أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (على قنطرةٍ من لهبٍ وظِلّ: وَاسِني بِالسُّهى)














المزيد.....

(على قنطرةٍ من لهبٍ وظِلّ: وَاسِني بِالسُّهى)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 20:11
المحور: الادب والفن
    


تقدمة:
(في معنى أن يُواسينا الضوءُ الهاربُ من المجاز)

في هذا النص، لا يُطلب العزاء من بشرٍ، بل من "السُّهى" – ذاك الكوكب الخافت الذي لا يُرى إلّا للقلوب المستبصرة، وللذاكرة حين تنظر من فوق جراحها. على قنطرةٍ بين النار والظل، يتأرجح الصوت بين هويةٍ تذوب وسماءٍ بلا يقين، بين وطنٍ لا يُعرَف وملامح تمحَّتْ. هذه القصيدة ليست مجرّد نداءٍ أو مناجاة، بل هي تلاوةٌ لصمتٍ داخليّ يُبنى من الخسارات المتراكمة، ومحاولةٌ يائسة لاسترداد الذات من هوّة "اللازمن" و"اللامكان".

هنا، تسير الكلمات على حوافّ الخوف، ويصير المجازُ جسراً معلّقًا فوق لهب التأويل. لا ظلّ يرافق المعنى، إلا ظلال الشكّ، ولا قُبلة تُرتَجى إلّا من شفاه الحنين المندثر. في هذا النص، لا نُشفى... بل نتهجّى وجعنا ببطء، ونُعيدُ تكوين أنفسنا من نُثارِ النداء.

النص:

بِمَعْبُودِكِ وَاسِني
بِقُبْلةٍ مِنْ سِيسَمٍ وَقَرَنْفُلٍ تُبَرِّدُ دَمي
السَّقَمُ دَبَّ في شَرَايِيني
الهَوَى مُرٌّ رَغْمَ حَلاوَتِهِ
مَرَّةً يَأْتي مِنْ عَيْنٍ
أُخْرى مِنْ أُذُنٍ
أَمَا لَوْ هَوَى قَفيرُ النَّحْلِ مِنْ شَفَاهِكِ
أَحَلَّ
دَمي
في الْأَشْهُرِ الحُرُمِ

وَاسِني، أَضَعْتُ ضِفَّتي
سَائِبٌ على قَنْطرةِ الصَّمْتِ
مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ كَيْنُونَتي
فَرَّ ظِلِّي مِنِّي
إِلى حَيْثُ أَنْوي
لَا تَلُوحُ شَمْسٌ
مَنْ أَكُونُ؟ ظِلٌّ
أَمْ أَنِّي بِلا ظِلٍّ؟
فَوْقَ القَنْطرةِ لَا مَنْ يَدُلُّني
لَا مَنْ يُبُوحُ
بِحُلْمٍ، كُلُّهُمْ يَمْضُونَ
سَادِرُونَ في النَّوْمِ العَميقِ
الغُفاةُ هُمْ أَمْ مَنْ أَكُونُ؟
حَيْرةٌ، ضَاعَتْ وِجْهَتي
أَتَرَاني أَمْضي
لِقُدَّامٍ
أَمْ لِقَفا؟
أَفي وُقُوفٍ؟ أَمْ في خُطُوٍ؟
تَحْتي نَهْرُ نارٍ
وَالْقَنْطرةُ مِنْ خَشبٍ
يَسْمُو اللَّهبُ
يَكَادُ يَلْفَحُني اللَّهَبُ
وَاسِني، وَلَوْ لِأَنْسى
مَا أَنا، وَأَعُودَ لِمَا كُنْتُ
أَنَا
قُبْلةٌ، بَلْسمٌ لِسَقيمٍ
مُعْتلٍّ، فَقدَ المَسافَةَ
بِالزَّمَنِ
بَيْنهُ وَبَيْنَ بَيْنِهِ
وَبَيْنَ ظِلِّهِ
فَقَدَ بَيْنَتهُ عَنْ نَفْسِهِ
وَاسِني بِمَعْبُودِكِ
مَعْبُودي نَسَاني
وَنَسِيتُهُ
عَلَى قَنْطرةٍ
لَا مَكانَ
لَا زَمانَ
يُحَدِّثُني الصَّدَى الهَارِبُ
هُوَ ذَا الوَطَنُ
أَيُّ وَطَنٍ لَمْ نَعِ
فِيهِ مَنْ نَكُونُ؟
أَيْنَ هُوَ لِنَشْكُوَهُ لَهُ؟
وَمَنْ يَكُونُ؟
مَلَامِحُنا مُسِحتْ
كَمَا مَلَامِحُهُ مُسِحتْ
وَالنَّاسُ فِي مَنامٍ
يَسِيرُونَ على اللَّا هُدَى
ذَاهِبُونَ
قَادِمُونَ
لَا يَقينَ عِنْدي
وَلَا هُمْ في صَحْوٍ
لِيُوقِنُونَ
وَاسِني بِقُبْلَةٍ مِنْ سُهى
وَلْيَكُنْ مَا يَكُونْ

الخاتمة كشذرة:
أُصَافِحُ السُّهَى في مَمَرَّاتِ الظِّلَالِ،
وَأَسْتَعيدُ نَفَسي مِنْ نَبْضِ صَدَى الغُيُومِ.
مَا أَضْيَقَ القَنْطرةَ
إِنْ لَمْ تَكُنْ قُبْلَتُكِ
هِيَ الوَطَن.

هوامش تأويلية:
1. السُّهى:
نجمٌ خافتٌ لا يُرى بسهولة في كوكبة الدبّ الأكبر، ويُقال إنّ العرب كانت تختبر به حدّة البصر. في القصيدة، يتحوّل إلى استعارة للرجاء الغائب، أو المواساة اللامرئية التي لا يقدر عليها سوى مَن أبصر بنور الحنين. السُّهى هو عزاءٌ لا يمنحه إلّا البعيد/الخفيف/الذي لا يُطال.
2. القنطرة:
رمزٌ للعبور الحائر بين عالمين: الذات والآخر، الزمان والمحو، الوجود والفقد. لكنها هنا من خشب، فوق نار، أي أن العبور محفوف بالاحتراق. القنطرة ليست معبرًا، بل اختبارًا للهويّة أمام العدم.
3. الظلّ:
ليس انعكاسًا للجسد، بل مرآة للوعي الهارب. في النص، "فرّ ظلّي مني"، أي تخلّى الوعي عن ذاته، أو انفصلت الذات عن أصلها. الظلّ هو الذات في حالتها المراوغة: كائنٌ لا يُمْسَك، ولا يُنفى.
4. الصدى:
هو ما تبقّى من الصوت بعد أن يضيع في الفراغ. "الصدى الهارب" ليس فقط بقايا حضور، بل هو ما يُذكّر الشاعر بما كان، دون أن يعيده. الصدى هو الوطن الباطني حين لا يعود للوطن الخارجي معنى.
5. القبلة / البلسم:
ليست قبلة جسد، بل أثر روحي، قد يكون أثر حضورٍ لحظةَ الانهيار. "قبلة من سهى" تعني أن التعزية لا تأتي من العادة، بل من المستحيل. القبلة هنا فعل شفاء لا يُعطى، بل يُنتَظر من فراغ النجوم.
6. الناس في المنام / اللاهدى:
استعارة للجمع الهائم، المجتمع الغائب عن وعيه، الذي يسير دون بصيرة. إنهم أشباهُ بشر، في نوم يقظ، في فقد جماعي للوجهة.



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (رَهِينَةُ النَّيَاسِمِ) (اتِّبَاعًا لأَثَرِ الغِيَابِ المُق ...
- (تَلَّةُ لَوزٍ مُرٍّ) (مرثيّةُ العشقِ المصلوبِ على هودجِ الخ ...
- (نَشِيدُ العِنْدَلِيبِ وَشَجَرَةُ التِّينِ)
- - هدر دم خور عبد الله بتدخل القضاء العادي في القضاء الدستوري ...
- تحليل قانوني دستوري لمقال : -أمواج خور عبد الله بين قرارين م ...
- /(سُوبَاطُ النِّسْيَانِ: نَامُوسُ الصُّقُورِ) ديون شعري
- (ثُلاثيّة الإدراك، الصمت، الصدى: قراءة سيميوطيقية فلسفية – ج ...
- (لا عزاء: تمثّلات الزمن والوجع في الشعر الوجودي) (تشريح الذا ...
- (بورنو… في مُحْرَابِ الغياب ) (نصٌّ عن المحراب حين يُفتَح من ...
- (نُبُوءَةُ الزَّفِيرِ فِي كَفِّ العَابِرِ)
- (نَسِيجٌ عَلَى نَوْلِ الفَقْد)
- (أزمة القضاء في العراق: بين الاجتهاد الخارج عن النص وغياب ال ...
- (حَرْفٌ:جُفولُ الكينونةِ)
- ( المَخْدَعُ أَمِينٌ..... حُلِّي إزارَكِ... )
- (قَنادِيلُ الغِيَابِ العَاشُورَائي : سُرَّةُ النَّارِ في جسد ...
- (دراسة عملياتية جيواستراتيجية)
- (تحولات الهيمنة الغربية المنحدرة و المحور الأوراسي الصاعد.)
- (أَناشِيدُ القَنْدِيلِ فِي كِتابِ الغِيابِ لِأَسْفارِ الرَّم ...
- (قراءة في ديناميكيات المواجهة الكوكبية 2025-2026)
- (تحولات النظام الدولي 2025-2026: انهيار الهيمنة الغربية وصعو ...


المزيد.....




- مقتل مستشار فيلم -لا أرض أخرى- الحائز على الأوسكار برصاص مست ...
- مقتل ناشط فلسطيني شارك في فيلم حائز على جائزة الأوسكار بالضف ...
- إسرائيل.. الإفراج عن مستوطن قتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فا ...
- بيان المجلس الأعلى للثورة الثقافية استجابةً للرسالة الاسترات ...
- مستوطن يقتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فائز بأوسكار
- سواد القدور الخاوية يوثق في لوحات ظلام مجاعة غزة
- هل نجح الباحثون الأردنيون في توثيق هوية القدس وحمايتها معرفي ...
- كيف أثّر فن وفكر زياد الرحباني في أجيال متعاقبة؟
- الكتابة من تحت الأنقاض.. يوسف القدرة: في الشعر لغة -فرط صوتي ...
- تشييع الفنان اللبناني زياد الرحباني... وفيروز في وداعه


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (على قنطرةٍ من لهبٍ وظِلّ: وَاسِني بِالسُّهى)