أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سعد محمد مهدي غلام - (حين يُفتي القاضي مرتين: زوال الحياد القضائي ومخالفة النظام العام)














المزيد.....

(حين يُفتي القاضي مرتين: زوال الحياد القضائي ومخالفة النظام العام)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 15:21
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


(قراءة تطبيقية للمادتين 91 و92 من قانون المرافعات العراقية)

مقدمة
يُعَدّ مبدأ حياد القاضي من الركائز الجوهرية للعدالة، ويكمن الخطر الأكبر في الإخلال به حين يقوم القاضي ذاته بإصدار حكمين في النزاع نفسه، أو في نزاع يماثله من حيث الخصوم والموضوع والطلب القانوني، كما حدث في الدعويين المرقّمتين 488/ب/2024 و170/ب/2025 المنظورتين أمام محكمة البداءة.

أولًا: [(وقائع الدعويين) ( تماثل موضوعي وتشريعي)]
في الدعوى الأولى، طلب المدّعي إبطال القسام النظامي لصدوره من محكمة غير مختصّة مكانيًا. فصدر حكم برد الدعوى، وكان تسبيبه مخالفًا للوقائع والقانون. ثم ردّت محكمة التمييز الدعوى شكلًا لنقص الخصومة (مع أنها كانت متحقّقة في أصل عريضة الدعوى، إلا أنّ المحامي عدّل الخصومة وأسقط إضافة التركة استنادًا إلى قرار تمييزي سابق للهيئة العامة برقم 166/ت/124 لسنة 2022 المؤرخ 13/4/2022، الذي نصّ على عدم وجوب إضافة التركة في دعوى إبطال القسام. غير أنّ محكمة التمييز اعتبرت الخصومة ناقصة دون بيان أسباب التعارض مع قرارها السابق، فردّت الدعوى شكلًا دون الفصل فيها).
وبعد ظهور مستجدّ قانوني مهم، وهو إبطال القسام الشرعي الذي بُني عليه النظامي باعتباره أحد وثائقه كما هو ثابت في أوليات القسام النظامي، ولأن الدعوى الأولى لم تُعَد إلى محكمة الموضوع من قبل محكمة التمييز (كما هو متعارف عليه في الرد الشكلي لنقص الخصومة)، فقد أُقيمت دعوى ثانية بطلب إبطال القسام النظامي ذاته لبطلان القسام الشرعي. وبما أنّ الدعوى الأولى رُدّت شكلًا، فإن قرار الحكم فيها لا يُعَد باتًّا، إذ لم يكتسب الحجية وفق المواد (105 و106) من قانون الإثبات، كما يؤكّد الحكم التمييزي الصادر عن الهيئة الموسعة برقم 88/2024 في 19/3/2024.
ومع ذلك، عاد القاضي نفسه إلى نظر الدعوى الثانية وأصدر حكمًا ثانيًا بردها شكلًا لسبق الحكم فيها، رغم أنّ الحكم الأول لم يُصدَّق تمييزيًا (بل وُصِفَ خلاف حقيقته في قرار الحكم). وردّها أيضًا موضوعًا بالتسبيب ذاته للدعوى الأولى، وهو تسبيب يتعارض مع المادة 310 من قانون المرافعات ومع قرار الهيئة العامة رقم 78 لسنة 2007، متجاوزًا شرط الحياد، ومتجاهلًا واقعًا قانونيًا مستجدًا (إبطال القسام الشرعي لعدم الاختصاص المكاني).

ثانيًا: [(المادة (91) مرافعات) ( تشكيل المحكمة غير المشروع)]
تنص المادة (91/1) على بطلان الحكم إذا صدر عن قاضٍ زالت ولايته قانونًا.
وقد زالت ولاية القاضي الموضوعية عندما فصل في الدعوى الأولى بين نفس الأطراف والموضوع، وكون قناعة قانونية فيها، ثم عاد ليفصل بذات الطلب ويردّه موضوعًا بالتسبيب نفسه غير السليم قانونًا.
هذا التصرّف يهدد مبدأ التشكيل الصحيح للمحكمة، ويُشكّل سببًا جوهريًا لبطلان الحكم.

ثالثًا:[( المادة (92) مرافعات) (مخالفة النظام العام)]
لأن المسألة تمسّ حياد القاضي واستقلاليته، كان من واجب محكمة التمييز الاتحادية أن تتصدّى للبطلان من تلقاء نفسها، خصوصًا بعد التمسك به صراحةً في ملحق طلب التصحيح.
عدم الرد على هذا الدفع يُعَدّ إغفالًا جوهريًا يُضعف القرار التمييزي ويقوّض وظيفته الرقابية.

رابعًا: [(أثر بطلان القسام الشرعي على النظامي) (وفق المادة 310/1 والقرارات التمييزية ذات الصلة ) ]
إن القسام النظامي الصادر عن محكمة البداءة تأسس على قسام شرعي صادر عن محكمة الأحوال الشخصية في القضاء نفسه، وقد صدر قرار قضائي بإبطال الأخير لعدم الاختصاص المكاني.
ويُعَدّ ذلك مستندًا جوهريًا جديدًا لم يكن قائمًا وقت إصدار الحكم الأول، ما يبرّر إقامة دعوى جديدة حتى مع تماثل الموضوع مع دعوى سابقة قرار ردّها موضوعًا لم يُصدّق تمييزيًا، ويؤكّد أن الحكم الثاني بُني على سند باطل.

خامسًا:( محكمة التمييز )
إن ردّ محكمة التمييز لطلب التصحيح دون أن تتناول الدفع المتعلق بزوال ولاية القاضي يُعَدّ قصورًا في التسبيب وخللًا في الرقابة.
إن محكمة التمييز لم تُفصِّل فيما إذا كان القاضي مؤهّلًا قانونًا لنظر الدعوى الثانية، ولم تأتِ على ذكر هذا الدفع الذي عُرض في ملحق طلب التصحيح، بل أغفلته دون بيان الأسباب، على الرغم من وضوح السوابق والاجتهادات التي توجب الإبطال في مثل هذه الحالة، كما يذهب إليه المدعي/المميز.

الخاتمة
ليس الخطر في صدور حكمين متتابعين فحسب، بل في كون القاضي ذاته هو من أصدرهما بين الأطراف أنفسهم وبذات الطلب، وهو ما يهدم مبدأ الحياد من أساسه.
إن صمت النظام القضائي عن مثل هذه المخالفات لا يُعَد قصورًا إجرائيًا، بل تواطؤًا بنيويًا ضد روح العدالة.
لذلك، تبقى المادتان (91 و92) من قانون المرافعات منصّتين مفتوحتين لإبطال كل حكم صدر خارج مشروعية المحكمة.



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (على قِمَّةِ العُزلة: رَواتِبُ صَلاةِ اعتِكاف)
- (غَرِيقُ الهَوَى)
- (حين يُجرَح القانون: كيف تُستخدم -الشكليات- لتمرير الظلم في ...
- (حين يُجتهد في مورد النص: أزمة القضاء العراقي بين غياب المسا ...
- (بِرَوْثِ المَعْجَمِ أَرْهَصُ) (هَذَيانُ عِشْقٍ يَقْتاتُ مِن ...
- ( الشَّاعِرُ: صَيْرُورةُ فَرَاشةِ كَاليمَا)
- (إضاءة نقدية على قصيدة -انتظار- للشاعر شلال عنوز)
- (أطيافُ الخراب في مرآةِ الكابوس:شَفَقٌ أَخْضَرُ)
- (الأنوثة المبدعة بين الزمن والرمز: قراءة سيميائية في قصيدتي ...
- (المَنْفى)
- (مراثي زَمانٍ يُبشِّرُ بالخُذلان)
- (بين ازدواجية الخطاب وتكميم الأصوات: القضاء العراقي في مرآة ...
- (حين ينتقد القضاة بعضهم علنًا: قراءة في أزمة الخطاب القضائي ...
- (مراجعة سيميائية عامة لقصيدة الشاعرة بشرى البستاني: [أنثى ال ...
- (رَهْبَةُ القُرْبِ وَفَزَعُ الغِياب) (مُناجاةٌ بين قيثارةٍ ر ...
- (عن الحنين الذي لا يهدأ: جَذْبَة )
- (مُنْفَرِدُ التَّقْسِيمِ)
- (على قنطرةٍ من لهبٍ وظِلّ: وَاسِني بِالسُّهى)
- (رَهِينَةُ النَّيَاسِمِ) (اتِّبَاعًا لأَثَرِ الغِيَابِ المُق ...
- (تَلَّةُ لَوزٍ مُرٍّ) (مرثيّةُ العشقِ المصلوبِ على هودجِ الخ ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة تندد بتهديد بن غفير لمروان البرغوثي في زنزانته ...
- سوريا: ما دلالات تظاهرة السويداء التي طالبت بـ-تقرير المصير- ...
- باحثة أوروبية: العقلية العنصرية وراء عجز الغرب عن التحرك لوق ...
- رغم موافقة حماس.. نتنياهو ينقلب على مقترح الوسطاء ويطالب بكل ...
- مصطفى البرغوثي: مصر رفضت بشكل قاطع مؤامرة إسرائيل للتطهير ال ...
- أمنستي تطالب إثيوبيا بإلغاء تعديلات قانون الجمعيات ورفع القي ...
- في يوم العمل الإنساني.. الأونروا بالضفة: موظفونا مصدر قوتنا ...
- الإغاثة الطبية بغزة: الاحتلال دمر المخازن اللوجستية التابعة ...
- منظمات حقوقية تستنكر قرار واشنطن وقف تأشيرات العلاج لأطفال و ...
- مدير شؤون -الأونروا- في الضفة الغربية يؤكد على أهمية حماية م ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سعد محمد مهدي غلام - (حين يُفتي القاضي مرتين: زوال الحياد القضائي ومخالفة النظام العام)