أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - سوريا بين طمس الهوية وهيمنة العقل الصحراوي والتكفيري














المزيد.....

سوريا بين طمس الهوية وهيمنة العقل الصحراوي والتكفيري


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد سقوط نظام الأسد، برزت في الاشهر الأخيرة تحولات خطيرة تهدد التركيبة الديموغرافية والثقافية السورية... ؛ فقد بدا واضحاً أن هناك تلاعباً مقصوداً بالهوية السكانية، يتجلى بدءاً من تركيبة ما يسمى بـ"حكومة أحمد الشرع (الجولاني)"، التي تضم في معظمها عناصر ذات جنسيات أجنبية، وصولاً إلى عشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب الذين مُنحوا الجنسية السورية لأهداف سياسية وأمنية، وانتهاءً بعمليات النزوح الداخلية المنظمة من الأطراف والبوادي إلى قلب المدن السورية والمدن الساحلية .
هذا التدفق لم يقتصر على حركة انتقال سكانية طبيعية، بل حمل معه تراثاً بدوياً صحراوياً متشدداً، وأفكاراً سلفية أصولية، تعمل السلطة الحالية على رعايتها وتغذيتها، لتفرض نفسها على المدن الحضارية كسلوكٍ بديل، ولتجعل من أنماط العيش الخشنة قاعدة على حساب الإرث الاجتماعي الراقي والثقافة المدنية السورية.
إن ما يجري اليوم هو عملية ممنهجة لطمس الهوية الثقافية والتاريخية السورية، حيث تُستبدل الرموز المدنية والثقافية بمنطق القبيلة والشيخ والسيف ... ؛ أدوات هذه العملية واضحة: القمع، الترهيب، التكفير، الإقصاء، والقتل الجماعي... ؛ بل وصل الأمر إلى عمليات ترحيل وتهجير قسري للفئات غير المرغوب بها – من علويين وشيعة ودروز وغيرهم – ليحل محلهم الأجانب والدخلاء ومن لف لفهم ، في مخطط يراد له أن يغير وجه سوريا الديموغرافي والثقافي ويعيدها قروناً إلى الوراء بحجة احياء الدولة الاموية .
إن ما يجري ليس مجرد تبدل في السلطة، بل هو استعارة تاريخية لبعث "سوريا الأموية" بوصفها نموذجاً للحكم الأحادي المتسلط ، حيث تُختزل الدولة في قبيلة وزعيم وسيف... ؛ إنها محاولة لإعادة إنتاج نظام هيمنة رجعي متخلف، يقوم على إقصاء الآخر المختلف، ومصادرة حقوقه المدنية والدستورية، وصولاً إلى ممارسة الإبادة الجماعية والتعذيب والتهجير.
لكن إنقاذ سوريا لا يكون بالعودة إلى خطاب نظام الأسد وحزب البعث ، الذي هو الآخر أسهم في إضعاف الثقافة المدنية وتشويه الهوية الوطنية... ؛ المطلوب اليوم هو بناء خطاب تنويري بديل، تتبناه نخب فكرية وثقافية حرة، قادرة على انتشال البلاد من هيمنة "العقل الصحراوي المستبد"، وفك ارتباطها بالأوهام التاريخية وخرافات السيف والقبيلة.
نعم إن المهمة شاقة، لكنها ليست مستحيلة... ؛ فالتاريخ علمنا أن الشعوب قادرة على النهوض مهما كان الخراب شاملاً... ؛ ان ما يحتاجه الشعب السوري اليوم هو ثورة مضادة وبديلة ؛ ثورة تبدأ من المقاومة الفكرية والمعرفية، ومن إعادة سوريا رويداً رويداً إلى خارطة الحضارة والمدنية، بعد أن مزقتها العقول الهمجية القادمة من الصحراء ومن دهاليز المخابرات الاجنبية المظلمة ؛و المحمّلة بالثأر والكراهية والانتقام والاجرام .
إن الرهان على سوريا ليس مجرد رهان سياسي أو عسكري، بل هو رهان على الثقافة والمدنية، وعلى استعادة دورها كجسر حضاري وإنساني في الشرق... ؛ فإما أن تنتصر سوريا للإنسان وللعقل وللحرية، وإما أن تُسحق تحت ثقل البداوة والهمجية والتكفير والطائفية .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيانة في العراق … الدونية المتوارثة
- الوقاحة… الوجه العاري لانهيار القيم
- مشروع الهوية الرافدينية : نحو تأصيل وطني يتجاوز الطائفة والع ...
- مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (4)
- لا تعارض في البين : هوية الاغلبية في طول الهوية الوطنية لا ف ...
- مصير الأغلبية بين ثنائية الدونية والشعارات والبرامج الطوباوي ...
- جنوب العراق :أرض الثروة والإهمال ... المحطات السياسية والاقت ...
- فشل الإعلام الحكومي في معركة الوعي: العراق بين عجز الداخل وه ...
- وادي حوران بين النصر الأمني والرسائل الاستراتيجية
- حملات إزالة التجاوزات في العراق: لعبة انتخابية أم صراع على ا ...
- صرخة في مشهد: الزوار العراقيون بين قدسية المكان وسرقة الكرام ...
- أوكسجين الشفاه
- مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (3)
- نزع سلاح الشيعة... حين يصبح الحشد عقبة أمام مشروع التفكيك
- مافيا الأراضي في العراق: عندما يتحالف السلاح والفساد ضد الوط ...
- آليات التفكير بين الإبداع والتسطيح: دراسة في أنماط التفكير و ...
- العراق يفتح الأبواب… بينما تغلقها الدول الكبرى والانظمة الاق ...
- بين دقة الاغتيال ووحشية الإبادة.. لماذا تختار القوى الكبرى ا ...
- رفع الأعلام الأجنبية بين السيادة الوطنية والرمزية الدينية: ج ...
- حين يربح الضبع وتُهزم الغزالة


المزيد.....




- أرملة مالكولم جمال وارنر تعلن عن إنشاء مؤسسة لتكريم ذكراه
- في مقهى -أوكتان- الأمريكي.. روبوتات تُعد وتُقدّم لك القهوة
- مدينة غزة قبل وبعد.. صور تبين حجم الدمار الواسع
- عائلات الرهائن الإسرائيليين يقولون لنتنياهو أنت -العائق الوح ...
- فرنسا: فتح تحقيق ضد رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي ...
- الاحتلال يخطط لتوسيع مستوطنة أرئيل ويعتقل العشرات بالضفة
- تطبيق ألعاب يقود ثورة في نيبال وينتخب رئيسة للوزراء
- مزيج دوائي يحمي الفئران من الإنفلونزا بشكل كبير
- قمة الدوحة في مواجهة خطط إسرائيل للهيمنة
- مارك هاس للجزيرة نت: الدول الكُبرى تشيخ ولا تقدر على حرب طوي ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - سوريا بين طمس الهوية وهيمنة العقل الصحراوي والتكفيري