|
الفلسفة والشعر: أية علاقة (2)
حكمت الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 04:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفلسفة والشعر: أية علاقة! (2) * ما لا يمكن نطقه يجب تركه: "تراكتاتوس" فيتغنشتاين، وحدود اللغة الشعرية القصوى..* مقدمة:/ # هذه هي الحلقة الثانية من سلسلتي "الفلسفة والشعر: أية علاقة!" حيث جاءت الأولى بعنوان ثان وشارح هو "ريتشارد رورتي والوضعية المنطقية، مع ملحق عن زكي نجيب محمود"، وقد صاحبت الحلقة الأولى من سلسلة المقالات هذه، حلقة أولى أيضا من سلسلة ندوات "فوروم كناية للحوار وتبادل الثقافات" المباشرة حول الموضوع نفسه، شاركني في إعدادها وتقديمها صديقي الشاعر والباحث الفلسفي الكويتي علي بن نخي، آملين معا أن نتمكن في غضون الخريف القادم من تقديم ندوة ثانية في السياق نفسه حول علاقة فيتغنشتاين بالشعر والشعرية عبر كتابه الشهير "التراكتاتوس"، لذا يرجى اعتبار مقالي هذا بمثابة تمهيد لندوتنا القادمة القريبة، وإعلان رسمي عنها. # * شكسبير ضد فيتغنشتاين: الصراع على المعنى: * كان لودفيغ فيتغنشتاين معروفًا بعدم إعجابه بوليم شكسبير. فقد كتب عام 1946: «استعارات شكسبير، بالمعنى المألوف للكلمة، استعارات سيئة». لكن رأي فيتغنشتاين لم يكن مدفوعًا بالنفور الجمالي فقط. إذ يرى أستاذ الفلسفة الأمريكي "وليم داي" أن فيتغنشتاين كان يلمح في شكسبير زميلا في الموقف الشكّي أو المتشكك، لكنه زميلٌ على استعداد لأن يسلك ممرات مظلمة كان فيتغنشتاين يسعى لتجنّبها. قد يكون فيتغنشتاين قد عاش علاقة متوترة مع اللغة الإنگليزية، لسانه المتبنَّى بعد هجرته إليها. لكن عداءه لشكسبير لا يمكن تفسيره بغرابة الإنگليزية الإليزابيثية عليه. فملاحظاته عن شكسبير قليلة جدًا: لحظتان قصيرتان في دفاتر يومياته لا تتجاوزان بضع صفحات يمكن قراءتها في خمس دقائق. ومع ذلك، فهي تبهر لأنها تقدم مقاربة للغة شكسبير تختلف نوعيًا عن رحلاته المعهودة في "تحقيقاته الفلسفية"، حيث كان يواجه الإغراءات الفلسفية ويشخّصها. منذ أفلاطون وجمهوريته الفاضلة، ظلَّ الفلاسفة والشعراء يتبادلون الأدوار بين الخصومة والمصالحة. فالفلسفة تسعى إلى الوضوح والحجة والبرهان، بينما يُلوّح الشعر بالإيحاء والصورة والغموض. غير أنّ هذا الاختلاف الظاهري يخفي علاقةً عميقة، فكلاهما يتعامل مع حدود اللغة وقدرتها على قول ما نعيشه ونحسه. يحيي هذا المقال ذلك الحوار القديم بين الفلسفة والشعر عبر الفحص عن أمر فيلسوف يبدو في الظاهر بعيدًا كل البعد عن الشعر، وهو لودفيغ فيتغنشتاين، صاحب "تراکتاتوس لوجيكو-فيلوسوفيكوس" والمفكر الذي ختم كتابه الشهير بقوله: «حيث لا يمكن الكلام، يجب الصمت»، لكنه في ذات الوقت كم يبدو قريبا من الشعر والقصيدة.. ليس السؤال المطروح هنا هو فقط «هل كتب فيتغنشتاين عن الشعر والشعرية؟» بل هو أيضاً: كيف يشتبك عمله الفلسفي، بوعيه أو بدونه، مع الشعر؟ وهل يمكن قراءة فلسفته بوصفها أرضًا خصبة تنبت منها رؤى شعرية؟ الفرضية التي نود الدفاع عنها هي أنّ فيتغنشتاين لم يقدم نظرية للشعر، بل أسس في "التراكتاتوس" وغيره من أعماله العظيمة، فضاءً يسمح للشعر بالانبعاث عند النقطة التي يفشل فيها المنطق. هذا الفضاء يظهر في تمييزه بين القول والإظهار، وفي اعترافه بأن الأخلاق والجماليات «متعاليتان» وأن ما لا نستطيع التعبير عنه يجب أن يظهر في الصمت. ولد لودفيغ فيتغنشتاين في فيينا عام 1889 لعائلة موسيقية مثقفة. كان صالون بيت عائلته تستضيف كبار الموسيقيين مثل برامز، فنهل مبكرًا من الثقافة الألمانية الكلاسيكية. تذكر الناقدة والفيلسوفة الأمريكية مارچوري بيرلوف أن فيتغنشتاین نشأ على تلاوة قصائد غوته وشيلر وهاينه، وقراءة أعمال هاينريش فون كلايست وغوتفرید کیلر. في الحرب العالمية الأولى، قادته الخدمة العسكرية على الجبهة الشرقية إلى اكتشاف كتاب تولستوي "الإنجيل المبسط" الذي وصفه بأنه «أبقاه حيَّا»، كما كان مولعًا بأعمال دوستويفسكي مثل رواية "الأخوة كارامازوف" التي أعاد قراءتها مرارا، لكنه اعتبر رواية "بيت الأموات" لدوستويفسكي هي عمله الأعظم. ثم تحوّل بعدها سريعًا إلى قراءة نيتشه وكتابه "المسيح الدجال". هذا التجوال بين كتاب مختلفين يُظهر اهتمامه الواسع بالأدب والأخلاق والدين، حسب ما تقول "پيرلوف". ورغم أنه لم يكتب شعرًا، فقد كان فيتغنشتاين قارئًا نهمًا للشعر. معظم المراجع تشير إلى أنه قرأ غوته، شيللر، هولدرلين، هاينه، كما كان معجبا بالمسرحيين النمساويين أمثال: فرانز غريلبارتسر ويوهان نستوراي وفرديناند رايموند، وكان متابعًا لأعمال كارل كراوس وراينر ماریا ریلکه. بل إنه كان على دراية بالشعر الحديث؛ فقد صرّح في رسالة إلى ناشر الشاعر الألماني جورج تراكل بأنه لا يفهم قصائده كلها، لكنها تسعده بنبرتها العبقرية. * يوميات الحرب، ومولد "التراكتاتوس": * أثناء خدمته العسكرية في الحرب العالمية الأولى، سجل فيتغنشتاين تأملاته في دفاتر يوميات وصفت بأنها تجمع بين الفلسفة والحميمية الشخصية. تذكر مراجعة لليوميات وجدتها على موقع باسمه على الإنترنت إن صفحات الدفاتر كانت مقسومة إلى عمودين: العمود الأيمن خصصه للتأملات المنطقية، بينما احتوى الأيسر ملاحظاته الشخصية مكتوبةً بشفرة تقلب حروف الأبجدية. هذه الملاحظات تتراوح بين شكواه من الجنود وتعليقاته على حياته الجنسية، واكتئابه، وعلاقته مع الله، وما تعنيه الفلسفة لديه. وتشير المراجع إلى أن أفكار التراكتاتوس ظهرت لأول مرة في هذه الدفاتر؛ فقد كتب على إحدى الصفحات: «ما لا يمكن قوله، لا يمكن اعتماده»، وهي العبارة التي ستتحول لاحقًا إلى المقولة الختامية في التراكتاتوس: «حيث لا يمكن الكلام، يجب أن نصمت». هذا التداخل بين حياة فيتغنشتاين الخاصة وتطوره الفلسفي يؤكد أن فلسفته ليست منفصلة عن تجربته الوجودية، وأن الاهتمام بالأدب والشعر ربما يكون متنفسًا لما لا يستطيع المنطق التعبير عنه. *** يرى فيتغنشتاين في كتابه "التراكتاتوس"، أو ما يسمى بالعربية "الرسالة المنطقية الفلسفية"، أن الحقيقة اللغوية هي صورة للحقيقة الواقعية؛ فاللغة تُحاكي العالم عبر بنى منطقية. من هنا، يعلن في الفقرة 5.6 أنّ «حدود لغتي تعني حدود عالمي». هذه العبارة ليست لغوية فحسب؛ إنها تنبيه وجودي بأن كل ما لا يمكن التعبير عنه في عبارة منطقية يظل خارج العالم الذي نعيه. ويضيف أن المنطق يملأ العالم بحيث تكون حدود العالم هي أيضًا حدود المنطق. هذا الإقرار يرسم خطا فاصلاً بين مجال القول ومجال الصمت. يُميّز فيتغنشتاين بين "ما يمكن قوله" وبين "ما يمكن إظهاره". ففي الفقرة 4.1212 من التراكتاتوس يقول: "ما يمكن إظهاره لا يمكن قوله". المقصود أن هناك جوانب من الواقع تظهر في بنية اللغة نفسها ولا تحتاج إلى العبارة لقولها؛ مثل علاقات التماثل والتناظر. هذه الفكرة تفسح المجال للفن وللشعر خصوصا، لأنّهما لا يقولان معلومات، بل يُظهران تجارب ومعان وخبرات. بل إن البند أو الفقرة المرقمة 6.421 من التراكتاتوس تؤكد أن الأخلاق والجماليات لا يمكن التعبير عنهما وأنهما متعالیتان. ثم يأتي البند 6.522 ليقر أن: «هناك، في الواقع، أشياء لا يمكن وضعها في كلمات. إنها تظهر نفسها. إنها ما هو صوفي وغامض». بهذه الطريقة يعترف فيتغنشتاين بوجود مناطق من التجربة الإنسانية يتعذر على المنطق بلوغها، وهو الاعتراف الذي يفتح الباب أمام الشعر. ينتهي "التراكتاتوس" بأشهر عباراته: «حيث لا يمكن الكلام، يجب أن نصمت». إلا أن هذا الصمت لا يعني عدم التواصل، بل فتح مجال لطرق أخرى في التعبير يرى العديد من المفسرين أن "الصمت الفيتغنشتايني" يشير إلى الفنون، وبخاصة الشعر، بوصفه وسيلة لإظهار ما لا تستطيع اللغة المنطقية قوله. إنَّ الصمت هنا ليس نهاية التفكير، بل بداية الإبداع. فإذا كانت الحدود تُحدّد ما يمكن قوله، فإن الشعر يتسلل عبر هذه الحدود ليفتح أفقًا جديدًا للحس والمعنى. * فيتغنشتاين، ذلك الشاعر المتخفي بالكلمات: * تعد الناقدة الأمريكية مارجوري بيرلوف من أبرز من قرأوا فيتغنشتاين بوصفه كاتبًا «شعريًا» إن لم نقل «شاعرا». ففي مقدمة كتابها "سلم فيتغنشتاين: اللغة الشعرية وغرابة العادي" تنقل عن فيتغنشتاين قولين مركزيين: الأول من كتابه الشذري "زيتيل" أي «قصاصات»، حيث يقول إن «القصيدة، رغم أنها مؤلفة من لغة المعلومات، فإنها لا تستخدم في لعبة اللغة الخاصة بإعطاء المعلومات؛ والثاني من مقاله "الثقافة والقيمة" حيث يصرح: «ينبغي حقًا كتابة الفلسفة فقط كشكل من أشكال الشعر». وترى بيرلوف أن هاتين العبارتين تشكلان مفتاحًا لقراءة فيتغنشتاين؛ فهو يدعو الفلسفة إلى الاقتراب من وظيفة الشعر، أي استعمال اللغة بشكل يكشف ولا يُخبر، ويكوّن صورًا بدلاً من إعلانات. تذهب بيرلوف إلى أبعد من ذلك حين تعتبر "التراكتاتوس" نفسه عملاً شعريًا. فهو مكتوب في سلسلة من الافتراضات المرقمة القصيرة، ويصعد تدريجيًا من موضوعات المنطق والواقع إلى الأخلاق والدين ثم إلى الصمت، فيما يشبه قصيدة حداثية. وترى بيرلوف أن «الشعرية» في عمل فيتغنشتاين ليست في استخدامه للاستعارات التقليدية، بل في شكل نصه ذاته؛ إذ تشبه سلسلة الافتراضات أو البنود المرقمة سلّمًا نصعده لنتركه خلفنا عندما نرى العالم بصورة مختلفة. * اللغة اليومية و«شعرية اليومي»:* يجادل فيتغنشتاين، خاصة في كتابه المتأخر "تحقيقات فلسفية"، بأن اللغة اليومية هي مسرح المعنى الحقيقي، وأن الفلسفة يجب أن تصف استخدام الكلمات في الحياة العادية. مارجوري بيرلوف ترى في ذلك مسوغا لما تسميه «الشعرية العادية»؛ أي كتابة الشعر بلغة الحياة اليومية. ففي المقدمة المشار إليها، تقتبس قول فيتغنشتاين: "إن دراسة الفلسفة ينبغي أن تُحسّن تفكيرنا حول أسئلة الحياة اليومية لا أن تؤدي إلى مناورات منطقية مجردة". كان هذا النقد موجها منه للأكاديميين الذين ينشغلون بالألغاز المنطقية اكثر مما ينشغلون بالحياة نفسها. وبحسب بيرلوف، فإن الشعر بالنسبة لفيتغنشتاين، يصبح معادلاً عمليًا للفلسفة: كلاهما يختبر الكلمات في سياق الحياة. يرى الفيلسوف "وليم داي" أن انتقادات فيتغنشتاين تنبع من خوفه من «اللانهائي»، أي من فوضى اللغة التي تترك كل شيء ممكنا. يستعرض داي المقارنة بين تشبيهين: أحدهما لفيتغنشتاين نفسه حين قال أنه يحرك الجمل كالنجار الذي يحرّك مقص الحلاق ليكون جاهزا للقص في اللحظة المناسبة. والآخر استعارة شكسبيرية تصف اللسان المسجون داخل بوابات الأسنان والشفاه. ينتقد فيتغنشتاين تشبيهات شكسبير بوصفها واضحة ومباشرة، بينما يفضّل هو استعارات تكشف عن معاني غير متوقعة. لكن داي يشير إلى أن فيتغنشتاين لا يسيء فهم شكسبير بقدر ما يكشف عن مساره الخاص في مواجهة التراجيديا والشك؛ إنه يخشى الدخول في العوالم المظلمة التي تكشفها اللغة الشعرية، ويختار بدلًا من ذلك صمتًا فلسفيًا يحميه. هذه التوترات بين فيتغنشتاين وشكسبير، كما يقول "داي"، تسلط الضوء على تحوّل مهم ألا وهو: إن الفيلسوف لم يرفض الشعر لأنه لا قيمة له، بل لأنه يمثل طريقا لا يرغب في سلوكه. لكن رفضه هذا يقوّي على نحو غير مباشر، الحجة التي ندافع عنها فوجود مقاومة داخلية للغة الشعرية يدل على أنه كان واعيًا بقوّتها، حتى لو اختار طريق الصمت المنطقي. * الفلسفة بوصفها لعبة في الشعر واللغة:* في إحدى قصاصاته أو شذراته الفلسفية يكرّر فيتغنشتاين أن الفلسفة لا تضيف معرفة جديدة، بل هي تصف اللغة فقط، وأن القصيدة تكتب بلغة المعلومات لكنها لا تقدم أية معلومات . ويذهب إلى حد القول إن الفلسفة يجب أن تُكتب كشعر أو مثل الشعر، لأن الشاعر لا يهدف إلى إقناع الآخرين بحقائق، بل يهدف إلى إظهار العلاقات والتجارب. أحد المفاهيم المحورية في فلسفة فيتغنشتاين المتأخرة هو «اللعب اللغوي»، حيث يرى أن معنى الكلمة يتحدد من خلال استخدامها في ألعاب حياتية. هذا يتوافق مع فكرة أن الشعر لا ينشأ من لغة متخصصة، بل من استخدامات عادية يضعها الشاعر في سياق جديد. وهنا تأتي بيرلوف لتستشهد بتعليق لفيتغنشتاين من قصاصة كتبها عام 1930 حول مراقبة شخص عادي يمارس أنشطة يومية، وترى أن هذا المشهد سيكون أكثر روعة من أية مسرحية، لأنه سيجعل الحياة نفسها مسرحًا، وبذلك يصبح الفن ليس في اللغة الخاصة المعطاة، وإنما في «المنظور» الذي يضعه الفنان للغة. ولكن عندما نقول إن الشعر ليس مجرد تلاعب بالألفاظ، بل هو «لعبة لغوية» تتداخل فيها قواعد مختلفة، فإننا نستدعي تحليل فيتغنشتاين للغة بوصفها شبكة من الاستخدامات. لعبة الشعر تختلف عن لعبة العلم أو لعبة الأخبار؛ فهي لا تلتزم بالصدق بمعناه الإخباري، بل بالصدق في تجربة الوعي والإحساس. القصيدة بذلك تشبه اللعبة التي لا تُربح ولا تُخسر (بالضم مرتين)، لكنها تسمح للمعنى بأن يظهر بطريقة مختلفة، وهو ما يتوافق مع تمييز فيتغنشتاين بين ما يُقال وما يُظهر (بالضم أيضا). ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا أكد فيتغنشتاين على أن القصيدة لا تُستخدم في لعبة إعطاء المعلومات ؛ لأنها تنتمي إلى لعبة أخرى تظهر بداخلها ما تعجز الكلمات عن التعبير عنه. *** حين يصرّح فيتغنشتاين بأن الفلسفة ينبغي أن تُكتب كشعر أو مثل الشعر، فهو لا يدعو إلى هجر المنطق، بل إلى إعادة التفكير في كيفية تقديم الأفكار. البرهان الفلسفي التقليدي يقوم على التسلسل والنظام، لكن الشعر حتى عندما يستخدم الاستدلال، يعتمد على الإيقاع والإيحاء والصورة. في رأي فيتغنشتاين، الفلسفة تستهدف إزالة الالتباسات في اللغة وليست ملزمة بتقديم نظريات جديدة. هذه الوظيفة الإيضاحية تجعلها قريبة من الشعر الذي «يكشف» بدلا من الذي «يُخبر». لذلك يمكن اعتبار كتاب التراكتاتوس نفسه قصيدة من نوع خاص كما تؤكد ذلك مارجوري بيرلوف: فهو يصعد سبع درجات ويطلب من القارئ أن يرمي السلم بعد أن يصل إلى أعلى، تماما كما تترك القصيدة أثراً في النفس ثم تُنسى كلماتها المحددة. إن الصراع بين ما يمكن قوله وما يجب الصمت عنه قد يبدو عائقًا أمام الفلسفة، لكنه مفتاح للشعر عندما يصل التفكير إلى نقاط يصعب فيها التعبير، فيتدخل الشعر ليملأ الفراغ عبر الصورة والرمز. إنّ قول فيتغنشتاين في البند 7 من التراكتاتوس «حيث لا يمكن الكلام، يجب أن نصمت» يحتمل تأويلا ليس بعيدا عن نواياه، إذ يدعونا إلى الاعتراف بحدود اللغة دون أن نقطع الصلة مع ما هو خارجها. وهنا يصبح الشعر سبيلًا لالتقاط معنى الحياة والوجود الذي يتجاوز العقل. * الختام مسك ولا شك:/* ربما كان لودفيغ فيتغنشتاين، مثل وليم شكسبير، يحاول أن يحفظ لنفسه مجالًا من الصمت والدهشة أمام العالم، لكنه على عكس شكسبير، اختار أن يُسمّي هذه العتبة حدود اللغة وأن يُسكت ما لا يمكن قوله، تاركا للقارئ مهمة العثور على صوت آخر. وإذا كان صمته أحيانًا يثير حيرة بعض القراء، إلا أنه يشجعنا على الإصغاء إلى القصيدة الكامنة في كل فلسفة وإلى الفلسفة المتخفية في كل قصيدة. إن فهم هذا التداخل يفتح أفقًا جديدًا للكتابة، العربية منها على وجه التحديد، إذ يجعلنا ندرك أن اللغة، مهما بلغت قوتها، تحتاج دائمًا إلى الشعر كي تُظهر لنا ما وراء الحدود. وهنا أخيرا، دعوني أختتم مقالي هذا بإعادة صياغة للبند 7 من "التراكتاتوس" قائلا: "ما لا يمكننا نطقه، يجب أن نكتبه شعرا أو نقوله كشعر.". + ملحق 1+ * الفلسفة والغنائية:/* يتناول توماس رايد في مقال له بعنوان "المنطق والنزعة الغنائية في التراكتاتوس" تلك العلاقة الفريدة بين المنطق والنزعة الغنائية (الطابع الشعري) في كتاب فتغنشتاين “Tractatus Logico-Philosophicus”. الفكرة المحورية عند رايد هي أن التراكتاتوس ليس مجرد عمل صارم في المنطق، بل يحمل أيضًا نزعةً أدبيةً وشاعرية واضحة. يوضّح رايد أن فتغنشتاين صاغ أفكاره بأسلوب يجمع بين البنية المنطقية الدقيقة والنبرة الأسلوبية المميزة التي تقترب من الشعر، بحيث تصبح طريقة الكتابة جزءًا أساسيًا من رسالته الفلسفية. يشير المقال إلى أن أسلوب التراكتاتوس فريد من نوعه: الكتاب مكتوب على هيئة قوائم مرقَّمة من القضايا الفلسفية، تبدأ بعبارات تقريريّة جافة وقاطعة ثم تتدرّج نحو عبارات شذرية موجزة أشبه بالحكم أو التأملات. هذه البنية المنطقية الصارمة تمنح العمل طابعًا علميًا منظمًا، لكن رايد يؤكد أن فتغنشتاين استخدمها أيضًا كإطار لإيصال ما لا يمكن قوله مباشرة. فمثلاً، أولى عبارات التراكتاتوس تقريرية وبرودة: «العالم هو كل ما يحدث»؛ في حين تأتي آخر عبارة بخاتمة شاعرية وغامضة: «ما لا نستطيع التحدّث عنه ينبغي أن نصمت عنه». هذا الانتقال من المنطقي إلى الشاعري ليس مصادفة، بل يعبّر عن رؤية فتغنشتاين بأن حدود المنطق تلتقي مع الصمت المعبّر – أي أن الصمت نفسه يحمل دلالة فلسفية عميقة أشبه بالدلالة الشعرية. يبرز رايد أن التركيب المنطقي الصارم لجمل فتغنشتاين – والتي تبدو أحيانًا كمعادلات أو قضايا رياضية – يتخلله في الوقت نفسه أسلوب غنائي أو مجازي. لقد جمع فتغنشتاين بين نوعين من الخطاب ظاهريًا متباينين: البرهان المنطقي الجاف من جهة، والعبارة الموجزة العميقة من جهة أخرى. هذا المزيج يمنح النص بعدين: بعد تحليلي عقلاني وبعد تأملي وجداني. ويرى رايد أن فتغنشتاين تعمّد هذا الأسلوب المزدوج بحيث يُظهِر بعض الحقائق بدلاً من التصريح بها مباشرة – تمامًا كما يفعل الشاعر بالإيحاء بدلاً من الشرح المباشر. من أهم النقاط التي يركّز عليها المقال هي قضية الصمت وقضية ما لا يُقال في التراكتاتوس ودلالاتهما الفلسفية والشعرية. يؤكد رايد أن مطالبة فتغنشتاين بأن نلتزم الصمت إزاء ما نعجز عن قوله ليست مجرد ملاحظة منطقية، بل تحمل بُعدًا جماليًا وأخلاقيًا. ففتغنشتاين يرى أن أعمق الأمور – كالأخلاق والجمال والمعنى الأعمق للحياة – تقع خارج حدود اللغة المنطقية الصارمة، ولذا لا يمكن التعبير عنها بل يجب التلميح إليها بالصمت. هذا المفهوم يمنح نهاية التراكتاتوس طابعًا صوفيًا وشاعريًا؛ فالصمت هنا أشبه ببيت شعري أخير يترك للقارئ مساحة للتأمل فيما يفوق الكلمات. وبهذا المعنى، يصبح السكوت نفسه أسلوبًا فلسفيًا يعادل الأسلوب الشعري في إيصال ما هو غير قابل للشرح والطرح. يناقش رايد أيضًا ما كان يُروى مثلاً أن الفيلسوف غوتلوب فريغه اعتبر التراكتاتوس "إنجازًا فنيًا أكثر منه علميًا"، في إشارة إلى فرادة أسلوبه. كذلك، عُرف عن فتغنشتاين أنه حين كان يُدعى لمناقشة أفكاره مع حلقة فيينا الفلسفية، كان يتضايق من سوء فهمهم لكتابه إلى حد أنه كان يلجأ لقراءة الشعر بصوت عالٍ بدلًا من شرح أفكاره – وكأنه يبيّن عمليًا أن بعض جوانب فلسفته أقرب إلى الشعر منها إلى النقاش المنطقي المباشر. ويخلص المقال إلى أن فتغنشتاين في التراكتاتوس قدّم فلسفةً مكتوبة بأسلوب أدبي شاعري، حيث تخدم البنية المنطقية والغنائية معًا غرضًا فكريًا واحدًا. وهكذا تتجلى رؤية فتغنشتاين بأن اللغة لها حدود وأن ما يتجاوز تلك الحدود يمكن إظهاره فقط بأساليب غير مباشرة – أساليب تحمل طابعًا فنيًا وشعريًا. مقال رايد يسلّط الضوء على هذه النظرة الثاقبة، موضحًا كيف أن التراكتاتوس عمل فلسفي فريد يمزج بين دقة المنطق وبراءة الشعر ليعبّر عن أفكار تفوق نطاق اللغة التقليدية. وهذا ما يفسّر أثره المستمر في الفلسفة والأدب معًا بوصفه نصًا يقرأ على أنه منظومة فكرية وقصيدة فلسفية في الوقت ذاته. + ملحق2 + * "زيتيل": أفورزمية وشذرات فلسفية مجزأة:/* يندرج كتاب Zettel ضمن أعمال فتغنشتاين المتأخرة، وقد نُشر بعد وفاته في عام 1967 بتحرير من تلامذته (أبرزهم إليزابيث أنسكومب وجورج فون رايت). يشكل هذا الكتاب جزءًا من إرث فتغنشتاين الفكري الذي تركه وراءه، وقد احتوى على 717 قصاصة فلسفية منفصلة تقريبًا مأخوذة من ملاحظاته بين عام 1929 و 1948. هذا يضع Zettel ضمن المرحلة المتقدمة من تطور فلسفته، أي ما بعد كتابه الشهير "تحقيقات فلسفية" الذي صدر عام 1953. يحمل عنوان الكتاب "Zettel" دلالة حرفية في اللغة الألمانية تعني "قصاصة ورق" أو "ورقة مذكرة" صغيرة. وهذا العنوان يعكس بشكل دقيق منهج فتغنشتاين نفسه في كتابة أفكاره أواخر حياته. فقد كان فتغنشتاين يدون ملاحظاته وأفكاره الفلسفية على أوراق منفصلة أو بطاقات صغيرة خلال سنوات عمله المتأخرة، في تلك الفترة المتأخرة، كان فتغنشتاين قد تبنى أسلوبًا فلسفيًا جديدًا مختلفًا عن منهجه المبكر في كتابه "التراكتاتوس"؛ إذ ركز على تحليل اللغة العادية وفهم استعمالات الألفاظ في حياتنا اليومية، بالإضافة إلى الخوض في ما يُسمى "علم النفس الفلسفي" المتعلق بمواضيع الفكر والإدراك. كتاب Zettel يعكس هذا السياق المتأخر؛ فمحتواه يتناغم مع هموم فتغنشتاين الفلسفية في أواخر حياته، حيث نجده يكمل ويعمّق النقاش في قضايا ظهرت في "تحقيقات فلسفية" وغيرها من مخطوطاته المتأخرة. وبالتالي فإن Zettel يُعد امتدادًا لنهجه النقدي للغة والفكر، ضمن نفس الإطار العام لفلسفته الأخيرة. يتميز Zettel بأسلوبه الأدبي والفكري الشذري والمجزّأ. فالكتاب ليس سردًا متصلاً أو حجاجًا فلسفيًا متسلسلًا، بل هو عبارة عن مجموعة من الفقرات القصيرة المستقلة نسبيًا، مرقمة أو مفصولة، تشبه في شكلها الملاحظات أو التأملات الذاتية. هذا الأسلوب نابع مباشرة من طريقة فتغنشتاين في التفكير والكتابة. فقد كان فتغنشتاين يكتب خواطره الفلسفية كفقرات منفصلة على أوراق متناثرة، ثم يقوم أحيانًا بقصّها وترتيبها أو إعادة ترتيبها أثناء تطوير أفكاره. بعد وفاته، قام تلميذه بيتر غيتش (بالاشتراك مع باقي التلاميذ المحررين) بترتيب تلك القصاصات بشكل مواضيع متقاربة، حيث جُمعَت الشذرات التي تتناول موضوعًا واحدًا في سياق متتالٍ لجعل الكتاب أكثر ترابطًا وقابلية للقراءة. ومع ذلك، يظل المحتوى ذا طبيعة شذرية (أفورزمية) واضحة؛ فكل فقرة تقدم رؤية أو سؤالاً قائمًا بذاته حتى إن بعضها يشكل ما يشبه خيطًا فكريًا متتابعًا عبر عدة مقاطع، لكن دون أن يفقد الكتاب طابعه الفسيفسائي. هذه البنية المجزأة ترتبط عميقًا بـبنية تفكير فتغنشتاين الفلسفية. فقد اعتقد فتغنشتاين أن المشكلات الفلسفية تنشأ غالبًا من سوء فهمنا لوظيفة اللغة، وأن الحل لا يكون بتأسيس نظرية شاملة، بل بتوضيح استخدامات اللغة المختلفة عبر أمثلة وحالات متنوعة. لذا اعتمد أسلوب عرض الفلسفة كسلسلة من الملاحظات القصيرة التي تستكشف جوانب مختلفة من القضية محل النقاش. يمكن القول إن فتغنشتاين مارس الفلسفة بوصفها نشاطًا تشريحيًا للغة والفكر؛ فهو يقسم المشكلة إلى أجزاء صغيرة (شذرات)، ويفحص كل جزء على حدة، ثم ينتقل إلى الآخر. وبهذا الأسلوب، تصبح صيغة التجزئة ذاتها منهجًا فلسفيًا: فالشكل (شكل الشذرات المتناثرة) يخدم المضمون (فكرة أن المعنى واضح في الحالات الفردية الاستعمالية وليس في تعميم نظري مجرد). الجدير بالذكر أن فتغنشتاين نفسه أكد أن ترتيب أفكاره غير التقليدي ليس مجرد أسلوب أدبي، بل يحمل أهمية فلسفية؛ إذ يساعد القارئ على "رؤية" المشكلات بطريقة مختلفة بدلًا من تلقي سرد نظري مباشر. وهكذا فإن الأسلوب المجزأ في Zettel هو انعكاس لبنية تفكير فتغنشتاين الحوارية مع نفسه: كان فتغنشتاين أشبه بمن يجري حوارًا متواصلًا مع ملاحظاته السابقة، فيكتب تعقيبًا أو فكرة جديدة استكمالًا لملاحظة سابقة، مما أدى إلى تمدّد خيط التفكير بشكل تراكمي عبر الزمن. هذا التشظي المنظم للأفكار يعكس إيمان فتغنشتاين بأن الفهم الفلسفي يتحقق بتجميع "صورة كاملة" من جزئيات متعددة، كما يحدث مع لعبة "البازلز" puzzle وليس عبر بناء نظرية أحادية صارمة. (انتهى) * هوامش وإحالات:/ * 1. جيمس غيلز، فيتغنشتاين وحدود اللغة، روتليدج، 2003. 2. ستانلي كافيل، "استدعاء العقل: فيتغنشتاين، الشك، الأخلاق، والتراجيديا"، مطبعة جامعة أكسفورد، 1979. 5. مارچوري بيرلوف، "سلم فيتغنشتاين: اللغة الشعرية وغرابة العادي"، مطبعة جامعة شيكاغو، 1996. 6. وليم داي، شكسبير ضد فيتغنشتاين: الصراع على المعنى، مادة سمعية (محاضرة) على موقع "آي ئي آي تيڤي". 7. د. عزمي إسلام، فيتجنشتين، دار المعارف بمصر، سلسلة نوابغ الفكر الغربي. 8. توماس رايد، "المنطق والنزعة الغنائية في التراكتاتوس"، مجلة الفلسفة الجمالية، المجلد 12، العدد 3، 2011. 9. لودفيج فيتجنشتين، رسالة منطقية فلسفية، ترجمة د. عزمي إسلام، مراجعة وتقديم د. زكي نجيب محمود، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1968. 10. لودفيج فيتجنشتين، بحوث فلسفية، ترجمة وتعليق. عزمي إسلام، مراجعة وتقديم د. عبد الغفار مكاوي، مطبوعات جامعة الكويت. * كلمة شكر لابد منها:/* أدي
#حكمت_الحاج (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شِراك السرد ومرآة الهوية: العراق في أربع روايات عالمية
-
هنالك نهران في السماء: العراق في رواية أليف شفق المرشحة لنوب
...
-
ستة نصائح إلى كاتب شاب
-
ليلى أبو العلا: حين تكتب الروح المهاجرة عن الروح المهاجرة
-
تجزئة السرد ووعي التجزئة: في الأدبين، العالمي والعربي
-
الغيمة.. قصيدة شيللي بترجمتها الكاملة
-
الغيمة
-
الشعر والفلسفة: أية علاقة
-
-نزهات- ستاندال: يمنع دخول -روما- على كل من هب ودب..
-
كعبُها عالٍ وقِدْحها مُعلَّى..
-
كراس كوابيس أدورنو
-
الظل والعاصفة
-
بين ضجر الملوك ووجع الهزيمة
-
جثة تفكر: قراءة فوكويّة في رواية نزار شقرون “أيام الفاطمي ال
...
-
حينما يصبح الشعر نشيدا للإنسان، ونشدانا للحرية والانعتاق
-
هوروسكوب
-
أميلكار، هانيبال وقرطاج، في رواية تونسية جديدة..
-
أوسكار وايلد وصادق هدايت في مسلسل عربي
-
رعد عبد القادر باللغة السويدية: الصقر مع الشمس بأجنحة الشعر
...
-
نحو سرد موجز، نحو رواية ليست طويلة..
المزيد.....
-
إسبانيا تضبط 3 أطنان من الكوكايين قبالة جزر الكناري بعملية م
...
-
غَرق قارب مهاجرين قبالة لامبيدوسا يُوقع 26 قتيلاً على الأقل
...
-
حلفاء أوكرانيا يبدون تفاؤلًا بقمة ألاسكا.. وترامب يُهدّد روس
...
-
جنوب السودان تحسم الجدل: لا محادثات مع إسرائيل بشأن إعادة تو
...
-
تقرير يكشف: روسيا تستعد لاختبار صاروخ كروز نووي قبل لقاء بوت
...
-
من هو سمير حليلة المرشح لحكم قطاع غزة؟
-
اتفاق أمني بين العراق وإيران يثير قلق واشنطن
-
زيارة تتخللها اتفاقية تدريب عسكرية: سوريا وتركيا تبحثان ملف
...
-
إسرائيل تمنع التمر والبطاطا من دخول غزة..كيف يؤثر ذلك على صح
...
-
بدأت كملاذ آمن للنساء.. عودة الـ-نوشو- لتلهم الفن الشبابي في
...
المزيد.....
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|