أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حكمت الحاج - -نزهات- ستاندال: يمنع دخول -روما- على كل من هب ودب..














المزيد.....

-نزهات- ستاندال: يمنع دخول -روما- على كل من هب ودب..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 23:52
المحور: قضايا ثقافية
    


يُعد كتاب "نزهات في روما" (بالسويدية: Promenader i Rome) الصادر مؤخرا عن دار نشر خويسالا فورلاغ، من الأعمال المميزة للكاتب الفرنسي ستاندال (الاسم المستعار لهنري بيل، 1783-1842)، والذي يختلف في طبيعته وأسلوبه عن أعماله الروائية الشهيرة مثل "الأحمر والأسود" و"صومعة بارما".
وجاء هذا الكتاب الهام في سفر ضخم بواقع 782 صفحة، قامت بترجمته من الفرنسية، ووضع ملاحظاته وحواشيه، مارغاريتا زيترشتروم.
نُشر كتاب "نزهات في روما" لأول مرة عام 1829 في مجلدين كبيرين. ومثل هذا العمل دليلاً سياحياً شاملاً لمدينة روما، مكتوباً بأسلوب يوميات تبدأ من 3 أغسطس 1827 وتنتهي في 23 أبريل 1829. يغطي الكتاب المعالم والكنائس والفنون في روما، مع تركيز خاص على أعمال رافائيل ومايكل أنجلو المفضلة لدى ستاندال. ويمكن تصنيف "نزهات في روما" ضمن أدب الرحلات، مع عناصر من المذكرات الشخصية والتحليل الفني والتاريخي. يختلف هذا العمل جوهرياً عن روايات ستاندال الواقعية التي تركز على تحليل نفسية الشخصيات وتصوير المجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر.
يتميز كتاب "نزهات في روما" بالوصف التفصيلي للمعالم الرومانية حيث يقدم ستاندال وصفاً دقيقاً للمعالم التاريخية والفنية في روما، مثل مبنى "الكولوسيوم" الذي يصفه بأنه "له السمو بالنسبة لنا، لأنه ذكرى حية لأولئك الرومان الذين شغلت قصصهم كل طفولتنا".
ويخصص ستاندال مساحات واسعة لتحليل الأعمال الفنية، خاصة لوحات رافائيل ومنحوتات مايكل أنجلو، مع تقديم قوائم شاملة لأفضل الكنائس والفنانين في روما.
كما يتناول ستاندال، من وجهة نظره في الاقل، تلك الثنائية الرابطة ما بين الإمبراطورية الرومانية والكنيسة الكاثوليكية ليتحدث عن التوتر بين عظمة الإمبراطورية الرومانية القديمة وهيمنة الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا.
ولكن، مع ذلك، فالكتاب هذا هو مسرد للانطباعات الشخصية ليس إلا. إذ يشارك ستاندال انطباعاته الشخصية حول الموسيقى والثقافة والطعام والسياسة في روما، مما يضفي طابعاً شخصياً على الكتاب.
ومن المفارقات الدالة، فإنه لطالما تم النظر الى هذا السفر الضخم بقلم روائي عظيم، على أنه دليل سياحي عملي يقدم نصائح عملية للزوار، بما في ذلك دليل لما يمكن رؤيته في روما خلال عشرة أيام، مع إمكانية تمديد الزيارة إلى عشرين يوماً.
وبالمقارنة مع أعمال ستاندال الروائية، وهذا الحديث موجه لعشاق أدبه على وجه الخصوص، يظهر كتاب "نزهات في روما" فروقا جوهرية في الأسلوب والمحتوى والغاية، مع أعماله الشهيرة مثل "الأحمر والأسود" (1830) و"صومعة بارما" (1839). فمن حيث الأسلوب، يتبنى "نزهات في روما" أسلوباً وصفياً توثيقياً، مع تنظيم يومياتي وقوائم تفصيلية، وانطباعات شخصية مباشرة، بينما "الأحمر والأسود" و"صومعة بارما" تتميزان بأسلوب سردي روائي، مع حبكة متماسكة وتطور درامي للأحداث، وتحليل نفسي عميق للشخصيات.
يركز "نزهات في روما" على الأماكن والمعالم والفنون، مع اهتمام بالتاريخ والجماليات، بينما نرى أن "الأحمر والأسود" تتناول صعود وسقوط جوليان سوريل، الشاب الطموح في مجتمع فرنسي طبقي بعد هزيمة نابليون بونابرت. أما "صومعة بارما" فتصور مغامرات فابريس ديل دونغو في إيطاليا ما بعد نابليون، مع تركيز على الحب والسياسة.
من حيث التقنيات السردية، يستخدم ستاندال في كتابه "نزهات في روما" السرد المباشر بضمير المتكلم، مع تداخل بين الوصف والتحليل والانطباعات الشخصية. بينما في أعماله الروائية غالبا ما يعتمد على راوٍ عليم واحد، مع استخدام الحوار والمونولوج الداخلي لتطوير الشخصيات.
يمكن النظر إلى "نزهات في روما" كنص يتطلب مشاركة فعالة من القارئ في بناء المعنى. على عكس الروايات التي تقدم عالماً متكاملاً. يدعو هذا الكتاب القارئ للانخراط في تجربة استكشاف روما من خلال عيني ستاندال. يقول ستاندال: "النصيحة بالذهاب إلى إيطاليا لا يجب أن تُعطى للجميع. روما يجب أن يمنع دخولها على كل من هب ودب"، مما يشير إلى وعيه بتباين استجابات القراء للتجربة الإيطالية.
إن قراءة نص "نزهات في روما" ستكشف للقاريء تلك التناقضات الداخلية في رؤية ستاندال لروما. فبينما يمجد الإمبراطورية الرومانية القديمة، يبدي انتقادات للكنيسة الكاثوليكية. وبينما يأتي إلى روما "حباً بالفنون الجميلة"، يعترف أن هذا الحب قد يتحول إلى كراهية. هذه الثنائيات المتناقضة تعكس تعقيد العلاقة بين الذات والآخر، بين الماضي والحاضر.
من زاوية نظر أخرى، يمكن اعتبار "نزهات في روما" مثالاً مبكراً على الفن العلائقي الذي يخلق فضاءً للتبادل والتفاعل. يبني ستاندال جسوراً بين الثقافة الفرنسية والإيطالية، بين القارئ والمدينة، بين الماضي والحاضر. هذا الكتاب ليس مجرد دليل سياحي، بل هو دعوة لإقامة علاقة حميمة مع روما، تتجاوز الاستهلاك السطحي للمعالم السياحية.
وإنه من المثير للاهتمام في ختام حديثنا هذا أن نقول إن ستاندال كتب هذا العمل قبل رواياته الكبرى الشهيرة، وقد شكلت تجربته مع روما وإيطاليا مصدر إلهام لروايته "صومعة بارما" التي كتبها بعد عشر سنوات. وبهذا المعنى، يمكن اعتبار "نزهات في روما" مختبراً أدبياً طور فيه ستاندال أدواته الوصفية والتحليلية التي استخدمها لاحقاً في أعماله الروائية، وعلى رأسها رائعته "الأحمر والأسود".



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كعبُها عالٍ وقِدْحها مُعلَّى..
- كراس كوابيس أدورنو
- الظل والعاصفة
- بين ضجر الملوك ووجع الهزيمة
- جثة تفكر: قراءة فوكويّة في رواية نزار شقرون “أيام الفاطمي ال ...
- حينما يصبح الشعر نشيدا للإنسان، ونشدانا للحرية والانعتاق
- هوروسكوب
- أميلكار، هانيبال وقرطاج، في رواية تونسية جديدة..
- أوسكار وايلد وصادق هدايت في مسلسل عربي
- رعد عبد القادر باللغة السويدية: الصقر مع الشمس بأجنحة الشعر ...
- نحو سرد موجز، نحو رواية ليست طويلة..
- نظرة ما إلى قواعد اللعبة: من المحيط إلى المركز
- ترابكَ
- لا ترمني بوردة
- نحو رواية قصيرة
- تحديات جديدة أمام المسرحيين في عالم اليوم: نحو علاقة حيوية م ...
- تمر الشمس في برج الحمل
- عناصر السيميولوجيا أخيرا
- رباعيات العواطف: عندما يكون الشعر منتظماً وحُراً في آنٍ
- أساطير الأم بين عشتار وآتروبوس


المزيد.....




- -تُبت إلى الله-.. داعية مصري يثير التكهنات حول اعتزال المطرب ...
- طهران تهدد بالردّ الصارم على أي خطوة إسرائيلية متهورة
- جولة مفاوضات ثانية في إسطبول بين الروس والأوكرانيين
- إيران: سنرد على المقترحات الأمريكية وفق مصالحنا الوطنية والت ...
- السيسي يلتقي وزير خارجية إيران ويحذر من حرب شاملة
- تركيا تأمل بأن يتم في نهاية المطاف لقاء بين بوتين وزيلينسكي ...
- غروسي يؤكد دور مصر -الواضح- في محاولة تسوية الملف النووي الإ ...
- السعودية.. حجّاج من الصين ينظفون شوارع مكة المكرمة
- مباحثات أمنية بين مديري المخابرات السودانية والإثيوبية في بو ...
- مغردون: هجوم أوكرانيا على روسيا يستدعي ذكريات بيرل هاربر ومخ ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حكمت الحاج - -نزهات- ستاندال: يمنع دخول -روما- على كل من هب ودب..