أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - ظاهرة الرِقْ في العراق















المزيد.....

ظاهرة الرِقْ في العراق


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 00:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل هناك ما يسيء الى القوى السياسيّة الحاكمة بالعراق اليوم، إن تحدّثنا عن عودة الرق كظاهرة تاريخية إعتمدت عليها الحضارة الأنسانية منذ فترات موغلة بالقدم والعالم يسمو بالإنسان الى عصر الحريّات ومنها حريّة الرأي والمعتقد والتجمع والتظاهر ..؟ أو، هل القوى السياسيّة الحاكمة بالعراق اليوم ومعهم المؤسسات الدينية وزعماء القبائل يعيشون كسادة، مقابل الملايين من العراقيين الذين يعيشون كالعبيد ..؟ هل هناك فرق بين النظرة الأوربية الغربية وبين النظرة الأسلاميّة والعربيّة حول الموقف من ظاهرة الرق اليوم، خصوصا وأن الغربيين لا يشعرون بعقدة الذنب تجاه الظاهرة، على عكس الإسلاميين الذين يبتعدون عن التطرّق لها لإفتقادهم الى أسلوب النقد لتاريخهم وعدم قدرتهم على إلغاء العبوديّة كونها مقدّسة لذكرها في القرآن الكريم بصيغ مختلفة، على الرغم من أنّ كليهما مارسا تجارة العبيد في مراحل تاريخية معيّنة؟ ففي أوربا على سبيل المثال يعتبر كل من (كارل ماركس وفريدريك أنجلس) من البارزين في دراسة ظاهرة الرق، وإعتماد الحضارة الأنسانية عليه لتجاوز المشاعية البدائية التي كانت تمتاز "بغياب الملكية الخاصّة للأرض وعدم الأنفصال بين الزراعة والصناعة والأكتفاء الذاتي إنتاجا وأستهلاكا في إطار القرية" (1)، أمّا في الشرق الإسلامي فالصمت والتبرير هما السمة الأساسية للنظر في الظاهرة، دون الخوض في دراستها والتي إن تمت فأنها لا تعتمد على مبدأ نقدها الّا في حدود ضيّقة لقدسيتها من جهة، ولأنّ الإسلام لم ينه الرق بشكل كامل لليوم من جهة ثانية.

على الرغم من أنتهاء ظاهرة الرق دوليا، فأنّ الامم المتحدّة تبنّت تاريخ الثاني من كانون الأوّل/ ديسمبر من كل عام يوما دوليا لإلغاء الرق، الّا أنّها ونتيجة لتقديرات منظمّة العمل الدولية حول زيادة العمل الجبري والزواج القسري وعمالة الأطفال تحدّثت عن مصطلح جديد وهو "الرق الحديث"، وعلى الرغم من أنّ المصطلح لم يُعرّف قانونا "إلا أنه يُستخدم مصطلحا شاملا يشمل ممارسات من مثل العمل الجبري ، و رق الديون، والزواج القسري ، والاتجار بالبشر. ويشير بشكل أساسي إلى حالات الاستغلال التي لا يمكن لأي شخص رفضها أو الفكاك منها بسبب التهديدات والعنف والإكراه والخداع و/أو إساءة استخدام السلطة" (2)

في ظلّ عدم وجود إكتفاء ذاتي إنتاجا وإستهلاكا في القرية/ العراق، وأنهيار قطّاعي الزراعة والصناعة من خلال إنهيار القطّاعات الخدمية كلّها تقريبا، مع إنهيار كامل في المنظومة الأخلاقيّة للمجتمع من خلال الزواج القسري الجاري العمل به لليوم في الريف والمدن التي ريّفتها سلطات ما بعد الإحتلال الأمريكي للبلاد، وعمالة الأطفال التي تعني تسرّب التلاميذ الصغار من المدارس الفاشلة أساسا لفساد سلك التعليم بأكمله بعد أن حولّوه الفاسدون لتجارة، وإنهيار كل ما يمت للحياة بصلة حيث يعيش العبيد في تاريخ موغل بالقدم، فإننا نرى أنّ سلطة القرية قد دفعت بمجتمعنا الى ما هو أبعد من مفهوم الرق الحديث.

لقد توسّعت النظريات الأجتماعية الحديثة في تفسير مفهوم ظاهرة الرقّ والعبودية لتشمل كلّ المُستَغلّين إقتصاديا وليس في الحالات التي يكون فيه الإنسان عبدا مملوكا فقط، ولو أخذنا العراق تحت سلطة القوى الإسلامية ومرجعياتها الدينية والعشائرية، وما يقترفونه من جرائم بحق العراق أرضا وشعبا وثروات كمثال، سنرى أنّ الجماهير التي لا تبحث عن حريّتها وكرامتها ومستقبلها من خلال التحرر من نير السادة وهم هنا المؤسسة الدينية والأحزاب والمنظمات الإسلاميّة التي تقودهم كالقطيع الى الفقر والمرض والجهل والتخلف، هم من طبقة العبيد الذين لا يميّزون بين الحق والباطل، بين الذلّ والكرامة، بين الحقيقة والسراب، بين الحياة والموت.

أنّ الأحرار لا يعتبرون رجال الدين وزعماء الأحزاب الإسلاميّة آلهة تعبد، لأنّ هذه من صفات العبيد، والأحرار يقفون بوجه اللصوص والقتلة من حكّامهم، والعبيد يخافون المواجهة. لو راجع العبيد في العراق تاريخ بلدهم منذ الإحتلال لليوم، لعرفوا أنّهم يعيشون بذلّ وجبن لا مثيل لهما في أية دولة بالعالم اليوم، فالعبيد هؤلاء يبيعون أنفسهم وعوائلهم ووطنهم لرجل دين أو سياسي إسلامي مقابل لا شيء تقريبا، لأنّ رجل الدين يوعدهم بالجنّة، والعبد الفاقد للحريّة والحياة الكريمة يستقبل هذا المخدّر بقناعة تامّة، لذا تراهم لا يريدون الفكاك من ذلّهم وتهديدات الآلة الإعلاميّة لما سيحصل لهم لو تحرّروا من عبوديتهم!! فأصبحوا بالنهاية أسرى "العنف والإكراه والخداع و/أو إساءة استخدام السلطة من قبل طبقة الأسياد الذين يمتلكون رقابهم وحياتهم".

العراق تحت حكم السادة والعبيد لن تقوم له قائمة، الّا بإنتفاضة العبيد وكسرهم لنير العبودية التي كبّلهم بها رجال الدين وساسة الأحزاب الأسلاميّة ليخرجوا من أسفل الهرم الإجتماعي الذي يعيشونه مقارنة مع الأسياد الذين يتسّيدون وينهبون كل شيء في بلد يسير نحو الموت بخطى حثيثة. أنّ العراق بحاجة الى ثورة ومحرّرين تقود حراكا إجتماعيا، يقبر حكم السادة ويقيم سلطة العدالة الأجتماعية، من خلال بناء مؤسسات بعيدة عن الطائفية والعشائرية والمناطقية والحزبيّة، دولة تحترم شعبها الذي سيكون رافعة في أن تتبوأ البلاد مكانتها الطبيعية بين بلدان المنطقة والعالم، لا دولة ينخرها الفساد حيث يبيع السادة المناصب الحكومية ليستغلّوا من خلالها طبقة العبيد. ولو كانت نسبة الأحرار أكبر من نسبة العبيد في العراق، لتحوّلت مأساة حريق الكوت وغيرها من الحرائق السابقة والتي ستحدث لا محال مستقبلا نتيجة تدوير نفس الطبقة السياسيّة الفاسدة التي تحكم البلاد بقوّة المرجعيات الدينية التي دعمت ولازالت قوى الفساد والميليشيات والقوانين التي تسنّها بما يعزّز سلطتها، الى ثورة عارمة تهدم أعمدة الفساد في المحافظات وقصور الخضراء على قاطنيها من اللصوص والقتلة وخونة العراق وشعبه.

الأمر لا يختلف في البلدان العربية والأسلاميّة عن العراق بالمرّة، فالشعوب العربية والأسلاميّة وهي تشاهد موت الاطفال جوعا في غزّة يوميا، والقتل الممنهج لعشرات آلاف الفلسطينيين ودمار بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم، دون أن يمدّوا يد المساعدة لهم أو يطالبوا حكوماتهم بإتخاذ موقف إنساني على الأقل من تجويع الفلسطينيين، هم كذلك من طبقة العبيد الخانعين والجبناء.

رجال الدين وقادة الأحزاب والمنظّمات الإسلاميّة وشيوخ العشائر والقبائل والعوائل الحاكمة وزعماء العصابات والمافيات الدينية، نخّاسون في سوق كبير للرقيق إسمه قرية العراق.

(1) "حول نمط الأنتاج الآسيوي" ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، 1978، ص 38 ، مجموعة مؤلفين.

(2) صفحة الأمم المتحدة، مادة حول اليوم الدولي لإلغاء الرق.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق
- عالية إنصيّف من رفيقة في حزب البعث الى علويّة في حزب الدعوة
- كلّنا يا موفق نهيئ للربّ عتاباً
- قمّة بغداد لا تغيّر من الواقع العربي المأزوم شيئا
- البعث الفاشي هو الحزب الذي ساد ثمّ باد
- العملاق الكويتي والقزم العراقي وتعديل قانون الأحوال الشخصية
- متى يخرج العراق من أزماته
- العراق من الديكتاتورية الى الإحتلال الى الأمل فالمحنة
- أيّها الإسلاميّون أنّه سلام عادل
- 8 شباط جرح غائر في جسد العراق
- خير البرّ عاجله
- إنهيار المشروع القومي العربي وصعود المشروع العبري
- متى سيبدأ العراق حملته الوطنية لمحاربة الفساد ...؟
- السيّد السوداني يحدّث العاقل بما لا يُعقل
- السيدات السادة في ما يسمّى بالتيار الوطني الكوردي الفيلي.. أ ...
- الكورد الفيليون والمعادلة المضحكة المبكية
- الفرق بين الرقمين 100 و124 حسابيا وبرلمانيا في العراق
- صفقة العار
- هل تتوفر شروط قيام سلطة فاشية بالعراق ..؟
- البيدوفيليا (*) في مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية بالعراق


المزيد.....




- ترامب يتهم أوباما بـ-الخيانة ومحاولة قيادة انقلاب-.. ومكتب ا ...
- وزارة العدل الأمريكية تُقيل مدعية عامة حلت محل ألينا حبة محا ...
- ماذا قالت الحكومة السورية عن فيديوهات لـ-إعدامات ميدانية- في ...
- لقاء مرتقب بين ماكرون وسلام الخميس في باريس لبحث الأمن اللبن ...
- أوكرانيا تفقد أول مقاتلة ميراج 2000 فرنسية في حادث تحطم
- وزير الدفاع الإسرائيلي: هناك احتمال لتجدد الحملة على إيران
- صراع -رصاص- على مفاتيح النفوذ في الخرطوم
- قسد: تسليم السلاح في الوقت الحالي مستحيل
- بعد تهديد أميركي.. إسرائيل تترقب رد حماس على هدنة غزة
- أميركا تحث الشرع على مراجعة سياسته وتحذر من تفتيت سوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - ظاهرة الرِقْ في العراق