أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - أن الصمود ممكن، وليس من كبيرَ على الأرض سوى الله سبحانه...حديث عن خور عبد الله














المزيد.....

أن الصمود ممكن، وليس من كبيرَ على الأرض سوى الله سبحانه...حديث عن خور عبد الله


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة: "تكاد تجد الأرض في كل الشعوب البدائية ملكًا للمجتمع بأسره، فالهنود في أمريكا الشمالية، وأهالي البيرو، وقبائل الهنود التي على تلّ تشيتاجونج، وأهل بورنيو، وسكّان الجزر في البحر الجنوبي. مثل هؤلاء - فيما يُرجَّح - كانوا يملكون الأرض جماعة، ويحرثونها جماعة، ويقاسمون الثمار جماعة. وفي ذلك قال هنود أوماها: «إن الأرض كالماء والهواء، لا يمكن أن تُباع». وكذلك لم يكن بيع الأرض معروفًا في ساموا قبل قدوم الرجل الأبيض. وقد ورد هذا النص في كتاب الراحل عزيز السيد جاسم (تأملات في الحضارة والاغتراب، ص 24). هوية "الرجل الأبيض" الواردة في النص، غنيّة عن التعريف، فهو الإنجليزي الذي عبرت سفنه ووصلت إلى أمريكا، وأباد شعبها الأصلي. استطاع أن يغيّر موازين السلوك وقواعد الحياة لدى أولئك الأبرياء الجماعيين، الطيبين، المتضامنين أخويًّا، البعيدين عن اغتراب المال وطمع الملكية الفردية وشهواتها. لكن "الرجل الأبيض" جعل خريطة العالم بأكملها هدفًا لأسفاره المسلّحة، فتساقطت البلدان تحت مدافعه، وأصبحت لديه إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس. وفي ذلك المسار الاستعماري الطويل، لم يكن العراق بعيدًا عن متناوله، إذ التقطه بسهولة من قبضة "الرجل المريض". وكان الشعب العراقي، مثل الشعوب الأصلية في أمريكا، يرى في الأرض كرامةً لا تُباع. ولما وجد أننا لا نبيع أرضنا، عمد إلى مشروع سايكس-بيكو فاقتطع ما شاء من أرضنا هو وشريكه الفرنسي في تقاسم الأراضي العربية، في مخطط سايكس بيكو. فقطع من الأرض العربية الكثير: أورفا، وإسكندرونة لتركيا، والأحواز وعبادان عام 1925 لحليفه الشاه في إيران. كما قطع من أرض العراق دير الزور والبوكمال وضمّها إلى سوريا إرضاءً لشريكه الفرنسي، الذي كان يحتل بلاد الشام عدا فلسطين. ولم يتوقف مشروع "الرجل الأبيض" في قضم الأرض العراقية، رغم تبدّل هويته من إنجليزية إلى أمريكية. فحين وجّهت ثورة 14 تموز 1958 المجيدة ضربة قاصمة لوجوده في العراق، عاد بوجهه الأمريكي بعد فترة وجيزة، ليجهض الثورة الوطنية بطريقة أكثر شراسة، إذ عاد القطار الأمريكي إلى بغداد حاملاً جلاوزة حزب البعث والقوميين في 8 شباط 1963 كوكلاء دائمين لنفوذه في العراق. وكان أول اقتطاع نوعي من أرض العراق قامت به حكومة 8 شباط الدموية هو الاعتراف الرسمي باستقلال قضاء الكويت عن العراق. ثم تنازل صدام، بحسب مسرحية اتفاقية الجزائر عام 1975، عن نصف شط العرب إلى شاهنشاه، حليف "الرجل الأبيض"، مقابل التوقف عن دعم الحركة الكردية العراقية، وإطلاق يد صدام في قمعها وإبادة مقاتليها. وفي عام 1979، سقط الشاه في إيران على يد الثورة الإسلامية. فبدأ "الرجل الأبيض" يخطط لإجهاض الثورة، منذ سنتها الأولى، معتمدًا على صدام وحزب البعث بعد نجاحهم معه في إجهاض ثورة 14 تموز في شباط 1963. فتم إشعال فتيل الحرب مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الفتيّة. لكن الحرب لم تنتهِ بسهولة، بل استمر أوارها يتلظى ثماني سنوات، أكلت الأخضر واليابس، وأزهقت أرواح ما ينيف عن ثلاثة ملايين إنسان من الجانبين، إضافة إلى أعداد كبيرة من الجرحى والمفقودين والأسرى، وخسائر هائلة في المدن والسلاح والعتاد والأموال، وتوقّف الصناعات الوطنية في البلدين، وتعطّلت مشاريع التنمية فيهما. ولم يعزف "الرجل الأبيض" عن عادته القديمة في قضم الأرض العراقية وضمّها إلى الآخرين، فاختفت أرض الحياد من خريطة الجمهورية العراقية، وابتلعها شريكا الجغرافيا الحيادية: السعودية والكويت. كما اختفت منطقة الرويشد العراقية أثناء حرب السنوات الثماني تحت ظلال المملكة الأردنية الهاشمية.. وتلك هي خطوات "الرجل الأبيض" في بلادنا، الذي قاد حرب الخليج الثانية ضد العراق بتحالف ثلاثيني واسع؛ حرب إبادة شعواء تضمّنت خلاصات حقدٍ تراكميٍّ أسود (أمريكي - صهيوني - خليجي). حرب تنمّر فيها الصغير على أبيه، والجبان على الجسور. وجاءت قرارات مجلس الأمن ظالمة، تشبه دموع التماسيح في وقاحتها، بدءًا من الحصار الاقتصادي الظالم، إلى ترسيم حدودٍ مجحف، وتعويضات مالية باهظة لا طاقة للعراق على دفعها، وانتهاءً بوضعه تحت طائلة البند السابع. ثم شنت أميركا حرب الخليج الثالثة على العراق في نيسان 2003، بذريعة كاذبة عن امتلاكه أسلحة دمار شامل، فدمّرت الدولة العراقية وابتلعت مؤسساتها... وجاء ذلك تلبية لرغبة الحقد الكويتي الدفين، الذي بات طامعًا بأرض العراق وحقوله النفطية وإطلالته التاريخية على الخليج. لكننا نقول: لقد كان مشروع "الرجل الأبيض" دائمًا هو تفكيك العراق ونهب خيراته، فلماذا نستمر في الانصياع لقرارات صادرة بإرادته، مثل ترسيم حدود خورعبد الله، ونمنحهم ما ليس لهم من أرضنا ومائنا ونفطنا وفرصتنا في الحياة الحرة الكريمة؟ إن خلاصة ما أعتقده يتطابق كليًا مع حكمة الهنود الأصلاء: "إن الأرض كالماء والهواء، لا يمكن أن تُباع.". وقد بات الوقت مناسبًا جدًّا لنقول: نحن شجعان بما يكفي، ولن نتنازل عن خور عبد الله، وإن ترسيم الحدود العراقية مع الكويت يجب أن يعود إلى ما قبل 2 آب 1990، لا إلى قرارات مجلس الأمن الظالمة، التي وُضعت كعقوبات انتقامية ضد العراق. انه لمن البدهي بأن الأرض العراقية هي حق ثابت لجميع الشعب العراقي، وليس لأحد صلاحية التفريط بشبر منها، وأن الوقت مناسب لقلب الطاولة على المتصيدين في المياه العكرة، فدرس الحرب الإيرانية – الإسرائيلية ومعطياته من ناحية ، وصمود أهل غزّة بوجه الفاشيين الصهاينة من ناحية أخرى، قد أفصحا بما لا يقبل الشك:
"أن الصمود ممكن، وليس من كبيرَ على الأرض سوى الله سبحانه..."



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صفّين إلى كربلاء: جدلية الدهاء الأموي ومأساة الانقلاب على ...
- موجة الخطاب اللاوطني الصاعدة في العراق: خطر يفوق موجة الخطاب ...
- على درب عاشوراء: من الحسين إلى العراق: قراءة في انحراف السلط ...
- على ضفاف الحرب: تحولات الجيوبوليتيك الدولي وفرص التحرر في ال ...
- برامج الهيمنة في الشرق الأوسط: من الاستعمار الكلاسيكي إلى ال ...
- على طريق الحل: أسئلة قبل فوات الاوان عن البداية ومأزق التغيي ...
- بيان حركة الأمة المدنية العراقية حول اتفاقية خور عبد الله ال ...
- التجربة الديمقراطية في العراق بين حداثة هشة وتقليدية مهيمنة.
- رؤية معاصرة في مرجعية الإمام علي ع للمدنية والحضارة العراقية
- حساسية الأزمات المستمرة بين العراق والكويت في صورتها الراهنة ...
- ثمة ما يُقال في تصحيح سرديات الهوية العراقية
- نواح الساحل القتيل - نص شعري
- سنديانةُ الساحل السوري
- كرسي هزاز - نص شعري
- كاريكاتير محلي / قصة قصيرة جدا
- قرار العفو العام تهديد للاستقرار السياسي والأمني في العراق.
- شعور الخوف من -عزرائيل-عند النخبة اوالعامة
- الموجة الترامبية الجديدة والعشرة المبشرون بالسلطة في العراق.
- كابينة الضحك - قصة بصيرة
- قراءة واقعية في المشروع السياسي السوري الجديد.


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
- أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما ...
- تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين ...
- حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
- بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
- لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟ ...
- حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
- الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
- صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - أن الصمود ممكن، وليس من كبيرَ على الأرض سوى الله سبحانه...حديث عن خور عبد الله