رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 20:31
المحور:
المجتمع المدني
هذا المقال وقفة وفاء واستذكار لصديقٍ العمر وبمثابة اخ لم تلده امي القاضي فليح جاسم محمد ابا الشهداء الثلاث قضى حياته قاضيًا لكنه عاشها في ضمير الناس إنسانًا قبل أن يكون صاحب قرار.
في زمنٍ تزداد فيه الشكوك حول العدالة وتضعف الثقة بالمؤسسات، تبرز بعض الشخصيات النزيهة كوميض أمل تذكّرنا أن الضمير ما زال حيً، وأن العدالة يمكن أن تُمارس برحمة.
إنسان قبل أن يكون قاضيًا
صديقي القاضي الذي غيّبه المرض لم يكن نموذجًا تقليديًا في القضاء العراقي كان إنسانًا بكل ما تعنيه الكلمة من سموٍ، رقيق القلب، عميق الفهم، يتحسس معاناة الآخرين كأنها قضيته الشخصية ، لم يكن ينظر إلى الفقراء كملف مساعدات، بل كأصحاب حق في الاهتمام، وكان يمدّ يد المساعدة دون أن يُشعر أحدًا بأنه صاحب فضل.
صوت الحق لا يرتفع بالصراخ
في قاعة المحاكمة لم يكن يُشهر سلطته بل يُنصت بحكمة، يستمع للمتهم والضحية على حد سواء متسلّحًا ببصيرة نافذة وعدالة لا تعرف المحاباة ،وكان كثيرًا ما يقول: "أشد الأحكام لا تصدر من الغضب، بل من الإنصاف."
زاهد في المنصب مشغول بالناس
لم يكن يسعى خلف المناصب ولا يطمع في التكريمات، بل اختار العيش الكريم على حساب أضواء الشهرة، ويتجنب الظهور في المناسبات العامة، حتى لا يُفهم سلوكه على أنه تبادل للمصالح، كانت قوته الحقيقية في نقائه وزهده واستقامته، وكانت هيبته في عدله.
قدوة في زمن الضباب
في وقتٍ اختلطت فيه المناصب بالمصالح والقرارات بالضغوط بقي صديقي القاضي مثالًا نقيًا نادرًا لا يعرف النفاق، ولا يُجيد التصنّع، يعيش كما يفكّر، ويحكم كما يملي عليه ضميره، حتى خصومه كانوا يحترمونه، لأنه لم يكن يتعامل مع أحد من منطلق عداوة، بل من منطلق مسؤولية.
في الختام...
حاليا مريض ولم يبلغ عن مرضة لعزة نفسه وكبرياءة وبقيت سيرته شاهدة على أن القضاء ليس مهنة بل رسالة وأن الكرامة ليست في الوظيفه بل في المبادئ، وأن العدل لا يُصنع من الأوراق وحدها، بل من قلوب لا تخاف في الله لومة لائم ، فقد كنت قدوةً في زمنٍ تعبنا فيه من الصور المزيّفة.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟