أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد سليمان - بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟














المزيد.....

بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 08:36
المحور: المجتمع المدني
    


تشهد محافظة السويداء منعطفًا خطيرًا بعد إعلان وزارة الخارجية السورية، بدعم إقليمي ودولي، عن "خارطة طريق" تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار ومعالجة جذور الأزمة. في المقابل، جاء رد "اللجنة القانونية العليا في السويداء" بلغة متشنجة، رافضًا أي صيغة للمصالحة، وملوّحًا بحق تقرير المصير والانفصال.
هذا التباين يطرح تساؤلات جوهرية: هل يعكس البيان الرافض إرادة جميع أبناء السويداء، أم أنه يمثل موقفًا محدودًا؟ وهل يقود خطاب الرفض إلى حماية المجتمع أم إلى عزله وإفقاده أي أفق سياسي؟

محاولة لفتح مسار تفاوضي:

رغم الملاحظات العديدة على البيان الرسمي الصادر في 16 أيلول 2025، فإنه يُعد خطوة مهمة تسعى إلى الإنصاف وملاحقة جميع المتورطين في الأحداث.
لم يقتصر البيان على تأكيد وقف إطلاق النار، بل تضمّن إجراءات عملية، منها تشكيل مجالس محلية، إنشاء قوة شرطية من أبناء المنطقة، والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية.
ورغم ما يمكن توجيهه من انتقادات، فإن هذه الخطة تمثل منصة أولية للحوار، تفتح المجال لتوسيع المشاركة المحلية والإقليمية في معالجة الأزمة، بدلًا من إغلاق الأبواب أمام أي تفاهم محتمل.
البيان الرافض: لغة حادة وخيارات قصوى
في المقابل، وصف بيان اللجنة المصالحة بأنها "مسرحية قضائية"، واعتبر القانون السوري "واجهة لتبييض الجرائم"، وصولًا إلى طرح خيار الانفصال كبديل أخير.
هذا الخطاب، بحسب مراقبين محليين، لا يعكس تقاليد السويداء القائمة على الحكمة والتشاور، بل يعبّر عن موقف متصلّب يرفض أي مساحة للنقاش أو الحلول الوسط.

غياب التشاور المجتمعي:

السؤال الذي يفرض نفسه: هل استُشير وجهاء العشائر، رجال الدين، الشباب، والنساء قبل إصدار البيان؟
الواقع أن كثيرين فوجئوا به، ما يشير إلى أنه لم ينبثق عن حوار مجتمعي واسع، بل عن موقف سياسي محدود. غياب التمثيل الحقيقي يجعل البيان عامل انقسام داخلي، لا أداة لحماية الحقوق.

تناقضات في البيان الرافض:

1. ازدواجية العدالة
رفض القانون السوري دون تقديم بديل عملي لتنفيذ العدالة الدولية، التي تتطلب تنسيقًا مع الدولة، يضعف الموقف الحقوقي.
2. انتقائية الاتهام
تصوير الحكومة كخصم وحيد، وتجاهل مسؤوليات بقية الأطراف، يخلق صورة غير متوازنة للعدالة.
3. التصعيد بدل التهدئة
في وقت يتطلع فيه الأهالي إلى الأمن والخدمات، يُطرح خيار الانفصال، وهو الأكثر خطورة والأبعد عن التوافق.
أثر الخطاب على الرأي العام:
محليًا:
عبّر كثيرون عن خشيتهم من أن يؤدي الخطاب المتشدد إلى عزلة خطيرة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية.
إقليميًا:
حذّرت أطراف من أن الدعوة إلى تقرير المصير قد تُستغل لتمرير مشاريع تقسيمية لا تخدم أبناء السويداء.
دوليًا:
من الصعب أن يتبنى المجتمع الدولي مثل هذه المواقف ما لم تصدر عن عملية تمثيلية واسعة تعكس إرادة مجتمعية حقيقية.

مطلب الانفصال كشعار:

رغم جاذبيته لدى البعض كخيار احتجاجي، فإن الانفصال يواجه عقبات كبرى:
- غياب الاعتراف الدولي: لا يُعترف بانفصال مناطق عبر بيانات لجان محلية دون مسار تفاوضي طويل.
- الواقع الاقتصادي: السويداء تعاني من نقص حاد في الموارد، والانفصال سيضاعف أزماتها.
- المخاطر الأمنية: فرض استقلال ذاتي دون توافق وطني قد يفتح الباب لصراعات مسلحة.

دروس من التجربة السورية:

المواقف المتطرفة، غالبًا ما تُغلق الأبواب بدل أن تفتحها.
السويداء، بتاريخها الوطني، تستحق مسارًا يضمن العدالة والكرامة، لا أن تُحشر في زاوية الانفصال أو الإقصاء.

الحاجة إلى رؤية أوسع:

البديل المنطقي هو تطوير خارطة الطريق لتشمل:
- ضمانات حقوقية واضحة
- آليات محاسبة مستقلة
- إشراك فعلي لوجهاء المجتمع المدني

هذا النهج لا يعني التسليم بطرح الحكومة، بل تحويل الاتفاق إلى منصة ضغط إيجابية تضمن الحقوق وتفتح الباب أمام دور دولي جاد في الرقابة والمحاسبة.

السويداء أمام مفترق خطير:

بين خارطة طريق تحاول فتح مسار واقعي وبيان رافض يرفع شعارات قصوى، يقف أبناء السويداء أمام مفترق طرق مصيري.
البيان الصادر عن اللجنة القانونية العليا قدّم نفسه كصوت أهالي المحافظة، لكنه لم يوضح إن كان قد استند إلى تشاور شامل. غياب هذا التشاور يجعله أقرب إلى إعلان منفرد يهدد وحدة الصف.
وفي وقت يحتاج فيه السوريون جميعًا إلى دولة مواطنة عادلة تُحاسب الفاسدين والمنتهكين للحقوق، فإن إغلاق الأبواب أمام أي حوار يعرّض السويداء لمخاطر أكبر.
المستقبل لن يُبنى على الانعزال أو الشعارات القصوى، بل على المشاركة، العدالة، والمساءلة.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...
- العدالة العمياء: كان يجب أن يترافق تعليق قيصر مع مذكرة اعتقا ...
- اعتقال الرئيس الافتراضي لسوريا /صابر شرتح
- وصل إلى السلطة بفضل الثورة… فهل يُبرّر الإنكار؟
- بين جمهوريتين: برلمان ما بعد الحرب هل يمهّد الطريق لسوريا جد ...
- سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...
- سوريا : ضرورة إبرام -اتفاقية أخلاقية- في فضاء النشر المفتوح ...
- الانفصال لا يُقرّره فرد أو تكتل، بل يُحسم بالدستور الوطني - ...
- من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة ...
- الإعلان الدستوري: بين ضرورته السياسية وتهديده لمدنية الدولة
- مشيخة رقابة الدولة - ظاهرة خفية خلف إدارة الدولة السورية
- العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري
- أحداث الساحل – قراءة في نتائج لجنة تقصي الحقائق وتوصيات لضما ...


المزيد.....




- وقفة تضامنية مع -معتقلين سياسيين- في تونس
- وقفة تضامنية مع -معتقلين سياسيين- في تونس
- إعلام عبري: اعتقال شخص حاول اقتحام مبنى السفارة -الإسرائيلية ...
- إسبانيا تشكل فرق عمل خاصة للتحقيق في جرائم حرب الإبادة بغزة ...
- إسرائيل تواصل قصف غزة والرعب يطارد النازحين
- الأمم المتحدة: نزوح مستمر في غزة والسكان يتدفقون إلى جنوب ال ...
- مصابان باعتداءات الاحتلال بالضفة وحملة اعتقالات بالخليل
- اعتقالات بالخليل وسرايا القدس تستهدف آلية للاحتلال في رام ال ...
- بعد رفض واشنطن منحه تأشيرة.. الأمم المتحدة تجيز للرئيس الفلس ...
- -هند رجب- تشتكى جندي إسرائيلي متهم بجرائم حرب في غزة.. يستجم ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد سليمان - بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟