أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدبولى - جذور العروبة فى مصر،،














المزيد.....

جذور العروبة فى مصر،،


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 19:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كثيرًا ما يستشهد البعض بالمقولات التي تتحدث عن الوجود العربي في مصر منذ آلاف السنين، بل ويتم أحيانًا تعزيز تلك الادعاءات بدراسات أكاديمية أو أبحاث وراثية أو لغوية، وذلك فى محاولات نخبوية لاثبات أن الوجود العربى بمصر ،وجود قديم وقبل الديانات والرسل ،
لكن المؤسف أن الاعتماد على هذه المقولات – حتى وإن بدت علمية – لا يكفي للرد على الدعاوى الأقلوية الزائفة فى مصر،و التي تشبه إلى حد بعيد الطرح الصهيوني الذى وضع للاستيلاء على فلسطين ، والقائم على إسقاطات انتقائية من التاريخ لتبرير وجود عنصري معزول عن سياقه الطبيعي.
فالقول بأن وجود قبائل عربية في مصر قبل الإسلام، أو حتى منذ العصور القديمة، لا يثبت "عروبة" مصر أبدا ، فهو في حقيقته طرح سطحي قد ينقلب على أصحابه. إذ قد يستخدمه البعض في الاتجاه المعاكس لتأكيد أن العرب لم يكونوا إلا أقلية بدوية متنقلة، حلت على البلاد ولم تندمج فيها، ثم فرضت نفسها لاحقًا بسطوة الدين أو السيف، مجبرة السكان الأصليين على التخلي عن هويتهم وثقافتهم.
لكن الحقيقة التاريخية – بعيدًا عن هذا التبسيط – أكثر تعقيدًا وثراءًا.
فلقد ظل المصريون حتى القرن الخامس الميلادي يعتنقون الديانات المصرية القديمة (بما فيها التأثر بالتوحيد في عهد إخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد)، وظلوا يقاومون النفوذ الديني والثقافي القادم من الخارج، سواء في صورته اليونانية أو الرومانية، أو حتى اليهودية ، وحين اعتنق بعض المصريين المسيحية، فعلوا ذلك بطريقتهم الخاصة، إذ انحازوا إلى المذهب المسيحى الذي تميز بالاستقلال عن الكنيسة الرومانية التى كانت تحتل مصر،ثم وصل عنادهم وتميزهم لحد التعرض للقمع الدموى من الرومان ، خاصة بعد عقد مجمع خلقدونية سنة 451م، الذي رفضته الكنيسة المصرية وتمسكت بتقاليدها الشرقية، فتعرضت على إثر ذلك لاضطهاد شديد من قبل الإمبراطورية الرومانية، بعد أن كانت هناك تفاهمات وتحالفات بين الفريقين ،
ومن ثم جاء الفتح الإسلامي لمصر عام 640م بقيادة عمرو بن العاص، في ظل مناخ شعبي ناقم على السلطة البيزنطية، ودينيًّا مشبع بروح التوحيد التي تقاطعت – إلى حدٍّ بعيد – مع الرسالة الإسلامية الجديدة. فكان اعتناق المصريين للإسلام تحولًا ثقافيًّا وفكريًّا تدريجيًّا، لا مجرد خضوع لقوة غازية، كما يزعم البعض. وقد دخلت الغالبية العظمى من المصريين في الإسلام طواعية على مدار قرون، دون إكراه ممنهج أو حملة إبادة أو تغيير سكاني شامل، كما حدث في بعض البلدان الأخرى على يد الغزاة الأوروبيين مثلًا.

إن تأكيد عروبة مصر لا يقوم على سردية قبلية أو دمج قبائل عربية في النسيج السكاني، بل على الاندماج الثقافي والحضاري الذي شهدته البلاد بعد الإسلام، حيث تشكلت هوية جديدة جامعة، جمعت بين إرث مصر الفرعوني، وتوجهها التوحيدي، وانتمائها العربي الإسلامي الذي تشكل من الداخل، لا بفعل فرض خارجي.

ولذلك، فإن القول بأن المسلمين في مصر هم "الطارئون" على الهوية المصرية، هو عكس الحقيقة تمامًا. فالمسلمون في مصر هم امتداد طبيعي للمصريين عبر التاريخ، لا قطيعة معهم. أما الطارئ حقًّا، فكان ذلك الوافد الروماني الديني والسياسي الذي حاول فرض نفسه بالقوة، ولفظته مصر كما لفظت من قبله الكثير من محاولات الاستلاب.

ختامًا، العروبة في مصر ليست فرضًا فوقيًّا، ولا طارئًا استيطانيًّا، بل خيار حضاري تبناه المصريون بأنفسهم، حين وجدوا فيه امتدادًا لثقافتهم التوحيدية، وتحررًا من الاحتلال الروماني، وتعبيرًا عن خصوصيتهم التاريخية التي جمعت بين الروح المصرية العريقة والانتماء للأمة الإسلامية الأوسع.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية المصرية !!
- الإبادة مشروع معلن على الملأ!!
- الزاوية الأخرى !!
- ثورة 23 يوليو المصرية، بين التحرر والتقهقر !
- التجويع والتصهين !؟
- المدن والعواصم الجديدة !!
- غزة تموت جوعا، والبعض مشغول بالجولانى!!
- الإدانات الغربية ،، وفقا لنوع الآلهة !!
- إسرائيل راعية القومية العربية !!
- نكتب بضميرنا وحده ،
- شيطنة التغيير فى سورية !!
- على هامش المقتلة فى السويداء!؟
- الصدام الخفي !؟
- ماهو المتوقع !؟
- نزع السلاح ، فى سربرنيتسا !!
- الصمت الفلسطينى فى الداخل!؟
- هل سنترال رمسيس المحترق،مؤمن عليه ضد أخطار الحريق!؟
- دور نادى الزمالك فى مسرحية التغييب!
- إبراهيم باشا المصرى !
- إختزال الغضب ،،


المزيد.....




- كواحدٍ من رموزها الثقافية.. مدينة برمنغهام تعلن تفاصيل جنازة ...
- الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومص ...
- -هجمات لصالح روسيا-.. بولندا توجه تهمة الإرهاب لكولومبي محتج ...
- إسرائيل -ترفض- إعلان لندن عن اعتراف محتمل بدولة فلسطين
- محادثات أمريكية صينية -بناءة- قبيل انتهاء هدنة الرسوم وسط ته ...
- اكتئاب خلف الكاميرا.. مشاهير هوليود يروون معاركهم النفسية
- -ما وراء الخبر- يناقش مستقبل قضية نزع سلاح حزب الله
- -أنقذوا الفاشر- حملة في السودان لفك حصار المدينة ووقف تجويعه ...
- نواب أميركيون يصفون الوضع في القطاع بالكارثي ويؤكدون فشل -مؤ ...
- مقترح أوروبي لمعاقبة إسرائيل أكاديميا لانتهاكاتها في غزة


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدبولى - جذور العروبة فى مصر،،