مقدمي البرامج بين الإثارة الإعلامية والمسؤولية القانونية بإجراءات كشف الدلالة للمتهمين

رياض هاني بهار

الحوار المتمدن-العدد: 8300 - 2025 / 4 / 2 - 08:10
المحور: المجتمع المدني
    

في السنوات الأخيرة هناك تزايدًا ملحوظًا في تغطية وسائل الإعلام لقضايا الجريمة، حيث يسعى بعض مقدمي البرامج إلى تقديم محتوى مثير يجذب المشاهدين، ولو كان ذلك على حساب القواعد القانونية والأخلاق المهنية، من أبرز مظاهر هذا التوجه تدخل بعض مقدمي البرامج في إجراءات كشف الدلالة للمتهمين، وهي إجراءات حساسة تقع ضمن اختصاص الجهات التحقيقية حصراً.
الإعلامي مهما بلغت خبرته لن يكون جهة تحقيق ،ويقتصر دوره ضمن إطار نقل المعلومات والتوعية العامة، وليس المشاركة الفعلية في الإجراءات التحقيقيه ، الذي يلفت النظر تدخله في إجراءات كشف الدلالة أو غيرها من مراحل التحقيق وهذا يُعد تجاوزًا صريحًا للحدود المهنية، ويؤثر سلبًا على سير العدالة، خاصة إذا ارتبط بسلوك استعراضي أو تحريضي يهدف إلى الإثارة على حساب المهنية.
بما ان كشف الدلالة هو إجراء قانوني يُطلب فيه من المتهم إعادة تمثيل الجريمة أو الإشارة إلى الأماكن والأدوات المتعلقة بها، ويتم عادة بحضور المحقق، ممثل عن الادعاء العام، ومحامي الدفاع، وفقاً لضوابط صارمة لضمان عدالة الإجراءات وسلامتها القانونية.
هناك مظاهر التدخل الإعلامي يتجسد تدخل مقدمي البرامج أحيانًا من خلال:
- الحضور الميداني في مواقع كشف الدلالة دون صفة قانونية.
- طرح أسئلة مباشرة للمتهم خلال العملية، مما يؤثر على أقواله.
- بث تسجيلات أو مقاطع فيديو لعملية الكشف قبل اكتمال التحقيقات.
- إعطاء تفسيرات وتحليلات قد تؤثر على الرأي العام، وتشكك في نزاهة الإجراءات.
بعض الدول تفرض عقوبات على من يتدخل في إجراءات التحقيق، وقد تندرج هذه التصرفات تحت طائلة: عرقلة سير العدالة. إفشاء أسرار التحقيق.انتهاك خصوصية الأفراد.
الآثار القانونية والأخلاقية على سلوك مقدمي البرامج
1- خرق سرية التحقيق: كشف الدلالة جزء من التحقيقات الأولية، وتدخّل الإعلاميين في هذا السياق يُعد خرقاً لمبدأ سرية التحقيق الذي يهدف لحماية سير العدالة.
2- التأثير على سير العدالة : تدخل الإعلام قد يؤثر على مجريات القضية، ويشكل ضغطاً على القضاة ، ويؤثر على الشهود والمتهمين.
3- انتهاك حقوق المتهم: تصوير المتهم أثناء كشف الدلالة ونشر الفيديوهات قد يُعتبر انتهاكًا لقرينة البراءة ، ويعرضه للتشهير قبل صدور حكم قضائي نهائي.
4.تجاوز حدود المهنة الإعلامية: الإعلامي ليس جهة تحقيق ، وأي تجاوز لهذا الدور يُعد تدخلاً غير مشروع.
الخلاصة
المهنة الإعلامية لديها مسؤولية أخلاقية تفرض باحترام الحدود القانونية، والحفاظ على التوازن بين حرية التعبير وحرمة التحقيق، وللإعلام دور مهم في توعية الرأي العام وتسليط الضوء على قضايا الجريمة، فإن ذلك لا يمنحه الحق في تجاوز حدوده المهنية أو التدخل في إجراءات التحقيق، المطلوب هو التوازن بين حرية الصحافة واحترام قواعد العدالة، حمايةً لحقوق المتهم، وضماناً لنزاهة الإجراءات القضائية ، ويتطلب من القائمين بالتحقيق بعدم فسح المجال لتدخل مقدمي البرامج ووضع حدود مهنية وقانونية لتدخلهم .

#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل