رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 14:54
المحور:
المجتمع المدني
في المجتمعات المتخلفه كثيرًا ما يُختزل مفهوم الأمن في صور الجند والسلاح والعسكرة حتى بات يُنظر إليه على أنه قوةٌ تفرض سيطرتها لردع التهديدات، غير أن هذا الفهم قاصر ويغفل البُعد الجوهري للأمن بوصفه ممارسة عقلية واستراتيجية واعية تنبع من التفكير والتخطيط لا من البطش والقوة فقط.
الأمن يبدأ من الفكرة لا من البندقية
إن جوهر الأمن الحقيقي يكمن في الوقاية وهذه لا تتحقق بالقوة وحدها بل بالعقل والتفكير العميق،فالأمن الناجح هو ذاك الذي يمنع الجريمة قبل أن تقع ويحتوي التهديدات قبل أن تتحول إلى كوارث وهذا يتطلب قراءة الواقع وفهم المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي قد تؤدي إلى انعدام الاستقرار.
الأمن وذكاء الدولة
الدولة التي تعتمد على الأجهزة الأمنية فقط دون أن تستثمر في بناء منظومة فكرية وقائية تشبه من يُطفئ الحرائق دون أن يُفكر في منع اندلاعها فالأمن يتطلب معلومات دقيقة وتحليلًا مستمرًا للمخاطر وتواصلاً فعالًا مع المجتمع كما يتطلب إدارة حكيمة للعدالة والتنمية والتعليم.
الدولة الذكية أمنيا هي التي تسأل: “لماذا يُجرِم الإنسان؟” لا “كيف أعاقبه؟”، إنها تزرع الوعي وتُعالج الفقر وتُصحح الخلل في منظومة القيم فتُغنيها عن استخدام القوة المفرطة وتخلق أمنًا مستدامًا من داخل المجتمع نفسه.
الأمن لا يتحقق بالخوف
القوة قد تفرض الصمت لكنها لا تخلق طمأنينة فالأمن المبني على التخويف هشّ ما إن تُسحب الهراوة حتى تنهار منظومته أما الأمن الناتج عن الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة وعن فهم عميق لحاجات الناس ومشكلاتهم فهو راسخ ومتين.
إن التفكير الأمني الحديث يرتكز على ما يعرف بـ”الأمن الإنساني” الذي يضع الإنسان محورًا للحماية لا هدفًا للرقابة فحين يشعر المواطن بالأمان في بيته في رزقه في كرامته تصبح قوى الأمن شريكًا له لا خصمًا ويصبح الولاء للدولة نابعًا من اقتناع لا من خوف.
الخلاصة
الأمن ليس جيوشًا ولا أجهزة رصد فحسب بل هو فكرٌ مستنير يرى في كل تهديد فرصة للإصلاح وفي كل خلل مدخلًا للفهم هو مشروع عقلي طويل الأمد يستثمر في الإنسان قبل أن يُهدد ويُقنعه بالأمان قبل أن يخيفه بالخطر وهكذا حين نفهم أن الأمن تفكير وليس قوة نضع أول حجر في طريق الاستقرار الحقيقي والدائم.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟