أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - قراءة في كتاب حصاد الفضائيين للكاتبة الأمريكية ليندا ميلتون هاو















المزيد.....

قراءة في كتاب حصاد الفضائيين للكاتبة الأمريكية ليندا ميلتون هاو


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 22:59
المحور: الادب والفن
    


هذا الكتاب هو المجلد الثاني من سلسلة "لمحات من حقائق أخرى" (Glimpses of Other Realities, Vol. II: High Strangeness)، الصادر أول مرة سنة 1998 في 600 صفحة من القطع المتوسط.
حين تفتح السماء أبوابها السرية:
في مساء صيفي هادئ من يوليو 1997، اجتمع الصحفيون والباحثون في مدينة روزويل، نيو مكسيكو، حيث لا يزال صدى الحادثة الغامضة عام 1947 – سقوط ما قيل إنه "طبق طائر" – يثير الجدل. وسط هذا الزحام الإعلامي، برز اسم الكاتبة والباحثة الأمريكية ليندا مولتون هاو، الحائزة على جائزة إيمي، والتي خصصت حياتها لتفكيك ألغاز الكائنات الفضائية، وتشويه الحيوانات الغامض، وظاهرة الاختطاف البشري. كتبها – وعلى رأسها حصاد فضائي ولمحات من حقائق أخرى – لم تعد مجرد توثيق، بل صارت بمثابة صرخة في وجه التعتيم الرسمي ومحاولة لإيقاظ وعي نائم.
الحقيقة التي تفوق الخيال:
ليندا مولتون هاو لم تكن مجرد صحفية تقليدية، بل محققة استقصائية اقتحمت مناطق شديدة الحساسية. كتبت عن أبقار تُستنزف دماؤها دون أثر لسكين أو مفترس، عن بشر يروون اختطافهم تحت أضواء ساطعة ثم عودتهم بذكريات مشوشة وجروح دقيقة، وعن عسكريين متقاعدين يعترفون بأن التكنولوجيا التي بين أيدينا اليوم – من الألياف الضوئية إلى الرؤية الليلية – قد تكون ثمرة هندسة عكسية لمركبات سقطت من السماء.
لكن ما يجعل كتبها استثنائية ليس فقط حجم الأدلة والشهادات، بل شجاعتها في مواجهة سيل من السخرية والاتهامات. في مقدمة إحدى طبعاتها، كتب المقدم المتقاعد فيليب كورسو – الرجل الذي خدم في البنتاغون – أن ليندا امتلكت "شجاعة لا مثيل لها"، لأنها طرحت ما تخشاه الحكومات: أن هناك ذكاء غير بشري يتعامل مع كوكبنا منذ عقود.
روزويل… بداية الشرارة:
منذ أن رأى الطيار كينيث آرنولد "أجسامًا لامعة تشبه الأطباق" عام 1947، والعالم لم يهدأ. حادثة روزويل الشهيرة – التي تحدث عنها شهود بأنها سقوط مركبة غريبة وُجد بداخلها كائنات غير بشرية – تحولت إلى أسطورة مؤامرة. بالنسبة للبعض مجرد بالون تجسس سقط من السماء، وبالنسبة للآخرين بداية عهد جديد من التلاعب والسرية العسكرية.
ليندا نقلت عن ضباط وجنود قولهم إن البنتاغون خزن أجزاءً من تلك المركبات، وبدأ مشروعًا لتصريف التكنولوجيا إلى الشركات الأمريكية الكبرى. كان الهدف واضحًا: تطوير أسلحة واتصالات قادرة على مواجهة "الآخر" الغامض. برنامج "حرب النجوم" في عهد رونالد ريغان لم يكن – كما قيل – مجرد دفاع ضد صواريخ سوفيتية، بل استعدادًا لصراع محتمل مع زوار من خارج الأرض.
بين الرعب والدهشة:
المثير في تحقيقات ليندا هو الجانب المزدوج للظاهرة: فهي لا تقتصر على الأجسام الطائرة المجهولة (UFOs)، بل تتداخل مع تشويه الماشية، حيث وُجدت آلاف الحيوانات في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية ميتة بأعضاء منزوعة بدقة جراحية غير مفهومة، دون دماء أو آثار. هل هي تجارب بيولوجية؟ حصاد جيني؟ أم رسائل مبطنة للبشر؟
ثم تأتي قصص "المختطفين". أطباء نفسيون مرموقون – مثل جون ماك من هارفارد – وثّقوا شهادات مئات الأشخاص الذين تحدثوا عن اختطافهم من قبل "رماديي البشرة" أو "كائنات طويلة الرأس"، وعن تجارب طبية وغرسات مجهولة. بعضهم تحدث عن رؤى كونية وصور ثلاثية الأبعاد تُظهر أن البشر ليسوا إلا "حراسًا بيولوجيين" ضمن مشروع أكبر.
ليندا لم تكتفِ بالروايات، بل دعمتها بشهادات علماء وضباط، وحتى بقطع معدنية أُرسلت إليها مجهولة المصدر قيل إنها من "حطام روزويل". التحاليل أظهرت أن تركيبها يختلف عن أي سبيكة أرضية معروفة.
ما وراء العلم والسياسة:
قد يظن البعض أن هذه الحكايات أقرب إلى الخيال العلمي. لكن ما يدهش هو أن شخصيات بحجم كارل ساجان وفيليب كلاس دخلوا في نقاشها بجدية، وإن كانوا من المشككين. أما المؤمنون فيرون أن القضية لم تعد "هل هناك كائنات أخرى؟" بل "ما غرضها من التعامل معنا؟".
هل هدفها تهجين الإنسان؟ التحكم في وعينا الجماعي؟ أم أننا مجرد مادة تجريبية ضمن مخطط كوني لا نعرفه؟
الأكثر رعبًا هو ما كتبه بعض العسكريين: أن الحكومات تعلم الحقيقة لكنها تصمت، خوفًا من الذعر العام، وحفاظًا على التوازن الاقتصادي والديني، وحتى لاستغلال أي تكنولوجيا متاحة قبل كشف السر.
حين يصبح الجسد مجرد وعاء:
من أكثر الفصول إثارة في كتاب ليندا قصص المختطفين الذين سمعوا من "الزوار" أن الجسد البشري ليس سوى "حاوية للروح". بعض الكائنات اعتبرت دفن الأجساد أو إقامة الجنازات "سلوكًا بدائيًا"، تمامًا كما نرمي علبة فارغة. هل يعني ذلك أن مشروعهم يتجاوز المادة إلى جوهر الروح البشرية نفسها؟
أكثر من ذلك، تحدّث شهود عن استنساخ أجساد بشرية في "حاويات" يتم شحن الوعي إليها. فكرة صادمة، لكنها تطرح سؤالًا: هل نحن نعيش أصلًا في تجربة أكبر منّا، حيث الجسد مجرد مركبة مؤقتة، والروح هي ما يُحصد ويُنقل عبر الأكوان؟
بين العلم والروحانية:
ليندا نفسها روت تجربة شخصية في جبال أيداهو، حيث رأت الأزهار والنجوم تنبض بضوء حي، ثم سمعت صوتًا داخليًا يخبرها: "أنتِ واحدة مع النور، والنور واحد معك". لحظة روحية جعلتها تدرك أن الظاهرة ليست فقط عسكرية أو تقنية، بل جزء من نظام كوني يربط المادة بالوعي.
ولعل هذا ما يجعل مشروعها مختلفًا: إنها لا تكتفي بطرح الأسئلة حول الأطباق الطائرة، بل تسعى لربطها بجوهر وجودنا: من أين جئنا؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل نحن فعلًا أذكى الكائنات في هذا الكون؟ أم مجرد مرحلة في سلسلة طويلة من التجارب الكونية؟
الصحافة في مواجهة السرية:
ليندا مولتون هاو، رغم الانتقادات، بقيت وفية لوظيفتها كصحفية استقصائية. كتبت بموضوعية، نقلت شهادات، وتركت الحكم للقارئ. بعضهم رآها "امرأة تهوى الخيال"، والبعض الآخر اعتبرها "ضميرًا صحفيًا نادرًا". لكن المؤكد أنها فتحت بابًا لا يمكن إغلاقه: البشرية ليست وحدها، وما يحدث في الظل سيخرج يومًا إلى العلن.
ماذا بعد؟
إذا كانت التكنولوجيا التي بين أيدينا اليوم نتيجة تواصل – أو سرقة – من حضارة غير بشرية، فما الذي ينتظرنا غدًا؟ هل سيبقى "الحصاد الفضائي" مقتصرًا على الماشية والبشر المختطفين؟ أم أن الكوكب كله في طريقه لأن يكون "مزرعة كونية"؟
الظاهرة، كما تصفها هاو، لا تبدو غزوًا مباشرًا، بل عملية بطيئة، دقيقة، تُشبه إعادة برمجة للحياة على الأرض. وربما – كما يقول البعض – هي مجرد خطوة ضمن خطة كونية لا نفهمها بعد.
الخاتمة: بين الرعب والأمل:
في النهاية، تتركنا كتب ليندا مولتون هاو أمام مرآة مزدوجة: من ناحية، رعبٌ من أن نكون تحت مراقبة وتلاعب قوى لا نعرفها. ومن ناحية أخرى، أملٌ بأن هذه الظاهرة قد تفتح وعينا على حقيقة أننا لسنا وحدنا، وأن للروح البشرية مكانًا في مسرح كوني أوسع من أحلامنا.
السماء لم تعد مجرد فضاء صامت. خلف النجوم، ثمة من يراقب، ومن يتدخل، ومن يزرع ويحصُد. السؤال هو: هل نحن مستعدون لمواجهة الحقيقة حين تُكشف بالكامل؟



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مختصر دراسة بعنوان -نحو ذائقة فلسفية جديدة في نقد السرد وتحو ...
- شرائح بحجم حبة الأرز تتحكم في العقول وأحداث العالم أجمع!
- قراءة في كتاب ( المصري - The Egyptian by Mika Waltari Transl ...
- قراءة نقدية في الرواية الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية -غ ...
- دراسة مقارنة بين مهرجانات المسرح في مصر والعالم
- النجم يحي الفخراني وعرض الملك لير على المسرح القومي نسخة عام ...
- غزة تحت القصف وضمير العالم في غرفة الإنعاش
- ثورة ٢٣ يوليو والتعليم .. حين تصبح الطباشير شعلة ...
- النظرية الكمية تثبت أن هناك ملايين يشبهونك
- العرض المسرحي يمين في أول شمال رائعة المخرج عبد الله صابر
- البلبوص ! ( من القصص السياسي )
- نجيب محفوظ .. عين الفلسفة في الحارة المصرية ( الجزء الثالث )
- نجيب محفوظ .. عين الفلسفة على الحارة المصرية ( الجزء الثاني ...
- نجيب محفوظ .. عين الفلسفة على الحارة المصرية ( الجزء الأول )
- التغيير التربوي وتوسيع آفاق التفكير النقدي
- مذكرات تحية جمال عبد الناصر ( الجزء العاشر - الحلقة الأخيرة ...
- السينوغرافيا في مسرح الغرفة: إعادة إنتاج الفضاء وإعادة تعريف ...
- مسرح العبث: الوعي في حضرة اللاجدوى
- مسرحية حكايات الشتا رائعة المخرج محمد العشري على مسرح الغد
- السعادة بين الفلسفة والعرفان: دراسة مقارنة في تصور ابن سينا ...


المزيد.....




- الموت يغيب الفنانة العراقية سليمة خضير
- ألفريد هوبير مع القرآن.. رحلة مستشرق ألماني بين الأكاديميا و ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...
- صفحة قائد الثورة باللغة العبرية: الكيان الصهيوني هو الكيان ا ...
- أول ظهور للفنانة أنغام بعد رحلة العلاج
- في احتفال بقاعة صاحب حداد الإعلان عن نتائج منافسة الأفلام ال ...
- صناع أفلام عالميين-أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- محمد رمضان في بيروت وهيفاء وهبي تشعل أجواء الحفل بالرقص والغ ...
- -بيت العبيد- بالسنغال ذاكرة حيّة لتجارة الرقيق عبر الأطلسي


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - قراءة في كتاب حصاد الفضائيين للكاتبة الأمريكية ليندا ميلتون هاو