أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - كامل شياع مثقف عضوي















المزيد.....

كامل شياع مثقف عضوي


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 02:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما يكون الأستبداد والقمع لسلطة ما، هما من يتحكمان بالواقع السياسي الأجتماعي لبلد ما، سيكون هناك مثقف يقف كطرف مباشر في الصراع ضد السلطة التي تزرع الرعب والموت في ذلك الوطن. والمثقف الذي يغامر بحياته في مواجهة سلطة فاشية، هو ذلك المثقف الذي يكرّس حياته في البحث عن القيم والتعبير عنها من خلال دوره في المجتمع متسلحا بأكثر أشكال الوعي تقدما، وهذا الأمر غير ممكن الا بحرية الفكر والتعبير. وبعبارة أخرى فأن المثقف لايستطيع التعبير عن افكاره في ظل سلطة تقمع الفكر والمفكرين وتضع قيود على حرية الفكر والرأي والتعبير. وفي هذه الحالة سيرى المثقف نفسه في مواجهة السلطة وأجهزتها القمعية، أي سيرى نفسه بين مشروع مساومة أو مشروع إغتراب أو مشروع موت.

المثقفون الحقيقيون لا يجلسون في ابراجهم العاجية أبدا، بل تراهم منخرطين في قضايا الناس وهمومهم ومشاكلهم، باحثين عن حلول لهذه المشاكل، لذا تراهم يقفون في وجه الفساد مدافعين عن الفقراء. وفي هذا يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي جوليان بيندا عنهم في كتابه خيانة المثقفين: "لا ينصب نشاطهم، أساسا، على نشدان غايات عملية، إنهم كل من ينشج الغبطة في ممارسة فن أو علم أو تامل ميتافيزيقي، أي باختصار ينشدون نيل منافع لا مادية، فترى الواحد منهم يقول بمعنى من المعاني: " ملكوتي ليس في هذا العالم". لكن غرامشي له وجهة نظر مخالفة لجوليان بيندا، إذ كتب في " رسائل السجن" قبل أن يغيّب في سجون موسوليني قائلا: بوسعنا القول أن كل الناس مثقفون، ولكن لا يقوم كل الناس، داخل المجتمع، بتلك الوظيفة، وظيفة المثقف. لو أخذنا آراء غرامشي حول المثقفين فأننا نستطيع فهم تعريفاته حولهم، بتقسيمهم الى مثقفين تقليديين لا تربطهم روابط قوية ووثيقة بالصراعات الاجتماعية داخل مجتمعاتهم، ومثقفين عضويين يعيشون ويتفاعلون مع شعبهم، ويسعون كما ذكرنا قبل قليل الى البحث عن وتوفير أدوات فكرية في مواجهة سلطات الأستبداد والفساد. وفي ظل سيادة ثقافة السلطة أو محاولة ترسيخ ثقافتها بإمتلاكها لوسائل الاعلام والدعاية والقسوة وتماشيا مع آراء غرامشي ، فأن المثقفون العضويون يقومون بتنظير ادواتهم في مواجهة السلطة، وهنا تحديدا يكونوا هدفا للسلطة .

يقول عالم الأجتماع الأمريكي رايت ميلز في كتابه " السلطة والسياسة والشعب": " إن الفنان والمثقف المستقل هما من بين الشخصيات القليلة المتبقية المجهزة جيدا لمقاومة ومقاتلة القولبة النمطية للأشياءالنابضة بالحياة حقا. ان الاحساس الطري يتضمن الآن القدرة على اماطة اللثام باستمرار عن الاشياء ، وتحطيم القوالب النمطية للرؤيا والذناء، التي تغرقنا بها وسائل الاتصالات الحديثة ( اي الوسائل الحديثة للتمثلات). إن عوالم الفن الجماهيري والفكر الجماهيري هذه تُوَّجه، على نحو متزايد، بما يناسب حاجات السياسة. ولهذا السبب ينبغي تركيز التضامن والجهد الفكري في مجال السياسية. وإذا لم يقف المفكر الى جانب قيمة الحقيقة في الصراع السياسي، فلن يسعه أن يتعاطى تعاطيا مسؤولا مع كامل التجربة الحية" . من خلال قراءتنا لهذا النص، نستطيع القول: أن السياسة هي الركن الأساس في حياة المثقفين في مواجهتهم لتبريرات السلطة في ممارسة القمع ومصادرة الحريات وافقار الجماهير من خلال مصادرة وعيهم كبوابة لنهب ثروات بلدهم.

كامل شياع هو ذلك المثقف العضوي الذي لم يستطع أن يعيش بعيدا عن حاضنته، اي الجماهير، فتراه يترك منفاه البلجيكي ليعود الى وطنه في زمن الموت، ليشهد تلك المآسي في ظل تفجر الصراعات الطائفية. ولم يقف في ظل ذلك الصراع – المستمر لليوم – الى جانب فئة ضد أخرى، بل كان ناقدا واعيا للسلطة وشرورها، من خلال إهتمامه بالتحليل الثقافي والسياسي للمجتمع والسلطة، وهو واحد من المثقفين العرب الذين واجهوا التحديات الاجتماعية والسياسية في بلدانهم ليدفعوا حياتهم ثمنا لمواقفهم، كما حسين مروة مؤلف كتاب " النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية"الذي إغتالته القوى الظلامية في لبنان سنة 1987 ، ومهدي عامل الذي عمل على ضرورة التحرر الفكري والنقد في محاربة قوى الظلام، لتصرعه رصاصات تلك القوى في نفس سنة إغتيال حسين مروة، وفرج فودة الذي كان يطالب بفصل الدين عن الدولة، وعدم أستخدامه كأداة للسيطرة على السلطة ليتم أغتياله سنة 1992.

كامل شياع هو نموذج للمثقف العراقي العضوي، الحالم بالتغيير الاجتماعي من خلال تطوير الوعي الثقافي، وهذا ما جعله هدفا للقوى الظلامية ، شياع لم يذهب الى الموت وهو الحالم بعراق جديد ومسالم، بل الموت هو من ذهب اليه بلباس ميليشياوي، وهو القائل في مقالة له تحت عنوان " عودة من المنفى": كل ما أبحث عنه وسط هذا الضجيج الزائف هو الهدوء، الصدق، ورفعة الشأن العام.
العراق فتح ذهني وقلبي لسطوة الحاجة الآسرة القاسية على ناسه. وهو، كما يبدو لي الآن، حالة مثالية لفهم ما يجري في العالم بأسره. فلأنه بلغ القاع صار يتيح، بشكل أفضل، رؤية منابع الحروب والهمجية والمصالح الأنانية، الكذب والفساد والعنف والنسيان المتعمد للحقيقة أو السهو عنها. كل، من موقعه، مهموم بالعراق ومتورط فيه:أميركا العظيمة المتجبرة والسطحية، الديمقراطيات الغربية المرتبكة، الشعبويون من كل الأنواع، حاملو الشعار اليساري، اليمينيون والمحافظون، العروبيون، الأصوليون، تجار الموت، رجال الأعمال،حاملو ألوية العصبيات الخادعة.....كل خبر يأتيني عن بؤس هذا العالم وتعاسته يحيلني على "مستعمرة" سوء إسمها العراق.. هي درجة الصفر التي لا موقع لها على خرائط المكان أو مقاييس التجربة، لكنها تتيح، في الوقت نفسه، فهم أوجه الزيف في عمارة زمننا الماضي في مسارات مجهولة عدت إلى العراق بعدما اكتشفت أنني شخص دون مشروع خاص. في السياسة كما في الثقافة مشروعي مرتبط بالجماعة... فلا فعل ولا حضور دون مشاركة وتضامن.

عدت من المنفى وأنا مدرك أن لا عودة لي منه لأنه يجدّد نفسه في كل تماس مع ما هو مألوف أو غير مألوف. وسوف تلازمني أشباحه كما لازمتني أشباح الوطن. كل رجوع عن المنفى تعميق لجذوره وإيهام بخفاياه. أي أوجاع سرية يورث المنفى، أي شفاء يحمل الوطن؟". نعم، فالموت في بغداد كما يقول شياع " يسعى الى الناس في كل خطوة يخطونها".

«نحتاج إلى يقظة أخلاقية مسؤولة وإلى أجيال وأجيال تمتلك ناصية التفكير النقدي، ذلك إن (أعداء المجتمع) هؤلاء هم بناة مستقبله" كامل شياع".



#زكي_رضا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتخابات عراقيّة بآليّات إيرانيّة
- لتكن بان زياد... مهسا أميني العراق
- العراق ... سلطة عصابة أم عصابة سلطة؟
- الشبيبة العراقية ودورها في التغيير
- ظاهرة الرِقْ في العراق
- لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق
- عالية إنصيّف من رفيقة في حزب البعث الى علويّة في حزب الدعوة
- كلّنا يا موفق نهيئ للربّ عتاباً
- قمّة بغداد لا تغيّر من الواقع العربي المأزوم شيئا
- البعث الفاشي هو الحزب الذي ساد ثمّ باد
- العملاق الكويتي والقزم العراقي وتعديل قانون الأحوال الشخصية
- متى يخرج العراق من أزماته
- العراق من الديكتاتورية الى الإحتلال الى الأمل فالمحنة
- أيّها الإسلاميّون أنّه سلام عادل
- 8 شباط جرح غائر في جسد العراق
- خير البرّ عاجله
- إنهيار المشروع القومي العربي وصعود المشروع العبري
- متى سيبدأ العراق حملته الوطنية لمحاربة الفساد ...؟
- السيّد السوداني يحدّث العاقل بما لا يُعقل
- السيدات السادة في ما يسمّى بالتيار الوطني الكوردي الفيلي.. أ ...


المزيد.....




- كيم جونغ أون في الصين لعقد -قمة تاريخية- مع شي جينبينغ وفلاد ...
- مجلس التعاون الخليجي يدين -الإبادة الجماعية- في غزة ويدعو لو ...
- بلجيكا: سنعترف بفلسطين ونعاقب إسرائيل
- اجتماع أوروبي في باريس لبحث -الضمانات الأمنية- لأوكرانيا
- مجلس التعاون الخليجي يدين -الإبادة الجماعية- في غزة
- الجانب المظلم للفواكه.. كيف تدمر أسنانك دون أن تشعر؟
- ملابسك في خطر.. تخلص فورا من هذا المنتج أثناء الغسيل
- بوتين: موسكو وطهران على تواصل دائم بشأن مختلف القضايا
- روسيا تتراجع: لا اتفاق بين بوتين وترامب بشأن لقاء زيلينسكي
- توتر بين برلين وبروكسل بشأن إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - كامل شياع مثقف عضوي