أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ضعف السلطة التنفيذية والتشريعية بالمغرب المادة 84… أو حين صار القانون يشتغل بالظن بدل اليقين














المزيد.....

قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ضعف السلطة التنفيذية والتشريعية بالمغرب المادة 84… أو حين صار القانون يشتغل بالظن بدل اليقين


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 13:37
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


أثار قرار المحكمة الدستورية رقم 255/25 الصادر بتاريخ 4 أغسطس 2025 جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية، بعدما أسقطت المحكمة ما يزيد عن ثلاثين مادة من مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد رقم 23.02. هذا الحدث ليس مجرد محطة تقنية في المسار التشريعي، بل هو كاشف عميق عن أعطاب بنيوية تمس كل من السلطة التنفيذية باعتبارها مُعدة المشروع، والسلطة التشريعية باعتبارها من صادق عليه.
تسلط هذه الورقة الضوء على مواطن القصور في صناعة هذا القانون، وعلى مظاهر الانفصال بين النص الدستوري كمُرتكز نظري، والممارسة التشريعية كمُخرَج عملي من خلال الكثير من المقتضيات المثيرة للجدل.
فبعد أن تطرقنا في الحلقة السابقة، للمادة 17 من قانون المسطرة المدنية، نقف اليوم على المادة 84 من نفس القانون التي كانت تعد هي الأخرى من بين أخطر تلك المقتضيات على مبدأ الأمن القانوني وتعرض حقوق الدفاع لمخاطر حقيقية.
ففي دولة يفترض أن يصاغ فيها القانون بدقة، قرر المشرّع – وبطلب من الحكومة – أن يمنح للمفوض القضائي، في قانون المسطرة المدنية، وهو مهنـي مستقل يخضع لقانون خاص، ويؤدي خدمة عمومية تحت إشراف القضاء، ، صلاحية قراءة الوجوه وتخمين الأعمار، والحسم في التعارضات المصلحية!
المادة 84 (الفقرة الرابعة) التي أسقطتها المحكمة الدستورية، كانت تنص على أنه "يجوز للمكلف بالتبليغ، عند عدم العثور على الشخص المطلوب تبليغه في موطنه الحقيقي أو المختار أو محل إقامته، أن يسلم الاستدعاء إلى من يثبت بأنه وكيله أو يعمل لفائدته أو يصرح بذلك، أو أنه من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار ممن يدل ظاهرهم على أنهم بلغوا سن السادسة عشر، على أن لا تكون مصلحة المعني في التبليغ متعارضة مع مصلحتهم."؛
فهذه المادة كانت تسمح للمفوض القضائي، في حالة غياب المطلوب تبليغه، أن يسلّم الاستدعاء لأي شخص:
يصرّح بأنه وكيل المعني أو يعمل لفائدته،
أو يبدو – من “ظاهر شكله” – أنه بلغ السادسة عشر،
على أن يقدّر المفوض القضائي، من تلقاء نفسه، عدم وجود أي تعارض في المصلحة.
فالمشرع جعل ركيزة من ركائز المحاكمة العادلة، وهي التبليغ، رهينة “التقدير الشخصي” للمفوض القضائي، بدل أن يضع معايير قانونية واضحة لا تحتمل التأويل أو التلاعب. أما الجهاز التنفيذي، فقد دافع باستماتة على القانون، بدون التمعن في الاثر الذي يمكن أن ينتج عنه في هذا الباب، وكأن التبليغ ليس إلا إجراءً شكليًا، متناسيا أن أي خلل فيه قد ينسف مسار الدعوى برمّته.
لتبقى النتيجة الحتمية هي:
ضياع الأمن القانوني.
تعريض حقوق الدفاع لمخاطر حقيقية.
فتح الباب أمام نزاعات كان يمكن تفاديها بنص واضح ودقيق.
الخلاصة السياسية المرة
ومرة أخرى، نكتشف أن التشريع عندنا قد يتحوّل من أداة لحماية المواطن إلى وسيلة لخدمة المزاج السياسي أو تصفية الحسابات، بينما يقف الأمن القانوني وحقوق الدفاع على الرصيف… في انتظار “تبليغ” لا يصل أبدا.
إن التشريع، كما قال مونتسكيو، مسؤولية كبيرة وخطيرة يجب أن نقوم به وأيدينا ترتجف، لأنه يرهن مصير أمة لعشرات السنين، ولا يجوز أن يتحول إلى معركة شخصية أو أداة لخدمة مصالح ضيقة. فالقوانين التي تكتب على مقاس اللحظة أو الأشخاص، لا تحكم إلا بالفوضى، ولا تخلّف وراءها سوى ضحايا يبحثون عن العدالة في نصوص لم تكتب من أجلهم.
فلو لم تتدخل المحكمة الدستورية، لظلت المادة 84 أشبه بـ"هدية مسمومة" داخل قانون المسطرة المدنية، تستعمل لتسريع بعض الملفات أو إرضاء بعض الأطراف، ولو على حساب حقوق الأفراد وضمانات المحاكمة العادلة.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- -أنا جلالة نفسي !-
- -انا عكسنا !-
- دادا الفاهيم... الموسوعة !
- الحقيقة الهشّة: الإنسان كما لا نراه
- الصحافة الرقمية
- عبد اللطيف أحمد خالص
- هل ستكون الحرب الإسرائيلية – الإيرانية سببًا في تغيير خريطة ...
- المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء المغربية
- سعاد خالص - مسيرة حافلة بالعطاء والتميز، منارة في دروب التعل ...
- مستقبل مهنة المحاماة في المغرب في عصر الذكاء الاصطناعي
- دور القضاء الإداري في حماية الاستثمار
- العدالة بين قدسية الجلسة واستفزاز الخطاب: تأملات في سلوك قضا ...
- -الناموس في الاقاليم المغربية الصحراوية: بين الخصوصية العرفي ...
- حين تقتل الجريمة أرواحًا لا تُرى
- في حضرة المناسبة
- -المحاماة وتحديات الاستقلالية والحصانة في ضوء المبادئ التوجي ...
- خطاب التخوين
- دور البرلماني وحدود الحصانة البرلمانية في ضوء الجدل حول مساء ...
- هل يمكن اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال ال ...


المزيد.....




- انتقادات دولية لإجراءات الاحتلال في غزة ونداءات عاجلة للإغاث ...
- صحة غزة: حصيلة وفيات المجاعة ترتفع إلى 303 بينهم 117 طفلاً
- إعدام دواعش اختطفوا خمسة شبان في الرطبة وقتلوا محامياً وخطيب ...
- 3 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية خلال الـ 24 ساعة الماضية ...
- بعد زيارة وفد مصري.. تل أبيب تتجه للتصعيد: صفقة الأسرى ليست ...
- توتر أمني عالٍ.. قوات الاحتلال خاصة تقتحم وسط رام الله وتشن ...
- مساعٍ أميركية لاتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا قبيل اجتماعات ا ...
- الأمم المتحدة تجدد تحذيرها من استمرار إسرائيل بعرقلة المساعد ...
- الأمم المتحدة تجدد تحذيرها من استمرار إسرائيل بعرقلة دخول ال ...
- احتجاجات بتل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ضعف السلطة التنفيذية والتشريعية بالمغرب المادة 84… أو حين صار القانون يشتغل بالظن بدل اليقين