محيي الدين ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 21:26
المحور:
الادب والفن
كان في قريتنا "حداد" .. له من الأبناء تسعة ذكور .. وثلاث إناث .. وكان بيته على مساحة ١٠٠٠ متر ورثه عن جده لأمه .. وكان تحت الإنشاء .. لا أبواب ولا شبابيك .. وكان كلما طلب منه الناس تركيب أبواب وشبابيك للحماية كان يرفض .. لماذا ؟ .. لأنه كان منشغلا بصناعة سلاح غامض سيمكنه من حماية نفسه وعائلته .. كان الناس يعتبرونه مجنونا .. وهو أيضا كان يعتبر الناس مجانين .. والمدهش أنه في سبيل صناعة هذا السلاح الغامض .. حرم أهله من رغد العيش .. وتسبب في خلق فضول عند الناس عن ماهية هذا السلاح .. وكان ذلك الفضول يدفع بعضهم أن يقدم وجبات غذائية لأي إبن من أبنائه مقابل معلومة ولو صغيرة .. وبسبب الجوع .. وشظف العيش .. ومن وراء وراء والدهم .. كانوا يقومون بالتجسس عليه مقابل معرفة أي معلومة عن سر السلاح الغامض يبيعونها لمن يقدم لهم وجبة عشاء .. بل أنهم صنعوا هالة عظيمة حول خطورة مايقوم به والدهم والذي من شأنه أن يحول قريتنا إلى كوم تراب .. وهو الامر الذي جعل من غموض هذا السلاح محط اهتمام كل بيت في القرية .. وازداد الفضول لمعرفته حتى وصل الامر إلى محاولة تدميرة .. وكلما زاد الغموض وزاد معه سيناريو البحث عن وسيلة لتدمير هذا السلاح زاد عدد الأبناء في بيع أي معلومة مقابل رغيف خبز .. ثم تحول فضول قريتنا إلى غضب .. ثم إلى أصرار على تدمير هذا السلاح .. بعضهم كان يقول انه كذبة .. بينما البعض كان يؤمن أنه سلاح من شأنه تدمير قريتنا بالكامل .. والبعض الآخر بالغ في تقديراته بأنه سلاح قادر على تدمير الناحية كلها والتي تضم ثلاثة وعشرين قرية .. وستحولها .. إلى كوم تراب .. ولما تعاظمت الافكار والمبالغات .. تعاظم الخوف .. واتجهت الأنظار لشيوخ المساجد في كل القرى الذين اجمعوا على جمع مبلغ من المال يدفعه كل بيت في القرية .. ثم يعهدون به لرجل من اهل المركز ( البندر ) له علاقات وله سطوة .. وأعطوه كل المال الذي جمعوه .. وبمكلمة تليفون .. كلف هذا الجل .. أشقى فتوة ( خط ) في المنطقة لتدمير هذا السلاح داخل منزل هذا ( الحداد ) المجنون .. كان اهل الناحية التي تضم ٢٣ قرية يكرهون هذا الفتوة الحرامي ..لكن مادام ( رجل المركز ) يثق فيه فالنتئج كلها ستلتصق به .. إن انتصر ( الفتوة ) في تدمير سلاح هذا ( الحداد ) المجنون .. فسيعود النصر لهم .. وسيسجدون ( لرجل المركز ) ويسبحون بحمده .. أما إن باءت المحاولة بالفشل .. فسيعود ذلك بالخزي وضياع هيبة رجل المركز وسطوته وسيطرته على الجميع .. وفي منتصف ليل الاحتفال بمولد ومقام احد المشايخ .. وبينما الكل يهذي ويتراقص حول مقام ( سيدنا الولي ) .. وبمساعدة اثنان من أبناء ( الحداد ) .. دخل رجال الفتوة ( الخط ) إلى المنزل عبر الأبواب المفتوحة التي بلا أبواب .. وعبر النوافذ المفتوحة بلا نوافذ .. ودمروا الصندوق الكبير الذي يحتفظ فيه الحداد بالسلاح المزعوم .. ثم قبضوا على ( الحداد ) نفسه عاريا .. وسحلوه .. حتى وصلوا به إلى ساحة مولد ( سيدنا الولي ) .. وهنا عم الصمت على ألسنة الجميع إلا الحداد .. الذي صار يصرخ ويضحك ويهذي في جنون وهو عاري ويقول:
إن ينصركم الله فلا غالب لكم ياولاد الكلب.
#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟