أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتصم الصالح - مزين بغداد














المزيد.....

مزين بغداد


معتصم الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 22:59
المحور: الادب والفن
    


كان ياما كان في سالف العصر والاوان

صبيا منبوذًا، ساقه الدهر بعيدًا عن دفء الرفاق، ولفظه أبواه كغريب الأطوار، لا يرى ما يرونه، ولا يفكر كما يفكرون. قالوا إنه هش، غارق في خيالات الماضي، يرفض أن يسامح، يريد محاكمة الأمس بمحكمة اليوم، ويمقت الغد كما لو كان كابوسًا مُعادًا.

في زقاق ضيق من مدينة ينهشها النفاق، كانت "العجوز الشمطاء" تدير المشهد. لم تكن مجرد مربية، بل حاكمة الظلال. تسير البيوت كما تسير الرياح في زوايا الحواري، تنقل الأخبار، تُشيع الفتن، وتنسج الخيوط السوداء كي تبقى كلمتها هي العليا.

بإيماءة منها، حُكم على ذلك الصبي بالتيه، بلا بيت يأويه، بلا وطن يحميه. ينام على الأرصفة، يتوسد الخوف، ويقتات من فتات الموائد التي تزدحم بكل ما لذ وطاب... لكنها لا تفتح له أبوابها.

كبر الصبي، اشتد عوده، أراد أن يثبت نفسه في عالم لا يعترف بالمهمّشين. فكان وقودًا لحروب لا تخصه، خادمًا لأهواء لا تمتّ له بصلة. لم يعبأ به أحد، لم يسأل عنه أحد، وكأنه شبح يمشي بين الناس.

لكن عجلة الزمن لا تتوقف، وقد دارت له أخيرًا...

انهارت العجوز، خذلها العمر، وسقطت في مزبلة التاريخ. وجاءت بديلتها: امرأة شابة،" عاهرة المدينة " ضاحكة، مغرورة، تنظر إلى العالم كساحة احتفال. قلبت الطاولة، طردت زبائن العهد القديم، أعادت طلاء الحانة، غيّرت الأرائك، ورتّبت وليمة لانتصار زمنها.

رفاق الطفولة – أولئك الجشعين الذين طردوه – لفظهم الزمن الجديد كما لفظوه من قبل، ولكن هذه المرة بأقسى السخرية. أما هو، فقد ضحك له الحظ أخيرًا. احتضنته السيدة الجديدة، جعلته خليلها، سيّدت له الحياة، وتدفّق المال بين يديه كجدول لا ينضب.

لكن النعم، كالحب، تطلب التروي.

نسي بطلنا بداياته. غلبته غريزة الظهور. ظن نفسه نمرًا، لكنه كان مجرد أرنب يرتعد من ظلاله، أو لنقل... ورقة عنب ملفوفة على وهم العظمة.

بدأ يتدخل فيما لا يعنيه، يناصر من لا يحتاج نصرته، ويتكلم كما لو أن الأرض لا تدور إلا بإرادته. أعداؤه القدامى لم ينسوه، كادوا له، ترصدوا سقطاته، وتهيّأوا للحظة الانقضاض.

أما سيدة الزمن الجديد، فهي تعرف جيدًا من أين التقطته، وتدرك تمامًا كيف تُعيده إلى نفس الزاوية التي التقطته منها...

عادت الدائرة تُغلق، والحكاية تتهيأ لتكرارها القاسي.

وفي اليوم التالي، مرّ طفل صغير أمام مقهى النخبة، فتعرّف عليه شحّاذ كان يجلس عند الباب، قال له هامسًا:
"أتذكر هذا الوجه؟ كان نجمًا يوماً ما..."

لكن أحدًا لم يجب.
والطفل مشى، غير آبه.

في الزاوية الأخرى من المدينة، كانت سيدة ثالثة تُطل برأسها من خلف الستار، تبحث عن قصة جديدة، وبطل جديد... وربما مشرد آخر.

ف يا ضحكة جاد بها الدهر على مكتئب ...



#معتصم_الصالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة غريبة
- متاهة
- فينيرا: الرحيل نحو العالم الحقيقي
- حين يكره العبد حريته
- ترسيم الحدود العراقية-الكويتية: من التخطيط الاستعماري إلى ال ...
- عبث الجهد واليأس من المعنى
- رسالة من المدينة
- عندما أصبح البَسَطَاء هم القادة
- بين السماء والطين
- الملاك والزعيم
- هَمْسُ العُيُونِ
- فيصلُنا... لا فيصلُهم
- رحلة مع الذات
- كان لي من الوقت ما يكفي لأفهمك
- ظلٌّ لا يريد أن يُمحى
- حين تتحدث الصفقات بصوت أعلى من المفاوضات
- أحيانًا...
- حكايتها
- متى ينتهي سفك الدم البشري
- من بغداد إلى غزة


المزيد.....




- الموت يغيب الفنانة العراقية سليمة خضير
- ألفريد هوبير مع القرآن.. رحلة مستشرق ألماني بين الأكاديميا و ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...
- صفحة قائد الثورة باللغة العبرية: الكيان الصهيوني هو الكيان ا ...
- أول ظهور للفنانة أنغام بعد رحلة العلاج
- في احتفال بقاعة صاحب حداد الإعلان عن نتائج منافسة الأفلام ال ...
- صناع أفلام عالميين-أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- محمد رمضان في بيروت وهيفاء وهبي تشعل أجواء الحفل بالرقص والغ ...
- -بيت العبيد- بالسنغال ذاكرة حيّة لتجارة الرقيق عبر الأطلسي


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتصم الصالح - مزين بغداد