أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - على أبواب الانتخابات العراقية ... البرامج الانتخابية حدوتة مصرية















المزيد.....

على أبواب الانتخابات العراقية ... البرامج الانتخابية حدوتة مصرية


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 00:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية تعتمد، ضمن ما تعتمد عليه، على البرامج الانتخابية للأحزاب والتكتلات السياسية المعلنة وتنفيذها. تلك البرامج التي طرحتها تلك الأحزاب أمام جماهيرها وشعبها، ليصوّت لهم الناخبون على أساسها. وتنفيذ تلك البرامج، أو نسبة معقولة منها، سيعزز ثقة الناخبين بتلك الأحزاب والتكتلات، ويدفعهم إلى انتخابها في الدورة الانتخابية التي تليها. أما عدم تنفيذ تلك الوعود الانتخابية، فستقابله الجماهير بعدم التصويت لهم، مما يفقدهم مواقعهم السياسية.

في الديمقراطيات الغربية لا تكون البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية واسعة ومترهلة كما هي الحال في "الديمقراطيات" بالمنطقة العربية، والعراق مثال على ذلك. فالبرامج السياسية للأحزاب هناك ـ ومنها السياسة الخارجية ـ في الدنمارك على سبيل المثال (حيث أعيش)، معدومة أو ذات حضور هامشي مقارنة بالوعود الانتخابية التي تهم المواطنين، كالصحة والتعليم والضرائب والرعاية الاجتماعية والبيئة وغيرها. وذلك لأن جميع الأحزاب السياسية هناك تقريبًا متفقة على سياسة البلاد الخارجية.

ونتيجة وعي الناخبين في الغرب وحرصهم على بلادهم ورقيّها وتقدّمها، نراهم يعاقبون أي حزب سياسي وصل إلى قبة البرلمان ولم يترجم مواد برنامجه الانتخابي إلى مشاريع قوانين ويصوّت عليها. وهذا ينطبق أيضًا على الأحزاب التي تتولى السلطة. ما يعني أن التداول السلمي للسلطة لا يعتمد على الولاءات الحزبية بعد أن ودّعت هذه المجتمعات النظام العشائري وأبعدت الدين عن التدخل في الشأن السياسي، بل يعتمد على تنفيذ تلك الأحزاب لبرامجها وعدم الكذب على الجماهير المتسلحة بالوعي الوطني والانتخابي.

المواطن هو حجر الأساس في الأنظمة الديمقراطية، وعليه فإنه هدف يجب الوصول إليه من قبل الأحزاب المتنافسة في كل انتخابات كي يدلي بصوته لصالح الحزب الذي يعتقد أنه سيفي بوعوده الانتخابية. فهل المواطن العراقي يعرف قيمة نفسه باعتباره حجر الأساس هذا..؟

جميع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية العراقية، سواء الممثلة في البرلمان أم لا، متشابهة تقريبًا إلا في الصياغة. وجميعها تخاطب كل شرائح المجتمع، وهذا أمر غير ممكن مطلقًا. فهِموم المتقاعدين تختلف عن هموم الخريجين العاطلين عن العمل، وهموم النساء وما يتعرضن له من قسوة في ظل قوانين تهمش حياتهن تختلف عن هموم الرجال في مجتمع ذكوري تُقمَع فيه المرأة. كما أن هموم أصحاب الحِرَف الذين يفقدون أعمالهم بسبب منافسة البضائع المستوردة من دون قوانين تحميهم تختلف عن هموم التجار ومنافساتهم في ما بينهم لإغراق السوق المحلية بمساعدة سياسيين ومافيات بالبضائع التي لا يستطيع الحرفي منافستها، مما يدفعه إلى الانضمام لجيش العاطلين عن العمل. ومن الملفت للنظر أن ملف الخدمات، ومنها الماء والكهرباء وضرورة توفيرها، ترفعه جميع الأحزاب، بما فيها تلك التي سرقت ميزانياتها طيلة أكثر من عقدين، من دون أن توفرها ولو بالحد الأدنى. وهنا تتحول البرامج الانتخابية إلى مجرد شعارات لا أكثر.

إن عدم تنفيذ قوى المحاصصة لبرامجها الانتخابية على مدى الدورات السابقة أدى إلى ظهور فجوة كبيرة بين غالبية الجماهير والسلطة، ترجمتها الغالبية بعزوفها عن المشاركة في الانتخابات، وبشكل أدق مقاطعتها، نتيجة عدم ثقتها بالعملية السياسية برمتها. أما الأقليّة التي تذهب إلى صناديق الاقتراع فإنها لا تنتخب على أساس برنامج انتخابي، بل على أساس طائفي أو قومي، وأحيانًا تصوّت لرمز ديني أو سياسي. والجماهير التي تصوّت لهذه الأحزاب مكتوية هي الأخرى، مثل بقية الجماهير التي فقدت ثقتها بها، بنار الفساد وانعدام الخدمات والأمن، ومع ذلك لا تحاسب الأحزاب التي لم تحقق شيئًا من وعودها الانتخابية، بل هي مستعدة لانتخاب فاسدين إن كانوا من طائفتها أو عشيرتها، مقابل رشاوى انتخابية تافهة كبطانية، أو كيس طحين، أو بطاقة شحن للهاتف، أو حتى وجبة طعام رخيصة.

السياسيون الفاسدون يعرفون جيدًا، نتيجة شيوع الفقر والبطالة والأمية والتخلف وانعدام الوعي، كيفية شراء ذمم الفقراء والمحتاجين وسحق كرامتهم. فهل السياسي وحده الذي يشارك في هذا السيرك الانتخابي هو المسؤول؟ الجواب حتمًا: لا. فالناخب الذي يدلي بصوته لصالح الفاسدين، بسبب قلة وعيه، هو شريك أساسي في جريمة تغتال الوطن، كونه أحد الأسباب المهمة لبقاء الفاسدين في السلطة بعد منحهم الشرعية عبر بطاقة انتخابية، ناسيًا أن هذه البطاقة هي الطريق لبناء وطن أو هدمه.

على القوى التي تنافس هؤلاء الفاسدين وتحلم بعراق جديد أن تحمل برنامجًا انتخابيًا طموحًا وقابلاً للتحقيق ولو بنسبة معينة ومقبولة ضمن سقوف زمنية محددة. فعليها أن تركز في برنامجها على الملفات الأكثر أهمية كالكهرباء والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي وحصر السلاح بيد الدولة، وتترك الملفات الأخرى ـ على أهميتها ـ إلى حين تمثيلها في البرلمان ومعرفة حجم تأثيرها فيه. كما أن الدعاية لبرنامجها الانتخابي يجب أن تكون ضمن شبكة إعلامية واسعة من صحافة وإذاعة وتلفزيون، ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، من خلال جيش من المتطوعين. ويجب الحرص على إجراء مناظرات تلفزيونية مع مرشحي أحزاب المحاصصة في أوقات الذروة، ومحاججتهم بالأرقام عن هدر المال العام والفساد الذي التهم ميزانيات البلاد الفلكية، وعن مئات المشاريع التي انهارت أو تبخرت بمجرد توقيعهم عليها مع شركات محلية وعالمية، وغير ذلك الكثير مما أنتجته سياسة المحاصصة سيئة الصيت والسمعة.

في سفرتي الأخيرة إلى القاهرة، وأثناء دردشتي مع رجل مصري في مقهى، سألته عن نتائج ثورة مصر وما تحقق منها من مكاسب للجماهير الفقيرة. فردّ عليّ بلهجته المصرية المحببة قائلًا: "حالتنا النهارده زي الحدوتة المصرية، كل ما نقول قربت، يطلع لسه في فصلين تاني." أما عراقيًا، فالبرامج الانتخابية ونتائج الانتخابات والعملية السياسية بفسادها الذي يزكم الأنوف هي سالوفة عراقية أشبه بالحدوتة المصرية. فكلما نقول: "راح تخلص هالسالفة ويجينا الفرج"، يطلع علينا لنا الراوي من تحت قبة البرلمان ليقص علينا حدوتة جديدة. ولله في خلقه شؤون.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كامل شياع مثقف عضوي
- إنتخابات عراقيّة بآليّات إيرانيّة
- لتكن بان زياد... مهسا أميني العراق
- العراق ... سلطة عصابة أم عصابة سلطة؟
- الشبيبة العراقية ودورها في التغيير
- ظاهرة الرِقْ في العراق
- لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق
- عالية إنصيّف من رفيقة في حزب البعث الى علويّة في حزب الدعوة
- كلّنا يا موفق نهيئ للربّ عتاباً
- قمّة بغداد لا تغيّر من الواقع العربي المأزوم شيئا
- البعث الفاشي هو الحزب الذي ساد ثمّ باد
- العملاق الكويتي والقزم العراقي وتعديل قانون الأحوال الشخصية
- متى يخرج العراق من أزماته
- العراق من الديكتاتورية الى الإحتلال الى الأمل فالمحنة
- أيّها الإسلاميّون أنّه سلام عادل
- 8 شباط جرح غائر في جسد العراق
- خير البرّ عاجله
- إنهيار المشروع القومي العربي وصعود المشروع العبري
- متى سيبدأ العراق حملته الوطنية لمحاربة الفساد ...؟
- السيّد السوداني يحدّث العاقل بما لا يُعقل


المزيد.....




- -أبشع صور القتل والترويع-.. السيسي يندد بـ-الحرب الإسرائيلية ...
- دراسة: أزمة المناخ تفاقم حرائق الغابات الناجمة عن الصواعق
- مراسل الجزيرة: مسيرات تستهدف محطة كهرباء شمال أم درمان
- آخرها على شواطئ ليبيا.. ما سر جنوح الحيتان ونفوقها؟
- ما خيارات السودان بعد تدشين سد النهضة الإثيوبي؟
- عاجل | الجيش الإسرائيلي: مقتل ضابط برتبة ملازم في عملية جبال ...
- الاحتلال يشدّد إجراءاته بالقدس ويقتحم مناطق بالضفة
- -83 مليون دولار-.. محكمة تؤيد حكما بتغريم ترامب في قضية -الت ...
- تونس توضح حقيقة -استهداف مسيرة لقارب بأسطول المساعدات المتجه ...
- إثيوبيا تفتتح سد النهضة اليوم


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - على أبواب الانتخابات العراقية ... البرامج الانتخابية حدوتة مصرية