رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 19:51
المحور:
المجتمع المدني
أصل المبدأ ووظيفته المهنية ظهر مبدأ "نفّذ ثم ناقش" في السياقات العسكرية حيث يُعد التنفيذ الفوري ضرورة لإنقاذ الأرواح وتحقيق الانتصار، وانتقل هذا المبدأ إلى اجهزة الشرطية لما تتطلبه من سرعة في التحرك خاصة في مواجهة الجرائم أو أعمال الشغب.
في كل جهاز أمني تلعب الطاعة دوراً حاسماً في الحفاظ على الانضباط وسرعة الاستجابة ومع ذلك فإن تطبيق مبدأ "نفّذ ثم ناقش" بشكل غير مقيد داخل جهاز الشرطة قد يحوّله من أداة تنظيمية إلى وسيلة للانتهاك تُهمّش بها الحقوق وتُقمع بها الحريات تحت ذريعة النظام والأمن.
عندما يُطبّق مبدأ "نفّذ ثم ناقش" بلا قيود يقع خلل خطير يُمنع الشرطي من التمييز بين أمر قانوني وآخر غير مشروع ويُفسَّر الاعتراض كعصيان ما يؤدي إلى انتهاكات كالاستخدام المفرط للقوة أو الاعتقال التعسفي ، المبدأ بين الانضباط والانتهاك
واقع التطبيق في الأنظمة السلطوية تُستخدم الشرطة أحياناً كأداة تنفيذ مباشر لأوامر السلطة بغض النظر عن قانونيتها مما يُقصي المهنية ويعزز ثقافة الخوف ويؤدي إلى تآكل الثقة بين الشرطة والمجتمع.
الموقف في الأنظمة الديمقراطية تُقر الديمقراطيات بأن الانضباط ضروري، لكن ضمن ضوابط قانونية: يُمنع تنفيذ أوامر غير قانونية، ويُحاسب الشرطي على انتهاكاته، مع تدريبات مستمرة على التمييز بين المشروع وغير المشروع.
آثار تطبيق المبدأ دون مسائلة
انحدار الحس القانوني لدى رجل الشرطة ، فقدان المجتمع للثقة، انتهاكات ممنهجة بلا رقابة ، شلل مؤسسي بسبب الخوف من المبادرة.
تُعد الطاعة مكوناً أساسياً لضبط العمل وتنفيذ المهام بسرعة ودقة، لكن حين تتحول إلى طاعة عمياء، فإنها تُهدد بتحويل رجل الشرطة إلى أداة للخرق بدلاً من حارس على القانون، من هنا تبرز الحاجة إلى مفهوم "الطاعة المقيدة بالقانون" التي تضمن الالتزام بالأوامر دون المساس بالدستور أو كرامة المواطن.
الطاعة المشروعة واجبة إذا استندت إلى تعليمات قانونية صادرة عن جهة مخولة، ولا تتعارض مع حقوق الإنسان أو المبادئ الدستورية، أما إذا كان الأمر يتضمن مخالفة للقانون، فإن الاعتراض عليه يُعد واجباً مهنياً وأخلاقياً، لا خروجاً عن الطاعة.
لبناء هذا النموذج المهني، لا بد من تطوير مناهج التدريب لتشمل تعليمات واضحة حول الأوامر القانونية وغير القانونية، وتمكين رجل الشرطة من التحليل القانوني والتصرف الواعي. كما يجب إنشاء آليات مؤسسية تحمي من يرفض تنفيذ أمر غير مشروع.
إن الطاعة المقيدة بالقانون ليست شعاراً نظرياً، بل ضرورة لضمان التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان، وبناء شرطة مدنية تحترم القانون وتحظى باحترام المواطنين.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟