أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - الحداثة..التبعية..و المقاومة















المزيد.....

الحداثة..التبعية..و المقاومة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1824 - 2007 / 2 / 12 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الحقيقة يمكننا أن نرصد منذ وقت مبكر للغاية هذا الفصام بين الدعوة للتحديث و الخطابات النهضوية التي دعت لتثوير الشرق و نقله إلى اللحظة التاريخية الراهنة و بين حالة المقاومة لهيمنة الاستعمار الغربي..يمكننا أن نرصد هذا الخصام و الافتراق بين خطابين أساسيين يقتسمان المشهد السياسي و الفكري بين من يدعو لتحديث الشرق و نهضته حضاريا و بين من يدعو إلى التمسك بالهوية في مواجهة الغزو الخارجي..هنا يحضر الغرب الذي استفز الصدام معه المياه الراكدة في شرق كان يغفو على وقع موسيقى الدراويش كنموذج و خصم في آن واحد..هذه الازدواجية جعلت من المبرر لكلا الخطابين أن يذهب بعيدا في أطروحاتهما و في محاولتهما لخلق مرجعية فكرية سياسية تخدم هدف التحشيد و التعبئة خلف كل من الخطابين..كانت مرجعية الخطاب الحداثي تعتمد لحد كبير على فكر الأنوار العقلاني في محاولة لتأسيس حالة نقدية جذرية تجاه الوضعية الراهنة للمجتمع بنية و وعيا..نذكر مثلا المقاربة الديكارتية القائمة على الشك لطه حسين لتاريخية الأدب الجاهلي بل لتاريخية كثير من الأحداث و الأشخاص في التاريخ ذات الارتباط بالمقدس و سرده التاريخي..لكن حضور الغرب هنا كنموذج و كنمط تفكير و ليس كمشروع هيمنة اقتصادي سياسي عسكري عالمي إمبريالي مهد لموقف يمكن اعتباره نسخة سلبية عن المركزية الأوروبية عن موقف يقول بدور تثويري لمشروع الاستعمار الغربي..نذكر أن الخطاب النهضوي اشتمل على مقاربات على النمط الأتاتوركي دعت للقطيعة مع الماضي كسبب للتخلف دعت لفرعونية مصر و استخدام العامية و حتى الأحرف اللاتينية في الكتابة..طبعا كان الخطاب النهضوي الحداثي يضم مقاربات لموضوعة تخلف الشرق متباينة في قراءتها لأسباب التخلف و احتمالات النهوض بالشرق..يمكننا أن نستذكر مثلا محاولات إصلاحية ظهرت داخل المؤسسة الدينية دعت للأخذ بأسباب التقدم التقنية مع تطبيق بعض الإصلاحات السياسية و الاجتماعية مقابل الاحتفاظ بالهوية – الأفغاني لكن هذه الدعوة استدعت مقاربة عقلانية استلهمت من عقلانية الفرق الإسلامية ( المعتزلة و القدرية ) في مقاربة قضايا العلاقة بين العقل و النص و أطروحات مشهورة تاريخيا كالقدر ( وقف الإمام محمد عبده موقفا عقلانيا خالصا من هذه القضايا ) و كانت هناك في المقابل مقاربات تبنت الجانب العقلاني النقدي في المنتوج الفكري الغربي كالداروينية و الاشتراكية ( السان سيمونية , الفابية و حتى الماركسية ) شبلي شميل و سلامة موسى..هنا سنجد موقف "الحركة الوطنية المصرية" موقفا غائم المعالم فرغم أنها امتلكت على الدوام جانبا تنويريا ما لكنها أبدا لم تعتبر قضيتها المركزية قضية تثوير الشرق و نذكر أنه عندما تعرضت آراء طه حسين الجريئة في كتابه الشعر الجاهلي للهجوم كان مثقفو الأحرار الدستوريين خصم الوفد الأساسي هم من تصدوا لهذا الهجوم و نعرف أن العقاد مثقف الوفد الأبرز كان يحاول مصالحة الوعي السائد التقليدي مع حالة "إصلاحية معتدلة" رغم أنها احتوت أطروحات حداثية جدية تتجاوز مثلا الإنكار التقليدي لضرورة أو جدوى اللجوء للعقل ( من تمنطق فقد تزندق ) في محاولة لإثبات فكرة ابن رشدية في عدم تناقض العقل و النقل و لو أنها لم تذهب بعيدا كما فعل ابن رشد إلى القول بأسبقية العقل و تقديمه في حالة "تناقض ظاهري" بين المرجعيتين..كان تبني الحركة الوطنية المصرية لخطاب نهضوي جذري مترددا أخذا بعين الاعتبار قاعدة قيادتها السياسية الإقطاعية أساسا و إذا كان هذا صحيحا بالنسبة "للبرجوازية المصرية" فهو كان ينطبق بشكل أكبر على البرجوازية السورية التي و إن امتلكت بعض قياداتها الهامة خطابا نهضويا صريحا كالشهبندر لكن القوى الأبرز و الأكثر تأثيرا فيها كانت القوى التقليدية التي لم تكن لتدعم خطابا نهضويا تثويريا إزاء بنية المجتمع و وعيه السائدين..طبعا كانت دعوات التحديث قد استثارت رد فعل قوي تمثل في رميها بالعمالة للأجنبي و أنها مجرد طابور خامس لاستعمار يريد الانقضاض على الإسلام..بدأ هذا يتخذ شكلا منظما أكثر نذكر مساجلات الرافعي الساخنة ضد آراء طه حسين ثم ظهور أفكار البنا فالإخوان المسلمين الذين تمركز خطابهم حول قضية مواجهة أطروحات الحداثيين في الداخل و ثقافة الغرب "المادية"..كان واضحا أن الحركة الوطنية التي تشكلت في المشرق في إطار صراعها مع الحكم العثماني أولا ثم ضد الاستعمار الغربي الذي فرض سيطرته على المشرق بعد هزيمة الثورة العربية الكبرى كانت بعيدة عن طرح و تبني مشروع نهضوي جذري و في مصر كانت أيضا لا تمثل الفئة النهضوية الأكثر جذرية ضد حالة التخلف..لم يكن الغرب بنموذجه المتفوق حضاريا هو وحده الذي استفز حراكا ما في المياه الراكدة فالسلطة ( محمد علي ثم حفيده إسماعيل ) لعبت دورا أساسيا في تشكيل و تشجيع نخبة مثقفة مستغربة و استخدمتها في المناصب الإعلامية و التعليمية و القضائية إضافة لقيامها ب"إصلاحات" متصاعدة تدرجا لدور و بنية الأزهر لتحديد دوره في نشر و إعادة إنتاج الثقافة التقليدية و مقاومته للتحديث..هذا الحضور الأساسي للسلطة سيزيد من تشويه الخطاب النهضوي الذي سيفتقد أي مشروع جدي لبناء دولة مؤسساتية مستمدة من المجتمع أو خاضعة له و سيبقي هذا الخطاب في حالة تبعية للسلطة "المستنيرة" أو مشروع الغرب "الحضاري" الذي يمثل على الأرض واقعا سياسيا و فكريا استعماريا..مما سيفاقم تعقيد المشهد هو طبيعة و مواقف منظمات اليسار الناشئة التي لعب الشيوعيون الأجانب بمن فيهم اليهود دورا رئيسيا في تشكيل منظماتها الأولى مما أدى لتغليب الطبقي و الحداثي على الوطني أول الأمر قبل أن ينقلب الوضع عندما انتقلت هذه التنظيمات المرتبطة بالكومنترن إلى سياسة التحالف مع البرجوازية بشكلها الطبقي و الاقتصادي و الفكري الهلامي مضحية بمواقفها الطبقية و دورها النهضوي المفترض لصالح "الوطني"..هذا الطرح للقضية الوطنية و لموضوعة التحديث و النهضة سيؤسس للشكل الذي ستأخذه كلتا القضيتين مع صعود المد القومي في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي..عندما أصبح خطابا الحداثة و التحرر مندمجين مع مشروع الدولة الوطنية الذي حاولت نخبة قادمة من طبقات مهمشة سابقا فلاحية متوسطة أساسا أن تقيمه في ظروف صراع مع القوى التقليدية المعادية للحداثة كانت أساسا تخضع لضرورات استكمال سيطرتها على المجتمع..كان هدف الصراع الأساسي هو تكريس سيطرة هذه النخبة على مؤسسة الدولة ثم وضعها بتصرفها و استكمل بذلك بناء نظام بونابرتي الطابع فوق المجتمع قبل أن تدخل علاقته بالمجتمع في مرحلة مأزومة اضطرت هذه النخبة لتشديد قمعها للحراك المجتمعي لضمان استمرار سيطرتها على المجتمع..جرى إعادة إنتاج لخطابين حداثي مستغرب و خطاب "مقاوم" تقليدي في ظروف مشروع أمريكي للهيمنة على المنطقة و تفاقم أزمة السلطة و المجتمع معا في فصام بين الخطابين بين مقاربة نقدية للواقع ترى من الضروري أن تتعامل "ايجابيا" مع المشروع الأمريكي ل"دمقرطة" المنطقة و خطاب مقاوم يقوم على رفض الحداثة و مراجعة الواقع النقدية بقدر ما يقوم على رفض مشروع الهيمنة الأمريكي المتماهي مع المشروع الأصولي اليهودي الاستيطاني على أرض فلسطين..إن ضعف أو غياب مشروع مقاوم حداثي يعبر عن أزمة النخبة المثقفة التي تتعامل مع الواقع من مبدأ رد الفعل و عن أزمة مجتمع عاجز عن تغيير الواقع عن صنع نهضته و عن بناء مقاومة قادرة على تثوير بنيته و إدخاله اللحظة التاريخية



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتسم..أنت سوري!!..
- الطائفية و إشكالية التغيير الاجتماعي
- نخبوية المثقف : الفكر لأجل الإنسان أم الإنسان تحت رحمة الفكر ...
- قتل الآخر في عاشوراء مرة أخرى
- نار الحرب القادمة و مستقبل التغيير
- الديمقراطية بين خطابات -التغيير-
- بين الخارج و الخطابات السائدة
- كلام في الديمقراطية
- الإمام الأعظم أبو حنيفة..قراءة مختلفة
- القهر أم تحرير المجتمع و الإنسان ؟
- خواطر في التغيير الوطني الديمقراطي
- حراك المجتمع و الطائفية و النظام
- الإنسان و القهر بين تاريخنا و حاضرنا
- مرثية لقوم اسمهم العرب ! !
- خواطر في الدولة
- حول الخلاف السني-الشيعي
- نداء إلى القوى السياسية السورية - نداء إلى المعارضة السورية
- مقتل السيد بيار الجميل : رفض القتل كفعل في السياسة و رفض الم ...
- الطائفية و الشارع و اللعب بالنار
- محنة خلق القرآن: محاولة عقلنة الخطاب الديني بالقوة


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - الحداثة..التبعية..و المقاومة