رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 20:16
المحور:
المجتمع المدني
قصة حقيقية عن أخلاق الكبار وعظمة التوبة تستحق النشر
في حياة البشر ميزان خفي لا يُقاس بالموازين الدنيوية اسمه الضمير هو القاضي الذي لا يُرى، والحَكم الذي لا يُشترى والصوت الذي يهمس في الداخل: "عدّل، اعتذر، أعد الحق إلى نصابه".
بعض الناس تُذيبهم زلّة بسيطة فيندمون عليها عمرًا ويسعون جاهدين لتصحيحها ولو بعد سنين هؤلاء هم أصحاب الضمير الحي الذي لا يموت مهما تغيّرت الظروف أو غاب الشهود.
وفي المقابل هناك من يرتكب الفظائع ويظلم ويسرق ويخون ثم ينام قرير العين كأن شيئًا لم يكن هؤلاء هم أصحاب الضمير الميت الذين هان على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
هذه قصة حقيقيه لصديق لي لا زال حيا وهو مدرسة أخلاقية راقية بكل تفاصيلها رجل نادر من الزمن الجميل أخطأ في حساب مبلغ مائة دينار عام لكنه ظلّ يلاحقه كأنه دين ثقيل على صدره لا يمحوه النسيان ولا تُخففه السنون، ولم يهدأ له بال حتى جعل من توبته بابًا للخير قصة تُثبت أن الأخلاق لا تُقاس بالمؤهلات ولا بالمناصب بل بحياة القلب ويقظة الضمير.
لم يكن الخطأ مقصودًا ولم يكن هناك من يطالبه بالمبلغ بل مضى الزبون الذي وقع الخطأ في حقه دون أن يدرك شيئًا، لكن صديقنا لم ينم قلبه منذ تلك اللحظة ظلّ يبحث عن صاحب المال عشرات السنين يسأل ويتقصى يفتش في الذاكرة والوجوه ولكن بلا جدوى.
مرت السنون وتقدم به العمر لكن الخطأ لم يتقادم والذنب لم يبرد والضمير لم يسكت.
حين أعياه البحث لجأ إلى أهل الشرع والفتوى فأفتوه أن يُقدّر المبلغ بقيمته الذهبية حينها ثم يُصرف في وجه من وجوه الخير فاختار أن يودعه في إحدى الصيدليات الشعبية دعمًا للفقراء الذين لا يجدون ثمن الدواء.
لم يكن ذلك المبلغ في نظره "مبلغًا ماليًا" فحسب بل كان "واجبًا أخلاقيًا" وحسابًا مفتوحًا مع ضميره لا يهدأ إلا بإغلاقه بالعدل.
هذه القصة ليست عن المال بل عن ضمير حي ونفس ما تزال تعرف الحياء من الله وتحترق بندمها على الخطأ وإن كان صغيرًا.
هذه القصة درسٌ لنا جميعًا:
ليس العيب في الخطأ إنما في السكوت عنه أو اعتياده وما أجمل أن تبقى أخلاقنا يقِظة حتى لا نُطفئ النور الذي في قلوبنا
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟