أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - أحداث 11 أيلول وإعادة تشكيل النظام العالمي: قراءة معمّقة في إرث لم ينتهِ بعد















المزيد.....

أحداث 11 أيلول وإعادة تشكيل النظام العالمي: قراءة معمّقة في إرث لم ينتهِ بعد


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 17:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
يُعدّ الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 نقطة فاصلة في التاريخ المعاصر، حيث تحوّل من مجرد "هجوم إرهابي" إلى لحظة مفصلية أعادت تشكيل النظام العالمي. فقد أسفرت الهجمات عن مقتل 2977 شخصاً (١)، لكنها في الوقت ذاته فجّرت ما يشبه "زلزالاً جيوسياسياً" لا تزال ارتداداته تتردد بعد أكثر من عقدين.
لقد بدّل هذا الحدث مفهوم الأمن القومي، وأطلق "الحرب على الإرهاب"، وأعاد ترتيب موازين القوى في الشرق الأوسط، وأثر بعمق في الحريات المدنية، وأطلق موجة جديدة من التنظيمات المتطرفة.

إعادة رسم المشهد العالمي
الهجمات لم تُقرأ في واشنطن باعتبارها جريمة عابرة، بل اعتُبرت "إعلان حرب". وفي خطاب شهير للرئيس الأميركي جورج بوش الابن، أعلن "الحرب العالمية على الإرهاب"، التي امتدت إلى كل مكان يُشتبه بوجود تنظيمات متشددة فيه (٢).
الحرب في أفغانستان (2001): الهدف المعلن كان إسقاط نظام طالبان الذي وفر ملاذاً آمناً للقاعدة.
الحرب في العراق (2003): بررت واشنطن الغزو بحجة "أسلحة الدمار الشامل" وعلاقة بغداد بالإرهاب، لكن هذه الادعاءات لم تُثبت لاحقاً (٤).
النتيجة كانت كلفة بشرية واقتصادية هائلة: نحو 5 تريليونات دولار نفقات عسكرية (٢)، وأكثر من 7 آلاف قتيل من الجنود الأميركيين، إضافة إلى نحو مليوني مدني قضوا في العراق وأفغانستان وحدهما (٤). لقد تحولت "الحرب على الإرهاب" إلى حرب استنزاف طويلة، غيّرت صورة الولايات المتحدة في العالم من "قوة منقذة" إلى "قوة محتلة".

ثورة أمنية في السفر والتنقل
قبل 11 سبتمبر، كان السفر الجوي تجربة أقل تعقيداً بكثير. الإجراءات الأمنية اقتصرت على المرور عبر أجهزة كشف المعادن. لكن بعد الهجمات، أُعيد تعريف السفر:
تأسست إدارة أمن النقل الأميركية (TSA).
فرضت قيود صارمة على السوائل، والأحذية، والأجهزة الإلكترونية.
تعزيز أبواب قمرة القيادة وجعلها محصنة ضد الاقتحام.
هذه الإجراءات، التي وُصفت أحياناً بـ"ثقافة الخوف"، انتشرت عالمياً، فأثرت في المطارات من أوروبا حتى آسيا (٦). ورغم الانتقادات، صارت جزءاً من "الواقع الجديد" للمسافرين.

الشرق الأوسط – الساحة المركزية للصراع
أصبحت المنطقة العربية والإسلامية منذ 2001 مسرحاً رئيسياً للصراعات الدولية.
اللافت أن 15 من أصل 19 منفذاً للهجمات كانوا سعوديين (١)، ما أثار أسئلة عن علاقة دول الخليج، لكن أميركا اختارت أن تبدأ الحرب من أفغانستان ثم العراق.
في العراق: أدى الغزو إلى إسقاط نظام صدام حسين، لكنه أيضاً فجّر صراعات طائفية وانهياراً في مؤسسات الدولة (٥).
في أفغانستان: ورغم سقوط طالبان سريعاً عام 2001، فإنها عادت إلى الحكم بعد الانسحاب الأميركي في 2021، ما أظهر محدودية الحل العسكري (٩).
تحولت المنطقة إلى "مختبر للسياسات العالمية"، حيث تقاطعت مشاريع الهيمنة الأميركية مع طموحات قوى أخرى كروسيا وإيران وتركيا.

ولادة تنظيمات أشد تطرفاً
الهجمات أعطت القاعدة زخماً كبيراً، لكنها أيضاً فتحت الباب أمام نشوء تنظيمات أكثر عنفاً.
من رحم القاعدة ونتيجة للفوضى في العراق، وُلد تنظيم "داعش"، الذي أعلن "الخلافة" عام 2014، وسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا (٥).
هذا التنظيم تجاوز في دمويته وتكتيكاته ما فعله بن لادن، واستخدم أدوات إعلامية حديثة لبث الرعب عالمياً. لقد نقل الإرهاب من معسكرات الجبال إلى مدن أوروبا وآسيا وأفريقيا.

الحريات وحقوق الإنسان تحت الضغط
أمام تهديد الإرهاب، اتجهت الحكومات – وخاصة الولايات المتحدة – إلى سن قوانين تقيّد الحريات الفردية:
قانون باتريوت آكت: وسّع صلاحيات المراقبة والتجسس على الاتصالات (٢).
معتقل غوانتانامو: أصبح رمزاً لانتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان، حيث احتُجز مئات الأشخاص لسنوات دون محاكمة عادلة (٢).
هذا التوجه أثار جدلاً بين من رأى أن "الأمن يسبق الحرية"، ومن اعتبر أن التنازل عن الحقوق الأساسية يحقق للإرهابيين ما يريدونه.

محاكمات مثيرة للجدل
حتى بعد عقدين من الهجمات، ظل ملف المحاكمات عالقاً. ففي عام 2024، توصّل ثلاثة من أبرز المتهمين، وهم خالد شيخ محمد ووليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، إلى اتفاق قضائي يقضي بالاعتراف بالذنب مقابل تجنب الإعدام (١٠).
الصفقة أثارت استياء عائلات الضحايا، الذين رأوا فيها "خيانة للعدالة"، بينما اعتبرها آخرون خطوة براغماتية لإنهاء أطول قضية جنائية في التاريخ الأميركي الحديث.

النظام العالمي بعد عقدين
بعد مرور 23 عاماً، يتضح أن تداعيات 11 سبتمبر لم تكن آنية بل ممتدة:
التنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش) ما تزال نشطة في اليمن وأفريقيا وآسيا الوسطى (٣)(٧).
المنطقة العربية تعرّضت لموجات احتجاجية (الربيع العربي 2011) سرعان ما تحولت إلى صراعات مسلحة.
الولايات المتحدة انسحبت من أفغانستان تاركة طالبان تعود للحكم، في مشهد رآه كثيرون "هزيمة استراتيجية" (٩).
هذا الواقع دفع صانعي القرار في الغرب إلى إعادة التفكير: فالقوة العسكرية وحدها لا تكفي، كما عبّر جوزيف بوريل بقوله: "كسب القلوب والعقول هو المعركة الحقيقية" (٩).

خاتمة
لقد كانت هجمات 11 سبتمبر حدثاً مفصلياً غيّر العالم: من الأمن والسفر إلى الحريات والحقوق، ومن سقوط أنظمة إلى ولادة تنظيمات متطرفة، ومن تدخلات عسكرية إلى تغييرات في الاستراتيجيات الدولية.
لكن الأسئلة الكبرى ما تزال مطروحة:
إلى متى سيستمر هذا "الإرث الثقيل"؟
من المستفيد من إطالة أمد الصراعات؟
وهل يمكن للعالم أن يتجاوز عقلية "الحرب على الإرهاب" ليبني نظاماً أكثر عدلاً وسلاماً؟
إن ما بعد 11 سبتمبر ليس مجرد تاريخ، بل حاضر مستمر، وربما مستقبل لم تُكتب فصوله الأخيرة بعد.

—------------&&&
المراجع
هجمات 11 سبتمبر - ويكيبيديا العربية
هجمات 11 سبتمبر - BBC News عربي
9/11 FAQs - National September 11 Memorial & Museum
أميركا تحيي ذكرى هجمات 11 سبتمبر وتتعهد بعدم تكرارها - الجزيرة نت
كيف أثرت أحداث 11 سبتمبر على منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط؟ - BBC
كيف غيّرت هجمات 11 سبتمبر إجراءات السفر؟ - BBC
في ذكرى هجمات 11 سبتمبر، التزام أممي بعدم نسيان الضحايا - UN News
ترامب: أميركا قوية وهجمات 11 سبتمبر لن تتكرر - الجزيرة نت
20 عامًا على 11 أيلول/ سبتمبر: بيان من الممثل الاعلى للاتحاد الأوروبي - EEAS
خالد شيخ محمد: اتفاق قضائي لتخفيف الحكم عن ثلاثة متهمين - BBC



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صراع المصالح إلى الفيدرالية: قراءة في الأوضاع الجيوسياسية ...
- طبول الحرب على أبواب أوروبا: بين اختبار الناتو وهاجس الحرب ا ...
- محاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة: قراءة في المؤشرات والتداع ...
- بارزاني: سلام معلق في سوريا.. ومخاوف من تكرار سيناريو داعش ف ...
- تركيا بين تصدير الأزمات الداخلية واللعب بالورقة السورية
- اللامركزية في العراق وسوريا: هل تكون مفتاح العدالة والاستقرا ...
- اللامركزية في سوريا… بين الانتخابات المثيرة للجدل وحتمية الت ...
- باريس تكرّم البيشمركة: تكريم رمزي أم بداية لتحوّل سياسي في ا ...
- تركيا وسوريا بين أوجلان و-التسوية المؤجلة-: هل يقترب زمن الح ...
- محاولات طمس الهوية الكُردية في إيران:
- تركيا بلا إرهاب أم سوريا بلا سيادة؟ جدلية الصراع على مستقبل ...
- طمسُ الآثار والذاكرة الكُردية
- الحوار السوري-السوري: جسور من الثقة فوق بحر من التعقيدات
- التحول التركي في سوريا: من الوحدة إلى الفيدرالية
- تفكك يوغوسلافيا وملامح سوريا: الهويات حين تُكتب بالدم
- سوريا بين تفكك السلطة المركزية وصعود الأقليات: مفترق طرق إقل ...
- هل اقتربت ساعة الصفر للتصادم التركي–الإسرائيلي؟
- أوجلان ومسلم: بين خطاب الاندماج ومأزق الشعارات
- الصراع على سوريا إلى أين؟.. ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإق ...
- نحو اتحاد ديمقراطي يعيد صياغة مستقبل سوريا


المزيد.....




- خلافات حول خطة السيطرة على غزة: آيزنكوت يحذر من -حماقة ستكلف ...
- الشرع يستقبل قائد -سنتكوم-.. تعاون استراتيجي جديد بين دمشق و ...
- رفض إسرائيلي وترحيب فلسطيني بـ -إعلان نيويورك- حول -حل الدول ...
- فرنسا وألمانيا وبريطانيا تحث على -وقف فوري للعمليات العسكرية ...
- الأجهزة الأمنية تحذر من عملية غزة ونتنياهو يصر على تنفيذها
- فرنسا وألمانيا وبريطانيا تدين الهجوم الإسرائيلي على قطر
- مقتل شخص في غارة من مسيّرة إسرائيلية على جنوب لبنان
- الصين تنفي علمها بمسيّرات تستخدمها قوات الدعم السريع بالسودا ...
- مجلس الأمن يمدد حظر الأسلحة على دارفور
- من النوبة إلى القاهرة.. رحلة -ضي- المليئة بالمصاعب


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - أحداث 11 أيلول وإعادة تشكيل النظام العالمي: قراءة معمّقة في إرث لم ينتهِ بعد