم) هذا هو جعجعو: كل شيء للعرض، لا شيء للجوهر. (تشير إلى الشاشة) انظر، خطابه لا يزال يُبث. (تقلده بنبرة مبالغ فيها) "شعب لبنان العظيم، أنا حاميكم!" (تضحك) حامي الدولار، ربما!
في هذه الأثناء، على الشاشة، يظهر جعجعو في خطاب مسجل، يرتدي بدلة حمراء مع صليب بلاستيكي يتأرجح حول عنقه. نبرته مسرحية، كأنه يؤدي في مسرحية شكسبيرية سيئة.
جعجعو: (عبر الشاشة) شعب لبنان! نحن نحمي سيادتكم من الأعداء! (يرفع يديه كقديس) أنا، جعجعو كابريه، درع الوطن، سيف الإيمان! (يتعثر في الكلمات، يسعل) أقصد، سيف السيادة! (يضحك بحرج، يحاول استعادة رباطة جأشه)
حسن: (يضحك وهو يعبث بالأجهزة) سيف السيادة؟ سيفه مصنوع من ورق الدولار! (يجد زر البث) وجدتها! هذا سيوقف خطابه.
بثينة: (تهمس) اسرع، حسن. الحراس قد يعودون في أي لحظة.
حسن يضغط على الزر، فيتوقف خطاب جعجعو فجأة. الشاشة تصبح سوداء، ثم يبدأ حسن ببث تسجيل صوتي يقرأ فيه الوثائق. صوته عميق، لكنه يحمل لمسة ساخرة .
حسن: (عبر المذياع) شعب لبنان، استمعوا! جعجعو كابريه، الذي يدعي حماية السيادة، يبيع أرضكم للصهاينة! (يقرأ من الوثائق) هنا عقد لبيع أراضي الجنوب، وهنا اتفاقية لفتح صالات قمار بتمويل خليجي! (يضيف بنبرة ساخرة) وهذا، سيداتي وسادتي، دليل على أن جعجعته لا تطحن طحينًا، بل دولارات!
في الخارج، يسمع الشعب البث عبر مكبرات الصوت المنتشرة في الشوارع. الناس يبدأون بالتجمع، يرفعون شعارات ضد جعجعو. المشهد يتحول إلى لوحة واقعية ممزوجة بالسحر : الشوارع تمتلئ بالناس، كأنهم أشباح تخرج من الظلام، يحملون شموعًا وهتافات. صوت حسن يتردد كشعلة تنير الليل.
في غرفة البث، يدخل جولانو فجأة، يصرخ بنبرة غاضبة مستوحاة من مسرحيات بريخت.
جولانو: (يصرخ) من هؤلاء؟ أوقفوهم! هذا تهديد لأمن الكازينو! (يحاول الوصول إلى لوحة التحكم، لكنه يتعثر في سلك ويسقط بطريقة مضحكة)
بثينة: (تضحك) يا سيد جولانو، يبدو أنك لست جيدًا في الرقص كجعجعو! (تسحب حسن بعيدًا) هيا، لقد فعلناها!
حسن وبثينة يهربان من الغرفة، بينما يستمر البث. في الخارج، فايز وفؤاد وعبد القادر يواصلون إثارة الفوضى. فايز يرمي المزيد من الأوراق المزيفة، بينما فؤاد يغني أغنية ساخرة.
فؤاد: (يغني) جعجعة، جعجعة، لا كهرباء ولا ماء، جعجعة، جعجعة، الشعب يقول كفى!
عبد القادر: (يضحك) يا فؤاد، أنت شاعر ثوري! (يشير إلى الحراس) لكنهم قادمون، هيا، لنهرب!
المشهد يتحول إلى الشوارع، حيث يتجمع الناس، يهتفون ضد جعجعو. أمينو ونوافو يظهران فجأة، يحاولان الفرار من الزحام، لكنهما يعلقان وسط المتظاهرين. أمينو يبدو كشخصية تشيخوفية يائسة، يحاول إقناع المتظاهرين بنبرة مضحكة.
أمينو: (يصرخ) أيها الشعب، اسمعوني! جعجعو هو حاميكم! (يتعثر في حجر، يسقط) أقصد، هو رجل السيادة! (يتلقى طماطس من أحد المتظاهرين، يصرخ) أوه، يا إلهي، هذه ليست سيادة!
نوافو: (يحاول الفرار) دعني أخرج من هنا! (يصرخ على أمينو) أنت قلت إن الشعب نائم! (يتعثر في عباءته، يسقط بجانب أمينو)
المشهد يتحول إلى لوحة كوميدية سوداء: أمينو ونوافو محاطان بالمتظاهرين، يحاولان الزحف بعيدًا، بينما الشعب يهتف: "كفى جعجعة، نريد حياة!" في الخلفية، صوت حسن يستمر في البث، يكشف المزيد من الوثائق بنبرة ساخرة.
حسن: (عبر المذياع) وهذا، سيداتي وسادتي، عقد آخر! جعجعو يعد بتحويل لبنان إلى سنغافورة، لكن سنغافورته هي ماخور عالمي! (يضحك) انظروا إلى توقيعه، يبدو كأنه رسم طفل!
في غرفة البث، يدخل جعجعو نفسه فجأة، يرتدي بدلته الحمراء، وجهه أحمر من الغضب. يصرخ بنبرة مسرحية ، لكنها مضحكة بسبب مبالغته.
جعجعو: (يصرخ) من يجرؤ على تحدي جعجعة جعجعو؟ (يلوح بالصليب البلاستيكي) أنا درع الوطن، أنا سيف السيادة! (يتعثر في سلك، يكاد يسقط) اللعنة على هذه الأسلاك! (يحاول استعادة رباطة جأشه) أوقفوا هذا البث!
لكن البث يستمر، والشعب يواصل التظاهر. المشهد يتحول إلى لوحة أورويلية: الشوارع تملؤها الهتافات، والناس يحملون لافتات كتب عليها: "جعجعة بلا طحين!" و"الشعب هو السيادة!" حسن وبثينة ينضمان إلى فايز وفؤاد وعبد القادر في الخارج، يراقبون المتظاهرين بنظرات مليئة بالأمل.
فايز: (يضحك) انظروا إلى أمينو! يبدو كأنه فأر في مصيدة! (يقلده) "سيدي جعجعو، أنقذني!"
فؤاد: (يغني) جعجعة، جعجعة، سقط القناع يا سادة! (يغمز) الآن يعرف الشعب من هو جعجعو!
عبد القادر: (بجدية) هذه البداية فقط. (ينظر إلى حسن) لكن الشعب استيقظ. الآن، يجب أن نبني على هذا.
حسن: (يرفع قبضته) جعجعو يظن أن الدولار سيحميه، لكن الشعب هو القوة الحقيقية. (بنبرة منيف) من الجنوب إلى كل لبنان، المقاومة ستنتصر!
المشهد ينتهي بصورة رمزية: الشعب يتجمع تحت ضوء القمر، يهتفون ضد جعجعو. في الخلفية، صوت جعجعو يتردد من الإذاعة، لكنه يتلاشى تدريجيًا، مغطى بصوت الشعب: "كفى جعجعة، نريد حياة!" الإضاءة تتحول إلى لون ذهبي، كأنها تعكس أمل الثورة.
الفصل السادس: الكازينو يحترق (القسم الأول)
المشهد: صالة القمار الرئيسية في كانتون جعجعو، مضاءة بأضواء نيون وامضة تبدو كأنها على وشك الاحتراق، كما لو كانت تعكس انهيار إمبراطورية جعجعو. الجدران المغطاة بالمخمل الأحمر متسخة الآن، ملطخة بالمشروبات المنسكبة وبقايا أوراق القمار الممزقة. طاولات البوكر مائلة، وبعضها محطم، كأنها رموز لاقتصاد لبنان المنهار. جعجعو كابريه يقف في وسط الصالة، يرتدي بدلته الحمراء اللامعة التي بدأت تتقشر، صليبه البلاستيكي يتدلى حول عنقه كقلادة مهترئة. عيناه تتحركان بقلق بين الزبائن الأجانب – مايكل الأمريكي، شلومو الصهيوني، ونوافو الخليجي – الذين يبدون الآن كأشباح في ضوء النيون الباهت. الحراس يركضون في الفوضى، يحاولون السيطرة على الزبائن الذين بدأوا بالهروب بعد سماع البث الإذاعي الذي كشف خيانة جعجعو. في الخارج، الشعب يتجمع، هتافاتهم تخترق الجدران: "كفى جعجعة، نريد حياة!" حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يقفون على مشارف الصالة، يراقبون المشهد بنظرات مليئة بالأمل والسخرية. الموسيقى الخلفية عبارة عن خليط فوضوي من أناشيد دينية مشوهة وإيقاعات ديسكو، تتحول تدريجيًا إلى صوت هتافات الشعب. رائحة الدخان تملأ المكان، ممزوجة برائحة العطور الرخيصة والويسكي المسكوب، مما يضفي طابعًا سورياليًا مستوحى من غابرييل غارسيا ماركيز.
جعجعو يبدأ الحوار بنبرة يائسة لكنها مسرحية، يحاول الحفاظ على هيبته كما في كوميديا غوغول الساخرة، لكنه يفشل بسبب حركاته المضحكة وصوته المرتجف.
جعجعو: (يقف على طاولة بوكر مكسورة، يصرخ بنبرة شكسبيرية مضحكة) أيها الزبائن الأفاضل، لا تقلقوا! هذه مجرد فوضى عابرة! (يلوح بصليبه البلاستيكي كسيف) أنا، جعجعو كابريه، سيد السيادة، سأحميكم! (يتعثر، يكاد يسقط، فيتمسك بالطاولة) اللعنة على هذه الطاولات الرخيصة! (يضحك بحرج، يحاول استعادة رباطة جأشه)
مايكل: (يرمي كأسه على الأرض، يصرخ بنبرة غاضبة) جعجعو، لقد وعدتنا بالأمان! (يشير إلى الخارج) الشعب يتظاهر، والإذاعة تكشف خيانتك! (يضحك بسخرية) أنت رجلنا، لكن يبدو أنك خسرت اللعبة!
شلومو: (يحمل حقيبته، يستعد للهروب) تل أبيب لن ترضى بهذا، جعجعو! (يغمز بنبرة ساخرة) كنت أفضل استثمار لنا، لكن يبدو أنك مجرد قواد فاشل! (يضحك، يركض نحو الباب)
نوافو: (يحاول جمع دولاراته المنثورة على الطاولة) هذا كل ما أحصل عليه مقابل تمويلك؟ (يصرخ على جعجعو) قلت إن الشعب نائم! الآن هم يحرقون صالتك! (يتعثر في عباءته، يسقط على الأرض بطريقة مضحكة)
جعجعو: (يصرخ بنبرة يائسة) أنقذوني، أيها الأسياد! أنا رجلكم المخلص! (يلوح بيديه كمهرج في مسرحية موليير) أعطيتكم كل شيء: القمار، الدعارة، لبنان! (يبكي فجأة) ألا تستحق جعجعتي بعض الرحمة؟
في الخارج، حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يراقبون المشهد من خلال نافذة مكسورة. هتافات الشعب ترتفع، والناس يبدأون برمي الحجارة على واجهة الكازينو، مما يتسبب في تحطم الزجاج. المشهد يتحول إلى لوحة ساخرة : الكازينو يبدو كمزرعة الحيوانات، حيث الحيوانات (الزبائن) تهرب من الفوضى، والخنازير (جعجعو وأتباعه) يحاولون الحفاظ على سلطتهم الزائفة.
حسن: (ينظر إلى الكازينو، بنبرة منيف) انظروا، إمبراطورية جعجعو تنهار! (يبتسم بسخرية) كان يظن أن الدولار سيحميه، لكن الشعب هو القوة الحقيقية.
بثينة: (تضحك) انظروا إلى جعجعو! يبدو كأنه مهرج في سيرك مفلس! (تقلده بنبرة غوغولية) "أنا سيد السيادة، لكن لا أحد يصغي!" (تلوح بيديها كما لو كانت تحمل صليبًا بلاستيكيًا)
فايز: (يضحك، يقلد جعجعو) "أنقذوني، أيها الأسياد!" (يرمي حجرًا صغيرًا نحو النافذة، يصيب لافتة نيون فتتحطم) أوه، عذرًا، يبدو أنني حطمت سيادته! (يضحك حتى يكاد يسقط)
فؤاد: (يعزف على عود وهمي في الهواء) جعجعة، جعجعة، الكازينو يحترق! (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الشعب يقول كفى! (يغمز لعبد القادر) هيا، يا أخي، لننضم إلى المتظاهرين!
عبد القادر: (بنبرة جادة مستوحاة من كنفاني) هذه ليست مجرد فوضى، إنها ثورة. (ينظر إلى حسن) لقد أيقظنا الشعب، لكن الطريق لا يزال طويلًا. (يبتسم فجأة) لكن دعونا نستمتع بهذه اللحظة! انظروا إلى نوافو، يحاول جمع دولاراته كفأر في مصيدة!
المشهد يتحول إلى داخل الكازينو، حيث يحاول جعجعو تهدئة الزبائن المتبقين. يقف على طاولة، يلوح بصليبه البلاستيكي، لكنه يبدأ بالانهيار عاطفيًا، في لحظة مضحكة ومأساوية في آن واحد.
جعجعو: (يصرخ بنبرة يائسة) أيها الزبائن، لا تتركوني! (يحاول الغناء بنبرة بريختية) جعجعة، جعجعة، أنا سيد السيادة! (لكن صوته يرتجف، فيتحول إلى بكاء مضحك) أعطيتكم كل شيء! صالات القمار، الدعارة، حتى أرزة لبنان! (يسقط على ركبتيه، يمسك رأسه) ألا يستحق هذا بعض الدولارات؟
مايكل: (يضحك بسخرية) دولارات؟ يا جعجعو، لقد خسرت كل شيء! (يحمل حقيبته) أمريكا لا تحمي الفاشلين! (يركض نحو الباب، يتعثر في كرسي، يسقط بطريقة مضحكة)
شلومو: (يتبعه) تل أبيب ستبحث عن قواد جديد! (يضحك) وداعًا، يا جعجعو! (يرمي له دولارًا مزيفًا، يخرج مسرعًا)
نوافو: (يحاول الزحف بعيدًا) هذا كل ما أحصل عليه؟ (يصرخ على جعجعو) وعدتني بسنغافورة، وأعطيتني فوضى! (يتعثر في عباءته مرة أخرى، يسقط في بركة ويسكي)
المتظاهرون يقتحمون الصالة، يحطمون الطاولات ويمزقون اللافتات. المشهد يتحول إلى لوحة ماركيزية: النيون يومض بشكل عشوائي، والدخان يملأ المكان كأنه يرمز إلى احتراق أحلام جعجعو. الشعب يهتف: "كفى جعجعة، نريد حياة!" بينما جعجعو يتراجع إلى زاوية، يحاول الاختباء خلف ستارة مخملية ممزقة.
حسن: (يقف بين المتظاهرين، بنبرة منيف) هذا هو وجه الخيانة! (يشير إلى جعجعو) رجل يبيع أرضه، شعبه، تاريخه، مقابل حفنة دولارات! (يرفع قبضته) لنبنِ لبنان الحر!
بثينة: (تقود الهتافات) كفى جعجعة، نريد حياة! (تضحك ) انظروا إليه، يختبئ كفأر! (تقلده) "أنا سيد السيادة، لكن لا أحد يصغي!"
فايز: (يرمي حجرًا صغيرًا نحو ستارة جعجعو) أخرج، يا سيد الدولار! (يضحك) أم أنك مشغول بحساب خسائرك؟
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الكازينو يحترق! جعجعة، جعجعة، الشعب يقول كفى!
عبد القادر: (ينظر إلى المتظاهرين بنبرة كنفاني) هذا هو الشعب الحقيقي. (يبتسم) جعجعو ظن أنه يملكهم، لكنه نسي أن الأرزة لا تنكسر.
المشهد ينتهي بلوحة ساخرة: جعجعو يختبئ خلف الستارة، يهمس لنفسه بنبرة تشيخوفية: "سأعود... الجعجعة لا تموت!"، بينما الشعب يحطم الكازينو، وأضواء النيون تنطفئ واحدة تلو الأخرى، كأنها تعلن نهاية عصر.
الفصل السادس: الكازينو يحترق (القسم الثاني)
المشهد: يستمر داخل صالة القمار المحطمة، حيث أصبحت الآن ساحة فوضى تعكس انهيار إمبراطورية جعجعو كابريه. الطاولات مقلوبة، والكراسي متناثرة، وبقايا أوراق القمار تتطاير كأوراق خريفية في عاصفة. أضواء النيون الوامضة تنطفئ واحدة تلو الأخرى، تاركة المكان في شبه ظلام، مضاء فقط بضوء القمر الذي يتسلل من النوافذ المحطمة. جعجعو مختبئ خلف ستارة مخملية ممزقة، يتمتم لنفسه بنبرة يائسة كشخصية تشيخوفية محاصرة في مأساتها الخاصة. صليبه البلاستيكي ملقى على الأرض، مكسور إلى نصفين، كرمز لانهيار قناعه. في الخارج، الشعب يواصل التظاهر، هتافاتهم تخترق الجدران: "كفى جعجعة، نريد حياة!" حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يقفون بين المتظاهرين، يقودون الهتافات بنظرات مليئة بالأمل والسخرية. مايكل الأمريكي وشلومو الصهيوني يظهران في زاوية المشهد، يحاولان الهرب عبر باب خلفي، يحملان حقائب مليئة بالدولارات المسروقة. نوافو الخليجي عالق وسط المتظاهرين، يحاول الزحف بعيدًا بعباءته المرصعة التي أصبحت الآن ملطخة بالطين. أمينو، المساعد الزيتي، يركض في دوائر، يصرخ على الحراس الذين تخلوا عنه. الموسيقى الخلفية تحولت من إيقاعات الديسكو إلى صوت هتافات الشعب، ممزوجة بأصوات الزجاج المحطم والرياح التي تهب عبر النوافذ المكسورة. الجو مشحون برائحة الدخان والبارود، مع لمحة من رائحة القهوة المسكوبة من أكواب المتظاهرين، مما يضفي طابعًا سورياليًا مستوحى من ماركيز.
جعجعو يبدأ الحوار من خلف الستارة، صوته مرتجف لكنه يحاول الحفاظ على نبرته المسرحية المبالغ فيها.
جعجعو: (يهمس بنبرة يائسة) هذا لا يمكن أن يكون نهايتي! أنا جعجعو كابريه، سيد السيادة، ملك الدولار! (يطل برأسه من الستارة، يرى المتظاهرين، يتراجع بسرعة) أوه، يا إلهي، هؤلاء الفلاحون يحملون الحجارة! (يحاول الغناء بنبرة بريختية مضحكة) جعجعة، جعجعة، أنا لا أزال هنا! (لكن صوته يتحول إلى عويل) من سيحمي جعجعتي؟
في الخارج، حسن يقف بين المتظاهرين، يرفع قبضته بنبرة مستوحاة من عبد الوهاب المنيف، لكنه يضيف لمسة ساخرة مستوحاة من تشيخوف لتخفيف التوتر.
حسن: شعب لبنان، انظروا إلى هذا الكازينو! (يشير إلى الصالة المحطمة) هذه ليست سنغافورة، إنها مزرعة جعجعو! (يضحك) لكنه نسي أن الشعب ليس أغنامًا! (يرفع الوثائق) هذه الوثائق تكشف خيانته، لكن أنتم، أنتم من سيطيح به!
بثينة: (تقف بجانبه، تقود الهتافات) كفى جعجعة، نريد حياة! (تضحك بنبرة غوغولية) انظروا إليه، مختبئ كفأر خلف ستارته! (تقلده) "أنا سيد السيادة، لكن لا أحد يصغي!" (ترمي حجرًا صغيرًا نحو الستارة، يصيبها فيصدر صوتًا مضحكًا)
فايز: (يضحك، يحمل عصا خشبية كأنها سيف) يا جعجعو، أخرج من مخبأك! (يقلده بنبرة مسرحية مبالغ فيها) "أنا حامي المسيحية، لكن صليبي بلاستيكي!" (يرمي العصا نحو الستارة، لكنها ترتد وتصيبه في رأسه، فيضحك الجميع) أوه، يبدو أنني بحاجة إلى تدريب!
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الكازينو يحترق! جعجعة، جعجعة، الشعب يقول كفى! (يعزف على عود وهمي في الهواء) يا جعجعو، حان وقت الرحيل! (يغمز لعبد القادر) أليس كذلك، يا أخي؟
عبد القادر: (يبتسم بنبرة كنفاني) هذا ليس مجرد حريق، إنه نار الثورة! (ينظر إلى المتظاهرين) من فلسطين إلى لبنان، الشعب واحد، والعدو واحد. (يضحك فجأة) لكن انظروا إلى نوافو، يحاول الزحف بعيدًا كسلحفاة بعباءة مرصعة!
نوافو، الذي يحاول الفرار وسط المتظاهرين، يبدو كشخصية يائسة. عباءته ملطخة، وسبحته المرصعة تتدلى من يده كرمز لفشله.
نوافو: (يصرخ بنبرة مضحكة) أنقذوني! أنا زبون مميز! (يحاول دفع متظاهر، لكنه يتلقى طماطسًا في وجهه) أوه، يا إلهي، هذه ليست الخدمة التي وعدتني بها، جعجعو! (يزحف تحت طاولة، لكنه يعلق، مما يثير ضحك المتظاهرين)
أمينو يظهر فجأة، يحاول إنقاذ نوافو، لكنه يبدو كشخصية من مسرحية بريخت، يحاول إظهار الولاء لكنه يفشل بطريقة مضحكة.
أمينو: (يصرخ) سيد نوافو، لا تقلق، أمينو هنا! (يحاول سحبه، لكنه يسقط فوقه) أوه، ظهري! (يبكي بنبرة مبالغ فيها) سيدي جعجعو، أنقذني، لقد كسرت ظهري من أجل سيادتك! (المتظاهرون يرمونه بالمزيد من الطماطس، فيصرخ) توقفوا، هذه بدلتي الوحيدة!
في زاوية المشهد، مايكل وشلومو يحاولان الهرب عبر باب خلفي. مايكل يحمل حقيبة مليئة بالدولارات، بينما شلومو يحمل هاتفه، يحاول التقاط صور سيلفي حتى في هذه اللحظة الفوضوية.
مايكل: (يصرخ على شلومو) توقف عن التصوير، يا أحمق! (يتعثر في كرسي، تسقط الحقيبة، وتتطاير الدولارات) اللعنة، هذه أموالنا! (يحاول جمعها، لكن المتظاهرون يقتربون)
شلومو: (يضحك بنبرة ساخرة) أموالنا؟ يا مايكل، هذه أموال جعجعو! (يرمي هاتفه بعيدًا) تل أبيب ستبحث عن رجل جديد! (يركض نحو الباب، لكنه يصطدم بحارس سابق تخلى عن جعجعو، فيسقط بطريقة مضحكة)
الحارس: (يضحك) وداعًا، يا سيد شلومو! (يرفع قبضته مع المتظاهرين) الشعب هو السيادة!
المشهد يتحول إلى لوحة واقعية سحرية: الدخان يتصاعد من الكازينو، لكنه يبدو كأنه يرسم أشكال الأرزات في السماء، كرمز للأمل. المتظاهرون يحطمون اللافتات، وصوت جعجعو يتردد من خلف الستارة، يهمس بنبرة تشيخوفية يائسة.
جعجعو: (لنفسه) لم أكن أريد هذا! (يبكي بنبرة مبالغ فيها) أردت سنغافورة، أردت الدولار، أردت السيادة! (ينظر إلى الصليب المكسور) حتى أنت خنتني، يا صليبي البلاستيكي! (يحاول الغناء) جعجعة، جعجعة... (لكن صوته يتلاشى في صراخ مضحك)
حسن وبثينة يقفان في مقدمة المتظاهرين، يقودان الهتافات. حسن يرفع الوثائق، يتحدث بنبرة مليئة بالأمل.
حسن: شعب لبنان، هذه ليست نهاية جعجعو فحسب، إنها بداية لبنان الحر! (يشير إلى الكازينو) هذه الصالة كانت رمزًا للخيانة، لكننا سنحولها إلى رمز للأمل!
بثينة: (تصرخ) من الجنوب إلى كل لبنان، المقاومة هي الأمل! (تضحك) وداعًا، يا جعجعو، عُد إلى قبوك! (تقلده) "أنا سيد السيادة، لكن لا أحد يصغي!"
فايز: (يرمي الصليب الخشبي الذي نحته نحو الستارة) هدية أخيرة لك، يا جعجعو! (يضحك) ربما يمكنك بيعه في سوق الخردة!
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الكازينو أصبح رماد! جعجعة، جعجعة، الشعب هو السيد الآن!
عبد القادر: (ينظر إلى السماء) هذه النار ليست مجرد حريق، إنها نار العدالة. (يبتسم) من فلسطين إلى لبنان، سنواصل النضال.
المشهد يتحول إلى داخل قبو مظلم تحت الكازينو، حيث يختبئ جعجعو الآن. يجلس على كرسي مكسور، يحيط به بقايا أوراق نقدية مزيفة وصور ممزقة له مع زبائنه الأجانب. يتحدث إلى نفسه بنبرة مرضية ، ممزوجة بالسخرية .
جعجعو: (يهمس) هذه ليست النهاية. (يضحك بنبرة يائسة) الجعجعة لا تموت! (يحمل صليبًا مكسورًا) سأعود، سأبني كازينو جديد، سأجد زبائن جدد! (يبدأ بالغناء بنبرة مضحكة) جعجعة، جعجعة، سأعود يومًا ما! (لكن صوته يتحول إلى بكاء، يسقط على الأرض)
في الخارج، المتظاهرون يواصلون تحطيم الكازينو. الإضاءة تتحول إلى لون ذهبي، كأنها تعكس أمل الثورة. حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يقفون بين المتظاهرين، يرفعون قبضاتهم. صوت الشعب يتردد: "كفى جعجعة، نريد حياة!"، بينما صوت جعجعو يتلاشى من القبو، كأنه صدى أحلام مفلسة.
الفصل السابع: أنقاض الجعجعة (القسم الأول)
المشهد: أنقاض صالة القمار الرئيسية في كانتون جعجعو، الآن مجرد هيكل محطم يعكس سقوط إمبراطورية جعجعو كابريه. الجدران المخملية ممزقة، تتدلى كأشباح مهترئة، والطاولات المقلوبة مبعثرة كبقايا سفينة غارقة. أضواء النيون السابقة أصبحت زجاجًا محطمًا، وبعضها لا يزال يومض بشكل متقطع، كأنها تحاول يائسة إحياء الماضي. جعجعو يجلس على كرسي مكسور وسط الأنقاض، يرتدي بدلته الحمراء المتسخة، صليبه البلاستيكي مكسور إلى نصفين بجانبه. وجهه مزيج من اليأس والكبرياء المزيف، كشخصية محاصرة في مأساتها الخاصة. أمينو، مساعده الزيتي، يقف بجانبه، يحاول تنظيف بدلته الممزقة بمنديل متسخ، في حركة مضحكة ويائسة. في الخارج، الشعب يحتفل بانتصاره، يرفعون لافتات كتب عليها: "كفى جعجعة، نريد حياة!" حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يقفون بين المتظاهرين، يناقشون الخطوة التالية بنظرات مليئة بالأمل والسخرية. الإضاءة خافتة، تعتمد على ضوء القمر ونيران صغيرة مشتعلة في الأنقاض، مما يضفي طابعًا سورياليًا . رائحة الدخان تملأ المكان، ممزوجة برائحة القهوة المسكوبة والبارود، فيما تعزف موسيقى خلفية هادئة تحمل نغمات مقاومة، ممزوجة بأصوات هتافات الشعب.
جعجعو يبدأ الحوار بنبرة يائسة لكنها لا تزال تحمل لمحة من الكبرياء المسرحي، كما في كوميديا ساخرة، وهو يحاول استعادة هيبته وسط الأنقاض.
جعجعو: (يجلس على الكرسي المكسور، يلوح بيديه كما لو كان لا يزال على خشبة مسرح) هذا ليس النهاية، يا أمينو! (يصرخ بنبرة مضحكة) أنا جعجعو كابريه، سيد السيادة، ملك الدولار! (ينظر إلى الصليب المكسور، يبكي بنبرة تشيخوفية) حتى أنت، يا صليبي البلاستيكي، خنتني! (يحاول الغناء) جعجعة، جعجعة... (لكن صوته يتحول إلى عويل مضحك)
أمينو: (يحاول تنظيف بدلة جعجعو، يتعثر في حطام، يسقط بطريقة مضحكة) سيدي، لا تقلق! (يحاول الوقوف، لكنه ينزلق على ورقة قمار) أمينو هنا لإنقاذك! (يرفع منديله المتسخ كعلم استسلام) ربما يمكننا بناء كازينو جديد... في سوريا؟ (يضحك بحرج، يتلقى نظرة غاضبة من جعجعو)
جعجعو: (يصرخ) سوريا؟ يا أمينو، أنت أحمق أكثر مما ظننت! (يقف، يحاول استعادة رباطة جأشه) لبنان ملكي! (يشير إلى الأنقاض) هذه مجرد... إعادة هيكلة! (يضحك بنبرة يائسة) سأعود، سأجد زبائن جدد، دولارات جديدة! (يتعثر في طاولة مقلوبة، يسقط على الأرض) اللعنة على هذه الأنقاض!
في الخارج، حسن يقف بين المتظاهرين، يتحدث بنبرة مستوحاة من عبد الوهاب المنيف، مليئة بالأمل والعزيمة، لكنه يضيف لمسة ساخرة لتخفيف التوتر.
حسن: شعب لبنان، لقد أسقطنا كازينو جعجعو! (يشير إلى الأنقاض) هذا ليس مجرد حطام، إنه رمز انتصارنا! (يرفع الوثائق) هذه الوثائق كشفت خيانته، لكن أنتم، أنتم من أطحتم به! (يضحك) انظروا إليه، مختبئ كفأر في جحره!
بثينة: (تقف بجانبه، تقود الهتافات) كفى جعجعة، نريد حياة! (تضحك بنبرة غوغولية) جعجعو يظن أنه يستطيع العودة، لكنه نسي أن الشعب هو السيادة الحقيقية! (تقلده) "أنا ملك الدولار!" (ترمي حجرًا صغيرًا نحو الأنقاض) عُد إلى قبوك، يا جعجعو!
فايز: (يحمل عصا خشبية، يلوح بها كسيف) يا جعجعو، أخرج وواجهنا! (يقلده بنبرة مسرحية مبالغ فيها) "أنا سيد السيادة، لكن كازينوي محطم!" (يرمي العصا نحو الأنقاض، لكنها ترتد وتصيبه في رأسه، فيضحك الجميع) أوه، يبدو أنني بحاجة إلى تدريب على التصويب!
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الأنقاض هي المصير! جعجعة، جعجعة، الشعب هو الأمير! (يعزف على عود وهمي) يا جعجعو، حان وقت الرحيل! (يغمز لبثينة) أليس كذلك؟
عبد القادر: (ينظر إلى المتظاهرين ) هذا ليس مجرد انتصار، إنه بداية. (يبتسم) من فلسطين إلى لبنان، الشعب واحد، والنضال واحد. (يضحك فجأة) لكن انظروا إلى أمينو، يحاول إنقاذ بدلة جعجعو كأنه ينقذ تاريخه!
داخل الأنقاض، أمينو يحاول مساعدة جعجعو على الوقوف، لكنهما يتعثران معًا في مشهد كوميدي . أمينو يحمل منديله المتسخ، يحاول تنظيف وجه جعجعو، لكنه يترك بقعًا أكثر.
أمينو: (يبكي بنبرة مبالغ فيها) سيدي، لا تقلق، سأجد لك زبائن جدد! (يحاول رفع جعجعو، لكنهما يسقطان معًا) أوه، ظهري! (يصرخ) لقد كسرت ظهري من أجل سيادتك! (يتلقى حجرًا صغيرًا من متظاهر، يصرخ) توقفوا، هذه بدلتي الوحيدة!
جعجعو: (يصرخ على أمينو) توقف عن البكاء، يا أحمق! (يحاول الوقوف، لكنه ينزلق على ورقة قمار) هذه ليست النهاية! (يلوح بقبضته كما لو كان لا يزال في كازينوه) سأعود، سأبني كازينو جديد، سأجد أسيادًا جدد! (يضحك بنبرة يائسة) جعجعة، جعجعة، لا تموت أبدًا!
في الخارج، يظهر نوافو فجأة، يحاول الفرار من المتظاهرين. عباءته المرصعة ممزقة، وسبحته ملطخة بالطين. يبدو كشخصية محاصرة في مأساة مضحكة.
نوافو: (يصرخ) أنقذوني! أنا زبون مميز! (يحاول دفع متظاهر، لكنه يتلقى طماطسًا أخرى) أوه، هذه ليست الخدمة التي دفعت من أجلها! (يزحف تحت طاولة مكسورة، لكنه يعلق، مما يثير ضحك المتظاهرين)
المشهد يتحول إلى لوحة واقعية سحرية : النيران الصغيرة في الأنقاض ترسم أشكال الأرزات في السماء، كأنها ترمز إلى الأمل المتجدد. المتظاهرون يواصلون الهتاف، وصوت جعجعو يتلاشى تدريجيًا، مغطى بصوت الشعب. حسن يرفع الوثائق، يتحدث بنبرة مليئة بالأمل.
حسن: شعب لبنان، هذه الأنقاض ليست نهاية، إنها بداية! (يشير إلى الكازينو) جعجعو حاول تحويل لبنان إلى ماخور، لكننا سنبني وطنًا حرًا! (يضحك) انظروا إليه، مختبئ كفأر في جحره!
بثينة: (تصرخ) من الجنوب إلى كل لبنان، المقاومة هي الأمل! (تقلد جعجعو ) "أنا سيد السيادة، لكن لا أحد يصغي!" (ترمي حجرًا صغيرًا نحو الأنقاض، يصيب لافتة نيون متبقية فتتحطم)
فايز: (يضحك) يا جعجعو، كازينوك أصبح متحفًا للخيانة! (يقلده) "جعجعة، جعجعة، أين دولاري؟" (يرمي عصاه الخشبية، لكنها تصيب أمينو عن طريق الخطأ، فيصرخ)
أمينو: (يبكي) توقفوا، هذه عصا، ليست دولار! (يزحف بعيدًا، لكنه يعلق في ستارة ممزقة)
المشهد ينتهي بلوحة ساخرة: جعجعو وأمينو محاصران وسط الأنقاض، يحاولان الحفاظ على كبريائهما المزيف، بينما الشعب يحتفل في الخارج. صوت المتظاهرين يتردد: "كفى جعجعة، نريد حياة!"، والإضاءة تتحول إلى لون ذهبي، كأنها تعلن فجرًا جديدًا.
الفصل السابع: أنقاض الجعجعة (القسم الثاني)
المشهد: يستمر وسط أنقاض صالة القمار، حيث تتحول الآن إلى رمز لانهيار جعجعو كابريه وأحلامه الزائفة. الحطام يتناثر في كل مكان: طاولات البوكر المكسورة، الكراسي المحطمة، ولافتات النيون التي كانت تعلن عن "سنغافورة جعجعو" أصبحت الآن مجرد زجاج مدمر. ضوء القمر يتسلل من النوافذ المحطمة، يرسم ظلالاً غريبة على الجدران الممزقة، كأنها لوحة من الواقع السحري تعكس فوضى الواقع. جعجعو يجلس على كومة من الأنقاض، يرتدي بدلته الحمراء المتسخة، يحتضن نصف صليبه البلاستيكي كأنه كنز أخير. أمينو يزحف بجانبه، يحمل منديلاً متسخاً يحاول به تنظيف بقع الطين عن نفسه، لكنه يبدو كشخصية تشيخوفية محاصرة في هزلية مأساوية. في الخارج، الشعب يواصل الاحتفال، هتافاتهم تخترق الجدران: "كفى جعجعة، نريد حياة!" حسن وبثينة وفايز وفؤاد وعبد القادر يقفون بين المتظاهرين، يناقشون مستقبل لبنان بنظرات مليئة بالأمل والسخرية. نوافو الخليجي يظهر في زاوية المشهد، يحاول الفرار عبر ممر ضيق، لكنه عالق بسبب عباءته المرصعة التي تشتبك بالحطام. مايكل الأمريكي وشلومو الصهيوني قد هربا بالفعل، تاركين وراءهم حقائب دولارات ممزقة تتطاير أوراقها في الهواء. الموسيقى الخلفية هي مزيج من هتافات الشعب وأصوات الرياح التي تهب عبر الأنقاض، مع لمحة من أناشيد المقاومة الشعبية. رائحة الدخان تمتزج برائحة القهوة المسكوبة والبارود، مما يضفي طابعاً سوريالياً في أكثر لحظاته سخرية.
جعجعو يبدأ الحوار بنبرة يائسة، يحاول الحفاظ على هيبته المسرحية كما في كوميديا غوغول، لكنه ينهار تدريجياً في بكاء مضحك يذكر بتشيخوف.
جعجعو: (يجلس على الأنقاض، يحتضن نصف الصليب البلاستيكي) هذا ليس النهاية، يا أمينو! (يصرخ بنبرة مبالغ فيها) أنا جعجعو كابريه، درع الوطن، سيف السيادة! (ينظر إلى الصليب المكسور، يبكي) حتى أنت، يا صليبي، تفتت كأحلامي! (يحاول الغناء بنبرة بريختية) جعجعة، جعجعة، سأعود يوماً ما! (لكن صوته يتحول إلى عويل مضحك، يسقط على الأنقاض)
أمينو: (يزحف بجانبه، يحاول تنظيف بدلته المتسخة) سيدي، لا تيأس! (يتعثر في حطام، يسقط بطريقة مضحكة) أمينو هنا، مخلصك الوفي! (يرفع منديله المتسخ كعلم) ربما يمكننا بناء كازينو صغير... في المريخ؟ (يضحك بحرج، يتلقى نظرة غاضبة من جعجعو)
جعجعو: (يصرخ) المريخ؟ يا أمينو، أنت أحمق أكثر من طاولاتي المكسورة! (يحاول الوقوف، لكنه ينزلق على ورقة قمار) لبنان ملكي! (يشير إلى الأنقاض) هذه مجرد... استراحة مؤقتة! (يضحك بنبرة يائسة) سأجد أسياداً جدد، دولارات جديدة! (يتعثر مرة أخرى، يسقط في بركة ويسكي مسكوب) اللعنة على هذه الأنقاض!
في الخارج، حسن يقف على كومة من الحطام، يتحدث إلى المتظاهرين بنبرة ، مليئة بالأمل والعزيمة، لكنه يضيف لمسة ساخرة
حسن: شعب لبنان، هذه الأنقاض هي شاهد على انتصاركم! (يشير إلى الكازينو المحطم) جعجعو حاول تحويل لبنان إلى ماخور، لكنكم أثبتم أن الشعب هو السيادة الحقيقية! (يضحك) انظروا إليه، مختبئ كفأر يحتضن صليبه المكسور!
بثينة: (تقف بجانبه، تقود الهتافات) كفى جعجعة، نريد حياة! (تضحك ) جعجعو يظن أنه سيجد أسياداً جدد، لكنه نسي أن الشعب هو السيد الآن! (تقلده) "أنا ملك الدولار، لكن دولاري تطايرت!" (ترمي ورقة قمار ممزقة نحو الأنقاض)
فايز: (يحمل عصا خشبية، يلوح بها كسيف) يا جعجعو، أخرج من جحرك! (يقلده بنبرة مسرحية) "أنا سيد السيادة، لكن كازينوي رماد!" (يرمي العصا نحو الأنقاض، لكنها تصيب أمينو عن طريق الخطأ، فيصرخ)
أمينو: (يبكي) توقفوا، هذه عصا، ليست دولار! (يزحف بعيداً، لكنه يعلق في ستارة ممزقة) سيدي جعجعو، أنقذني، لقد كسرت ظهري من أجلك! (يتلقى طماطساً من متظاهر، يصرخ) هذه بدلتي الوحيدة!
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الأنقاض هي المصير! جعجعة، جعجعة، الشعب هو الأمير! (يعزف على عود وهمي) يا جعجعو، كازينوك أصبح متحفاً للخيانة! (يغمز لبثينة) أليس كذلك؟
عبد القادر: (ينظر إلى المتظاهرين بنبرة كنفاني) هذا ليس مجرد انتصار، إنه بداية ثورة. (يبتسم) من فلسطين إلى لبنان، النضال واحد، والشعب واحد. (يضحك فجأة) لكن انظروا إلى نوافو، يحاول الفرار كسلحفاة بعباءة مرصعة!
نوافو، الذي يحاول الزحف عبر ممر ضيق، يبدو كشخصية محاصرة في فوضى مضحكة. عباءته تشتبك بالحطام، وسبحته المرصعة تتدلى كرمز لفشله.
نوافو: (يصرخ) أنقذوني! أنا زبون مميز! (يحاول دفع قطعة حطام، لكنه يسقط في بركة ويسكي) أوه، هذه ليست الخدمة التي دفعت من أجلها! (يزحف تحت طاولة مكسورة، لكنه يعلق مرة أخرى، مما يثير ضحك المتظاهرين)
المشهد يتحول إلى لوحة مغموسة بالواقع و السحر معا: النيران الصغيرة في الأنقاض ترسم أشكال الأرزات في السماء، كأنها ترمز إلى الأمل المتجدد. المتظاهرون يواصلون الهتاف، وصوت جعجعو يتلاشى تدريجياً، مغطى بصوت الشعب. حسن يرفع قبضته، يتحدث بنبرة مليئة بالأمل.
حسن: شعب لبنان، هذه الأنقاض ليست نهاية، إنها بداية! (يشير إلى الكازينو) جعجعو حاول سرقة أحلامكم، لكنكم أثبتم أن الأرزة لا تنكسر! (يضحك) انظروا إليه، يحتضن صليبه المكسور كطفل يبكي على لعبته!
بثينة: (تصرخ) من الجنوب إلى كل لبنان، المقاومة هي الأمل! (تقلد جعجعو ) "أنا سيد السيادة، لكن لا أحد يصغي!" (ترمي ورقة قمار أخرى نحو الأنقاض، تصيب أمينو في رأسه)
أمينو: (يصرخ) توقفوا، هذه ورقة، ليست دولار! (يزحف بعيداً، لكنه يسقط في حفرة صغيرة) سيدي جعجعو، أنقذني! (يبكي بنبرة مبالغ فيها) لقد كسرت ظهري من أجل سيادتك!
فايز: (يضحك) يا أمينو، ظهرك كسر من أجل الدولار، ليس السيادة! (يقلده) "سيدي جعجعو، أنقذني!" (يرمي عصاه الخشبية، تصيب لافتة نيون متبقية فتتحطم)
فؤاد: (يغني بنبرة ساخرة) جعجعة، جعجعة، الكازينو أصبح رماد! جعجعة، جعجعة، الشعب هو السيد الآن! (يعزف على عود وهمي) يا جعجعو، وداعاً، عُد إلى قبوك!
عبد القادر: (ينظر إلى السماء، بنبرة كنفاني) هذه النار ليست مجرد حريق، إنها نار العدالة. (يبتسم) من فلسطين إلى لبنان، سنواصل النضال حتى تبنى الأرض الحرة.
المشهد يتحول إلى داخل قبو مظلم تحت الأنقاض، حيث يختبئ جعجعو وأمينو. القبو مليء بصناديق فارغة كانت تحتوي على دولارات مزيفة، وصور ممزقة لجعجعو مع زبائنه الأجانب. جعجعو يتحدث إلى نفسه ، ممزوجة بسخرية سوداء .
جعجعو: (يهمس) هذه ليست النهاية. (يضحك بنبرة يائسة) الجعجعة لا تموت! (يحمل نصف الصليب المكسور) سأعود، سأبني كازينو جديد، سأجد أسياداً جدد! (يبدأ بالغناء بنبرة مضحكة) جعجعة، جعجعة، سأعود يوماً ما! (لكن صوته يتحول إلى بكاء، يسقط على الأرض)
أمينو: (يبكي بجانبه) سيدي، لا تيأس! (يحاول رفع جعجعو، لكنهما يسقطان معاً) ربما يمكننا بيع الأنقاض كتذكارات! (يضحك بحرج) "قطعة من كازينو جعجعو، دولار واحد فقط!" (يتلقى نظرة غاضبة من جعجعو)
المشهد ينتهي بلوحة رمزية: الشعب يحتفل في الخارج، يرفعون لافتات ويغنون أناشيد المقاومة. النيران الصغيرة في الأنقاض تنطفئ تدريجياً، والإضاءة تتحول إلى لون ذهبي، كأنها تعلن فجر لبنان الجديد. صوت جعجعو يتلاشى من القبو، مغطى بهتافات الشعب: "كفى جعجعة، نريد حياة!"
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيبة التريليونات: من خردة الغرب إلى دروع الشرق
-
الضربة الصهيونية لمحمية قطر وسياقات الصراع الإقليمي
-
مقدمة لمسرحية : شايلوك يحلم بريفييرا غزة : وحشية الطمع الاست
...
-
مسرحية: شايلوك يحلم بريفييرا غزة
-
رواية : شجرة الكرز الحزين
-
رواية : امواج الحقيقة الهادرة
-
رواية : لمن ترفع اليافطة !
-
رواية : نبوءة الرياح في شوارع شيكاغو
-
تحالف الإرهاب والمال والنفوذ الصهيوني في قلب فرنسا
-
نهاية عصر لوبيات الصهاينة
-
رواية : كوميديا الفردوس السومري..رواية تاريخية
-
رواية : عبيد ماستريخت: دراكولا كرئيس للمفوضية
-
رواية : صحراء السراب
-
رواية : دموع الأرض المحلقة
-
رواية : أصداء الخفاء
-
رواية: عشرة أعوام من الرماد
-
رواية :رأس ابو العلاء المهشم !
-
رواية: إمبراطورية سامر السريع
-
رواية: أصداء الأفق المحطم
-
رواية : ارض النبض الكربلائي العجيب
المزيد.....
-
محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم
...
-
شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
-
موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون
...
-
إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم
...
-
إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم
...
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
-
ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري
...
-
الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|