أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثمان














المزيد.....

ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثمان


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 15:16
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


ما أورده تاج السر عثمان في مقاله الأخير "ما هي سمات المنهج الماركسي؟" لا يُقدّم سوى عرضٍ متهافت لنصوص مقتبسة من ماركس وإنجلز ولينين مغلّفة بسياق دفاعي متوتر لا يُخفي القلق من النقد الجذري الذي طال خطابه وتحليلاته. المقال بمجمله لا يُمثل إلا محاولة لتجميل الانحراف النظري الذي شاب كتاباته السابقة وتبرير انقطاعه عن الممارسة الثورية الحقيقية لصالح خطاب أداتي، تلفيقي، مُهادن، تم تفكيكه مرارًا في قراءات ماركسية علمية ناقدة.

أول ما يلفت النظر في هذا المقال هو طابعه الخطابي الدفاعي الذي يتوسل الاستشهادات الكبرى من الموروث الماركسي الكلاسيكي دون أي تحليل ملموس أو مادي للواقع الراهن في السودان، ولا للممارسة النظرية ذاتها التي يدّعي تمثيلها. هذا النمط من الاقتباس المتهافت لا يخدم المعرفة بل يحجبها، ولا ينتمي للماركسية بل يختبئ خلفها.

إن تقديمه "لمؤلفاته" بوصفها دراسات ماركسية عن التاريخ السوداني، لا يعفيها من النقد ولا يُحصّنها من التقييم الجدلي. فلا يكفي أن تتناول موضوع "الطبقة العاملة" أو "نظام الرق" لتكون ماركسيًا. فالمنهج لا يُقاس بعنوان الكتاب بل بالموقع النظري الطبقي الذي يصدر عنه التحليل، وبالطريقة التي تُبنى بها الوقائع وتُفسر في سياقها التاريخي المادي لا الإنساني العام أو الثقافوي المُعمم.

تاج السر عثمان لا يُمارس الماركسية بل يستخدمها كمرجعية لغوية لتزيين مقالاته التي تفتقر إلى الصرامة المنهجية، وتخلو من التحليل الطبقي الحقيقي. فحين يتحدث عن الصراع الطبقي لا يُحدد أطرافه داخل التشكيلة الاجتماعية السودانية ولا يُلامس البنية العميقة للعلاقات الاقتصادية، بل يكتفي بعناوين ومصطلحات، ثم ينعطف بسرعة إلى تأريخ خطي تراكمي أشبه بتسجيل الأحداث منه إلى تحليل جدلي.

إن دفاعه عن الماركسية بوصفها لا تملك "حقيقة مطلقة" هو صحيح نظريًا، لكنه يُستخدم هنا كذريعة للتملّص من المسؤولية الفكرية والتنظيمية، وتبرير التحولات الانتهازية التي أصابت الحزب الشيوعي السوداني تاريخيًا، والتي كان تاج السر أحد منظّريها. فالماركسية لا ترفض الحقيقة المطلقة من حيث الجوهر، لكنها ترفض جمودها في قالبٍ مغلق، وتعمل على إنتاجها في حركة جدلية منفتحة، وهو ما لا نجده في مقالات تاج السر التي تستبطن تسليمًا فظًا بالرأسمالية المشوّهة كواقعٍ لا يُقاوم إلا بالتقارير.

خطابه عن "عدم اختزال الواقع في التصورات المسبقة" كلام مرسل، يُخالفه فعله النظري. فكل مقالاته السابقة تُقحم الواقع في قوالب نظرية مسبقة، لا تخضع للتحقق ولا التجريب التاريخي، بل تُستعمل لتبرير التحالفات السياسية التصفوية، ولشرعنة تقليص العمل الثوري إلى نضال مطلبي ونقابي محدود الأفق.

هو لا يُمارس الديالكتيك بل يُحاكيه، ولا يقترب من التحليل المادي التاريخي إلا كمحطة عبور نحو تبرير البرنامج الإصلاحي لحزبه. ومقولته: "الواقع لا يُخضع للنظرية بل النظرية تُخضع للواقع" تختزل الديالكتيك في اتجاه واحد، وكأن النظرية ليست منتجًا للصراع الطبقي ولتاريخ الأفكار، بل تابعًا سلبيًا للوقائع كما تُعرض في نشرات الأخبار أو أوراق البنك الدولي.

أما الحديث عن أن "النظرية تُخصب بالممارسة" فلا يظهر له أثر في كتاباته، لأن خطابه منفصل عن أي ممارسة ثورية حقيقية، وليس نتاجًا لصراع طبقي حي، بل إنتاجًا ثقافيا مُسالِمًا يُراوح في برزخ الماركسية الأكاديمية التي تكتفي بالتحليل دون الفعل، وبالتحليل الساكن لا الجدلي.

ولنأخذ مثلًا مباشرًا من مقاله: يكتب "أن الذي يعلم يجب أن يتعلم"، لكنه لا يُقدّم أي مراجعة حقيقية لأي من تحليلاته السابقة، ولا يعترف بخطأ التوصيفات القديمة للتشكل الطبقي في السودان، أو لأخطاء الحزب التي كان مدافعًا عنها دائمًا في اللحظات المفصلية التي انحاز فيها لخط التعاون الطبقي لا الصراع الطبقي.

الاستشهادات الماركسية التي يكثر منها لم تُؤسس أطروحةً واحدة أصيلة في مقاله، بل جاءت في سياق التزيين، وبقيت بلا عمق جدلي ولا صلة عضوية بنسق التحليل. يقول إن الماركسية علم، لكنه يتعامل معها كأيديولوجيا وعظية تتكرر فيها عبارات "ينبغي أن" و"يجب أن"، دون تفكيك لبنية السلطة ولا آليات الاستغلال ولا النظام العالمي الذي أعاد إنتاج السودان كمجتمع طرفي تابع.

المقال لا يحتوي على تحليل واحد للواقع السوداني اليوم، ولا لحالة الحرب، ولا لوضع الطبقة العاملة، ولا للبرجوازية الكومبرادورية، ولا لتناقضات نمط الإنتاج. هو مجرد إعادة إنتاج سطحية للمفاهيم العامة، بلا مساءلة، بلا صراع، بلا ماركس.

نقول له بوضوح:
المنهج الماركسي ليس هو ما تدّعيه، بل هو ما ترفضه، لأنه يكشف تناقضك، ويضعك حيث تقف حقًا: في موقع الفكر التبريري لا النقدي، في ضفة التحليل المنفصل عن الكفاح، في مساحة الكتابة التي تشتغل كبديل عن التنظيم الثوري لا كأداة لبنائه.

"إن الماركسي ليس من يكرر أقوال ماركس، بل من ينزلها على واقع محدد في موقع محدد من الصراع الطبقي"

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 27. الماركسية ليست إصلاحًا: مراجعة نقدية لخطاب تاج السر عثما ...
- 26. من هندسة الانقسام إلى بناء التنظيم القاعدي
- 25. تحالف القامعين: كيف تواطأت قوى الهبوط الناعم مع قانون قم ...
- من صراع الطبقات إلى واقعية الترويض: سقوط النظرية في فخ التكي ...
- من -الطنين- إلى -الإنكار-: تفنيد ماركسي لمقال تاج السر عثمان
- 24. إتحاد فوقي: كيف يخدم النظام الأساسي قمع الطبقة العاملة
- 23. قانون تنظيم الاتحادات المهنية 2004: أداة السلطة لعزل الط ...
- 22. وثيقة بلا عمق ولا بوصلة: تفريغ للتاريخ الماركسي إلى سرد ...
- 21. البيروقراطية الخائنة: نقابة بلا طبقة، ووثيقة بلا ماركسية
- بين إنقلابين ووثيقة واحدة: الحزب الشيوعي خارج جبهة الوعي الث ...
- 20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟
- 19. النقابة كجهاز في المنظومة الإمبريالية: وثيقة الحزب الشيو ...
- اللغة ليست نعناعًا: تفكيك ماركسي لبلاغة الامتياز في خطاب -دا ...
- كسلا التي لا ترد التحية: الحب كقهر طبقي في أغنية الحلنقي
- 18. من تنظيم الطبقة إلى طبقة التنظيم: انزلاق الوعي النقابي
- شيبوب: تمجيد الإنسان المغيَّب في بطولات السادة
- 17. مجاز العتمة والمرآة المعتمة: حين تكتب الوثيقة سرديتها عل ...
- لوركا: صوت الطبقة، سلاح ضد القمع
- 16. وحدة من؟ وبناء ماذا؟ تفكيك خطابي لمفاهيم غامضة بلا مضمون ...
- المؤسسة الكنسية كأداة طبقية في -زوربا اليوناني-


المزيد.....




- موظفو مشاريع الجنوب يتظاهرون بالبصرة: نطالب بصرف الأرباح وكش ...
- -العمل النيابية- تبحث إنهاء عقود العمل غير محددة المدة والتد ...
- أبو مرجوب: 7 آلاف عامل مياومة في البلديات بحاجة لتحقيق العدا ...
- إضراب محمود بصل عن الطعام.. حين يحتجّ الجائع بالجوع في غزة
- عمال شركة -بوينغ- للصناعات الجوية يضربون عن العمل
- ما أسباب تدهور سوق العمل في الولايات المتحدة؟
- سوق العمل بألمانيا..استغلال لاجئين عرب من قبل أبناء جلدتهم
- حملة اعتقالات بجنوب أفريقيا ضد عمال التعدين غير القانوني
- كم يتقاضى موظفو -آبل- سنويا؟
- سكرتارية شباب اتحاد عمال مصر تطلق غرفة عمليات لمتابعة انتخاب ...


المزيد.....

- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثمان