أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - حين يكون الحب شبهة أمنية..!














المزيد.....

حين يكون الحب شبهة أمنية..!


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 07:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


أنت لا تكتفي بكونك فلسطينيًا من الداخل، بل تتجرأ، وبكل هذه الفظاعة، وتحب. تختار شريكة تحمل ملامحك، وتفهم صمتك من عينيك، وتجر خلفها ذاكرة ثقيلة بحجم وطن محتل. ترسم في خيالك بيتًا صغيرًا، وسكينة تشبه الهدوء الذي يسبق أخبار السادسة صباحا، وتظن أن أحدًا سيسمح لك بذلك.
لكن القانون لا ينام. قانون "منع لم الشمل" يقف خلف الباب، يطارد نيتك قبل أن تنوي، ويكمن لعاطفتك قبل أن تتسرب منك. فمنذ عام 2003، ترك المشرع الإسرائيلي كل شيء وصب جل اهتمامه على شيء واحد: كيف يطرد العاشق قبل أن يطرق الباب.
عندما تقع في حب فتاة من الضفة أو غزة، يفتح الموظف ملفها العائلي. ينبش في سجلات عمها، وابن خالتها، وابن الجيران الذي كان يزورهم أيام العيد. فإذا وجد أن أحدهم قد رمى حجرًا على جندي قبل عشرين سنة، أغلق الملف فورًا، وكتب عليه بخطّ غليظ: "غير مؤهلة للعاطفة لأسباب أمنية".
القانون لا يناقش. لا يشرح. لا يعتذر. يلعن قلبك، ويطلب منك أن تبحث عن حب آخر... سريلانكي، فيتنامي او كائن من المريخ، لا فرق، شرط ألا تربطه بفلسطين صلة دم أو حنين.
في كل يوم، تفتح وزارة الداخلية دفاترها، وتقضم بيتًا جديدًا. تقطع زوجًا عن زوجته، وتسلخ طفلًا عن أمه، وتعيد تشكيل العائلة بممحاة باردة. لا أحد يسأل الطفل عن أمنياته. لا أحد يسأل الأب عن حاجته. الموظف ينظر إلى الصورة، ولا يرى سوى "مشكلة ديموغرافية".
سيادة القانون لا تسمح لك أن تُحضر زوجتك إذا كنت انت من الداخل وهي من الجانب الآخر للحاجز الأمني، من الضفة الغربية. وإذا حاولت، حاصرتك الشروط: إقامة مؤقتة، تصريح سنوي، تجديد يخضع لمزاج الضابط والمزاج الأمني العام.
وإذا ابتسمت الحظوظ، ستعيش مع زوجتك تحت نفس السقف، لكنك ستشعر كل صباح بأنك ضيف في بيتك، وخصم في دولة تراقب أنفاسك. حتى أن الدولة زادت منذ أيام جرعة الوقاحة، ومنحت نفسها صلاحية سحب إقامة الأم النابلسية التي تقيم في الناصرة مع زوجها وأولادها لأن قريبها البعيد – الذي لا تعرفه – تبين انه كان مشتبها قبل سنين بالقاء حجر على مستوطن او لوح بشعار في مظاهرة.
هنا لا تترك مجالًا للالتباس. ولا تفتح تحقيقًا. ولا تطرح سؤالًا. ببساطة رفعت القلم وشطبت الحياة. وفي حال عبرت الحدود ذات يوم بلا تصريح، ولو لمجرد البحث عن علاج أو أمان، قيدت اسمك عشر سنوات في قائمة المنسيين. منعتك من الزواج، ومنحتك عشرية من الانتظار.
السلطة لا تخشى السلاح، بل تخشى الغزالة التي تركض في قلبك. لا تكره القنابل، بل ترتعب من مهرة عربية تهديك طفلةً تُناديك "بابا". في هذه البلاد، تحول الحب إلى مؤامرة، والزواج إلى شبهات، والأمومة إلى معركة خاسرة مع الأوراق.
الزوجة صارت "مشبوهة"، والأب "مؤقت"، والطفل "غير مضمون". عائلة بأكملها تعيش في بيت واحد، وكل فرد فيها يحمل درجة مختلفة من الشرعية. الأم تصرخ ولا يسمعها القانون. الأب يختنق تحت ثقافة: "أنت هنا، لكنك لست هنا تمامًا".
إذا قرأت هذا الكلام من بيروت أو عمّان أو القاهرة، فإياك ان تُخدع. أنا لا أروي قصة درامية من أدب اللجوء. أنا أصف غرفة معيشة فلسطينية، يحرسها قانون لا يعرف الرحمة. هنا، لا يطلب الفلسطيني دولة. لا يحفر نفقًا. لا يخطط لانقلاب. كل ما يريده: أن يحب، أن يتزوج، أن يعيش مع من اختار قلبه. لكن النظام قرّر شيئًا آخر: قيد الحُب، وضعه على الطاولة، وأسمّاه "خطرًا أمنيًا". ونحن، منذ ذلك اليوم، لا نقع في الحب، بل نقع في التحقيق.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقيدة القديمة والخوف من المجهول
- غزة بين فكّي الاحتلال والتهجير
- نربي القاتل ونبكي القتيل..
- مآذن الصمت العربي
- لماذا علينا، نحن عرب الداخل، أن نقلق؟
- إسرائيل: صناعة رأي عام خائف ومُدجّن
- تآكل حرية التعبير لدى عرب الداخل
- أيمن عودة في مرمى الاغتيال السياسي
- من الكنيست إلى الشارع: العنصرية بلا خجل
- إسرائيل: العنصرية من الهمس إلى الصراخ
- كاملٌ بذاته
- من المنتصر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟
- الرد الإيراني: رمزي ومحسوب
- سيناريوهات الرد على الضربة الأميركية
- قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة
- ترامب ونتنياهو: مَن يستخدم مَن؟
- هل صارت إسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة؟
- الجريمة تنهش عرب الداخل
- صرخة..
- يوم -القيامة- ..


المزيد.....




- أمريكا: هبوط اضطراري لطائرة بملعب غولف.. ومصادرة كوكايين بقي ...
- سوريا.. عشائر الجنوب تعلق على بيان الرئيس أحمد الشرع
- سوريا.. أحمد الشرع يعلق على أفعال بعض الدروز في السويداء وال ...
- سوريا: الرئاسة تعلن وقف إطلاق نار -فوري- في السويداء وتدعو ك ...
- الشرع: سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال
- فريدريش ميرتس ..لماذا يشكر إسرائيل على قيامها بـ-أعمال قذرة- ...
- الاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة ويجبر فلسطينيين على هدم منازل ...
- لماذا لا تُصنّع هواتف -آيفون- في أميركا؟
- قوات العشائر السورية تدخل عددا من البلدات في محافظة السويداء ...
- القنبلة التي قد تعيد تفجير الصراع بإقليم تيغراي الإثيوبي


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - حين يكون الحب شبهة أمنية..!