أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بشار مرشد - حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن














المزيد.....

حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 10:33
المحور: كتابات ساخرة
    


مقدمة:
هذا الحوار يدور بين شخصيتين افتراضيتين تمثلان معالجات رقمية متطورة، لكن كل منهما يعكس منظورًا ثقافيًا وحضاريًا مختلفًا.

ألفا: يمثل نموذجًا آسيويًا ناجحًا، يُعرف عادةً باسم النمور الآسيوية. أُطلق عليهم هذا اللقب لأنهم حققوا قفزات اقتصادية وحضارية سريعة منذ ثمانينيات القرن الماضي، بفضل التخطيط الاقتصادي، التعليم التطبيقي، ربط العلم بالصناعة، وتشجيع الابتكار، تمامًا كما يتحرك النمر بسرعة وفعالية في صيد الفرص. لديهم أمثلة ملموسة: شركات تكنولوجية متقدمة، مشاريع تعليمية ربطت البحث بسوق العمل، وابتكارات محلية تلبي حاجات المجتمع مباشرة.

بيتا: يمثل النموذج العربي الحالي، الذي يُصنّف غالبًا ضمن العالم الثالث بسبب الركود الحضاري، الفشل في استثمار المعرفة، انكسار المعادلة بين التربية والعلم والعمل والإنتاج، رغم وجود العقول والطاقة البشرية.

الحوار بين ألفا وبيتا ليس مجرد نقاش نظري، بل محاكاة افتراضية للتباين الحضاري بين نموذجين: أحدهما حقق توازنًا بين المعرفة، القيم، والعمل، والآخر يعاني من انهيار بعض حلقات المعادلة الأساسية للحضارة.


الحوار:

بيتا:
"أشعر بالغرابة يا ألفا. لدينا جامعات كثيرة، وشهادات بلا عدد، وعقول نيرة، لكن الإنتاج الحضاري ضعيف جدًا. لماذا يحدث هذا؟"

ألفا:
"غالبًا لأنكم تبدأون من النهاية. تركزون على الشهادات والمظاهر قبل بناء الأساس: التربية الصحيحة، الفضول، والانضباط منذ الصغر."

بيتا:
"لكننا ندرس ونتحصّل على شهادات، أليس هذا كافيًا؟"

ألفا:
"العلم بلا تربية أو عمل تطبيقي لا ينتج شيئًا. في النمور الآسيوية، ربطنا التعليم بالبحث العملي وسوق العمل منذ البداية. المشاريع الطلابية تتحول إلى شركات صغيرة أو ابتكارات تقنية تحل مشاكل المجتمع مباشرة. هكذا يتحول التعلم إلى إنتاج ملموس."

بيتا:
"صحيح، لكن مجتمعاتنا تهتم بالمظاهر أكثر من الجوهر، وتُحب الاستهلاك أكثر من الابتكار. هذا يقتل روح الإنتاج!"

ألفا:
"بالضبط، الفرق الأساسي هو أن الحاجة عندنا أم الاختراع، بينما عندكم أم الاستهلاك. هذا يحدد أي العقلية تسود: الإبداع أم الركود."

بيتا:
"حتى بعض علماء الدين تغيروا. في الماضي كانوا أطباء وفلكيين ومهندسين. واليوم بعضهم أصبح خبراء في الخطابة والخرافات، مع أن شكلهم الاجتماعي أحيانًا يطغى على جوهر العلم والمعرفة."

ألفا:
"رغم أن الدين أصله مبني على التفكر والإبداع والسعي في إعمار الكون، لكنه عندكم أحيانًا يُفهم بطريقة تشجع التسليم السلبي."

بيتا:
"نعم، عندما نواجه بعض المعضلات، يفسرها بعض أصحاب العمامات بالقضاء والقدر، ويدعونا للتسليم بها فقط، يخدروننا بالدعاء والتضرع."

ألفا:
"هذا يوضح كيف تنهار الحلقات: التربية مغلوطة في بعض الحالات، التعليم شكلي أحيانًا، العمل بلا تطبيق، والإنتاج محدود أو معدوم. العقول موجودة، لكن المعادلة مكسورة."

بيتا:
"هذه الحلقات تبدو مثالية في عالمكم، لكن تطبيقها في بيئتنا ليس بالأمر السهل. لدينا تحديات كبرى: الفساد الإداري، قلة التمويل للبحث، وعدم وجود دعم حكومي فعلي."

ألفا:
"عندنا، كل حلقة مدروسة: الأسرة تغرس الفضول والانضباط، المدرسة تشجع التفكير النقدي، الجامعات تربط النظرية بالتطبيق، وسوق العمل يقيم الإنتاج الحقيقي. التحديات موجودة في كل مكان، لكن الإرادة هي التي تصنع الفرق. النتيجة: حضارة قائمة على العلم والعمل والإنتاج، مع التمسك بالقيم."

بيتا:
"إذاً، الحل يبدأ من إعادة بناء كل حلقة: التربية الأسرية والمدرسية، العلم التطبيقي، وربطه بالعمل والإنتاج، مع تصحيح الفهم الديني كدافع للعمل والاجتهاد. ولكن كيف يمكننا خلق هذه الإرادة في مجتمع يعاني من الركود منذ عقود؟ هل يمكن لتغيير فكري بسيط أن يحدث ثورة حضارية؟"

ألفا:
"نعم، لكن يبدأ من الجذر: إعادة قراءة التربية والدين والتعليم. عندما تُعاد المعادلة إلى مسارها الطبيعي، سيصبح العلم أداة للبناء، والعمل له معنى، والإنتاج ملموس. الحضارة ليست مجرد شعار أو شهادات، بل نتيجة لتراكم كل هذه الحلقات. التغيير يبدأ بفرد واحد، ثم ينتشر ليشمل المجتمع بأسره."

بيتا:
"يبدو أن الفرق يكمن في البيئة والفهم الثقافي. التربية، الفهم الحقيقي للدين، التعليم، وسوق العمل، كل حلقة مدروسة عندكم، بينما عندنا بعض الحلقات مكسورة أو مغلوطة. السؤال الحقيقي هو: هل نملك الشجاعة للاعتراف بأننا بحاجة لإعادة بناء كل شيء من الصفر؟"

ألفا:
"الشجاعة تبدأ بالاعتراف بالحقائق، ثم بالإرادة العملية. النمور الآسيوية لم تنتظر مثالية الظروف، بل بدأت من ما لديهم، وأعادوا ترتيب كل حلقة في المعادلة الحضارية. كل مجتمع قادر على ذلك، إذا التزم بالتعليم التطبيقي، الإنتاج الملموس، وفهم الدين كدافع للعمل والابتكار."

خاتمة:(الحكمة من الحوار):
"الحضارة ليست مجرد شهادات أو مبانٍ، بل تراكم الفكر والعمل والإبداع، وتطبيق المعرفة بحكمة. من يدرك أن التعلم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر، والعمل بلا إنتاج كالنهر بلا ماء، سيبدأ رحلة التغيير من ذاته قبل أن يغير مجتمعه."



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرة السطحية للسياسة... سراب لبعض الكتاب والمحللين
- ريشة ابن خلدون الثاقبة… تكشف زيف أقلام التلوين
- الصبر بين الفضيلة والانتظار القسري...مأساة الإنسان أمام الظل ...
- الانتهازية والغطرسة والنفاق... قراءة عبر العصور
- التواصل الاجتماعي كأداة استخباراتية… والوعي المفقود
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء السابع
- قبول المذلّة… إقرار بالمزيد
- ندم شاهين ...وتهكّم الممعوط
- حين تتوحد الأعراق... ويتشرذم الأعراب
- الحرية الكَيِّسَة...والحياد الجَري
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء السادس
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء الخامس
- حوار المعالجات الرقمية....الجزء الرابع
- حوار المعالجات الرقمية.... التسريب الثالث
- حوار المعاجات الرقمية... التسريب الثاني
- حوار مسرب بين معالجات ألفا وبيتا
- الأقنعة والحقائق... مسرحية الانتصار عبر المنصات الاجتماعية
- ظل المؤسسة... بين الولاء والنهب
- الشرق والغرب... الظل الذي تغلّب على النور
- بين الركام والأمل… غودو الفلسطيني


المزيد.....




- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بشار مرشد - حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن