أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (ثُلاثيّة الإدراك، الصمت، الصدى: قراءة سيميوطيقية فلسفية – جمالية في لوحة تشكيلية معاصرة)















المزيد.....

(ثُلاثيّة الإدراك، الصمت، الصدى: قراءة سيميوطيقية فلسفية – جمالية في لوحة تشكيلية معاصرة)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 20:48
المحور: الادب والفن
    


الملخّص:

تسعى هذه الدراسة (المقتضبة) إلى مقاربة لوحة تشكيلية تجريدية معاصرة [للفنان التشكيلي العراقي " علي النجار" عرضت على صفحته Najjar Art بتاريخ 20/7/2025]من منظور سيميوطيقي فلسفي، مستندة إلى ثلاثية تأويلية: الإدراك، الصمت، الصدى. تُفكِّك هذه المقاربة البنية البصرية للّوحة، ليس بوصفها تمثيلًا مباشرًا، بل كخطاب رمزي يتوسّل الغموض، وينفتح على إمكانات قرائية غير محدودة. وتستند القراءة إلى نموذج مثلث الإدراك (الدال، المدلول، المرجع) لفهم كيفية إنتاج المعنى عبر العلامات البصرية.

تُظهر التحليلات أن اللوحة تتقصّد التشظي وتُعطّل الإدراك التقليدي، فتتحول الخلفية السوداء إلى فضاء للصمت النشط، في حين تتجلى الألوان والأشكال كأصداء لجسد يتكوّن ويتفكك في آن.

تستند الدراسة إلى مرجعيات فلسفية وسيميائية معاصرة، منها تصورات جيل دولوز حول "الصورة الحدث"، وهايدغر عن الغياب كحضور، وبارث عن موت المؤلف، وبرجسون في رفض تقطيع الإدراك الزمني. كما توظف أنساقًا تأويلية من شعرية أنسي الحاج وقراءات فريد الأنصاري للرمز بوصفه فعلاً روحيًا.

تخلص الدراسة إلى أن العمل الفني في صيغته التجريدية ليس نصًا مغلقًا، بل سؤالًا متجدّدًا حول هوية الذات، وحدود الرؤية، ومعنى الغياب، لتؤكد أن المتلقي ليس متلقّيًا سلبيًا، بل شريك وجودي في صناعة المعنى.

1. اللوحة كمجال إدراكي لا تمثيلي

في ظل تحولات الإدراك المعاصر، تغدو اللوحة التشكيلية فضاءً لا لمجرد التعبير الجمالي، بل كمجال دلالي مفتوح على إمكانات تأويلية متنوعة. وفق المنهج السيميوطيقي، تُقرأ العلامات البصرية بوصفها بنى رمزية تولّد المعنى لا تنقله. هذا المنهج – في تقاطعه مع الفلسفة – يسمح بمقاربة الفن كبنية خطابية تتجاوز الشكل إلى سؤال ميتافيزيقي عن الإدراك، الحضور، والغياب.

كما يرى أمبرتو إيكو، "النص الفني هو آلة توليد تأويلات"، ويبدو هذا الانفتاح في اللوحات التي تخفي أكثر مما تُظهر، وتُمارس غواية المعنى من خلال تفكيك الاستقرار البصري وتفعيل حسّ التأمل.

2. السيميوطيقا كمدخل قرائي

تُعد السيميوطيقا من المناهج التي لا تكتفي بقراءة العلامة بوصفها كيانًا بصريًا، بل تنفتح على البنية الثقافية والتاريخية والدلالية التي تُنتجها. في الفن التشكيلي، تتحول اللوحة إلى حقل رمزي، حيث تتفاعل الألوان، الأشكال، والخطوط كعلامات تُمثّل الوجود لا عبر تمثيله، بل عبر توليد معانيه في وعي المتلقي.

3. في قلب التكوين البصري: تحليل مركّب

البصريات الأولية

اللوحة تقدم تشكيلاً مجرداً على خلفية داكنة.

الألوان: الأخضر الزمردي، الأحمر القرمزي، الأزرق السماوي، الوردي الناعم، البنفسجي.

التركيب الحركي: عناصر تتحرك دائريًا حول مركز وهمي.

الخطوط: انسيابية وعضوية، توحي بالكائنات البحرية أو التكوينات الخلوية.

السكون (Stillness)

اللوحة توهم بالحركة، لكنها تستبطن سكونًا ميتافيزيقيًا.

الثبات في التحول، العين الثابتة في قلب العاصفة.

الخلفية: زمن معلّق، لحظة مجمدة، إحساس بالمطلق.

الصدى (Echo)

تنويعات الشكل وتكرارات اللون: شبكة من الانعكاسات البصرية.

كل لون يعيد تمثيل نفسه في مواضع مختلفة.

الأشكال تستدعي الذاكرة: خلايا، أمواج، دخان، رماد.

4. التحليل السيميوطيقي وفق مستويات

المستوى الأيقوني

اللوحة ليست ما تراه العين بل ما يُفكَّر فيه.

تمثيل الصيرورة، التحوّل المستمر، نمو الحياة الخفية.

المستوى الرمزي

الخصوبة، التشظي، وحدة الوجود.

التأويل الباطني لتداخل الألوان والشكل العضوي.

المستوى الإشاري

إشارات لحالات شعورية، زمنيّة، جسدية.

إدراك مرن لا يقف عند المعنى الظاهر.

5. التطبيق الموسّع لمثلث الإدراك

البعد الدال المدلول المرجع

بصري أشكال عضوية متداخلة، ألوان مشبعة، خلفية سوداء مفاهيم التحول، النمو، الصيرورة، الحياة والموت تجارب داخلية – الذاكرة – الطبيعة – الذات

6. النصوص التأويلية الإبداعية

(1) الوعي – تكوّن مبهم في مرآة سوداء

لا وجهي وجهي،
ولا كفّي تعرف مَن سكن الأصابع.
كائنٌ يتكوّن في غيره،
ويُزهِر بي ما لا أراه.

(2) الصمت – اللون قبل أن يتكلّم

ليس للضوء مدخل هنا،
الأسود يُعطي الأشكال أصواتها.
صمت له شكل الزهرة،
ورائحة جسدٍ لا يُسمّى.

(3) الصدى – جسدٌ ينطق بتشظّيه

ليس لهذا الكائن فم،
لكنه يصرخ بنبض لونيّ
يتصاعد كوردة لا تعرف اسمها
في رحم لا زمن له.

7. الفلسفة والتأويل: من دولوز إلى أنسي الحاج

دولوز: الصورة كحدث لا كتمثيل. الإدراك المعطّل هو الإدراك الأصدق.

هايدغر: الغياب حضور خفي. الصمت ليس نفيًا بل كشفٌ للكينونة.

برجسون: رفض تقطيع الزمن. التدفق الشعوري بوصفه جوهر الإدراك.

بارث: المتلقي هو منتج المعنى. موت المؤلف يولّد النص.

أنسي الحاج: الصمت لغة. البياض يصرخ. ما لا يُقال أكثر فصاحةً مما يُقال.

8. المتلقي بوصفه خزانًا تأويليًا

اللوحة لا تكتمل إلا عبر عين من يتلقاها. كل متلقٍ يعيد خلق العمل عبر تجربته. هذه اللوحة ليست لوحة الرسّام وحده، بل نصّ مفتوح، يُكتَب في كل تأمل.

9. خاتمة تأويلية

ليست هذه اللوحة تمثيلًا جماليًا لشيءٍ خارجي، بل صورة لقلق داخلي.
ليست مشهدًا للعين، بل سؤالًا للوعي.
ليست إجابة، بل فجوة تفتح التأمل.
إنها لا تقول: "انظر إليّ"، بل: "انظر إليك فيّ".

المراجع

1. دولوز، جيل. الصورة-الحركة، الصورة-الزمن. ترجمة: فريد الزاهي، دار الفاصلة، الدار البيضاء، 2017.
2. برجسون، هنري. الحدس والفكر. ترجمة: جودت فخر الدين، دار الكتاب الجديد، بيروت، 2002.
3. عبد الحميد، شاكر. الخطاب التشكيلي الحديث. الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2010.
4. هايدغر، مارتن. الكينونة والزمان. ترجمة: فتحي المسكيني، دار نماء، بيروت، 2016.
5. الحاج، أنسي. البياض الذي يصرخ. دار النهار، بيروت، 1999.
6. المقالح، عبد العزيز. أدونيس.. التحولات والشعر المعاصر. دار العودة، بيروت، 1995.
7. بارث، رولان. "موت المؤلف"، في: المقاربة البنيوية للنص الأدبي. ترجمة: فخري صالح، المركز الثقافي العربي، بيروت، 2004.
8. الأنصاري، فريد. مدخل إلى علم الرموز. دار القرويين، فاس، 2007.
9. إيزر، وولفغانغ. الجمالية والتلقي. ترجمة: عبد الرحمن التهامي، منشورات دار توبقال، الدار البيضاء، 2011.



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (لا عزاء: تمثّلات الزمن والوجع في الشعر الوجودي) (تشريح الذا ...
- (بورنو… في مُحْرَابِ الغياب ) (نصٌّ عن المحراب حين يُفتَح من ...
- (نُبُوءَةُ الزَّفِيرِ فِي كَفِّ العَابِرِ)
- (نَسِيجٌ عَلَى نَوْلِ الفَقْد)
- (أزمة القضاء في العراق: بين الاجتهاد الخارج عن النص وغياب ال ...
- (حَرْفٌ:جُفولُ الكينونةِ)
- ( المَخْدَعُ أَمِينٌ..... حُلِّي إزارَكِ... )
- (قَنادِيلُ الغِيَابِ العَاشُورَائي : سُرَّةُ النَّارِ في جسد ...
- (دراسة عملياتية جيواستراتيجية)
- (تحولات الهيمنة الغربية المنحدرة و المحور الأوراسي الصاعد.)
- (أَناشِيدُ القَنْدِيلِ فِي كِتابِ الغِيابِ لِأَسْفارِ الرَّم ...
- (قراءة في ديناميكيات المواجهة الكوكبية 2025-2026)
- (تحولات النظام الدولي 2025-2026: انهيار الهيمنة الغربية وصعو ...
- (انهيار النموذج الدولي الغربي: قراءة في ديناميكيات المواجهة ...
- (صَمْتٌ يَكْتُبُهُ الهَامِشُ)
- (غَيْمَةُ العَيْنِ تَسْقي زَنْبقَةَ الوَجْدِ)
- (الحِرْمَانُ: مِلْحُ البَوْحِ) (صرخةٌ تتشكّل في فم الغياب)
- 4/ الجزء الأخير من الورقة البحثية الجيوستراتيجية
- ((شيءٌ من الفَرَجِ) مع (كَوَابيسُ وَجَعٍ إِسْكاتُولُوجيَّةٌ) ...
- 3/ (المواجهة الحرجة بين إيران والكيان الصهيوني بمنظور رؤيا ك ...


المزيد.....




- الأكاديمية المتوسطية للشباب تتوج أشغالها بـ-نداء أصيلة 2025- ...
- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...
- مع استمرار الحرب في أوكرانيا... هل تكسر روسيا الجليد مع أورو ...
- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (ثُلاثيّة الإدراك، الصمت، الصدى: قراءة سيميوطيقية فلسفية – جمالية في لوحة تشكيلية معاصرة)