رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 13:02
المحور:
المجتمع المدني
عن أولئك الذين يحكمون من خلف الستار
أعجبتني كثيرًا المقولة الروسية:
“من يهمس في أذن الملك أخطر من الملك نفسه.”
ربما تبدو جملة شاعرية أو درامية للوهلة الأولى لكنها في جوهرها تحمل تحليلًا عميقًا لبنية السلطة والتأثير فغالبًا ما لا يكون الخطر في صاحب القرار الظاهر بل في ذاك الذي يقف خلفه يهمس له ويشكّل قناعاته ويعيد توجيه بوصلته.
هذه المقولة ليست حكرًا على الممالك القديمة بل نجدها تتجسد بوضوح في إدارات الدولة المعاصرة حيث تبرز شخصيات من الصف الثاني كالمستشار أو السكرتير أو حتى السائق والمرافق لتلعب أدوارًا محورية في صناعة القرار أحيانًا دون إدراك القائد نفسه لحجم التأثير.
سلطة الظل أعمق من التاج
يمتلك “الملك” سلطة ظاهرة تستند إلى القانون أو المنصب أو الرمزية أما “الواشي” أو “الهمس الخفي” فله سلطة من نوع آخر سلطة التأثير الصامت التي تعمل خلف الكواليس وتشكّل القرارات دون أن تتصدر المشهد.
وهذه بعض جوانب خطورة تلك السلطة:
-تقويض الحكم من الداخل:
يستطيع الواشي زرع أفكار مغلوطة، بث الشكوك، أو ترويج شبهات، مما يفسد علاقة الملك بمستشاريه أو يعميه عن الحقيقة، ويدفعه لاتخاذ قرارات تُخدم أجندات خفية
- الأجندات المجهولة:
بخلاف القائد الذي تخضع قراراته للمساءلة يعمل الواشي دون قيود مدفوعًا غالبًا بمصالحه الشخصية أو حقد دفين أو أهداف أيديولوجية ما يجعله أكثر خطورة من صاحب القرار ذاته.
-التحكم في تدفق المعلومات:
بتصفية أو توجيه المعلومات التي تصل إلى القائد، يُمكن للواشي أن يعيد تشكيل الواقع في ذهنه، ويقوده لتبني رؤى ومواقف قد لا تكون نابعة منه.
-انعدام المسؤولية:
حتى في حال فشل القرار أو تحوله إلى كارثة، يبقى الواشي بعيدًا عن المساءلة، فيما يتحمل الملك وحده نتائج الخطأ.
-استغلال الثقة:
غالبًا ما يكون الواشي شخصية تحظى بثقة القائد، مما يتيح له مساحات تأثير أكبر دون مقاومة. وكلما زادت الثقة، زاد الخطر إذا انحرفت النوايا.
في الواقع العراقي…
ما نعيشه اليوم من تعقيدات في إدارة الدولة وغياب الشفافية في دوائر القرار لا يمكن فصله عن هذا النمط من “السلطة الصامتة”. فالكثير من الأخطاء القرارات المرتجلة، الإقالات، التعيينات، وحتى الحروب الصغيرة داخل المؤسسة الواحدة تكون أحيانًا نتيجة مباشرة لـ “همسات” غير مسؤولة تغذّيها مصالح ضيقة لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية.
خلاصة القول:
لا يكفي أن نراقب من يجلس على العرش علينا أن ننتبه أكثر إلى من يقترب من أذنه
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟