رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8356 - 2025 / 5 / 28 - 12:09
المحور:
المجتمع المدني
لا تزال تتردد عبارة "رغبة الأمر.. أمر" في البيئة البيروقراطية العراقية بوصفها تعبيرًا غير مكتوب عن هيمنة الإرادة الفردية على القرار المؤسسي، هذه العبارة التي يُفترض أن تكون استثناءً ظرفيًا تحوّلت إلى قاعدة غير رسمية تُدار بها العديد من مفاصل الدولة وخصوصًا في الاجهزة الأمنية والعسكرية حيث تُقدّم "الرغبة" الشخصية أحيانًا على القانون والقرار المهني، والتسلسل الإداري.
في الأنظمة الرشيدة يُفترض أن يكون القانون هو الحَكَم الأعلى في تنظيم العمل وصنع القرار، لكن الواقع يُشير إلى تصدّر الأهواء والتوجيهات الشخصية تحت لافتة "رغبة القائد او المدير العام "، ما أدّى إلى إضعاف دوائر الدولة من الداخل وخلق ثلاثة مظاهر خطرة:
- استبداد مقنّع : حيث تُمرّر القرارات غير القانونية على أنها توجيهات عليا.
- ارتباك اداري : يُربك الموظفين ويضعهم أمام معادلة مستحيلة بين الطاعة للسلطة والولاء للقانون.
- انهيار للمساءلة : إذ تُشلّ أدوات المحاسبة بفعل الخوف من الاعتراض على رغبات المتنفذين.
شواهد عديدة من الواقع العراقي هذا الخلل لا يقف عند حد النظرية بل تجسّد في وقائع حية، منها:
- نقل ضباط كفوئين من مواقعهم لأنهم رفضوا تنفيذ أوامر شفوية غير قانونية.
- تعيينات عليا خارج السياقات المؤسسية بناءً على توصيات شخصية لا على الكفاءة.
- تنفيذ أوامر أمنية بلا غطاء قانوني تحت مظلة "رغبة القيادة العليا".
- منع نشر تقارير رقابية لأن محتواها يزعج مراكز النفوذ.
- توجيهات من خارج السلسلة الهرمية تربك النظام القيادي وتضعف الضبط.
الخلاصة
إن ثقافة "رغبة الأمر... أمر" تمثل انحرافًا خطيرًا عن المبادئ المعاصرة للادارات، وتهديدًا صريحًا لمفهوم الدولة القانونية إنها ليست فقط انتهاكًا للإجراءات بل نسفًا لأخلاقيات الإدارة وعدالتها ولا سبيل لإصلاح هذا الخلل سوى بكسر هذه القاعدة غير المعلنة وإعادة الاعتبار للقانون والاحتكام للمهنية وتفعيل المساءلة داخل المؤسسة.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟