مصطفى حجي
كاتب وناقِد
(Mustafa Hajee / Mustafa Alhaji)
الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 08:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الحديث اليومي أو النقاشات، قد يزل لسان الملحد ويقول مثلًا: "إن شاء الله" أو "ما شاء الله" أو "صلّوا على النبي"، أو ربما يقولها على سبيل المزاح أمام المؤمن، أو لاختبار ردة فعله مثلًا "شقاوة"، وكثيرًا ما يتمسّك بها المؤمن وكأنه امتلك تلك الحجّة القاسِمة، فيتشبّث بها كمن عثر على كنز، ويعتبرها حجة قاطعة ويقول: ها! شفت؟ اللاشعور عندك مؤمن.
فيعتبر لفظه لإحدى هذه التعابير وكأنه اعتراف ضمني على وجود الإله وصحة دينه، أو على أن اللاشعور لدى الملحد يقر بإيمانه!!!
لا... حين يستخدم الملحد إحدى تلك التعابير، لا يعني ذلك أنه اكتشف الله فجأة. الأمر ببساطة أن اللغة تترك ترسّباتها في ألسنتنا، ثقافة لغوية مُكتَسبة. المجتمع يزرع فينا هذه العبارات الشائعة في استخداماته اليومية، مثلما يزرع كلمات مثل "صباح الخير" التي تسمعها من جارك يوميًّا (حتى لو كان صباحك زفت)، ونكررها من باب العادة لا العقيدة.
ترى شيئًا جميلًا: "ما شاء الله".
تسمع خبرًا غريبًا: "سبحان الله".
يدعوك أحدهم لتناول العشاء معه غدًا: "إن شاء الله رح أجي" (ولكن معناها الحقيقي: ربما، وربما لا، وغالبًا تكون لا).
في منتصف حديث مشحون أو ثقيل: "صلّوا على النبي يا شباب".
كلها مجرد تقاليد لغوية، مجاملات اجتماعية أو ردود فعل تلقائية، لا تحتاج إلى إيمان كي تخرج من الفم، مثلها مثل "كيف حالك" أو "صباح الخير".
لكن المؤمن حين يقول لك: "دعنا نكون منطقيين"، تبدأ المسرحية. أي منطق يقصد؟ منطق القصص الدينية الغريبة العجيبة التي تُروى بجدية كاملة؟
● الحجر الذي "هرب" بثياب موسى ليريه للناس وهو عارٍ.
● يونس الذي عاش في بطن الحوت وكأنها غرفة فندقية.
● عصا موسى التي تتحول إلى حيّة تسعى وتشق البحر.
● طيور الأبابيل التي تحمل حجارة من نار وتقضي على جيش كامل.
● ومئات القصص اللامعقولة في الكتب الدينية.
هذه أمثلة من "المنطق" الذي يريدون أن يقنعوك به.
الملحد حين يقول "يا إلهي"، لا يقصدها أصلًا.
لكن المؤمن حين يقول: "دعنا نكون منطقيين"... فهو يقصدها جدًا.
وهنا بالضبط، تبدأ الكوميديا السوداء.
بالنتيجة... الملحد قد يزلّ لسانه، أما المؤمن فيزلّ منطقه كله.
#مصطفى_حجي (هاشتاغ)
Mustafa_Hajee_/_Mustafa_Alhaji#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟