أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (بورنو… في مُحْرَابِ الغياب ) (نصٌّ عن المحراب حين يُفتَح من جهة الجسد)














المزيد.....

(بورنو… في مُحْرَابِ الغياب ) (نصٌّ عن المحراب حين يُفتَح من جهة الجسد)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


تقدمة :
في زمنٍ صار فيه المحرابُ صورةً على جدار، وصار الجسدُ سِفْرًا مُغفَلًا لا تُحسن قراءته المعاجم، تنبثق القصيدة كصرخةٍ من عتمة المتاهة، لا تفاضلَ فيها بين العينِ والمحراب، بين الدمِ والماءِ المالح، بين "قالت" و"تكتب بورنو"… إلّا بالظلّ الذي يُلقيه السجّانُ على الصدى.

(قالتْ: تَكْتُبُ بورنو)

1. قَالَتْ: تَكْتُبُ بورنو، وَالحَذَاءُ… يُرَجْرِجُ الأرْضَ المُخَمْلِيَّهْ، كَـ"بَالِرِينَا" صَاغَها الحُلْمُ السَّقيمْ. مِنْقارُهُ مُنْتَفِخُ الرُّؤَى، بِلا رِيشٍ، يَفْهَمُ القُفْزَاتِ، لا يَفْهَمُ الجُلوسْ!

2. قَالَتْ: مِنْهُ انْبَجَسَتْ أَلفُ مِلَّةْ، وَعَلَيْهِ تَكَسَّرَتْ أَنْهَارُ جَبَّارِينَ. بَلْ، مِنْ خَفَقَاتِهِ انْتَهَتْ أُغْنِيَةُ العَرْشِ.

3. قَالَتْ: تَكْتُبُ بورنو، حِصْنًا عَنِ العَرْشِ المحَرَّمِ، أَنْقَاضُ رَغْبَةٍ، تَتَلَفَّعُ بِأزْهَارِ المَذَابِحْ، هذا الَّذِي بَدَا لَهَا في المُعْتَكَفِ، مِئْذَنَةٌ مُنْتَصِبَةٌ، لا تَصِحُّ لِهُوِيَّةِ مَسْجِدٍ إِلّا بِقُبَّةٍ زَرْقاءَ... أَو طِينِيَّةٍ... أَو ذَهَبِيَّةْ.

4. قَالَتْ: تَكْتُبُ بورنو، وَالرُّؤْيَا تَتَعَثَّرُ في البَرِّيَّةِ، سِجْنُهَا مَتَاهَةٌ سَقْفُهَا السَّماءُ، جُدْرَانُهَا رِيحٌ، وَبِالرِّيحِ تَفْتِّشُ عَنْ قِبْلَةٍ... قَبْلَ الوُضُوءِ.

5. قَالَتْ: تَكْتُبُ بورنو، والمِحْرابُ يَحْضُرُ، تَسْتَذْكِرُ الأَرْكَانَ، تَسْأَلُ: أَيُّ قِسْمٍ مِنْ وَابِلِ السَّيْبِ كُنْتَ؟ فَأَدَرْتُ مِفْتَاحَ البَابِ، وَصَاحَ الصَّدَى: صِرْرْ... صِرْرْ... وَتَمَدَّدَ في أُفُقِ السَّرَابِ.

6. قالَتْ: تَكْتُبُ بورنو، وَالسُّورُ رِيحٌ، صَرْصَرٌ، يَصُدُّنِي يَمْنَعُنِي رُؤْيَةَ الأُفُقِ. أَرْتَطِمُ بِهِ أَضْرِبُهُ بِرَأْسِي، أُغْمَى عَلَيَّ، وَأَسْبَحُ فِي دَمِي…

7. وَبَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ، أَسْتَيْقِظُ… "العَرَبِيُّ بنُ مَهِيدي" نَهَارٌ مُنْهَارٌ خَلْفَ الرُّكَامْ. أَزْحَفُ نَحْوَهُ شَظاياهُ تَنْشَبُ في لَحْمِي، المَدَى لَا نِهَايَةَ لَهُ إِلَّا السَّكَاكِينْ… سَكَاكِينْ… سَكَاكِينْ…

8. العَيْنُ مِنْ صَدَفَةٍ بَحْرِيَّةٍ، تَبْكِي مَاءً مَالِحًا، تَكْتُبُ عُمْرَهَا في نَهْرٍ مِنْ نَهْرٍ… تَقُولُ: تَكْتُبُ بورنو.


خاتمة :
لا نُطفئ المحرابَ بالكلمات، ولا نُطَهِّرُ القصيدةَ بالوضوء. بل نقفُ — على عتبةٍ من خرابٍ طالعٍ من أجسادنا — نسأل الله أن يكون قد رأى.

هوامش :

1. بالِرينا (Ballerina): ترمز إلى الخفّة الجمالية المصطنعة، والتواء الجسد ضمن نظام صوري صارم، لكنها هنا تُفرّغ من رقصتها، وتُستعار كصورة لمخلوق مُعلّق بين الاستعراض والانكسار.

2. منقار منتفخ الأوداج بلا ريش: استعارة لطائر مخصيّ الدلالة، مفرغ من رمزيته الطبيعية (التحليق)، منتفخ الصوت دون أثر، كأنما يُشير إلى "المنبر المبتور"، أو "القول دون جناح".

3. المعتكف والمئذنة: تمثل التقديس المهجور، والروحانية المصطنعة. المئذنة المنتصبة تطرح دلالة جنسية مُضمرة، تتماهى مع رمز "الكتابة الإباحية" (بورنو)، فتُشكك في الحدود بين الطقس والرغبة.

4. القُبَّة الزرقاء / الذهبية / الطينية: تمثيلات للمقدّس المؤسس على اللون، والمكان، والجغرافيا الروحية. يشير النص إلى فقدان الهوية الروحية دون مظهر رمزي فوقي، كأن الدين صار عمارةً لا روح فيها.

5. البرّية / السجن / المتاهة: الحقل الرمزي للحيرة الوجودية. البرّية هنا هي الضياع الطقسي، والسجن هو الجسد، والمتاهة هي الذهن المعذب بالسؤال عن القِبلة.

6. القبلة: لا ترمز إلى الاتجاه الفيزيائي للصلاة فقط، بل إلى بوصلة المعنى، والنية، والانتماء، واليقين الغائب. البحث عنها قبل الوضوء يعني التوق إلى تطهير داخلي قبل الشكليات.
7. العربي بن مهيدي: رمز للمقاومة الجزائرية، أُسر وقُتل تحت التعذيب على يد الجيش الفرنسي (1957). هنا يُستدعى كأيقونة تنهار تحت ركام العتمة، لتدل على ما تبقى من صوتٍ نزيهٍ في الخراب.

8. السكاكين المتكررة: تصعيدٌ للمجاز الدمويّ. ليست السكاكين أداة قتل فقط، بل تشريح للذاكرة، وتقطيع للهوية، وجراح تعيد تعريف الذات بحدّ الألم.

9. العين من صَدفة بحرية: استعارة للحساسية التي تنبع من الملوحة والتكوين البحري، أي من التجربة المتراكمة في العمق والاغتراب، وهي تبكي "مالحًا"، كأنها تُخرج الميثولوجيا من دمع الذاكرة.



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (نُبُوءَةُ الزَّفِيرِ فِي كَفِّ العَابِرِ)
- (نَسِيجٌ عَلَى نَوْلِ الفَقْد)
- (أزمة القضاء في العراق: بين الاجتهاد الخارج عن النص وغياب ال ...
- (حَرْفٌ:جُفولُ الكينونةِ)
- ( المَخْدَعُ أَمِينٌ..... حُلِّي إزارَكِ... )
- (قَنادِيلُ الغِيَابِ العَاشُورَائي : سُرَّةُ النَّارِ في جسد ...
- (دراسة عملياتية جيواستراتيجية)
- (تحولات الهيمنة الغربية المنحدرة و المحور الأوراسي الصاعد.)
- (أَناشِيدُ القَنْدِيلِ فِي كِتابِ الغِيابِ لِأَسْفارِ الرَّم ...
- (قراءة في ديناميكيات المواجهة الكوكبية 2025-2026)
- (تحولات النظام الدولي 2025-2026: انهيار الهيمنة الغربية وصعو ...
- (انهيار النموذج الدولي الغربي: قراءة في ديناميكيات المواجهة ...
- (صَمْتٌ يَكْتُبُهُ الهَامِشُ)
- (غَيْمَةُ العَيْنِ تَسْقي زَنْبقَةَ الوَجْدِ)
- (الحِرْمَانُ: مِلْحُ البَوْحِ) (صرخةٌ تتشكّل في فم الغياب)
- 4/ الجزء الأخير من الورقة البحثية الجيوستراتيجية
- ((شيءٌ من الفَرَجِ) مع (كَوَابيسُ وَجَعٍ إِسْكاتُولُوجيَّةٌ) ...
- 3/ (المواجهة الحرجة بين إيران والكيان الصهيوني بمنظور رؤيا ك ...
- (طقوس العطر والغيم)
- 3/ورقة بحثية جيوستراتيجية (المواجهة الحرجة بين إيران والكيان ...


المزيد.....




- صبحة الراشدي: سوربون الروح العربية
- اللحظة التي تغير كل شيء
- أبرزها قانون النفط والغاز ومراعاة التمثيل: ماذا يريد الكورد ...
- -أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق ...
- إلغاء مهرجان الأفلام اليهودية في السويد بعد رفض دور العرض اس ...
- بعد فوزه بجائزتين مرموقتين.. فيلم -صوت هند رجب- مرشح للفوز ب ...
- حكمة الصين في وجه الصلف الأميركي.. ما الذي ينتظر آرثر سي شاع ...
- الأنثى البريئة
- هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخاً بديلاً عن الإنسان؟
- حلم مؤجل


المزيد.....

- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- پیپی أم الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (بورنو… في مُحْرَابِ الغياب ) (نصٌّ عن المحراب حين يُفتَح من جهة الجسد)