أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - هل يجوز نزع سلاح المقاومة اللبنانية؟














المزيد.....

هل يجوز نزع سلاح المقاومة اللبنانية؟


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 00:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في كل مرة يُطرح فيها ملف "سلاح المقاومة" في لبنان، يُقدَّم النقاش وكأنه قضية قانونية – دستورية محضة، أو مسألة "سيادة الدولة" و"حصرية السلاح بيد المؤسسات الرسمية". لكن الواقع أكثر تعقيدًا، وأكثر خطورة. فالسؤال الحقيقي ليس: هل نزع السلاح يعزز الدولة؟ بل: أيّ دولة؟ ولمصلحة من؟

حين يطالب بعض السياسيين اللبنانيين اليوم بنزع سلاح المقاومة، فإنهم لا يطرحون مشروعًا سياديًا مستقلًا بقدر ما يعيدون إنتاج ما فشلت إسرائيل في فرضه بالقوة العسكرية، سواء في عدوان تموز 2006، أو في التصعيد الأخير خلال خريف 2024. المشروع الذي انهزم على يد المقاومة يُقدَّم اليوم تحت غطاء "مشروع وطني"، يتبناه بعض السياسيين المحليين، لكن بلسان الخارج ومنطقه.

تماهٍ خطير مع خطاب العدو

المدهش ـ أو الفاضح ـ في هذا الطرح، هو تطابقه شبه الحرفي مع الخطاب الإسرائيلي، الذي يُحمِّل المقاومة مسؤولية العدوان، ويصوّر الرد على الاحتلال على أنه تهديد للسلام. من يروّجون اليوم لخطاب "سلاح حزب الله يجرّ لبنان إلى الهلاك"، لا يقولون شيئًا جديدًا، بل يرددون بالحرف ما تقوله تل أبيب منذ عقود: "المقاومة هي المشكلة، لا الاحتلال". بهذا المنطق، لا تُدان إسرائيل على عدوانها المستمر، بل تُدان المقاومة على مقاومتها. ويصبح من يحمي لبنان متّهمًا، ومن تواطأ مع الاحتلال بطلًا قوميًا في نظر بعض النخب.

حين يُعاد تشكيل الذاكرة الوطنية

التاريخ هنا ليس هامشًا، بل ساحة معركة أساسية. فإسرائيل حين غزت لبنان عام 1982، لم تكن هناك مقاومة تستفزّها. كانت المقاومة نتيجة للاجتياح، لا سببًا له. والمقاومة التي نشأت حينذاك، لم تكن محصورة بحزب الله، بل جمعت طيفًا واسعًا من القوى الوطنية: من الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي، إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، فحركة أمل، وصولًا إلى حزب الله. وكان الذين يتحدثون اليوم عن "سيادة السلاح" هم أنفسهم من تحالف مع الاحتلال أو تواطأ معه أو التزم الصمت أمام مجازره، من صبرا وشاتيلا إلى قانا.
فهل يجوز، أخلاقيًا وتاريخيًا، أن يُطلب من هؤلاء الذين قاتلوا لتحرير الأرض أن يسلموا سلاحهم لمن خان القضية، أو عجز عن حمايتها؟

منطق "الدولة" كأداة للإلغاء

اللافت أن دعاة "حصرية السلاح بيد الدولة" هم أنفسهم الذين فرّطوا بهذه الدولة، فحوّلوها إلى شركة طائفية مُفلسة، تخضع في قرارها السيادي لمحاور إقليمية ودولية، تحديدًا للرياض وواشنطن وتل أبيب. هؤلاء لا يطالبون بدولة سيادية، بل بدولة ضعيفة، مجرّدة من وسائل الردع، تتنازل طواعية عن آخر أدواتها في مواجهة العدو التاريخي للبنان والمنطقة.
لو كان الجيش اللبناني هو الذي حرّر الجنوب، وتصدّى للعدوان الإسرائيلي على مدى ثلاثة عقود، لكان من المنطقي ـ بل من الواجب ـ أن تُسلَّم إليه المهام الدفاعية. لكن الحقيقة أن المقاومة، لا المؤسسة الرسمية، كانت في صدارة المواجهة. والذين يطالبون اليوم بنزع سلاحها، لم يقاتلوا يومًا، بل راهنوا دائمًا على الخارج.

مقاومة محلية في وجه مشروع إمبراطوري

ما يجري اليوم في لبنان ليس مجرد خلاف داخلي، بل هو امتداد لهندسة إقليمية شاملة، تهدف إلى إعادة رسم موازين القوى في المنطقة بما يتناسب مع مصالح "المركز الإمبريالي" وشركائه. لقد فشلت إسرائيل في القضاء على المقاومة بالقوة، فسلّمت المهمة لوكلائها: "أنتم أصحاب اللغة اللبنانية، فقولوا إن السلاح غير شرعي. نحن نقصف، وأنتم تنظّرون. نحن نحاصر، وأنتم تُبرّرون."
هذه ليست نظريات مؤامرة، بل وقائع. فبينما تقصف إسرائيل جنوب لبنان، وتغتال القادة المقاومين، وتضغط عبر لوبياتها في العواصم الكبرى، يظهر من يروّج لنزع سلاح المقاومة على أنه "حماية للبنان"! لكن أي لبنان هذا؟ لبنان السياحة والحياد؟ أم لبنان الخاضع الذي يُعَدّ لتوقيع "اتفاق سلام" بعد سنوات من الحصار والتجويع والتخويف؟

من الذي يجب أن يُنزع سلاحه حقاً؟

في الحقيقة، السؤال الأخلاقي والسياسي ليس: هل يجوز نزع سلاح المقاومة؟ بل: هل يجوز إبقاء سلاح التبعية والارتهان؟ هل يجوز أن تستمر الميليشيات المرتبطة بإسرائيل والسعودية في العمل بحرية، بينما تُدان المقاومة لأنها رفضت التوقيع على صكّ الاستسلام؟
سلاح المقاومة ليس أداة حرب عبثية، بل مظلة بقاء. هو ما أبقى لبنان في موقع الندية، وما حال دون تحوّله إلى ساحة مكشوفة أمام المشروع الصهيوني. ومن يطالب بنزعه، لا يبني دولة، بل يُفرّغها من مضمونها.

الخلاصة: ما الذي نريده للبنان؟

هل نريد دولة بلا مقاومة، أي دولة بلا قدرة على الدفاع؟ أم نريد مقاومة بلا دولة، أي مقاومة متروكة دون غطاء سياسي؟ ليس المطلوب الاختيار بين نقيضين، بل إعادة تعريف الدولة على قاعدة جديدة: دولة قوية، عادلة، مستقلة، تحضن المقاومة وتؤطّرها، لا تقمعها ولا تتواطأ عليها.
ولذلك، فإن الدفاع عن سلاح المقاومة اليوم، ليس دفاعًا عن حزب أو فصيل، بل دفاع عن منطق السيادة الفعلية في وجه سيادة زائفة تُباع بالتصريحات وتُشترى بالمساعدات.
فإذا كان لا بد من نزع سلاح ما، فلننزعه من أيدي من باعوا السيادة، لا من الذين دفعوا الدم ثمنًا لها.



#منذر_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رِهان الحكام العرب على سراب الصهيونية!
- رحيل صنع الله إبراهيم… صوت الذاكرة والاحتجاج!
- الوطنية بين وهم الانتماء وأدلجة الولاء: أيهمَا الأصل وأيهمَا ...
- إسرائيل تفترس سوريا وتعيد هندسة العالم العربي!
- ألا يستحق زعماؤنا جائزة نوبل... للسلام؟
- إيران: إرادة لا تُقهر بين النصر الرمزي وتحديات الهيمنة!
- العدوان الإمبريالي على إيران بين اليسار الحقيقي واليسار الزا ...
- الضمير المستأجر: منابر عربية تُمجّد القاتل وتدين الضحية!
- المفارقة المحزنة: حين يُطلب منك باسم العروبة أن تؤيد إسرائيل ...
- كيف يفكر الأوغاد صباح الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
- هل نحن على أعتاب ضربة ضد إيران؟
- نداء عاجل لوقف الحرب على الشعب اليمني
- عدوان صهيوني–إمبريالي شامل ووشيك على اليمن بين صمت السلطة وت ...
- يا عمال العالم، اتحدوا!
- الإمبريالية الأمريكية تناصر الإبادة الجماعية!
- الطغيان الأمريكي والعجز العربي: قراءة في موازين القوة!
- الاشتراكيون اليمنيون... مع مَنْ؟
- التحية بحجم السماء إلى المرأة في عيدها العالمي المجيد!!
- الصهيونية تزحف بخطى متسارعة على العالم العربي!
- الإمبريالية تؤجج الصراعات ثم تستثمرها: أوكرانيا واليمن نموذج ...


المزيد.....




- -سبيس إكس- تستعد لإطلاق رحلتها التجريبية لأقوى صاروخ فضائي ت ...
- لافروف يتهم الغرب بعرقلة مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا
- مصر.. أحد المنقذين يكشف لـCNN اللحظات العصيبة بكارثة غرق 6 ط ...
- رؤية الصين حول تقنية الجيل السادس تُمهّد لعصرٍ من الذكاء الش ...
- معاريف: ديرمر ضد الصفقة الجزئية ونتنياهو عالق بحساباته السيا ...
- واشنطن بوست: البنتاغون ينوي نشر قوات عسكرية بشيكاغو تأهبا لل ...
- مغردون: التاريخ سيسجل أن في هولندا من قال -لا- لإسرائيل إذ ص ...
- لبنان يؤكد تمسكه بتمديد ولاية قوات اليونيفيل لعام إضافي
- خبير عسكري: جنرالات إسرائيل يريدون عملية حذرة بغزة خشية من ا ...
- نصائح ذهبية لمرضى السكري أثناء السفر


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - هل يجوز نزع سلاح المقاومة اللبنانية؟