أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق















المزيد.....

لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 8356 - 2025 / 5 / 28 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أنّ مفهوم حركات التحرر الوطني بمفاهيمها وممارساتها القديمة ونعني بها تلك ذات الممارسات الثورية قد أنتهت، بعد أن سادت لعقود خلال القرن الماضي متأثّرة بإنتصار ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 بعد أن حقّقت تلك الحركات نجاحات كبيرة في مختلف بقاع العالم، تلك النجاحات التي أنتهت بإستقلال تلك البلدان ونهاية الأستعمار المباشر لها. أنّ نهاية تلك الحركات التحررية التي بدأت مع إنهيار تجربة ثورة أكتوبر نفسها في روسيا والبلدان الأشتراكيّة السابقة ليست نهاية للتاريخ، فلا زالت هناك بلدان عديدة بحاجة الى حركات تحرر وطني وإن بصيغ غير صيغ الماضي، للتحرر من هيمنة البلدان التي أستعمرتها نتيجة تبعيّة البلدان المستعَمرة سابقا لها في مجالات مختلفة. ويبدو أنّ العالم الذي تحرر من الإستعمار الغربي في القرن الماضي، وبعد إنفراد الولايات المتحدّة نتيجة أنهيار الأتحاد السوفيتي بتقرير مصائر الكثير من الشعوب والبلدان والتدخّل في شؤونها الداخليّة نتيجة سياسة أحادية القطب التي نعيشها منذ العام 1991 لليوم، بدأ ومنذ بداية الحرب الروسيّة الأوكرانيّة وصعود الصين كقوّة أقتصادية عظمى وشعور أوربا الموحدّة بحاجتها الى تكتّل عسكري مرادف للناتو لمواجهة روسيا وقيام تجمعّات إقتصادية في مواجهة التجمّعات الإقتصادية الغربية كمجموعة بريكس، بحاجة الى حركات تحرر وطني بصيغ ومفاهيم جديدة. والعراق كمثال وهو يمرّ بمشاكل بنيوية مختلفة وعلى مختلف الأصعدة اليوم، بحاجة الى حركة تحرر وطني للخلاص من تبعيّة البلد لدول وأحلاف وكيانات جعلت من العراق مستعمَرة، بكل ما في الكلمة من معنى.

إذا أردنا الحديث عن حركات تحرر وطني بمفاهيم العلمنة والرقمنة والذكاء الأصطناعي وإقتصاد السوق والتجارة الحرّة، فعلينا أن نشير الى ضرورة أنهاء التبعيّة السياسيّة والأقتصادية والعسكرية والثقافيّة الموروثة من الفترة الإستعمارية، تلك التي وظّفت موارد البلدان المستعمَرة خدمة لمصالح مجتمعاتها. وعلى الرغم من تغيّر الأوضاع السياسية والعلاقة بين البلدان المستغِلّة والمستَغَلّة اليوم فأنّ التبعيّة تعيد أنتاج نفسها بإستمرار، ليس بالقوّة العسكرية كما الماضي بل من خلال الشقّ الأقتصادي وحاجة الدول المستَغَلّة الى التكنولوجيا والتقنيات التي تفتقدها لتخلّفها العلمي نتيجة تخلّف التعليم في بلدانها من جهة، وصناعة الغرب لقوى سياسية أو رعاية قوى سياسيّة تنفذ أجندة لا تتوافق ومصالح شعوب بلدانها، بل تعمل على رهن مصائر بلدانها بالبلدان الغربية وبناء مجتمعات أستهلاكيّة وغير منتجة، وتبقى التبعية الثقافية هي من أخطر أشكال التبعيات، وهذا لا يعني إهمال التبعية العسكرية وما تلتهمه من ميزانيات هذه البلدان لشراء أسلحة قد لا تستخدمها مطلقا أو يُمنع إستخدامها ضد دول معيّنة كما السلاح الأمريكي الممنوع إستخدامه ضد إسرائيل، هذا إضافة الى التبعيات الصناعية والزراعية ومجالات عديدة أخرى.

العراق اليوم وفي ظلّ انفجار سكّاني غير مدروس وإعتماده على أقتصاد ريعي وغياب حسّ وطني عند الطبقة السياسية الحاكمة مع غياب وعي شعبي، يعاني من كل أشكال التبعية. فبلادنا تستورد اليوم المواد الغذائية بدل أنتاجها، وقلّة الأنتاج الزراعي والثروة الحيوانيّة على سبيل المثال تكرّسان تبعية مجتمعنا لبلدان إقليمية ودولية. نحن اليوم كما باقي البلدان المتخلّفة نستورد علاوة على الغذاء وما نحتاجه من صناعات العالم المتقدّم بل وحتّى غير المتقدّم من البلدان الإقليمية، الثقافة المؤئرّة بالعقل الجمعي والأعلام الذي يرسم الخطوط العريضة لتبعية مجتمعنا الغارق في جهله وتخلّفه ولا أباليته تجاه التغيّرات المستقبلية لإقتصاد بلاده وثقافتها بل ومصيرها، وهذا يعني إنتاج فئات أجتماعية تتماهى مصالحها مع مصالح السلطة الحاكمة، وبالتالي مع مصالح دول وكيانات تريد للعراق أن يبقى ضعيفا وسوقا مفتوحا لثقافاتها وصناعاتها ومنتجاتها الزراعية.

أنّ الأحزاب السياسيّة العراقية التي تؤمن وتعمل على تغيير الواقع السياسي الرثّ الذي نعيشه وشعبنا اليوم، بحاجة الى لعب دور حركة تحرر وطني التي لازلنا نعيشها بشكل وآخر لإنقاذ بلادنا من شرور سلطة المحاصصة، فالأزمة البنيوية التي تعيشها بلادنا اليوم تعود أساسا الى هذا التداخل الكبير بين مرحلتي البناء الديموقراطي ومرحلة التحرر الوطني التي لا زلنا نعيشها من جهة، وبين إحتلالات عديدة يرزح تحت وطأتها شعبنا ووطننا الذي ينخر الفساد الحكومي المافيوي مؤسسات البلد بأكملها . فهل الديموقراطية الكسيحة توفّر مساحة معقولة في أن تلعب هذه الأحزاب دور حركة تحرر وطني لتنقذ ما يمكن إنقاذه، وهل الأنتخابات بكل ملاحظاتنا "الإيجابيّة" والسلبية تجاهها هي الرافعة للتغيير الذي يريده شعبنا..!؟

نعم، الأنتخابات شكل من أشكال النضال، لكن هذا الشكل من أشكال النضال بحاجة الى توفّر بيئة تسمح وتعمل على تغيير تدريجي في بناء الدولة والمجتمع بعد كلّ الدورات ألأنتخابية في البلاد منذ الأحتلال الأمريكي لليوم، فهل حصل مثل هذا التغيير ولو بشكل جزئي..!؟ لا بأس في قيام تحالف أو تكتّل سياسي وطني ذو برنامج يخدم مصالح الناس عن طريق تغيير شكل السلطة وأنهاء نظام المحاصصة، وبالتالي أنهاء تبعية بلادنا على الأقل من هيمنة القوى الأقليمية التي تتدخل بشكل علني وسافر في شؤوننا الداخلية كمرحلة أولى. لكنّ هذا التحالف عليه أن أراد منافسة حيتان الفساد المسلّحة بالمال السياسي والإعلام السلطوي والسلاح المنفلت والفتاوى الدينية والإملاءت العشائرية والروح الطائفيّة والقومية، أن يمتلك الجرأة في النقد بعيدا عن المجاملة من خلال مناظرات تلفزيونية، ومحاججة قوى السلطة الفاسدة عن مشاريعها السياسية والأقتصادية والخدمية منذ أن هيمنت على مقاليد البلاد لليوم وإهدارها وسرقتها لميزانيات البلاد الفلكية . والّا فأنّ خوض الأنتخابات بنفس الآليات القديمة وبنفس القوانين التي تسنّها قوى الفساد ستكون نتائجها كما النتائج السابقة، أمّا التعويل على ما يسمّى بوعي الجمهور ورفضه لقوى الفساد من أجل التغيير الذي نطمح اليه وعقد الآمال على مشاركته في التغيير فليس سوى أحلام عصافير ، وسنخرج كعراقيين بمختلف قومياتنا وأدياننا وطوائفنا ومشاربنا السياسية من الأنتخابات بحكومة تبعيّة جديدة تكرّس الواقع الطائفي القومي بالبلاد ولتبقى مشاكل الناس والبلاد على حالها، ولتستمر معاناة شعبنا ووطننا بأنتظار دورة أنتخابية قادمة لتكرار نفس السياسة المناهضة لتطلّعات شعبنا نحو حياة أفضل "وعلى هالرنّه طحينچ ناعم" كما يقول المثل البغدادي.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالية إنصيّف من رفيقة في حزب البعث الى علويّة في حزب الدعوة
- كلّنا يا موفق نهيئ للربّ عتاباً
- قمّة بغداد لا تغيّر من الواقع العربي المأزوم شيئا
- البعث الفاشي هو الحزب الذي ساد ثمّ باد
- العملاق الكويتي والقزم العراقي وتعديل قانون الأحوال الشخصية
- متى يخرج العراق من أزماته
- العراق من الديكتاتورية الى الإحتلال الى الأمل فالمحنة
- أيّها الإسلاميّون أنّه سلام عادل
- 8 شباط جرح غائر في جسد العراق
- خير البرّ عاجله
- إنهيار المشروع القومي العربي وصعود المشروع العبري
- متى سيبدأ العراق حملته الوطنية لمحاربة الفساد ...؟
- السيّد السوداني يحدّث العاقل بما لا يُعقل
- السيدات السادة في ما يسمّى بالتيار الوطني الكوردي الفيلي.. أ ...
- الكورد الفيليون والمعادلة المضحكة المبكية
- الفرق بين الرقمين 100 و124 حسابيا وبرلمانيا في العراق
- صفقة العار
- هل تتوفر شروط قيام سلطة فاشية بالعراق ..؟
- البيدوفيليا (*) في مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية بالعراق
- أوجه الشبه بين تجربة ١٤ تموز وتجربتي طهران وجاكا ...


المزيد.....




- فرنسا: حظر شامل للتدخين في الأماكن العامة والمتنزهات وعلى ال ...
- ماذا نعرف عن مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟
- الكوليرا في زمن الحرب: الوباء يحصد أرواح السودانيين
- لماذا يجب على أوروبا تطوير منظومة -قبة ذهبية- خاصة بها؟
- ألمانيا تكافح نقص العمالة: سفينة تعمل بالتحكم عن بعد
- مستوطنون يشيدون سياجا حول قرية فلسطينية في غور الأردن (فيديو ...
- قيادي في -حماس-: قدمنا خطة بضمانات أمريكية.. ولكن -كل شيء تغ ...
- بيسكوف: وفدنا جاهز للتفاوض.. ولقاء بوتين مع ترامب وزيلينسكي ...
- وسائل إعلام: طائرة الرئيس الليبيري كادت أن تتحطم أثناء الهبو ...
- ليبيا.. تحقيقات موسعة في وفيات سجن -الجديدة- وانتهاكات أمنية ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق