أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عناد - استغلال الدين في الديانات الغنوصية ج2














المزيد.....

استغلال الدين في الديانات الغنوصية ج2


احمد عناد

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 14:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استغلال الدين في الديانات الغنوصية
ج 2

إذا كانت الديانات السماوية قد واجهت معضلة استغلال النصوص والطقوس في خدمة السلطة السياسية والقومية، فإن الديانات الغنوصية قد واجهت نوعًا آخر من الاستغلال: استغلال “المعرفة السرّانية” كأداة للتمييز والسيطرة الروحية.

الغنوصية: المعرفة طريق الخلاص
الغنوصية، التي ازدهرت في القرون الأولى للميلاد، نظرت إلى العالم المادي كنتاج لإله أدنى (الديميورج)، ورأت أن الروح البشرية غريبة عن هذا العالم، وأن خلاصها يتحقق بالمعرفة الباطنية (الغنوص) التي تكشف لها أصلها الإلهي. هذه الرؤية بدت، في ظاهرها، عصيّة على التسييس، لأنها ترفض مؤسسات السلطة وتضع الخلاص في الداخل الفردي.

لكن، ما إن تحولت الغنوصية من تجربة فردية إلى جماعات منظّمة، حتى بدأت تفرز هياكل نخبوية. فالمعرفة الباطنية لم تُمنح لكل إنسان، بل حُصرت في “العارفين”، بينما بقيت الجماهير في مرتبة دنيا. وهنا ظهرت بذرة استغلال جديدة: سلطة روحية تستند إلى الغموض والسرّانية، لا إلى النصوص العامة كما في الديانات الإبراهيمية.

المانوية: المثال الأوضح
في القرن الثالث الميلادي، أسس ماني ديانة جمعت بين عناصر مسيحية وزرادشتية وبوذية. رفع شعار الصراع بين النور والظلمة، ورأى أن الخلاص يتحقق بالانفصال عن المادة. المانوية بدت رسالة للتحرر، لكنها سرعان ما تحولت إلى منظومة صارمة: قسّمت أتباعها إلى “الصفوة” من الرهبان الذين يحافظون على نقاء روحي مطلق، و”السامعين” الذين يخدمونهم. وهكذا تحوّل الدين، الذي بشّر بالمساواة الكونية بين قوى النور، إلى نظام طبقي روحي، تستفيد فيه النخبة من العامة.

الغنوص المسيحي: المعرفة بدل الخلاص العام
في بعض النصوص الغنوصية المسيحية (مثل إنجيل توما وإنجيل يهوذا المكتشفين في نجع حمادي)، يظهر يسوع كمعلم سرّاني يقدّم تعاليم خاصة للمختارين. هذا البُعد الباطني منح الغنوصيين شعورًا بالتفوق على الكنيسة الرسمية. لكن حين تكرّست الفكرة، تحولت إلى شكل من “احتكار الخلاص”، حيث صار الدين أداة للتمايز بين من يملكون “المعرفة” ومن يفتقرون إليها. هذا الاستغلال المعنوي خلق بنية سلطة داخلية، رغم أن الرسالة الأصلية كانت التحرر من السلطة.

التصوف والبعد الغنوصي
حتى في الإسلام، حملت بعض تجارب التصوف طابعًا غنوصيًا في جوهرها: التركيز على الباطن، رفض الظاهر، اعتبار الخلاص رحلة داخلية. لكن حين تماهى بعض المتصوفة مع السلطة، أو حين تحولت التجارب الروحية إلى “طرق” لها مراتب ومقامات، ظهر نمط شبيه بما واجهته الغنوصيات القديمة: المعرفة تحولت إلى تراتبية، والتجربة الروحية تحولت إلى مؤسسة.

فلسفة الاستغلال في الغنوصية
ما نستنتجه هنا أن الاستغلال في الغنوصية لم يكن سياسيًا أو قوميًّا بقدر ما كان وجوديًا ونخبويًا. فإذا كان استغلال الدين في اليهودية والمسيحية والإسلام يدور حول الحكم والسيطرة على الجماعات، فإن استغلال الغنوصية دار حول احتكار الحقيقة الروحية ذاتها.

وهذا يكشف لنا أن الدين، سواء كان نصيًا أو باطنيًا، يظل معرضًا للانحراف حين يتحول إلى سلطة: سلطة الطقس أو سلطة المعرفة. وكما يقول الفيلسوف نيتشه: “حيثما توجد جماعة، يوجد خطر عبودية جديدة، حتى ولو كانت باسم الحرية”



#احمد_عناد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا الحسين وصوت اليوم
- المثقف في مراة السؤال السقراطي
- على تخوم الانهيار هل يعيد العراق ماساة السودان
- الخرافة ..حين يستحمر العقل
- النعرات والانقسام والفرصة الاخيرة
- إيران بين نيران حرب الأيام ال 12
- الشخصية الإيرانية: عقلية البقاء وجدلية التمايز في التاريخ وا ...
- المقاومة بين المبادي والدنس
- جحيم السجون
- فليم قطار الاطفال
- حياة الماعز فليم
- العراق الاقلام ام البنادق
- كلمة الصدر وشروطها
- مؤتمر بغداد
- جبران خليل جبران، وعلي شريعتي والحمار والاستحمار
- اثر الكوبرا
- زيارة ضريف مالها وعليها
- نطنز بين الكهرباء والاستهداف الاسرائيلي
- 20مليار دولار
- فتيان تشرين تكسر التابوه


المزيد.....




- فيديو.. إصابات في إطلاق نار في حي يهودي في نيويورك
- يسرائيل هيوم: أنباء عن 7 مصابين في حادث إطلاق نار بحي يهودي ...
- 3 قتلى في إطلاق نار بحي يهودي في نيويورك
- راهبة أمريكية: حماس حركة مقاومة تدافع عن شعبها.. والمسيحيون ...
- الاحتلال يغلق مدخل سلفيت الشمالي
- الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في -إسرائيل- يهاجم نتنياهو و ...
- كنائس بروتستانتية تدعو الحكومة الهولندية للاعتراف بدولة فلسط ...
- الرئيس السوري يؤكد دور الكنيسة في ترسيخ أواصر المواطنة والوح ...
- إيهود باراك: نتنياهو يكذب كما يتنفس.. وترامب لا يفهم شيئا في ...
- راهبة أميركية: حماس حركة مقاومة والمسيحيون يعانون بسبب الاحت ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عناد - استغلال الدين في الديانات الغنوصية ج2